نحو 2000 مهاجر يلقون مصرعهم أثناء عبورهم البحر الأبيض المتوسط هذا العام. إليكم الأسباب

هذا المقال ترجمة لمقال كتبته لوريل وامسلي ونشره موقع .npr.org

أثناء متابعة الكثيرين حول العالم لمجريات محنة الرجال الخمسة الأثرياء الذين فُقدوا على متن الغواصة (تيتان)، قام باحثون في المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة ( IOM ) بتحديث عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط هذا العام إلى ما يقرب من 2000.

يفقد عدد مهول من الأشخاص حياتهم كل عام أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط، والعدد هذا العام في طريقه ليكون أعلى من العام الماضي. فيما يلي بعض أسباب ذلك:

وفاة المئات على متن قارب (أدريانا)

وفقاً لبيانات ال  IOM ، فإن هناك على الأقل 1999 مهاجراً لقوا حتفهم هذا العام بين الأول و ال26 من يناير أغلبهم نتيجة للغرق، في حين بلغ عدد الضحايا 1358 شخصاً في الفترة الزمنية نفسها من العام الماضي.

وتشمل هذه الأعداد ضحايا الطرق الثلاثة الرئيسية عبر البحر الأبيض المتوسط ​، وكذلك ضحايا طريق المحيط الأطلسي من غرب إفريقيا.

تعود نسبة كبيرة من الارتفاع في عدد الضحيا إلى انقلاب قارب الصيد (Adriana) قبل أسبوعين في المياه العميقة قبالة سواحل اليونان.

كان القارب قد غادر ليبيا مكتظًا بمئات الأشخاص، وأودى انقلابه بحياة معظم المهاجرين على متنه، والذين يقدر عددهم ب 596 شخصاً وفق المنظمة الدولية للهجرة.

مهاجرون من إريتريا وليبيا والسودان يتجمعون على ظهر قارب خشبي بينما ينتظرون تلقي المساعدة من عمال الإغاثة من منظمة أوبن آرمز الإسبانية غير الحكومية، في البحر الأبيض المتوسط على بعد 30 ميلاً شمال ليبيا، في 17 يونيو / حزيران.

المزيد من الناس يحاولون العبور

ارتفع العدد الإجمالي للمهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط عما كان عليه العام الماضي.

وتقصد العديد من قوارب المهاجرين جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الصغيرة، والتي تقع في منتصف الطريق بين تونس وصقلية.

ويقدُم المهاجرون الذين يصلون إلى لامبيدوزا قادمين من نقطتي انطلاق: واحدة من تونس والآخرى من ليبيا.

سفر المهاجرون على متن قوارب غير مصنوعة لأعالي البحار

من أسباب الارتفاع  في عدد القتلى أيضاً ظهور نوع جديد من السفن التي تغادر تونس منذ أكتوبر الماضي: قوارب مصنوعة من الحديد؛ قابلية هذه القوارب للانقلاب مرتفعة جداً وهي أيضاً عرضة للكسر. ويزداد احتمال انقلاب القارب كلما كانت حمولته زائدة عن الحد، ويُعتقد أن قارب  أدريانا كان على متنه ما يقارب 700 شخصاً.

يقول فلافيو دي جياكومو، المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة في إيطاليا، “القوارب الحديدية هي أكثر القوارب هشاشة التي رأيناها في البحر الأبيض المتوسط”.

ويقول: “هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها مهاجرين يصلون من تونس في حالة بهذا السوء؛ يصلون مبتلين بدون أحذية ومرهقين، يصلون حفاة لوجود الماء في القارب”.

لطالما كان الطريق الليبي أخطر من الطريق التونسي لكون المسافة من الأول أبعد، ولكن مع استخدام القوارب الحديدية أصبح الطريق من تونس أكثر خطورة من ذي قبل، ولكن لا يزال الطريق من ليبيا محفوفًا بالمخاطر.   

تقول ريفا دينجرا ، زميلة ما بعد الدكتوراه في معهد بروكينغز والمتخصصة في الهجرة في الشرق الأوسط وتدفقاتها، إن شبكات التهريب في ليبيا وخاصة تونس تفاقم المشكلة.

