وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ


ما جاءت الأوامر والنواهي والحدود الشرعية إلا لصيانتك وصيانة حقوق المسلمين، كل استهانة بعظمة هذه الأوامر والنواهي والحدود يكون له تداعيات كبيرة وممتدة قد لا تشاهدها بنفسك لكن يعيشها من تضرر بالتقصير فيها من حولك.

والله ما رأيت في شريعة الله إلا كل صيانة للقلوب والأرواح، من مصائب قد لا يطيب المرء منها أبدا، فاحفظوا قلوبكم وأرواحكم بتقوى الله يبارك لكم في حياتكم ويجنبكم نزفا لا يشفى وندما لا يُجبر قد يكون فيه حتف النفس العزيزة!

لقد رأيت في الاستشارات كمّ الخسائر النفسية الهائل من مجرد إهمال لتفصيل قد يبدو صغيرا لهدي الشريعة في التعاملات ووالله ما خسر أبدا من التزمه، وثبت عليه، وذلك ما أثبتته التجارب، يخرج منتصرا مهما خسر ماديا وخذل!، لأن الله تعالى يبارك له ويوفقه ويفتح عليه ويعوضه خيرا مما انتظر. أما غير ذلك فيكله إلى نفسه! وذلك والله هو الامتحان!

فلا حول ولا قوة لنا إلا بالله.

اللهم جنب المسلمين والمسلمات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم املأ قلوبهم بمحبة الله تعالى وحده لا شريك له واكفهم بحلالك عن حرامك واغنهم بفضلك عمن سواك.

ولكل مبتلى أقول ردد قول أم سلمة رضي الله عنها: اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها، وردده بيقين! فسيعوضك بخير من مصيبتك والله يعلم وأنتم لا تعلمون!


أيها المؤمنون أيتها المؤمنات!

ثقوا باختيارات الله جل جلاله لكم!

فالله خبير بصير بالأنفع لكم والأفضل، فتواصوا بمحبة الله تعالى تنير مسيرتكم، وابتعدوا عن كل ما يجلب سخطه أو إمهاله!! وما أدراك ما إمهال الله!

(فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)

وأحسنوا الظن بالله تعالى، فهو سبحانه يدبر الأمور بعلمه الغيب وعظيم مشيئته!

وما خاب ولا خسر من أعظم التوكل على مولاه، بل فاز وظفر وسجد شكرا مديدا.

لا عيش إلا عيش الآخرة!


أحبوا الله جل جلاله، أحبوا أقداركم المبهجة والمؤلمة على حد سواء، أحبوا مشيئته واختياراته، وكلوه كل أموركم برضا وتسليم تام له جل في علاه.. فتلك هي سبيل بلوغ مراتب السابقين الأولين!

وما يدريكم، حرمان في الدنيا يقابله مرتبة يغبطكم عليها الأولون والآخرون في الآخرة.

وما يدريكم، نظرة الأماني والوهم ينجيكم منها قدر شديد يهزكم وانعطافة كبرى نحو مسيرة الجد والاستعمال والشهادة!

إن جبر الله لعباده لا يُبارى ولا يُناجز! وفتوحاته لا تضاهيها فتوحات! والسعادة بعبوديته لا تبلغها سعادة!

قدروا الله حق قدره سبحانه وتواصوا بمحبته ومرضاته فهي الفوز الأعظم وهي كل الأماني والأهداف!

قال الله جل جلاله (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (البقرة: 189)


أختي المسلمة، جعل الله تعالى لك وليا ليحفظك ويصونك، لأنك أنثى ترى بقلبها وعاطفتها قبل عقلها، هذه حقيقة في طبيعتك.

وهذه صفة جميلة كأنثى وليست قبيحة انتبهي، لكنها نقطة ضعف إن أبحرت في الحياة بدون ظل أب أو أخ أو زوج أو محرم يحفظك.

لذلك اعرفي قيمة الولي واعرفي قيمة المحرم لأنك لو اطلعت على حجم الألم الذي تحمله استشارات فتيات ضعفن ووقعن رغم شدة حرصهن وبحثهن عن الالتزام، ستبكين خشية ورهبة!

