الخشوع .. روح لا بد منها ..

قال الله تعالى ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ ﴾ (الحديد: 16) قال ابن مسعود رضي الله عنه: “ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين”، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “إن الله استبطأ قلوب المؤمنين، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن وقال تعالى ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ (المؤمنون:1-2)”.

قال الحَسَن البصريُّ رحمه الله في قوله تعالى ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾، قال: كان خشوعُهم في قلوبهم، فغَضُّوا بذلك أبصارَهم، وخفضوا لذلك الجَناح.[1]

وقال ابن القيم رحمه الله: “علَّق اللهُ فلاحَ المُصَلِّين بالخشوع في صلاتهم، فدلَّ على أنَّ مَن لم يَخْشَعْ فليس مِن أهل الفلَاح، ولو اعتدَّ له بها ثوابًا، لكان مِن المفلحين”[2].

إن الخشوع هو روح الصلاة وهو روح العبادات .. وقد يخشع القلب في لحظة سكون أو لحظة عمل .. وقد يكون المرء بين الناس وفي ازدحام ومع ذلك يعيش الخشوع بقلبه وجوارحه ولا يدري عنه أحد .. ولمثل هذا الفضل فليتنافس المتنافسون ..

ما هو الخشوع؟

الخشوع لغة: هو الخضوع والسكون والانخفاض والذل، قال الله تعالى ﴿وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً﴾ (طه: 108) أي سكنت.

والخشوع اصطلاحا: قال ابن القيم رحمه الله: “الخشوع: قيام القلب بين يدي الرب بالخُضُوع والذُّلِّ والجمعية عليه”. وقيل: الخشوع الانقياد للحق ، وهذا من موجبات الخشوع. فمن علاماته أن العبد إذا خولف ورد عليه بالحق استقبل ذلك بالقبول والانقياد .

وقيل: الخشوع خمود نيران الشهوة، وسكون دخان الصدور، وإشراق نور التعظيم في القلب  [3]

وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: “أصل الخشوع لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء، لأنها تابعة له “[4].

الخشوع خشوع القلب والجوارح

وأجمع العارفون على أن الخشوع محله القلب، وثمرته على الجوارح، وهي تظهره، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه قال النبي صلى الله عليه وسلم التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات وقال بعض العارفين: حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن، ورأى بعضهم رجلا خاشع المنكبين والبدن، فقال: يا فلان، الخشوع هاهنا، وأشار إلى صدره، لا هاهنا، وأشار إلى منكبيه[5] .

وما أن يجتمع في القلب محبة الله والأنس به جل جلاله واليقين والتوحيد والانكسار له تعالى، فإن ثمرة ذلك الخشوع، وكلما جاهد المرء نفسه على أن يعيش هذه المعاني الجليلة، وجد تيسيرا وتوفيقا من الله تعالى، قال سبحانه ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد: 17].

والحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم، والمحبة، والذل والانكسار .

وهو على ثلاث درجات، الدرجة الأولى: التذلل للأمر، والاستسلام للحكم، والاتضاع لنظر الحق .[6]

فضل الخشوع

قال حذيفة رضي الله عنه:”أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ورب مصل لا خير فيه، ويوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيهم خاشعا”، وقال سهل: من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان.

وقال الله تعالى ﴿إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت:45] وصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر صلاة فاقدة للخشوع، ويستشعر المؤمن أثر الصلاة في قلبه حين يخشع، قال تعالى ﴿اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة : 45].

ولذلك جعل الله الخشوع مطلبا واجبا في الصلاة، قال ابن تيمية رحمه الله:”ويدل على وجوب الخشوع قول الله جل وعلا، { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }[المؤمنون:1-2]” [7].

قال الله تعالى عن عباده الموفقين ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ﴾ [الإسراء:109].

وقال سبحانه ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء : 90].

لقد أثنى الله تعالى على الخاشعين ووعدهم بعظيم المرتبة في الجنة، وكذلك ورد الثناء على الخشوع في السنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله-وذكر منهم- ورجل ذكر الله خالياُ ففاضت عيناه”[متفق عليه]. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله” (رواه الترمذي وحسنه) وفي رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عند أبي يعلى: “عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أَبَدًا: عَيْنٌ بَاتَتْ تَكْلأُ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ الله، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله”.