تقول دينجرا إن المهربين يضعون الناس في قوارب صيد واهية غير صالحة للإبحار ، “يضعون الناس في قوارب لا تمنحهم حقًا فرصة جيدة لدخول أوروبا”، “لكن هذا [وصول المهاجرين لوجهتهم] ليس هدف المهربين في كثير من الأحيان فهم لا يهتمون بالضرورة إذا وصل الناس إلى وجهتهم؛ إنهم يهتمون فقط بدفعهم مقابل ذلك.”

وصول المساعدة من السلطات بطيء، ومجموعات الإغاثة التي تتطوع بالمساعدة تعرض نفسها لاحتمال المساءلة القانونية

بعد انقلاب أدريانا، قال خفر السواحل اليوناني إنه لم يتدخل لأن القارب كان يتقدم في طريقه إلى إيطاليا ولم يكن بحاجة إلى الإنقاذ. لكن التحقيق الذي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وجد أدلة أن القارب لم يتحرك إلا بصعوبة لمدة سبع ساعات قبل أن يغرق.

يقول دي جياكومو إن خفر السواحل الأوروبي لا يتدخلون بسرعة لأنه [إنقاذ المهاجرين] لا يمثل أولوية بالنسبة لحكوماتهم. ويقول: “قوارب المهاجرين هذه لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات الإبحار في أعالي البحار ، لأنها يمكن أن تنقلب. لذا ينبغي إنقاذها على الفور؛ [حرس السواحل] لا يحترمون قانون البحار.”

جرفت المياه حطام قارب انقلب على الشاطئ بالقرب من كوترو، جنوب إيطاليا، في شهر فبراير.

ويقول دي جياكومو إن عدد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا الآن هو العدد نفسه الذي وصل في المدة من 1437ه – 1439ه -2015-2017م-، لكن عمليات الإنقاذ كانت أسرع وأكثر كثافةً آنذاك لتواجد عدد أكبر من سفن الإنقاذ الأوروبية والمنظمات غير الحكومية في البحر لمساعدة القوارب المنكوبة.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز لقطات فيديو الشهر الماضي تظهر تخلي حرس السواحل اليوناني عن طالبي لجوء – من بينهم أطفال – بعدما قام رجال ملثمون بوضعهم على زورق قابل للنفخ في البحر ، ثم تم القبض عليهم [أي طالبي اللجوء] بعد ساعة أو ساعتين من قبل خفر السواحل التركي.

يقول دي جياكومو: “يجب أن تكون الأولوية لإنقاذ الأرواح في البحر. لكن هذا لا يحدث”.

وتشير دينجرا إلى أن جهود الإنقاذ التي تقوم بها مجموعات المجتمع المدني قد تم تجريمها؛ في وقت سابق من هذا العام، تمت محاكمة عشرين من عمال الإغاثة الذين شاركوا في عمليات لإنقاذ المهاجرين في اليونان، وقالت الأمم المتحدة إنه لم يعد هناك أي فرق إنقاذ تابعة للمجتمع المدني تعمل في المياه اليونانية.

ويُعتقد أن العدد الحقيقي للذين غرقوا في البحر أعلى بكثير من الحد الأدنى لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

يقول دي جياكومو: “هذا العام ، ربما يكون هناك الكثير من حطام السفن الأشباح – قوارب لا يعرف عنها أحد”.

تقول دينجرا إنه لتقليل عدد المهاجرين الذين يموتون أثناء عملية العبور، فمن الضروري إلغاء تجريم جهود الإنقاذ، والتركيز على توفير الحماية والحقوق للمهاجرين واللاجئين في البلدان التي يمرون من خلالها في الطريق إلى وجهتهم المقصودة [والتي تُعرف ببلدان العبور] مثل ليبيا وتونس.

ويضيف “وفر المزيد من المسارات القانونية للناس حتى لا يضطروا إلى اختيار الذهاب إلى البحر بدافع اليأس”.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x