لا تكرري المأساة، واستفيدي من تجارب من سبق تحفظين نفسك وتصونين قلبك وتتجنبين خسائر محققة!


مهما كان جفاء بيتك وأسرتك، لا يبرر أبدا الانطلاق للبحث عن شريك العمر في مستنقعات الفتن وإن كانت داخل حدود مسجد!

مهما كانت حياتك قاسية وتنشدين السكن والرفيق المحب! لا يبرر أبدا قبول تعريض نفسك وقلبك ومشاعرك لاطلاع رجل أجنبي ولو كان المزكى لدى الناس!

ولو عشت كل حياتك وحيدة تشكو الفقد لكنها تخشى الله ولم تتعدى حدوده سبحانه لهو خير كثير من كل علاقة تسعدك وتبهجك وتصنع فيك الأمل وأنت عاصية لله تعالى!

للبيوت أبواب وللزواج أصول وهدي، لا تفتحي نافذة من الخلف فلن يتحمل خسائرك أحد غيرك ولن يبكي عليك أحد!

لله ثم للتواصي بالحق والصبر.


أختي المسلمة تزوجي بهدي السلف عشر مرات حتى تسكني، وأنت التقية، خير من علاقة “حب” وهمي، تنتهي بك إلى مصحة نفسية وخسران فضل الله تعالى ومعيته وتوفيقه وترتد عليك نكسات وخسائر جمّة!

تزوجي بالحلال ولا تخشي شيئا من تداعيات الزواج من رجل لم تعرفيه، لأن الله تعالى ينصرك بتقواك وسلوك مسالك الحلال، يسدد خطاك ويعوضك، ويخرجك من كل تجربة أقوى وأسعد وإن انتهت بالطلاق، يغنيك جل جلاله من سعته، لأنك استجبت لأمره ولم تتعدي حدوده.

ولكن حين تختارين طريقا نهاك عنها سبحانه رحمة بك، وإن زينها لك الشيطان بأنها تحقيق حلم ومنى وحالة استثناء!
فستتكبدين وتثخنين في نفسك، فانتبهي رعاك الله، ولو أقسم لك بالزواج وعقد المواثيق بالوفاء لك فما أسهل التنصل بكلمة تفت فؤادك! وطريق الحلال معروف لا يحتاج لكثير شرح.

لن تسمعي هذا الكلام مع كمّ الضخ للفساد في زماننا والتهوين للظلم والمنكر والانحراف، إلا من ناصح مشفق يرى نزيف أخواتك ينحبن ! ويقلن: ليتني لم أصدق، ليتني لم أنسى وأغفل!

لا تغامري بأغلى ما تملكين في مغامرة مستهترة بدون هدي الشريعة، لأن ما أسهل غرقك وحيدة بدون حبل نجاة.

لا نجاة ولا ظفر ولا غنيمة إلا بهدي شريعة الله جل جلاله، احفظيها جيدا.


أختي المسلمة إن كنت تورطت في علاقة غير شرعية بنية الزواج، أنصحك من الآن، انسحبي تماما منها، ومن يريدك يطرق باب أهلك ويثبت صدق محبته بميثاق غليظ.

لا تبرري لنفسك شيئا ولا تهوني بحسن قصد أو ظن!

انسحبي فورا وصوني نفسك ولا تضعفي لخطوات الشيطان.

فإما رجل يكون على قدر المسؤولية أو عيشة يكون فيها تعظيم أمر الله أجل وأعظم من كل شيء!

والتقي لن يكون لك إلا عونا! وهذا امتحان صدق، وأما المرتاب فيتفلت ويفر! وينجيك الله تعالى.

لابد من سلطان الشريعة! هذا الحل الوحيد، وبدونه سنتخبط كثيرا!

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
أروى

كفتاة في الجامعة وحولها الصور الوردية لآفات العلاقات المزعومة، كلماتك هذه وتد يثبت القلب ويزيد من عزمه بحول الله على السير بعيدا عن كل تلك التراهات، نجانا الله من الفتن وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. جزاكم الله خيرا، نقطة حساسه ومصيرية وقل من يتكلم بها.

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x