رسالة عاجلة من تائبة: أرجو نشر تجربتي الخاصة!

وصلتني هذه الرسالة المهمة والعاجلة، أنقلها كما هي ثم أعلق عليها:

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو نشر تجربتي الخاصة دكتورة ليلى لعل الفائدة تعمّ ولعلها تكون السبب في أن تصل رساله مهمة جداً لغيري من المبتلين بنفس ابتلائي، كنت أتمنى لو كنت فقهتها من زمنٍ بعيد..

لو سألني سائل ما أكثر شيء أندم على فعله، سيستغرب إجابتي كثير من الناس، لكنه أمر -لو تعلمون- جلل عظيم، كاد أن يكون السبب في ضياع ديني ودنياي لولا رحمة ربي وهدايته سبحانه..

أتمنى لو كان قد صفعني أحدهم صفعة قوية على وجهي لعلي أنتبه قبل أن اتخذ قراراً في متابعة المسلسلات والأفلام و (الأنمي) البريء..!

للأسف قد بدأت بمتابعة هذه الأمور منذ عمر مبكرة جداً لدرجة أنها تأصلت بداخلي وتغلغل حبها بقلبي وتعلقي بها، وتعلقت سعادتي (المؤقتة) بها، وصارت هي المنفد الرئيسي والسبب لكل أبواب الشر التي لم تلبث أن تتابعت في مواجهتي على مدار سنين حياتي، ولم أتردد في دخول باب تلو الآخر، وصلت لنقطه اللارجوع (في ظني)، ولولا أن أراد بي ربي الكريم خيراً لكنت لا أدري ما يكون مصير آخرتي..

المشكله أنني حتى بعد أن تُبت إلى الله واعتزلت هذه الأمور بفترة ليست قصيرة (بفضل الله وحده، واسأل الله الثبات) ازداد استيعابي لمدى ترسب السم بداخل قلبي، واكتشف كلما مر بي الوقت أنه ما زال أمامي مشوار طويل من التزكية لا تخلص من هذا السم العميق..

وما أريد أن أركز عليه في كلامي هنا  خصوصاً، هو الأنمي والدراما الكورية (يعني عموماً الاعمال الدرامية الآسيوية) ، لا أبالغ إذا قلت أنها قنبلة مسمومة مغلفه بالسكر..!

وأكبر مصيبة ابتليت بها هنا لم تكن مثلاً المشاهد التي حرفياً تجعل قلبك تدريجياً يألف كل ما نهى الله عز وجل عنه مثل:

  • التطبيع مع الصداقه بين الذكر والأنثى
  • التطبيع مع السحر والشعوذة والأفعال الخارقة للعادة
  • الإباحية المتخفّية
  • سماع الأغاني والموسيقى بشكل مستمر والإدمان عليهما
  • التطلع للرومانسيات المستحيلة مما يشكل سببا من أسباب توقع التعاسة الزوجية وعدم الرضا
  • التطبيع مع الانتحار
  • التطبيع مع جرائم القتل والعنف
  • التطبيع مع العُري وطبيعة ورؤية المرأة بلا حجاب
  • النسوية وتقديس آفكار تحقيق الذات
  • التطبيع مع الشخصيات المخنثة/غير واضحة الجنس والشذوذ

وغيرهم الكثير مما لا يمكن أن أحصي الآن، والمشكلة أنه يمكن أن تعرِض هذه الأعمال بعض هذه الأمور التي ذكرت بشكل سيء (ظاهرياً) وأنه يجب أن نحاربه ونبتعد عنه، ولكنه بطريقة خبيثة وغير مباشرة يجعل المشاهد يعتاد هذا الأمور (السيئه بزعمهم)، بل ويتحمس إليها.

أتذكر ردود فعلي عندما كنت على الفطرة غير الملوثه وأنا في طفولتي، الاستنكار الشديد وحتى أني كنت أغمض عيني ويمتعض وجهي لبعض الأفكار المعروضة، لكن مع مرور الوقت، صرت لا أتضايق، بل صرت أحب ما أشاهد بل وأميل إليها وأتسلى بوقتي (مع علمي التام بحرمانيته ما أشاهده من أفكار وتناقضه مع أغلى ما أملك وهو ديني..)

فتراكمت المعاصي والذنوب ونفسي صارت تمقتني لدرجة أني لم أعد أستطيع أن أنفرد بها لساعة، يجب أن أدخل دماغي في دوامة الإدمان كي أنفصل عن واقعي..

لكن ما أريد أن أخبر به كل مسلم ومسلمة من وراء قصتي.. الأمر لم يقتصر على ذلك فحسب، هذا الكرتون البريء بالأشكال اللطيفة والدرامات الآسيوية الوردية، تثير (شُبُهات كفرية) في دينكم بشكل مستمر..!

