حلقة “أهل العلم” المفقودة

لا يليق بأهل العلم الانفصال عن واقع الصراع اليوم بين الإسلام ومن يحارب الإسلام، كما لا يليق بهم الاستناد إلى مصادر متهمة في قراءتهم لهذا الصراع، فهم الأكثر مطالبة بالوعي النجيب، وبشمولية البحث والتقصي والتبيّن، ووصف الكيّس الفطن، الذي يدرك كيف يزن الأحداث ويقيمها فلا يقف أبدا في صف باطل!


إنها لكارثة كبرى أن يُساس وعي أهل العلم بالآلة الإعلامية المأجورة أو أن يكون مبلغهم من الإحاطة والفهم ما يدور في عقول العوام، وما تمليه مؤسسات الهيمنة!
وما فائدة أن يصنف المرء من أهل العلم وليس قادرا على التشخيص بنفسه وطرح الحلول بعقل حر واستعلاء بالإيمان مهيب!
وإلا فأي علم يحمله!


إن حمل أمانة العلم ليس مجرد لقب يُشاد به ولا مجرد نشر لنصوص العلم ونثر، إنما هو تحويل العلم لقوة محركة في الأمة تحقق التغيير وتصلح العطب، وتقوّم المسيرة، بكل مكوناتها، وبحكمة وبصيرة!
لا يليق بأهل العلم القعود في ظل زاوية حين تكون الأمة تستعر وملاحم الدفاع عن الإسلام يقوم بها العامة.


لطالما شدتني منهجية الباحث الواعي، تراه يذهب بنفسه لمصدر المعلومة فيتقصى عن سلامتها، ويتحرى بما توفر له من أسباب ليجمع معطياته! ثم يقص القصة بما يوائم معتقداته وأهدافه. بغض النظر عن توظيفه للمعلومة إلا أنه يعتمد كثيرا على التبين. لذلك تجد العديد من التقارير والبحوث بمصادر اطلاع مباشر.


وحامل أمانة العلم لا يكون ساذجا ولا يُفقد نفسه المصداقية!
كيف يمكن له تحقيق التأثير إن كان لا يصنع بعلمه سوى عبارات إنشائية منفصلة عن واقع حركة العمل.
كيف يمكن أن يؤثر في الجموع إن لم يبلغ بعمله أبعد من حدود النظر والمشاهدة لدى العامة. إن لم يحسن التقييم والتواصل والتشخيص والعلاج.

(قُل هل يستَوِي الَّذِين يعلمُونَ والَّذِين لا يَعلَمُونَ )

للعلم مكانته وخصوصيته، ولا ينفصل العلم عن العمل.

فأهل العلم أول من يجب عليه الوقوف في خط الدفاع الأمامي عن الإسلام، ونصرة الحق وتبيان الأصول من الكتاب والسنة.

ولا يقل قائل أن الخوف يمنع! فهناك ألف حيلة وطريقة لمن أراد العمل.

وإذا أردت أن تعرف كيف كان موقع أهل العلم في الأمة انظر سيرهم في التاريخ، ويكفيك من ذلك ابن تيمية رحمه الله يقف في وجه قائد التتار “قازان” وينكر عليه ولا يبالي بالسيف في يد رجل اعتاد على سفك الدماء كشربة ماء، ثم دوره في موقعة شقحب المشهورة كمدرسة لأهل العلم على امتداد الأزمنة والعصور.

إن قيمة العلم الذي تحمله هي في ما فعلت به! في ما سعيت له! لا تحدثني عن شهادات ومراتب إن لم يكن لك أثرا اليوم يمسح البؤس عن وجوه المستضعفين والحيرة والشك عن العوام المستهدفين، إن لم يكن لك الأثر وإن لم يعرفه إلا الله جل جلاله.

طبيعة النفس البشرية حاضرة بقوة في كل المشاهد والأحداث، وتحييد هذه الطبيعة من كل تشخيص وحل، محاولة فاشلة وخطوة قاصرة.
لا يمكن استيعاب أي حركة بشرية بدون استيعاب طبيعة النفس البشرية فيها، من يعاند هذه الحقيقة سيصطدم بها في أي لحظة وحين.

فحي على المسابقة بسد الثغور والعمل، فإنما يمضي الرجال ويبقى الأثر.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
أحمد الغريب

نسأل الله الرزق بالأسباب والتأهيل وتمكين الصالحين، مقال موفق أحسن الله إليكم وسدد للحق خطاكم ورفع قدركم بالحق وحفظكم ورعاكم وجزاكم كل خير اللهم آمين.

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x