رسالة لمن أصابه وسواس العقيدة

في ظل هذه الأحداث رسالتك يا دكتورة للأشخاص اللي بدأ معهم وسواس العقيدة.

والله ما زادتنا هذه الأيام الدامية إلا شدة تمسك بعقيدتنا واعتزازا بها، لأن ما نشاهده اليوم قد نبأنا به نبينا صلى الله عليه وسلم منذ 14 قرن، وصف لنا حالنا وضعفنا وتداعي الأمم علينا وشخص لنا المرض “الوهن” وقدم لنا الحل “الجهاد”. فلا يتهم العقيدة إلا من فرط فيها ابتداء وجهل عظمتها.

ومن حكمة الله تعالى أن يجعل معارك الحق والباطل بين مؤمنين قلة وضعفاء وكفرة كثرة وجبابرة، ويقدم للمؤمنين سبل الانتصار عليهم، بالصبر والاستعانة بالله والاستجابة لأمره فما يلبث أن يشهد العالم فصلا من فصول نصر الله عز وجل لأوليائه، وقبل ذلك امتحانات تمحيص ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ).

فما يحدث اليوم ضرورة ملحة لتستيقظ الأمة من سبات طويل، وارتهان لما يمليه المجتمع الدولي خبيث، والفرار إلى شريعة ربها، التي فيها خلاصها وسيادتها، وإلا فإن الله قادر على أن يقضي على هذه القوى الكافرة في لحظة، فلا يعجزه شيء، ولكن (وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم).

سيخرج بعد هذه المحنة فئة صابرة مصابرة، شديدة الحب لله، لا تأخذها في الله لومة لائم، تقوم بحق الدين وتدفع الباطل، وحتى ذلك الوقت لابد من أن يعيش الناس سنن الله في الأرض، فمن فرط في شريعة ربه ذلّ! ومن استمسك بها، أعزه الله، وهذا امتحان صدق اليوم، فطوبى لمن آمن واستعد، وتعسا لمن ركن!

نحن حقيقة في مرحلة مخاض كبرى، سيكون فيها الكثير من الدماء والكثير من الوحشية والعدوان، ولكنها مهمة لكي لا يصبح للمسلمين من طريق إلا طريق الإعداد والعمل، إلا طريق تطبيق شريعة الله، فلم يعد يعنيهم كل الترهات الدولية والوعود الخادعة، البحر من خلفهم والعدو أمامهم (كَلا إن معي ربي سيهدينِ).

وكل من وسوس له الشيطان والمرجفون وحاولوا صناعة الجبن والعجز والارتياب في قلبه، ليفتح مصحفه ولا يخذل نفسه، وليقبل على آيات ربه ليبصر تأييد الله العظيم، ويقدر ربه حق قدره، فإنما هي خطوات للاتجاه نحو وعد الله الحق، والله إذا أراد أمرا هيأ له أسبابه، فهم يؤمنون بهرمجدون ونحن الملحمة!

فأي الوعدين أحق! وعد الله رب السماوات والأرض، أم وعد المغضوب عليهم والضالين الذين يكفينا عزاء ما أرانا الله من حقائقهم المذكورة في القرآن في هذه الأيام الدامية! (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون* وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين) هدى ورحمة، هنا البداية والعلاج!

يجب أن أنبه إلى أن المغضوب عليه والضالين يستغلون الفرص وهذه فرصة جاءتهم لمحاولة تحقيق مشروع إسرائيل الكبرى، لكن الله بشرنا أن العذاب مسلط عليهم إلى آخر الزمان ونبينا بشرنا بأن جند الإسلام يرابطون على ثغورهم حتى يوم الفتح المبين، فلا يأس ولا استسلام بل إعداد وعلم وإن نزفت الجروح!