كيف نحقق الخشوع؟

تحقيق الخشوع يبدأ من تحقيق الإيمان الحق، ويعني استقامة القلب والجوارح على معرفة الله تعالى وتعظيمه والإيمان به وبأركان الإيمان كاملة، الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. بإخلاص وإنابة له تعالى. وفيما يلي الأسباب المعينة على تحقيق الخشوع:

  1. معرفة الله تعالى ومحبته: إن معرفة الله تعالى موجبة لمحبة الله جل جلاله، وقد كنت فصلت في الأسباب الموجبة لمحبة الله في مقالة سابقة .. ومنها نحقق صلاح القلب واستقامته .. والكيّس الفطن ينشد مرتبة الإحسان في كل ما يعيشه ويعمله .. ومرتبة الإحسان كما في الحديث “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه براك”، (رواه مسلم).
  2. معرفة عظم ركن الصلاة: وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ، ولا يكون الإسلام بدون صلاة .. وكلما ترسخ في قلب المرء أن الصلاة هي عماد الدين وهي من أول ما يسأل عنها يوم القيامة، يستحضر ذلك بخشية عند كل صلاة .. وهو يستشعر أنه واقف بين يدي الله تعالى .. ويعين في ذلك استحضار الثوابِ المُتَرَتِّب على الخشوع؛ عن عثمان رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما مِن امرئٍ مسلم تَحْضُره صلاةٌ مكتوبة، فيُحسِن وضوءها، وخشوعَها، وركوعَها، إلا كانتْ كفَّارةً لما قبْلها منَ الذنوب، ما لم يُؤت كبيرة، وذلك الدهرَ كلَّه”[15]. وتأمل هذا الحديث الذي يبعث الخشية في القلب .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إذا صليتم فلا تتلفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في الصلاة ما لم يلتفت” (رواه مسلم). لقد كانت الصلاة أهم موعد على الإطلاق عند السلف الصالح .. نرى ذلك في آثارهم وسيرهم .. فلا عجب أن سبقوا.
  3. الإعداد للصلاة: ويدخل في ذلك .. ضبط مواعيدها .. ومكان الصلاة .. والاستعداد لها بالوضوء، والرجال .. بحرصهم على الجماعة .. وأن يقبل عليها المرء وهو مدرك عظمتها في دين الله .. ويمنع أسباب شغله عنها أو إلهائه أثناءها، ولعل أكثر ما يشغل الناس اليوم في الصلاة هموم الدنيا فليستحضر المرء هذه اللحظة الموت هادم اللذات وليصلي صلاة مودع فالموت يحيط بنا من كل مكان، ولعلها آخر صلاة له، عن أبي أيوب رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قُمْتَ في صلاتكَ، فصلِّ صلاةَ مُوَدِّع”،[8] وقال صلى الله عليه وسلم: “كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل”، وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:”إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك” (رواه البخاري)، والأفضل الوضوء لكل صلاة فهو يعين على الخشوع واستذكار عظمة الموعد، موعد الوقوف أمام الله لأداء فريضته، وكما في الحديث القدسي، يقولُ اللَّهَ تبارك وتعالى: “ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أفضل من أداء ما افترضتُ عليْهِ”، رواه البخاري.
  4. الرباط على الصلوات يعين على الخشوع، فللرباط على الصلوات بركته التي يجدها العابد في يومه وليلته، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟” قلنا: بلى يا رسول الله. قال :”إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط. فذلكم الرباط” (رواه مسلم والترمذي). وقال صلى الله عليه وسلم :”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه، ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له. اللهم ارحمه. حتى ينصرف أو يحدث”، (رواه مسلم). وكذلك كان السلف يستعدون للصلاة مستحضرين عظيم فضلها، روي عن حاتم الأصم أنه سئل عن صلاته، فقال: إذا حانت الصلاة، أسبغت الوضوء، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي، ثم أقوام إلى صلاتي، وأجعل الكعبة بين حاجبي، والصراط تحت قدمي، والجنة عن يميني، والنار عن شمالي، وملك الموت ورائي، وأظنها آخر صلاتي، ثم أقوم يسن يدي الرجاء والخوف, أكبر تكبيرا بتحقيق, وأقرأ بترتيل، وأركع وكوعاً بتواضع وأسجد سجوداً بتخشع.. وأتبعها الإخلاص، ثم لا أدري أقبلت أم لا؟.
