فقه “بداية المهاجرين والأنصار” كيف ذلك؟

سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في منشور سابق لك كتبت:

“نحن بحاجة ماسة لفقه “بداية المهاجرين والأنصار”، فقه صناعة الخير في النفوس وإرشادها لصلاح دينها ودنياها، فقه الانبعاث والإصلاح، بحاجة لأن ننزل من برج عاجي من التنظير الحالم إلى واقع الناس لنحدث قلوبهم بما يعقلوه. نحدثهم عن واجباتهم قبل الموت. إن الهداية فضل وإعانة الناس عليها فضل، وطوبى للمصلحين!”.

ما فهمت هذه الفقرة عندك شيء يفصل فيها؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
توضيح لمنشور”نحن بحاجة ماسة لفقه “بداية المهاجرين والأنصار”، فقه صناعة الخير في النفوس وإرشادها لصلاح دينها ودنياها، فقه الانبعاث والإصلاح، بحاجة لأن ننزل من برج عاجي من التنظير الحالم إلى واقع الناس لنحدث قلوبهم بما يعقلوه.نحدثهم عن واجباتهم قبل الموت. إن الهداية فضل وإعانة الناس عليها فضل،وطوبى للمصلحين!”.

هذا المنشور القصير هو في الواقع يستحق طرحا مفصلا بشكل مقال وحتى كتاب، أحاول كثيرا أن اختصر معاني كثيرة جدا في عبارات جامعة لطبيعة العمل على مواقع التواصل، وهنا حين أتحدث عن فقه “بداية المهاجرين والأنصار” فالقصد فيه فقه السيرة، فقه التعاملات بين الصحابة رضي الله عنهم، فقه إقامة نفوس خرجت من الجاهلية على الإسلام، هذا علم كثير يجني منه كل من رابط على السيرة وتدبرها الفوائد والخلاصات العظيمة.

ثم “فقه صناعة الخير في النفوس وإرشادها لصلاح دينها ودنياها” لأن فقه الواقع يتطلب ذلك، لقد عاشت الأمة عملية تجهيل مكتملة الأركان بدأت مبكرا منذ أن يكون الطفل في المهد! ولا تزال مستمرة، فإخراج الناس من هذا التجهيل لن يكون بين يوم وليلة ولن يكون عملية سهلة بل يتطلب الكثير من الحكمة والصبر والاستفادة من مكامن الخير في النفس البشرية وتعزيزها وتقويتها وهنا جهد ضخم في الدعوة والإصلاح وأشدد على الإصلاح كثيرا كمصطلح، لأننا بحاجة ملحة له، في واقعنا، ولا نستنثي صلاح الدنيا في دعوتنا، فنحن لا نطالب الناس بالصلاة فقط في محراب ويتركون دين الله يهان ومصالح حياتهم تهدم، بل الإسلام دين متكامل المنظومات، دين ينشد القوة ليقيم بنيان الإسلام في الأرض ويعلي كلمة الله ويمكن للصالحين.

ثم “فقه الانبعاث والإصلاح، هنا تخصص أكثر، في “الانبعاث” فنحن نتعامل مع نفوس خدرت وأمة أحاط بها مكر كبار، وعملية الانبعاث تتطلب تعزيز عوامل الانبعاث وهذا بحد ذاته علم له أبواب وفصول، نستفيد من دراسات علم الاجتماع وخلاصات الباحثين في التاريخ وحياة الأمم لنستخرج منها الحلول والعلاجات، والموفق من اعتنى به، لأن نتائجه وإن كانت تتطلب وقتا إلا أنها مذهلة في حينها.

ثم “بحاجة لأن ننزل من برج عاجي من التنظير الحالم إلى واقع الناس لنحدث قلوبهم بما يعقلوه. نحدثهم عن واجباتهم قبل الموت” هذه العبارة تلخص واقع الضعف في الساحة الدعوية وقلة المتمكنين علميا وفقهيا، وكثرة الرويبضات والمتعالمين وأخطاء يجب أن لا نصمت عنها ونتجاهلها، لأن لها تداعيات سلبية هدامة على الحركة الإصلاحية، وهذا من صميم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والصبر، والجهد في إصلاح الحركة الدعوية ركن من أركان الإصلاح الشامل للأمة، وللأسف لدينا نتائج “العيش تحت الهيمنة” التي فرضت علينا أن يذهب الطلاب لدراسة علوم الشريعة والفقه لأجل الشهادة فقط وليس شغفا بهذا العلم، فكان نتاج ذلك ضعف بيّن في مستوى خريجي الشريعة، ولم ينبغ في هذه الساحة إلا من رحم ربي أو من دخلها حبا وشغفا، ونجد الكثير من الطلاب الذين أقبلوا على هذه الساحة، تركوا اختصاصهم الأول ودرسوا الشريعة بعد أن أيقنوا أنها العلم الأول الذي يجب أن نعتني به.
والحديث هنا يطول لكنها مجرد اختصار للتبيان.

ثم “إن الهداية فضل وإعانة الناس عليها فضل، وطوبى للمصلحين!”، أي أن السعي لهداية الناس ورؤيتهم في سفينة النجاة هو أسمى ما يطلبه الداعية والمصلح، وهذا يتطلب حلما وحكمة وصبرا وحسن تعامل والكثير من أخلاق الدعوة وأساليبها الراشدة المؤثرة المثمرة وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهي بلا شك تتطلب القسوة كما تتطلب الرحمة ولكل مقام مقال!! لأن الغاية حب الخير لهم، واستشعار أجر السعي في ذلك عظيم فكيف بأجر الهداية لذاته.
نسأل الله أن يهدينا سبله جل جلاله.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x