دراسة صينية حكومية توصي  ببناء عاصمة ثانية في تركستان الشرقية

أوصت دراسة ممولة من الحكومة الصينية بإنشاء عاصمة ثانية في إقليم شينجيانغ – تركستان الشرقية – الواقع في أقصى غرب البلاد لإعادة التوازن إلى الاقتصاد الصيني، ومعالجة التوترات العرقية، وتعزيز العلاقات مع دول أوراسيا.

يقترح التقرير الذي نُشر في مجلة “العلوم الاجتماعية في شينجيانغ” الصادرة باللغة الصينية في 21 أبريل، أن تكون العاصمة المخصصة لهذا الغرض قريبة من أورومتشي، عاصمة منطقة شينجيانغ إيغور ذاتية الحكم، أو كاشغر، إحدى مدن أقصى غرب الصين التي تقع بالقرب من الحدود مع أفغانستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وباكستان.  

ويقوم التقرير، الذي يستند إلى أربع سنوات من البحث الذي أجراه تشو وين من جامعة فودان في شنغهاي ومي جون من جامعة سيتشوان، بتقييم مخاطر وفرص مبادرة الحزام والطريق Belt and Road الصينية، وهو مشروع ضخم لتطوير البنية التحتية يسعى إلى ربط الصين بالعديد من الأجزاء الأخرى من العالم.

لكن وفقاً لتقرير منشور في  “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”، فإن الدراسة لم تتطرق للتفاصيل التي تتعلق بآليات تقسيم الحكومة المركزية لمهامها بين بكين والعاصمة الثانية المحتملة.

ويحتوي إقليم شينجيانغ على مناطق صحراوية وجبلية شاسعة، ويعد الوطن الأم  ل11 مليون شخصاً ينتمون لعرقية الإيغور و يشكل المسلمون أغلبهم، بالإضافة إلى أقليات تركية أخرى تعرضت للقمع من قبل السلطات الصينية في السنوات الأخيرة من خلال الاحتجاز فيما يسمى بمعسكرات إعادة التعليم، والتعذيب، والإجبار على العمل بنظام السخرة.

أثارت الدراسة التساؤلات في أوساط الباحثين والخبراء في الخارج المهتمين بالإقليم، تحديداً فيما يخص الدوافع المحتملة للتفكير في إنشاء عاصمة ثانية، بالإضافة إلى أثر ذلك على الإيغور والأقليات الأخرى التي تعيش هناك.

الضغط من أجل “التصيين”

يعتقد إركين أكرم، نائب رئيس المؤتمر العالمي للإيغور وأستاذ التاريخ المشارك في جامعة هاسيتيب في تركيا، أن مقترح إنشاء عاصمة ثانية في شينجيانغ مرتبط بهدف الحزب الشيوعي الحاكم لإيصال الصين إلى الريادة العالمية [الذي عبر عنه الرئيس الصيني ب “الانتعاش العظيم للأمة الصينية” ] بحلول عام 1471ه -2049م- والذي سيوافق الذكرة المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

وقال لإذاعة آسيا الحرة “منطقة الإيغور لا غنى عنها لتحقيق حلم الصين”.

” إنها بوابة إلى آسيا الوسطى وغرب آسيا وتركيا وأوروبا. لذا فإن إنشاء عاصمة ثانية في منطقة الإيغور له أهمية استراتيجية بالنسبة للصين”.

وفي الوقت نفسه، قال إركين إن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي إلى أوضاع ليست في صالح الإيغور “لكي تنشيء الصين عاصمة ثانية في تركستان الشرقية [الإسم الذي يفضله الإيغور لشينغيانغ] فعليها أولاً أن تقوم بتصيينها”.

فافتقار مساحات إقليم شينجيانغ الشاسعة إلى أراضي صالحة للزراعة، سيُحتم على الصين إدخال المياه إلى الإقليم، مما سيستلزم توطين المزيد من الصينيين المنتمين لعرقية الهان؛ أما الإيغور –  فبحسب إركين –  فإنهم”سيختفون عن طريق الذوبان”.

وقال شون روبرتس، البروفيسور في العلاقات الدولية في جامعة چورچ واشنطن، والذي كتب بشكل موسع حول إيغور الصين وآسيا الوسطى، أن الخطوة المحتملة لإنشاء عاصمة ثانية في شينجيانغ ستحقق هدفاً مزدوجاً.

“فمن ناحية، من المرجح أن تكون متعلقة بدمج شمال غربي البلاد بشكل اكبر في دائرة حوكمة الصين، وهو أمر تحاول الصين القيام به منذ التسعينات”.

“يمكنني القول بأن هذا أحد العموامل المحفزة على قمع الإيغور والعرقيات القريبة منهم في الإقليم الآن، ومن جهة أخرى، فإن عاصمة ثانية ستشكل أيضاً اجراءاً دفاعياً [استباقياً] “.

الصين تعاني من القلق منذ وقت طويل حول احتمال  أن يصبح الشمال الغربي مصدراً للقلاقل، والتي قد تؤزها قوى خارجية.

” لا يعني هذا أنهم [الصينيين] قلقين بشأن غزو روسي أو وسط آسيوي، لكن ربما يخشون حدوث المزيد من عدم الاستقرار في اوراسيا ويريدون ويرغبون في وجود عاصمة ثانية بالقرب لضمان تأمين حدود الصين”.

وقال روبرتس أن الخطة لا تبشر بالخير للإيغور ، “أعتقد أن هذا سيسرع من وتيرة التصيين في المنطقة [تركستان الشرقية]؛ ستغير هذه الخطوة معالم إقليم الإيغور بأكمله وستغير علاقته بالحكومة المركزية أو الرئيسية في بكين”.

وقال”إذا تم تنفيذ ذلك، فسوف ينتهي المفهوم التاريخي بأن هذه المنطقة هي الوطن الأم لشعب الإيغور “.

عوامل أخرى تلعب دورها

 عبد الحكيم إدريس، مدير مركز دراسات الإيغور، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، لديه وجهة نظر مختلفة بشأن الدوافع المحتملة لعاصمة صينية ثانية في شينجيانغ.

“إذا اشتبكت الصين والولايات المتحدة عسكرياً بسبب تايوان، فستكون بكين عرضة لهجوم بحري أمريكي بسبب موقعها”. وقال “إذا نقلت عاصمتها إلى وطننا الأم، فستكون أكثر أمانًا لأنها ستكون بعيدة عن أسطول المحيط الهادئ الأمريكي” .

وقال إدريس إن الصين تأمل أيضًا في إبعاد آسيا الوسطى عن قبضة روسيا، ولعب دور أكثر هيمنة في المنطقة لتعزيز مشاريع الحزام والطريق وضمان أمن الطاقة والتجارة فيها.

——————————-

المعلومات الواردة في هذا المقال ترجمة لمقال نشر على موقع راديو آسيا الحرة

بعنوان Government study recommends China build second capital in Xinjiang

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x