  5. الحرص على الأدعية والأذكار، فهي التي تبقي القلب نابضا حيا، في الصباح والمساء بحرص شديد على أدائها في وقتها، وإن فاتت المرء، فليقضها كما يقضي الصلاة فإن لذلك بركة، ودوام ذكر، ومن ذلك ترديد الأذان مع المؤذن حتى إذا قال:”حي على الصلاة حي على الفلاح” يقول المرء: “لا حول ولا قوة إلا بالله “، والحرص على الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بين الأذان والإقامة كدعاء “اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته” (رواه البخاري) والصلاة على النبي والاستغفار والتسبيح وكل ذكر خير.
  6. أداء النوافل والرواتب، فهي معينة على الخشوع، وموجبة لمحبة الله تعالى كما في الحديث القدسي :”ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه” (رواه البخاري). ومن فاز بمحبة الله فاز بمعيته جل جلاله. فـ (إياك نعبد وإياك نستعين).
  7. المعرفة بفقه الصلاة، وإقامة الصلاة كما يجب من أسباب الخشوع ولذلك حين صلى رجل أمام رسول الله عليه وسلم فأساء صلاته، قال له النبي صلى الله عليه وسلم :”ارجع فصل فإنك لم تصل” (رواه البخاري ومسلم)، وهذا يوجب أن يتعلم المرء الصلاة على السنة، كما قال النبي الله صلى الله عليه وسلم :”صلوا كما رأيتموني أصلي” (رواه البخاري). فيتعلم أركان الصلاة وسننها ومبطلاتها .. مقتديا بالنبي في كل حركة فيها وقول.
  8. اتخاذ السترة، فعن سهل بن حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته” (رواه النسائي وأبو داود) والسترة تعين على الخشوع لأنها تمنع التشويش أثناء الصلاة.
  9. أقبل وكبر ودع الدنيا خلفك، هذا الإقبال الأول مهم جدا، فحين تدخل الصلاة قل للدنيا .. اذهبي عني .. فهذا موعد صلاتي .. وراحتي .. والبداية بتكبيرة الإحرام .. الله أكبر .. ودع خلفها كل هم يشغلك من هموم الدنيا .. وتذكر أنك تقف بين يدي الله عز وجل ، تقبل بروحك وجسدك كاملا لله ..
  10. معايشة معاني ما تقوله وتفعله في الصلاة: منذ دعاء الاستفتاح، إلى الفاتحة إلى كل قول ودعاء وحركة، أنت في عبادة .. ومن ذلك تدبر سورة الفاتحة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة : 2] قال تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة : 4] قال مجدني عبدي، وإذا قال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة : 5] قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة : 6-7] قال :هذا لعبدي ولعبد ما سأل”. (رواه مسلم). والتدبر ومعايشة معاني كل ركن من أركان الصلاة .. موجب للخشوع بإذن الله.
  11. استحضار الخشوع في السجود: يبقى السجود من أعظم مواطن الخشوع، ففيه ينكسر العبد لخالقه وفيه الدعاء والتذلل، وهو أعلى درجات الاستكانة لله جل جلاله، يتقرب فيه العبد لخالقه جل وعلا، قال الله تعالى: ﴿اسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق : 19]. وقال صلى الله عليه وسلم :”أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد، فأكثروا الدعاء فيه” (رواه مسلم). فلا يفوتن عبد الخشوع في السجود.
  12. الحذر من الالتفات في الصلاة أو التركيز مع ما يجري حولك وتحريك البصر في الجوانب والأنحاء: عن أبي ذر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال اللهُ مُقْبِلًا على العبد في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا صَرَفَ وَجْهَهُ، انصرف عنه”[9]، وعن مجاهد قال: كان الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود، وحدث أن أبا بكر قال كذلك. قال: وكان يقال: ذاك الخشوع في الصلاة (رواه البيهقي في سننه بإسناد صحيح)، ويحرص المصلي على إزالة كلَّ ما يَشغله في صلاته منَ الزخارف والصوَر ونحوها؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في خَمِيصَةٍ ذاتِ أعلامٍ، فنظر إلى عَلَمِها، فلما قَضَى صلاته قال: “اذهَبوا بهذه الخميصة إلى أبي جَهْمِ بنِ حذيفةَ، وائتوني بأَنْبِجَانِيِّه؛ فإنها أَلْهَتْنِي آنفًا في صَلاتي”[14].
