كيف نحصن أنفسنا من الانتكاس مع واقع الأمة الأليم؟

عندي سؤال:
كيف نوازن بين تحفيز أنفسنا وتحفيز الناس بأن الواقع المؤلم للأمة الإسلامية وسطوة الغرب البشعة علينا وعلى كل ما هو مختلف عنهم، بأنه سيزول عما قريب وبأنه لن يدوم للأبد، وزواله قريب جدا، وبين ألا نقع فريسة للتخدير والأحلام والأوهام التي تجعل الإنسان ينتكس بعد أول ابتلاء أو عند رؤية أي شيء مخالف لتصوراته الحالمة؟
أرجو الاجابة يا د. ليلى وجزاك الله خيرا.

حياكم الله وأحسن إليكم،
قدمت وصفا مختصرا لحال المجاهدة، فحياتنا قائمة على المجاهدة، والسعي للاستقامة بتفادي الانتكاسات والتراجعات، ولا أرى أفضل من الرباط على قراءة القرآن وتدبره، فإن فيه إجابة لكل تساؤل وترميما لكل ضعف، ولا بد من العناية بعلو الهمة، وقد تناولت أسباب صناعة الهمة في كتابي عنها، والصحبة الصالحة والتذكرة في حينه، كل هذه عوامل للثبات.

نعم قد يكون الابتلاء مزلزلا، ولكن حين تقرأ آيات القرآن تصور لك كيف كان حال الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف كان حال الصحابة وكيف زلزلوا بالابتلاء، وتدرك أن القصص القرآني يصف لك الابتلاء قبل التمكين، تطيب نفسك وتدرك أنك في الطريق الصحيح، لا بد أن يقع الابتلاء للمؤمن، ولا بد أن يتأذى، ولكن الصبر واليقين علاجه ووسيلته لتجاوز المحنة، ومن فضل الله على المؤمنين أن يرافق كل ابتلاء رحمة وكل عسر يسرا، فستجد مواساة ولو كانت مجرد رؤيا يراها في منامه فتغير نفسيته تماما.

لذلك احرص أشد ما تحرص على وصال قلبك بالله سبحانه، وهذا يكون عبر مداومة القرآن والذكر، والتفكر في خلق الله وبث الشكوى والحزن إليه جل جلاله، فما رأيت أفضل من ذلك سندا في هذه الحياة، والغرباء سيعانون أكثر كلما اشتدت الحرب على الإسلام، لكن الله جل جلاله وعدهم بالتمكين إن ثبتوا، وفي ذلك عزاء لكل عامل مؤمن، واعلم أن هذا الدين لا يقوم على أكتاف المترخصين والمبدلين والمنحرفين عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك كان المقابل عظيما جدا عند الله سبحانه ولن يضيع الله إيمان وبذل وصبر مؤمن في سبيله.

علينا أن نذكر أنفسنا أن الطريق طويل وشاق، وأن انتظار إعلاء راية الإسلام بين يوم وليلة أحلام لا تليق بمن قرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن كل جهد نبذله، وكل أذى ينال منا في هذه الطريق بركاته ستظهر يوما ما حين يقيم الله بنيان الإسلام في الأرض، كل دمعة في خلوة تدعو للإسلام بالنصر ورفع الظلم عن أمته، كل قطرة عرق سقطت في جهد وبلاء، كل حزن وكل كسر، سيكون له أجره وبركاته في إقامة بينان الإسلام في الأرض، والله لا يضيع أجر المحسنين.
وليكن منهجنا، التواصي بالحق والتواصي بالصبر حتى إذا ما جاءت لحظة الموت، يقول العبد، اللهم ما في وسعي أن أقدم أكثر مما قدمت! لأن موعدنا في الواقع ليس النصر، بل موعدنا الحقيقي هو الموت! هو الذي يجب أن نفكر فيه قبل كل شيء، فالنصر مكتوب ومحسوم، لهذا الدين لكن واقعنا نحن فيه، أين نحن من هذا النصر، القبول أم الرفض، نسأل الله حسن الخاتمة!

إن الحياة عقيدة وجهاد وصبر وتواصي بالحق ونصرة له وتعاون على البر والتقوى وحسن الظن بالله والاستعانة به جل جلاله، وخلال هذا كله سترى بركات الإيمان تحيطك من كل مكان، ويشتد معها ثباتك، لأن معية الله لا تناجزها معية!. فخذ بأسباب الثبات ولا تهن ولا تحزن!
جعلنا الله وإياكم ممن كتب الله لهم القبول والفوز العظيم.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

2 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
إشراقة روح

السلام عليكم ورحمة وبركاته
نفع الله بك وبارك فيك وجعل كل جهودك ثقيلة في ميزان حسناتك
هل تسمحين بالاقتباس من كتبك وتغريداتك مع الإشارة إليك؟

إشراقة روح

* ورحمة الله وبركاته

2
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x