ولا أحتاج طبعاً أن أقول أنك في البداية ستقول بكل مرة (استغفر الله! ما هذا الكلام، كيف يسيؤون لله عز وجل بهذا الطريقة، يا لهم من ملاحدة أغبياء…) وما شابه من الردود التلقائية -ومن شر البلية أيضاً – أنه حتى المترجم “المسلم” يكتب هذه العبارات بعد ترجمة كلمة الكفر والخروج من الملة حرفياً (هذا إن فعل اصلا)

يا مسلمين، أنا إلى الآن مازلت اكتشف شبهات “سخيفة” كلما مر عليّ وقت وجدت أنها ترسبت عميقاً بداخلي ولا يزال الشيطان يستغل كل هذا المشاهد التي فيها سب للدين ولله عز وجل (تعالى عما يصفون)  كي يجعلها تقفز بدماغي عشوائيا في كل وقت حرفياً!! حتى خلال الصلاة ..!!

والله إني أتألم بشدة بسبب ما وصلت اليه، وأنا على يقين طبعاً أن هذا ابتلاء وأنه كل هذا حدث لحكمة من الله تعالى، ولعله السبب لاستمراري بمحاوله تزكية نفسي إلى أن ألقى الله.. وأن لا اغتر بنفسي ولا بعملي ..

يا شباب المسلمين.. فرواً بدينكم، صدقوني إن استمرار متابعتكم لهذه الأعمال لا يتبعها إلا خساراً في الدنيا قبل الآخرة..

الحل في القرآن الكريم، باختصار، القرآن هو أصل كل شفاء وهداية وتوبة..

ارجعوا لكلام الله سبحانه، لعلكم ترحمون.

أتذكر الآن نفسي البارحة وأنا اقرأ في سورة الصافات

﴿قالَ قائِلٌ مِنهُم إِنّي كانَ لي قَرينٌ ۝ يَقولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقينَ ۝ أَإِذا مِتنا وَكُنّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنّا لَمَدينونَ ۝ قالَ هَل أَنتُم مُطَّلِعونَ ۝ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ في سَواءِ الجَحيمِ ۝ قالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَ لَتُردينِ ۝ وَلَولا نِعمَةُ رَبّي لَكُنتُ مِنَ المُحضَرينَ ۝ أَفَما نَحنُ بِمَيِّتينَ ۝ إِلّا مَوتَتَنَا الأولى وَما نَحنُ بِمُعَذَّبينَ﴾

ظللت أبكي كثيراً كثيراً وأحمد الله أن أنقذني من هذه البلية المليئة بالشرك والكفر، كلما أتخيل أنه كان يمكن أن أخلد في النار بسبب هذه الأسباب التافهة الحقيرة..!!!!!!!

حقاً هذا “القرين” كان متجسدا في هذا الأنمي والدرامات والمسلسلات

هؤلاء يريدون أن يستهدفوا دينكم.!

الشيطان لا يريد أن يوقعك في المعصيه، ولا حتى في الكبائر… الشيطان هدفه أن تكفُر بالله عز وجل! وأن تُخلّد معه في جهنم!!

أعاذنا الله وإياكم منها.

وردنا وإياكم إليه رداً جميل.

ثانياً: على كل مسلم أن يتعلّم عقيدته السليمة وأن يتعلم مظاهر الشرك في الجاهلية الحديثة لأن هذا الزمن هو زمن شبهات في الدين من الدرجة الأولى، تطرح على المسلمين ليل نهار، بكل الوسائل، أنا شخصياً عندما بدأت بتعلم العقيدة والتوحيد بفضل الله، تفاجأت بصور الشرك بالله -تعالى- المتنوعة والمحيطة بنا من كل جانب مع سهولة الوقوع به!! إذا لم يتسلح المسلم بالعلم ومعرفة الشر (مخافة أن يقع به)، مع ضعف الإيمان وكثرة الشهوات والملهيات وتفاهة الأهداف الدنيوية والأعراض عن الدين، سيقع بسهولة بواحدة أو أكثر من صور هذه الشركيات والعياذ بالله..

يقضي المسلم منا عمره ويفنيه في الدراسة في المدارس والجامعات وتحضير الماجستير والدكتوراة وغيرها من العلوم الدنيوية وينافس فيها، ولا يجد وقتاً لتعلّم دينه لينجو بنفسه من النار!! والله سيُسأل كلٌّ مِنّا عن عُمرهِ في ما أفناه…!

اعتذر على الإطالة.

جزاكم الله خيراً”.

خلاصة ووصايا

انتهت رسالة أختنا الصادقة الأمينة الشجاعة كما أحسبها، وأعتقد أنها وفرت علي الكثير من الشرح عن استراتيجية التضليل والتفسيق والتكفير التي تنتشر بيننا من خلال الأنمي والدراما والمسلسلات والأغاني الهدامة.