  1. تحقيق ركن الطمأنينة في الصلاة، فيصلي المصلي بهدوء وسكينة ولا يعجل عجلة تفقده الخشوع ومعايشة لحظات السكينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود” (رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه)، وعن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه قال: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقر الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير”. (أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه). وعن زيدِ بنِ وهبٍ الجُهَنيِّ قال: “رأى حُذَيفةُ رضيَ اللهُ عنه رجلًا لا يُتمُّ الرُّكوعَ والسُّجودَ، قال: ما صلَّيْتَ، ولو مِتَّ مِتَّ على غيرِ الفِطرةِ التي فطَرَ اللهُ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليها” (رواه البخاري).
  2. الحرص على اللباس المناسب للصلاة للرجل والمرأة، قال الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف : 31] والذي ينبغي للمرأة في الصلاة أن تصلي في ثياب تستر جميع البدن، خلا الوجه والكفين، تكون فضفاضة، لا تصف، وتغطي القدمين.
  3. مقاومة كيد الشيطان بالاستعاذة بالله منه .. فلم يزل الشيطان يوسوس للإنسان في صلاته فيقول:”اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِم لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى”، (البخاري ومسلم)، وقد روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا» قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
  4. لا يُصلِّي المرء وهو حاقِنٌ، ولا بحضْرة طعامٍ: قال صلى الله عليه وسلم: “لا صلاةَ بحضْرَةِ الطَّعامِ، ولا وهو يُدافعُه الأَخْبَثَانِ” (رواه مسلم)، وعن ابنِ عُمرَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:”إذا وُضِعَ عَشاءُ أحدِكم وأُقيمتِ الصَّلاة، فابْدؤوا بالعَشاءِ، ولا يَعجلْ حتى يَفرغَ منه”. (رواه البخاري ومسلم)، وكان ابنُ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهما: “يُوضَعُ له الطَّعامُ، وتُقامُ الصَّلاةُ، فلا يأتيها حتى يفرغَ، وإنَّه ليَسمَعُ قِراءةَ الإمامِ” (رواه البخاري ومسلم).
  5. ترك المعاصي وما حرّم الله ورد المظالم والحذر منها ومجاهدة النفس على ذلك والتوبة إلى الله. والاستعانة بالله لتحقيق ذلك.
  6. الحرص على دعاء “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” قبل التسليم، والدعاء في كل وقت أن يعين الله العبد على الخشوع وأداء الفروش والعبادات بإخلاص. فلا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم.
  7. عدم التكلف في تحقيق الخشوع، كالتباكي وطأطأة الرأس، وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم وهو حذيفة، يقول: إياكم وخشوع النفاق، فقيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع، ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا طأطأ رقبته في الصلاة، فقال: يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب، ورأت عائشة رضي الله عنها شبابا يمشون ويتمارون في مشيتهم، فقالت لأصحابها: من هؤلاء؟ فقالوا: نساك، فقالت: كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، وإذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقا، وقال الفضيل بن عياض: كان يكره أن يري الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه.[10]
  8. مُجاهدة النفس في الخشوع، فهذه عبادة تتطلب صبرا وإقامة للنفس عليها بلا كلل ولا ملل، قال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]. وتمام الفقه المرابطة حتى يفتح الله على العبد.

