بينما يعلم محمد إسماعيل طلابه كيفية كتابة الأحرف المستديرة لنص يشبه اللغة العربية، يقوم المعلم الروهنجي بمهمة لاستعادة لغته الأم وتاريخه وهويته الروهينجية حرفا تلو الآخر.
قلة من الروهينجا يعرفون القراءة والكتابة بلغتهم الخاصة لأن مجتمعهم واجه على مدى عقود محاولات الإبادة الثقافية في وطنهم ميانمار.
عندما استهدفت قوات الأمن الحكومية بشكل منهجي أقلية الروهينجا المسلمة وأجبرت ما يقرب من مليون منهم على الفرار إلى بنغلاديش المجاورة في عام 1438هـ (2017م) كان ذلك تتويجا لهذه الانتهاكات.
لكن محاولات إزالة الروهينجا من الفضاء العام في ميانمار جرت منذ ستينيات القرن العشرين، عندما تم منع المذيعين من استخدام لغتهم. ومنع تدريسها في المدارس أيضا.
واللغة هي لغة هندية آرية مرتبطة بالبنغالية الأسامية. تمت كتابتها لأول مرة بنسخة من الأبجدية العربية خلال القرن 19 وما بعده، عندما احتل البريطانيون ميانمار، واليوم تم استخدام الحروف الإنجليزية والأردية.
في ثمانينيات القرن العشرين فقط، تم تطوير نص صوتي مناسب من قبل عالم الروهينجا محمد حنيف.
وتعتمد الأبجدية، المعروفة باسم الروهينجا الحنيفي، على الحروف العربية مع تعديلات لاستيعاب الدرجة اللونية والأنف وحروف العلة. في عام 1439هـ (2018م)، تم توحيدها من قبل اتحاد Unicode، مما منحها فرصة جديدة للحياة، مما سمح للروهينجا بإرسال رسائل رقمية بأبجديتهم الخاصة.
في ذلك الوقت، أخذ محمد إسماعيل، مثل العديد من الروهينجا الآخرين، دورات عبر الإنترنت للقراءة والكتابة بلغتهم الأم. وقال لصحيفة عرب نيوز:”في سن الـ 29 ، تعلمت نص لغتي التي كنت أتحدثها منذ ولادتي”، “لم نتعلم أبدا بهذه اللغة. لم تسمح السلطات هناك (في ميانمار) بأي نوع من التدريس بلغة الروهينجا”.
فرت عائلة محمد إسماعيل من ميانمار في عام 1428هـ (2007م). أمضوا ست سنوات في بنغلاديش ثم وجدوا طريقة للانتقال إلى الهند، وانضموا إلى مجتمع الروهينجا الذي يضم 40,000 فرد.
وهو يعيش الآن في فريداباد، وهي منطقة مجاورة لدلهي، حيث يعمل واعظا ومدرسا للروهينجا منذ أن أتقن نظام الكتابة الحنفي.
وقال محمد إسماعيل: “إن مهمة حياتي هي تعليم زملائي الروهينجا نص اللغة، حتى يتم الحفاظ على هويتنا وتاريخنا”.”هذا هو تمكيننا تماما ويمنحنا إحساسا بالجذور. كنا نترجم الكتب والنصوص التعليمية الأخرى بلغتنا لتثقيف شعبنا”.
في حيه الفقير، قام محمد إسماعيل ببناء جناح مؤقت صغير حيث تقام الدروس. وإلى جانب لغة الروهينجا، يقوم أيضا بتدريس اللغة العربية والأردية.
وقال: “اللغة العربية مهمة لأفراد المجتمع أن يعرفوها لأن عليهم تعلم القرآن”.
أشعر أنه من واجبي تعليم الأطفال والبالغين الروهينجا حتى يعرفوا عن أنفسهم وعن العالم”.
لم يكن للغة الروهينجا أبجدية مكتوبة حتى ثمانينيات القرن الماضي وحتى منذ ذلك الحين أصبحت معرضة لخطر القمع والنسيان. إذن هذا المعلم اللاجئ في الهند يكافح من أجل الحفاظ على اللغة المكتوبة حية.
يمكن لمحمد أن يكون على يقين من أن مهمته سيضطلع بها طلابه.
إحداهن، ماريان، تدرس مع محمد إسماعيل منذ أكثر من شهر.
قالت الطفلة البالغة من العمر 10 سنوات لعرب نيوز:” آتي كل صباح لمدة ساعتين لتعلم اللغة”، “أمي تريد أيضا أن تتعلم. عندما أتعلم اللغة، يمكنني تعليمها”.
كما تتعلم زميلتها عائشة صديق لأول مرة. حتى الآن، مثل معظم أطفال الروهينجا، لم تعرف سوى التقاليد الشفوية للروهينجا وحكاياتها الشعبية وأغانيها الشعبية والتهويدات.
وقالت: “آمل أنه على الرغم من التحديات سأتمكن من تعلمها في غضون بضعة أشهر حتى أتمكن من قراءة الكتب بلغتي تدريجيا”.”عندما أكبر، أود أن أكتب قصة نضال عائلتي ومجتمعي بلغتي الخاصة”.
وبالنسبة لكبار السن من الروهينجا، فإن اللغة المستصلحة هي أيضا وسيلة جديدة للبقاء على قيد الحياة للمجتمع.
وقال صابر كياو مين، البالغ من العمر 34 عاما، وهو مؤسس مبادرة حقوق الإنسان للروهينجا، وهي منظمة غير حكومية في نيودلهي:”تريد السلطات في ميانمار طمس بصماتنا اللغوية حتى يتمكنوا من إنكار وجودنا”. لقد تعلم كيفية الكتابة بلغته الأم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال صابر: “بالنسبة لي، لغتي تعني سرد قصتي الخاصة”. “تعكس اللغة تاريخ المجتمع وثقافته وخلفيته”.
_____________________
المعلومات الواردة في هذه المقالة ترجمة مقال نشر على موقع arabnews.com
بعنوان How Arabic-based script helps save fading voices of Rohingya
ومواقع التواصل الاجتماعي
الصورة في المقال صورة لأرشيفية التي التقطت في 10 أغسطس 2022م، يكتب طفل لاجئ من الروهينجا لغة الروهينجا على سبورة في مدرسة في مخيم كوتوبالونغ للاجئين في أوخيا، بنغلاديش.