ولتعلم أمة الإسلام أن المنح الكبرى تكون بقدر الألم والتضرع لله جل جلاله (فلَولَا إِذ جاءَهُم بأْسنَا تضرَّعوا ولَٰكِن قَست قُلوبهم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ) فإياكم وقسوة القلوب، إنما هي حيلة الشيطان، يخوف أولياءه! فمن قتل ففي الجنة ومن عاش فليعد للنصر!

نحن أمة نحمل رسالة عظيمة لهذا العالم، ونحمل نبوءات نبينا ونحمل مفاتيح النصر، فإما أن نكون أهلا لذلك، وإلا فإن سنة الاستبدال لنا بالمرصاد وسيخرج الله جيلا أشد وفاء لدين الله واستجابة لأمره، وحينها يكون الاصطفاء فضل والعقاب عدل! فاليوم يوم التواصي بالحق والصبر والبيعة لله ورسوله!

لقد اعتاد الناس الهدوء والراحة والكسل والتسويف، وهذه الزلازل لتذكرهم أن خلفهم أيام وملاحم، فلا يليق بالمسلمين الغفلة، فثمرات هذه الخطوب أكبر مما نتصوره، ويكفي أن تنبعث لها القلوب موحدة قد عقلت طبيعة أعدائها وطبيعة الصراع وأدركت سبيل الفلاح وواجبات المرحلة والأمة. وهذا بحد ذاته نصر!

والله إن آية في القرآن لتردي أرتال الشبهات حطاما، فتحصنوا بالقرآن حفظا ومدارسة وتذكرة، وإياكم والتفريط في كلام ربنا وسنة نبينا فبهما يعزنا الله وبالتفريط بهما يذلنا لأرذل خلق الله! وما كان ربك بظلام للعبيد! لقد عاش الصحابة على جلال قدرهم الكرب والزلزال حتى بلغت القلوب الحناجر!

والبعض يريد أن يمكن في الأرض ويحاط بالسياد والسؤدد وهو لم يذق من لهيب فداء الدين! ووالله إن لحظة النصر الذي وعدنا الله به في القرآن وفي أحاديث آخر الزمان لتستحق كل ما يصيبنا وكل فداء وتضحية، فإياكم والبخل فما ينتظرنا لا يبارى، فإما شهادة شرف أو نصر مجد فأي فضل يناجز هذا الفضل!

وعلى المسلمين أن يطمئنوا لأمرين مهمين جدا في ظل هذا التدافع، أما الأول، فأن عدوهم مخذول وموعود بالهزيمة والذلة في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة.

وأما الثاني فإن أمة محمد فدته نفسي لا تموت فهي آخر الأمم المؤمنة وقد وعدها الله بالنصر والتمكين يكفي أن تستمسك بالهدي! ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

أما الأول، فسنة الله في الأرض في الظالمين ليشهد المؤمنون خواتيم الفاسدين المفسدين! وأما الثانية، فشفاء لصدور قوم مؤمنين أن يدخر الله من هذه الأمة أبناء أبرار لها لا يزالوان قائمين بأمر هذا الدين حتى يظهره الله وإن خذلهم كل الناس، فلا تقلقوا هذه الأمة لم تعقم الفاتحين الأتقياء!

وكل ما يحدث إنما لتمييز الخبيث من الطيب وتهيئة الأرض لعباده الصالحين، فقد طال ليل الظالمين وانشغل الناس بارتفاع البنيان ومتاع الدنيا القليل، ولابد من فقد وجرح وألم وهدم! حتى يقوم البناء من جديد شامخا بسواعد المخلصين وأهداف الإسلام العظيمة، فيتم الله أمره ويعز جنده ويذل الكافرين!

فالصبر الصبر والعمل العمل، فمهما رأينا من أخبار نألم لها فإن في المقابل أخبار يألم لها الكافرون وهذا من رحمة الله بنا، فلا تركزوا فقط على خسائرنا بل انظروا أيضا في خسائر الكافرين، لأنها آية أخرى من آيات الله، والحمد لله الذي بيده الأمر كله، فوحدوه واعبدوه واحذروا الشيطان وكل عدو.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x