حكم الصلاة بلا خشوع   

يناقش ذلك ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين فيقول:” فإن قيل: ما تقولون في صلاة من عدم خشوع هل يعتد بها أم لا ؟

قيل: أما الاعتداد بها في الثواب فلا يعتد له فيها إلا بما عقل فيه منها، وخشع فيه لربه ؟

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها .

وفي المسند مرفوعا إن العبد ليصلي الصلاة، ولم يكتب له إلا نصفها، أو ثلثها، أو ربعها حتى بلغ عشرها.
وقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم، فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح، ولو اعتد له بها ثوابا لكان من المفلحين  

وأما الاعتداد بها في أحكام الدنيا، وسقوط القضاء فإن غلب عليها الخشوع وتعقلها اعتد بها إجماعا، وكانت السنن، والأذكار عقيبها جوابر ومكملات لنقصها .
وإن غلب عليه عدم الخشوع فيها، وعدم تعقلها، فقد اختلف الفقهاء في وجوب إعادتها، فأوجبها أبو عبد الله بن حامد من أصحاب أحمد، وأبو حامد الغزالي في إحيائه، لا في وسيطه وبسيطه، واحتجوا بأنها صلاة لا يثاب عليها، ولم يضمن له فيها الفلاح، فلم تبرأ ذمته منها، ويسقط القضاء عنه كصلاة المرائي .
قالوا: ولأن الخشوع والعقل روح الصلاة ومقصودها ولبها، فكيف يعتد بصلاة فقدت روحها ولبها، وبقيت صورتها وظاهرها؟ .
قالوا: ولو ترك العبد واجبا من واجباتها عمدا لأبطلها تركه. وغايته: أن يكون بعضا من أبعاضها بمنزلة فوات عضو من أعضاء العبد المعتق في الكفارة، فكيف إذا عدمت روحها، ولبها ومقصودها؟ وصارت بمنزلة العبد الميت، إذا لم يعتد بالعبد المقطوع اليد، يعتقه تقربا إلى الله تعالى في كفارة واجبة، فكيف يعتد بالعبد الميت .
وقال بعض السلف: الصلاة كجارية تهدى إلى ملك من الملوك، فما الظن بمن يهدي إليه جارية شلاء، أو عوراء، أو عمياء، أو مقطوعة اليد والرجل، أو مريضة، أو دميمة، أو قبيحة، حتى يهدي إليه جارية ميتة بلا روح وجارية قبيحة، فكيف بالصلاة التي يهديها العبد، ويتقرب بها إلى ربه تعالى؟ والله طيب لا يقبل إلا طيبا، وليس من العمل الطيب صلاة لا روح فيها، كما أنه ليس من العتق الطيب عتق عبد لا روح فيه .
قالوا: وتعطيل القلب عن عبودية الحضور والخشوع: تعطيل لملك الأعضاء عن عبوديته، وعزل له عنها، فماذا تغني طاعة الرعية وعبوديتها، وقد عزل ملكها وتعطل؟ .
قالوا: والأعضاء تابعة للقلب، تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده، فإذا لم يكن قائما بعبوديته، فالأعضاء أولى أن لا يعتد بعبوديتها، وإذا فسدت عبوديته بالغفلة والوسواس فأنى تصح عبودية رعيته وجنده ومادتهم منه، وعن أمره يصدرون، وبه يأتمرون؟.
قالوا: وفي الترمذي وغيره، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الله لا يستجيب الدعاء من قلب غافل وهذا إما خاص بدعاء العبادة، وإما عام له ولدعاء المسألة، وإما خاص بدعاء المسألة الذي هو أبعد، فهو تنبيه على أنه لا يقبل دعاء العبادة الذي هو خاص حقه من قلب غافل .
قالوا: ولأن عبودية من غلبت عليه الغفلة والسهو في الغالب لا تكون مصاحبة للإخلاص، فإن الإخلاص قصد المعبود وحده بالتعبد. والغافل لا قصد له، فلا عبودية له .
قالوا : وقد قال الله تعالى ﴿فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ وليس السهو عنها تركها، وإلا لم يكونوا مصلين، وإنما هو السهو عن واجبها إما عن الوقت كما قال ابن مسعود وغيره، وإما عن الحضور والخشوع، والصواب أنه يعم النوعين، فإنه سبحانه أثبت لهم صلاة، ووصفهم بالسهو عنها فهو السهو عن وقتها الواجب، أو عن إخلاصها وحضورها الواجب، ولذلك وصفهم بالرياء، ولو كان السهو سهو ترك لما كان هناك رياء .
