تأملات في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم

أول ركن من أركان الإسلام هو “شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم”، ومن يتأمل حال الأمة اليوم يجد أن هذا الركن الركين في دين الله، لم يعد له الأثر نفسه الذي كان في زمن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم! ذلك أن الإسلام الحق، أصبح غريبًا بل ومحاربًا في زماننا.

فالأصل في المسلم أن يشهد أن لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله، لكننا اليوم رأينا كل أنواع المعبودين من دون الله، فقد عبد الناس الدنيا وزخرفها والمال وطريقة الغرب والشهوات والهوى! فأصبح مفهوم التوحيد غريبًا ولا يحمله إلا القلة المخلصة، وهي التي تكافح لأجل حفظه وتكابد لأجل نصرته.

وأن محمدا رسول الله، أي لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا كارثة أخرى نشاهدها في مجتمعات المسلمين، وهي درجة البعد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوجب الله له الاتباع المطلق، لكن بدلًا من ذلك نشاهد الاتباع الأعمى للدول والحكومات والنظام الدولي والجماعات على حساب منهج النبي صلى الله عليه وسلم.

وانظر كيف أصبحت قوانين “سيداو” المدمرة لبيوت المسلمين والمحاربة لشريعة الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، تتبع في دول شعوبها مسلمة بعجز وتسليم! وإن كان هذا مجرد مثال من كمّ الأمثلة المرعبة التي تحدث في حياتنا من عجز وتسليم لما يريده الغرب، إلا أنه في عمق الواقع ليس مجرد اتباع لسنن الكافرين حتى إن دخلوا جحر الضب دخله المسلمون، إنما هو تفريط كامل في الركن الأول من أركان الإسلام وهو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم واستبداله بضلال الكافرين.

نحن بحاجة لتسمية الأمور بحقائقها بأوصافها الدقيقة، كفانا تماهيًا مع الباطل وطبطة على الأكتاف وتهوينًا من مصابنا الجلل، إننا نشاهد في واقعنا تضييع أول ركن من أركان الإسلام، إنه التوحيد واتباع نهج النبي صلى الله عليه وسلم. إننا نضيّع لا إله إلا الله محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم!

وتأتي عظمة الأمر من كون الشهادة أن محمدا رسول الله هي بمثابة إقرار وإلزام قلبي، وقولي وعملي يؤكد على أنه لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا يمكن أن نكون كما يحب الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله بدينه الحق، وأن نحمل أمانة هذا الدين كما وصلتنا منه لا نغير ولا نبدل فيها، ولذلك نجد أن كل عباداتنا التي فرضها الله علينا من صلاة وصيام وزكاة وحج، مقرونة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن نصلي كما يصلي ونصوم كما يصوم ونزكي كما يزكي ونحج كما يحج صلى الله عليه وسلم. بل الأمر لا يقف عند العبادات المفروضة فهو يشمل سائر أعمال المسلم، بما فيها المعاملات والأخلاق، ولذلك نجد سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصفت لنا حتى كيف كان يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان يغضب ويحزن ويبتسم ويضحك ويمشي ويتحدث ويقضي ويلاطف ويحزم! سجلت لنا كل لحظات حياته منذ ولادته إلى يوم وفاته ولم يكن ذلك عبثًا! إنه القدوة الأولى والمعلم للأمة، قال الله تعالى ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80].

إن أول واجبات المسلمين اليوم تصحيح فهمم لكلمة التوحيد، تصحيح تعاطيهم مع لا إله إلا الله محمد رسول الله، ليستقيم إيمانهم على نور من الله ورسوله ويطمعون بعد ذلك ببركاته وفتوحاته، قال تعالى ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

إن شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، تفرض عليك أيها المسلم أن تصدّق كل ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وسلم بلا ريبة أو شك أو تردد، تسليمًا مطلقًا، ثم العمل بما أمر به وأوصى المسلمين به، والانتهاء عما نهى عنه وحذّر منه، وفي حين نسمع عبارة “هذه مجرد سنة لم أترك الفرض!” يظهر لنا سوء الفهم الذي يقع فيه الكثير من المسلمين في التعامل مع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الفهم يفسد على المسلمين إخلاصهم واستقامتهم، لأنه يهمّش العمل بسنة النبي وبالتالي يهمل دراسة السنة النبوية التي هي في الواقع واجبة وليست مجرد علم ثانوي يتعلمه من أراد تعلمه!

إن دراسة السنة أيها الناس أهم من دراسة الحساب والعلوم والفيزياء والكيمياء وكل علوم الدنيا! واليوم تجد الطبيب والمهندس والعالم بشتى فنون العلم يجهل سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجهل سننه! وهذه طامة وجهل عظيم يجب استدراكه عاجلا غير آجل! وفي الحديث “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة”، فكيف سنساهم في إقامة الخلافة ونطمع أن ننال من أجر التمهيد لإقامتها بدون إعادة الاعتبار المطلق لمفهوم “محمد رسول الله”؟!