ولا شك أن المنغمس في ذلك لا يشعر بفداحة ما وقع فيه ودرجة الانحراف التي وصل إليها، لكنني سأضيف بعض الوصايا المهمة جدا، لما بسطته الأخت الكريمة.

  • إن فساد هذا النهج، من مشاهدة وإدمان المسلسلات والدراما والأنمي، ثابت بالإجماع، ومن بحث بصدق وصدق مع نفسه يدرك ذلك جيدا، لذلك الحل النهائي والجذري الذي ننتظر بعده النصر والظفر والفتوحات الربانية، هو الكيّ والبتر وإغلاق الباب تماما، دون أدنى تردد، اخلعوا كل قنواتهم وحساباتهم وكل من يدلكم عليهم أو يذكركم بهم ولو كان مجرد نشر صورة. هنا علاج الحزم مهم جدا، لاقتلاع هذه السرطانات من القلوب والبيوت!
  • إن القلب إن لم تشغله بالحق شغله الباطل، لذلك من المهم جدا الخروج من عالم الوهم الخادع والأماني البائسة التي تضعف القلب والهمم، إلى ساحات الجد والعمل، لا بد -في زماننا خاصة- من سد الثغور والبحث عن موطئ قدم للمسلم والمسلمة في مسيرة الأمة وإقامة بنيان الإسلام في الأرض، فانظر أي الأعمال يمكنك المساهمة فيها، وما لا تعرفه تتعلمه، وأعدوا أنفسكم لسد الثغور والتعلم وكل من يريد توجيها أو عملا ليراسلني.
  • الشيطان لن يترك المسلم وشأنه، سيعاود المحاولة لذلك لا بد من أسباب تحصين القلب، وإبعاده عن وسط يضعف فيه، فالقرآن، والأذكار، دونها الموت، وأشدد جدا على الأذكار لما فيها من حصانة لقلب الإنسان، والصحبة الصالحة -فإن شرف الوحدة خير من صحبة تتراجع معها-، ثم الأعمال الصالحة والدعاء، كل هذا يصون القلب وينتشله. وأنصح بكتابي “صناعة الهمة”، و”صفحات من دفتر الالتزام“، فلا تتأخر، هناك من سبق! سبق وتقدم، وأنت لا تزال تتخبط مع مشاهد ممثلين ورسومات لجني المال والإفساد، ستكون وبالا عليك وقد تحرمك الجنة للأبد.
  • لا بد لأهل الخبرة في الإعلام وصناعة المواد الإعلامية، أن يتحركوا في اتجاه صناعة وعي مهيب وانتشال ما تمكن من أجيال من شراك الهدم والتدجين والتكفير وكل ما فيه ضلالة وإثم. وتقديم بدائل ترفع الهمم وتصنع الجد وإن كانت من تسلية فبالمباح النافع، وهذا جهاد لا يجب التقاعس في أدائه ثم معذرة إلى ربكم.
  • كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته تفقدوا من حولكم وتحتكم، تفقدوا قلوبا تهددها القسوة والران، سارعوا لاستيعابها واحتضانها ووضعها في وسط تشرق فيه وتزهر وتثمر!
  • إننا بحاجة ماسة لمواجهة المد التفسيقي والتكفيري والتضليلي الذي يغزو ديار المسلمين، فالإنكار مهم وواجب ونصيحة الحسابات التي تنشر هذه الأمراض دور الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فهذه الشعيرة العظيمة هي التي تعيد الناس للجادة وهي التي تشكل قوة ضاربة في الأرض تصلح وتنظم الفوضى التي أحدثها التغريب والإهمال والوهن في صفوفنا. لا تستهن بهذه العبادة فهي صفة المؤمنين والمؤمنات وهي سبب خيرية الأمة! فأسسوا فرق النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإعلامية والميدانية بحسب الإمكان، وليكن عملا منظما بخطط وأهداف واستراتيجية عمل ذكية ترصد وتحسن الأداء وتصل رسائلها قلوبا بقي فيها خيرا فتنتشلها من مستنقعات الإهانة والإذلال للنفوس.
  • أرحب بكل تجارب التائبين والتائبات، أسمعوا صوتكم، وانصحوا في الله تعالى، لعل الله يهدي بكلماتكم، وصدق نصحكم، وتتحول تجاربكم لمشاريع إصلاح وهداية، فينقلب الشر لخير، والباطل لحق! لا تبخلوا بذلك، هناك قلوبا معذبة بحاجة لسماع كلمة تداويها، ولن يحسن الحديث معهم مثل من اكتوى من النار نفسها وتأذى من الفساد نفسه!
  • كثفوا الدعاء، للعاملين في ثغور الإسلام كي يؤيدهم الله بنصره وبالمؤمنين ويفتح عليهم، ولأبناء المسلمين بأن يكفيهم شر نفوسهم وشر الشيطان وشركه وشر كل خطر يتهدد إيمانهم ويقينهم وأن يجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x