عبرة من الابتلاءات المزمنة والجروح النازفة

قال جل جلاله: (مَنْ عَمِلَ صَٰلِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )

الحياة الطيبة للمؤمنين، هي حياة الإيمان والعمل واليقين، حياة تحفها رحمة الله تعالى ومعيته، يستشعر فيها المؤمن الخير ويقدر النعم فيستمر فيها عاملا موحدا متوكلا على ربه تعالى، فتسكن روحه وتطمئن لعبوديته لله مولاه.
والله يبتلي المؤمنين وقد يصل الابتلاء إلى أن يصاب المؤمن بمصاب جلل تنزف له روحه إلى أن تفيض إلى بارئها. لا يعلم عن حقيقة حاله ومصابه إلا خالقه.
وفي ذلك تطهير لذنوبه وخطاياه مستمر، ورفعة للدرجات العلا منشودة.
والمؤمن المبتلى في احتساب وصبر وتوكل حتى يلقى الله تعالى. وهو في الوقت نفسه في عزوف عن فتن الدنيا وزخرفها قد تأدب بمصابه فيها، فاشتد عزمه للعمل في سبيل مرضاة ربه بأشد ما يكون، فلم يعد هناك ما يشغله عن هذا الهدف العظيم من كلاليب الدنيا. فكان في ذلك حكما ومنحا جليلة.

لقد توفيت سيدة من نساء العالمين، فاطمة رضي الله عنها بفجيعة، كانت تذوب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحقته سريعا كما بشرها بذلك صلى الله عليه وسلم.
وتوفيت أسماء بنت الصديق ينزف قلبها لمصابها في ابنها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وقد صلب جسده حتى أكلت الطير منه! فما لبثت أن توفيت بعده بقليل – رضي الله عنها-.
وتوفيت أسماء بنت عميس وهي تنزف دما من جسدها وروحها، لمصابها في زوجها علي رضي الله عنه الذي استشهد وابنها ابن الصديق رضي الله عنه، ففقدت الزوج والابن في ظرف قاهر وفتنة عظيمة. وهي من هي من السابقين الأولين! رضي الله عنها.

فمن ابتلي بمصاب جلل، تنزف له روحه، ليستحضر سير من سبق ويحتسب لا يفتر، فإنما هي دنيا وتمضي، وإنما العيش عيش الآخرة وعند الله تمام العوض والأجر.

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ)

اللهم رفقة السابقين الأولين.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x