إن دراسة السيرة هي أول مصدر وأصدق مصدر لتعلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل حياته وعباداته وتعاملاته، والله تعالى يقول ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ منذ تفتح عينيك صباحًا وأنت تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته وأذكاره في تعاملاته وهديه إلى أن تنام! سبحًا طويلًا من الاستنان بهدي النبي لا تكون ثمرته إلا هداية وفتحًا لمن صدق. قال تعالى ﴿وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)﴾ [الأحزاب: 22]  

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ”. ليس مجرد تعرف على هذه السنة ثم نضعها على رف في حياتنا لا نطبقها ولا نعيشها منهج حياة!! وهل تأخرنا وتخلفنا إلا بسبب هذا التفريط العظيم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى باتت البدع تتعثر معها خطواتنا ويستفيد منها الشيطان لنرى تطور البدعة في زماننا وصل إلى أن تؤم المرأة الرجال وتصلي باختلاط وخطبًا تتخللها الموسيقى!! اللهم سلم سلم!!

هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج متكامل، تتعلم  منه كيف تعامل مع الصديق والعدو، مع المرأة والطفل، مع الصحابة في خلاف ووفاق، كيف تصرف في السلم وفي الحرب، في الأزمات وفي الأمن، في النصر وفي الهزيمة، في ساحة المعركة وفي السوق وفي المسجد وفي البيت! تتعلم من النبي القائد العسكري والرئيس السياسي والمعلم المربي والنبي المرسل والزوج القوام! منهج كامل متكامل مبسوط بين دفتي كتب السيرة لا يضل مسلم اقتدى به!

كل تفصيل في حياة النبي يجب أن يحظى بدراسة مستفيضة ووقوفًا مطولًا، لأنه مصدر علم مصيري لقيادة الفرد والمجتمعات البشرية إلى شواطئ الأمان!

 فإن كنت معلمًا وأردت ممارسة مهنتك مسلمًا لله فلابد أن تتعلم كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم، من رفق وصبر وحلم، ومن أساليب تربوية عظيمة مع الكبير والصغير ودراية بالنفسيات! وتورث هذا الهدي النبوي لطلابك!

وإن كنت زوجًا فلابد أن تتعلم كيف كان يدير النبي صلى الله عليه بيوته وزوجاته، في الخلاف والوئام، كيف كان يحرص على أمور ويحذر من أخرى، إنه دليل شامل لحياة زوجية سعيدة موفقة، ستدرك ولابد – إن صدقت- عظم مكانة السيرة التي حرصت على أن تذكر لنا أدق التفاصيل في بيت النبوة! لم يكن هذا عبثًا بل كان هديًا متكاملا لكل من أراد حياة السكن والسعادة والتوفيق الرباني واتباع سبيل النبي الأمين.

ثم إن كنت قائدًا عسكريًا تتعلم من النبي كيف التعامل في قيادة الجيوش والحروب والهزائم والانتصارات وكيف يعامل الأسرى وغيره مما يتعلق بجانب القيادة العسكرية والأمنية!

وكذلك في سائر ميادين الحياة قال الله تعالى ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ [الأحزاب: 21]

هدي النبي في حال الأزمات والضعف

لقد تأملت في هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند الخطوب والنوازل، ولم أجد أبلغ من وصف ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)﴾ [الأحزاب: 10-11]، و﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ﴾ [الأنفال: 49] والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام العظيم الذي لم يعرف الصحابة مثله زلزالا حيث اجتمعت عليهم الأحزاب ومكر المنافقون، فماذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، لقد كان بث البشرى! في أثناء حفر الخندق شكا الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم ـ صخرة لم يستطيعوا كسرها، فجاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخذ الفأس وقال:”بسم الله، فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ضربة كسرت بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا” (رواه أحمد).

لقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم بث اليقين والاستبشار بين المسلمين، فثبت الله قلوبهم على الحق و﴿قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)﴾ [الأحزاب: 22].

إن الفقه الذي يجب أن يتبعه الدعاة وأصحاب المنابر في هذه الحرب التي نعيشها على الإسلام وهذا الكمّ من الضعف والاضطراب! هو التذكير بوعد الله الحق وتثبيت المسلمين على دينهم وتعظيم أجر الثبات عليه، إنها عملية إحياء للقلوب التي كادت أن تيأس وتستسلم لتأثير الانهزامية وسلطة الثقافة الغالبة، ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32].

عن خباب بن الأرَتّ ـ رضي الله عنه ـ قال-: شكونا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟، ألا تدعو الله لنا ؟، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون” (رواه البخاري).

 لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في كل لحظة ضعف القائد الشجاع المقدام الذي يقود جموع الصحابة بتحريض عظيم لا يعرف التردد أو التراجع.

“أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب” كلمات كانت كفيلة بإحياء جيش من المؤمنين يقبلون إقبال الموقنين!

ولعل خير مثال عن هذا الاقتداء موقف الصديق أبو بكر رضي الله عنه الذي كان شديد الفهم لنهج النبي صلى الله عليه وسلم فظهر فقهه وعلمه في يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، في منهاج السنة (8/83-84):
“ولهذا لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت بالمسلمين أعظم نازلة نزلت بهم، حتى أوهنت العقول، وطيشت الألباب، واضطربوا اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة القعر، فهذا ينكر موته، وهذا قد أقعد، وهذا قد دهش فلا يعرف من يمر عليه ومن يسلم عليه، وهؤلاء يضجون بالبكاء، وقد وقعوا في نسخة القيامة، وكأنها قيامة صغرى مأخوذة من القيامة الكبرى، وأكثر البوادي قد ارتدوا عن الدين، وذلت كماته، فقام الصديق – رضي الله عنه – بقلب ثابت، وفؤاد شجاع، فلم يجزع، ولم ينكل، قد جمع له بين الصبر واليقين، فأخبرهم بموت النبي صلى الله عليه وسلم وأن الله اختار له ما عنده، وقال لهم: ” من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)﴾ [آل عمران: 144] [سورة آل عمران: 144]، فكأن الناس لم يسمعوا هذه الآية حتى تلاها الصديق، فلا تجد أحدا إلا وهو يتلوها، ثم خطبهم فثبتهم وشجعهم.

قال أنس رضي الله عنه: ” خطبنا أبو بكر – رضي الله عنه – وكنا كالثعالب، فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود”، كالأسود!

إن القلم ليعجز عن وصف هذه العظمة وهذا الجمال وهل سبقوا إلا بقلوب تنصر الحق لا تقبل الدنية فيه!

نشاهد حملات الغرب وحصار الذين كفروا للمسلمين وحرماننا كل فرصة نهوض ولكن حسبنا ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)﴾ [آل عمران: 173].

ليخطب على المنابر رجال قلوبهم كالمدافع، لنحيي فقه “وحرض المؤمنين” لنحيي الأنفس والأمة باليقين ووعد الله الحق، بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصحيح المسيرة على خطاه نقتده!  لنحفظ أصول الدين دونها الموت، ونعلي صوت الحق ونفضح خوار صوت الباطل، ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: 42].

وإن كنت ممن تأخر عن تعلم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسننه، فسارع لاستدراك كل ذلك، فإن تعلمه فريضة وواجب، لتعبد الله على هدي نبيه صلى الله عليه وسلم الذي ارتضاه لنا. وتكون بذلك استوفيت حق “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، فإن تعلم وتدبر السيرة مفتاح لكل مشاكل حياتنا وكبواتنا وعثراتنا.

أشهد أن محمد رسول الله، في كل ما يتطلب اتباعًا واهتداء، وما خفي عنا أو اختلفنا عليه فاجتهاد بالنظر لما اجتهد فيه صحابته رضي الله عنهم، ولا يعرف فضل هذا الاتباع إلا من وفّق إليه.

لقد غلب زخرف الدنيا كثيرًا على حياتنا حتى أصبحت مجالسنا وأحاديثنا وأحلامنا مخترقة إن لم تكن مستعبدة! بحب الدنيا حبًّا جمًّا، ودراسة السيرة كفيلة بأن تعيدنا إلى جادة الطريق، وإلى مهماتنا التي خلقنا لها. دراسة تجعل من الهدي النبوي واقعا ومنهاج حياة.

لمن كان يرجو الله!

قال تعالى﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21] هذا أمر عظيم يستوجب الاتباع، ولكن! ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: 21] فمن كان يرجو حظ نفسه والدنيا الفانية، لا يمكنه أن يستوعب هذه الكلمات، ولا يمكنه أن يدرك عظيم ما ندعوه إليه وعظيم ما نبصره من تقصير وانحراف. أما من كان يرجو الله واليوم الآخر فلن يتردد في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولو أفتى له ألف عالم وألف مركز فتوى بخلافه! لأنه يحمل التوحيد في قلبه ومنهج النبي منهج حياة لا يقبل المساومة عليهما، فهما أصل الإيمان والإسلام والإحسان (لا إله إلا الله محمد رسول الله)!

كانت هذه تأملات بعد مقارنة بين موقع السيرة في قلوب الصحابة رضي الله عنهم وموقعها في قلوبنا، نسأل الله العفو والمغفرة وسداد القول والعمل.

اللهم اجعلنا خير خلف لخير سلف والأشد اتباعًا لنهج نبيك صلى الله عليه وسلم لا نزيغ عنه ما حيينا أبدًا.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

2 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زهرة جلاصي

جزاكم الله عنا كل خير
نسأل الله عودة بطريقه القويم و نسأله العزة و التمكين

Abderrahman

بوركت…. كلمات في الصميم.

2
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x