قالوا: ولو قدرنا أنه السهو عن واجب فقط، فهو تنبيه على التوعد بالويل على سهو الإخلاص والحضور بطريق الأولى لوجوه:
أحدها: أن الوقت يسقط في حال العذر، وينتقل إلى بدله، والإخلاص والحضور لا يسقط بحال، ولا بدل له.
الثاني: أن واجب الوقت يسقط لتكميل مصلحة الحضور، فيجوز الجمع بين الصلاتين للشغل المانع من فعل إحداهما في وقتها بلا قلب ولا حضور، كالمسافر، والمريض، وذي الشغل الذي يحتاج معه إلى الجمع، كما نص عليه أحمد وغيره .
فبالجملة: مصلحة الإخلاص والحضور، وجمعية القلب على الله في الصلاة أرجح في نظر الشارع من مصلحة سائر واجباتها، فكيف يظن به أنه يبطلها بترك تكبيرة واحدة، أو اعتدال في ركن، أو ترك حرف، أو شدة من القرآن، أو ترك تسبيحة أو قول سمع الله لمن حمده أو قول ربنا ولك الحمد أو ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه، ثم يصححها مع فوت لبها، ومقصودها الأعظم، وروحها وسرها.
فهذا ما احتجت به هذه الطائفة، وهي حجج كما تراها قوة وظهورا .
قال أصحاب القول الآخر: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان، وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي التأذين أقبل، فإذا ثوب بالصلاة أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وبين نفسه، فيذكره ما لم يكن يذكر، ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس .
قالوا: فأمره النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة التي قد أغفله الشيطان فيها، حتى لم يدر كم صلى بأن يسجد سجدتي السهو، ولم يأمره بإعادتها، ولو كانت باطلة كما زعمتم لأمره بإعادتها .
قالوا: وهذا هو السر في سجدتي السهو، ترغيما للشيطان في وسوسته للعبد، وكونه حال بينه وبين الحضور في الصلاة. ولهذا سماهما النبي صلى الله عليه وسلم”المرغمتين”، وأمر من سها بهما ولم يفصل في سهوه الذي صدر عنه موجب السجود بين القليل والكثير، والغالب والمغلوب، وقال لكل سهو سجدتان ولم يستثن من ذلك السهو الغالب، مع أنه الغالب.
قالوا: ولأن شرائع الإسلام على الأفعال الظاهرة، وأما حقائق الإيمان الباطنة فتلك عليها شرائع الثواب والعقاب، فلله تعالى حكمان: حكم في الدنيا على الشرائع الظاهرة وأعمال الجوارح، وحكم في الآخرة على الظواهر والبواطن، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علانية المنافقين، ويكل أسرارهم إلى الله فيناكحون، ويرثون ويورثون، ويعتد بصلاتهم في أحكام الدنيا، فلا يكون حكمهم حكم تارك الصلاة، إذ قد أتوا بصورتها الظاهرة، وأحكام الثواب والعقاب ليست إلى البشر، بل إلى الله، والله يتولاه في الدار الآخرة .
نعم لا يحصل مقصود هذه الصلاة من ثواب الله عاجلا ولا آجلا، فإن للصلاة مزيد ثواب عاجل في القلب من قوة إيمانه، واستنارته، وانشراحه وانفساحه ووجود حلاوة العبادة، والفرح والسرور، واللذة التي تحصل لمن اجتمع همه وقلبه على الله، وحضر قلبه بين يديه، كما يحصل لمن قربه السلطان منه، وخصه بمناجاته والإقبال عليه والله أعلى وأجل .
وكذلك ما يحصل لهذا من الدرجات العلى في الآخرة، ومرافقة المقربين .
كل هذا يفوته بفوات الحضور والخضوع، وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحدا، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، وليس كلامنا في هذا كله .
فإن أردتم وجوب الإعادة لتحصل هذه الثمرات والفوائد فذاك إليه إن شاء أن يحصلها وإن شاء أن يفوتها على نفسه، وإن أردتم بوجوبها أنا نلزمه بها ونعاقبه على تركها، ونرتب عليه أحكام تارك الصلاة فلا . وهذا القول الثاني أرجح القولين، والله أعلم “.[11]

مراتب الناس في الصلاة

قال ابن القيم رحمه الله: “والناس في الصلاة على مراتبَ:

أحدها: مرتبة الظالِم لنفسِه المفرِّط، وهو الذي انتقَص مِن وضوئها، ومواقيتها، وحدودها، وأركانها.

الثاني: مَن يحافظ على مواقيتِها، وحدودِها، وأركانها الظاهرة، ووضوئها، لكن قَدْ ضَيَّعَ مجاهَدةَ نفسِه في الوسوسة، فذهَبَ مع الوساوس والأفكار.

الثالث: مَن حافَظَ على حدودها وأركانها، وجاهَدَ نفسَه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهَدة عَدوِّه؛ لئلا يَسْرق صلاتَه، فهو في صلاة وجهاد.

الرابع: مَن إذا قام إلى الصلاة أَكْمَلَ حُقُوقَهَا وأَرْكَانَهَا وحُدُودَهَا، واسْتَغْرَقَ قلبَه مُراعاةُ حُدودِها؛ لِئلا يُضيِّع شيئًا منها؛ بل همُّه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي، وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبَه شأنُ الصلاة وعبوديةُ ربه تبارك وتعالى فيها.

الخامس: مَن إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا، قد أخذ قلبَه ووضعه بين يدي ربه عزَّ وجلَّ، ناظِرًا بقلبه إليه، مُراقِبًا له، مُمْتَلِئًا مِن مَحَبَّته وعظَمَتِه؛ كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلَّتْ تلك الوساوسُ والخطرات، وارتفعَت حُجُبُهَا بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضلُ وأعظمُ مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغولٌ بربِّه عَزَّ وجَلَّ.

فالقِسم الأول: مُعاقَبٌ، والثاني: محاسَب، والثالث: مُكَفَّرٌ عَنْهُ، والرابع: مُثَابٌ، والخامس: مُقَرَّبٌ مِن رَبِّهِ؛ لأن له نصيبًا ممن جُعلَتْ قرةُ عينه في الصلاة، فمَن قَرَّتْ عينُه بصلاته في الدنيا، قَرَّتْ عينُه بقُربِه مِن ربِّه عز وجل في الآخرة، وقرَّت عينُه أيضًا به في الدنيا، ومَن قرَّت عينُه بالله، قرتْ به كلُّ عينٍ، ومَن لم تقرَّ عينُه بالله تعالى تَقَطَّعَتْ نفسُه على الدنيا حسرات”.[12]

وفي الختام

ولما كان الخشوع روح الصلاة وسبب فلاح المؤمن كان الجزاء عظيما قال الله تعالى بعد ذكر الخاشعين في صلاتهم، ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10، 11].

وعلى المسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم تحقيقا لمعنى “محمد رسول الله”،  وقد كان  النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال “وجعلت قرة عيني في الصلاة” إذا حَزَبَهُ أمْرٌ صَلَّى، وكانَ يقولُ: “قُمْ يا بلال، فَأَرِحْنا بِالصلاة”. (صحيح أبي داود)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرِ الناسِ خشوعًا في الصلاة؛ قال عبد الله بن الشِّخِّير: “رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُصلِّي، وفي صدره أزيزٌ كأزيز الرَّحَى مِن البُكاء”.[13]

والدعاء في الصلاة مستجاب، وما أحوجنا للدعاء المستجاب، قال النبي ﷺ:”ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تدخر له دعوته في الآخرة، وإما أن تعجل له في الدنيا، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك”، قالوا: يا رسول الله! إذن نكثر؟ قال:” الله أكثر”.

فإعادة مكانة الصلاة في حياة المسلمين من أوجب الواجبات في هذا الزمان .. ويعين في ذلك .. الصحبة الصالحة التي تذكرك بالله .. ويحرم ذلك الصحبة الغافلة التي تنسيك ذكر الله ..

والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1]  تفسير ابن كثير” (3/238).

[2] مدارج السالكين” (1/526).

[3]  مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين الجزء الأول ص 517.

[4]  [الخشوع لابن رجب،ص17]

[5]  مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين الجزء الأول ص 517.

[6]  المصدر السابق.

[7]  الفتاوى 22/254

[8]  أخرجه أحمد: (23498)، وابن ماجه: (4171)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (742).

[9]  مسند الإمام أحمد” (5/172).

[10]  مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين الجزء الأول ص517

[11]  مدارج السالكين الجزء الأول صفحة 522.

[12]  الوابل الصيب من الكلم الطيب” (ص34، 35).

[13]  سنن أبي داود” (1/238)، برقم: (904).

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x