المجلس العسكري في ميانمار يخطط لإعادة الروهينجا وخبير يحذر من إبادة جديدة

قال المجلس العسكري في ميانمار إنه يعمل على إعادة لاجئي الروهينجا الذين فروا من ولاية راخين إلى بنغلاديش في أعقاب عمليات الإبادة العرقية التي شنها الجيش في عام 1438هـ (2017م).

وزار قادة المجلس العسكري، بمن فيهم وزير التعاون الدولي “يو كو كو هلاينغ”، ووزير شؤون الحدود الفريق “تون تون نونغ”، ووزير الرعاية الاجتماعية والإغاثة وإعادة التوطين الدكتور”ثيت ثيت خاينغ”، ووزير الهجرة والسكان “يو مينت كياينغ”، مونغداو على حدود بنغلاديش يوم الأحد وأوعزوا للسلطات بإعداد مخيمات عبور للعودة إلى الوطن.

وقال أحد سكان مونغداو: “سمعت أنهم طلبوا من الإدارات تجهيز مخيمات العبور، وأنهم سيستعيدون اللاجئين من بنغلاديش، وأنهم سيقومون بالاستعدادات سواء عاد الروهينجا أم لم يعودوا”.

وتم استدعاء بعض القادة المسلمين والهندوس من مونغداو إلى سيتوي للقاء وزراء المجلس العسكري.

وقال “كو خين ماونج” من مخيم للاجئين الروهينجا في بنغلادش إن عودة الروهينجا إلى مونغداو تعتمد على صدق المجلس العسكري وإن اللاجئين لا يثقون كثيرا في برنامج الإعادة إلى الوطن.

وقال:”نريد العودة. نحن نعاني من المصاعب بعد البقاء لفترة طويلة في مخيمات اللاجئين. لكن السؤال هو ما إذا كان سيسمح لنا بالعودة إلى منازلنا. ليس من المقبول بالنسبة لنا أن نحتجز فقط في مخيم “هلا بوي كونغ” المؤقت. برنامج الإعادة إلى الوطن لن يكون ناجحا إذا كان النظام غير أمين”.

وقال الناشط في مجال حقوق الروهينجا “يو ناي سان لوين”، المؤسس المشارك لتحالف الروهينجا الحر ومقره ألمانيا، إن الروهينجا لن يعودوا ما لم يتم ضمان حقوقهم.

وقال:”لم تعد أخبار وزراء المجلس العسكري الذين يقومون بجولات تفقدية على الحدود لاستعادة اللاجئين أخبارا بالنسبة لنا. لقد اعتدنا على سماع مثل هذه الأخبار. ولم يعد اللاجئون متحمسين بعد الآن. يتحرك الجيش قليلا عندما تكون هناك ضغوط متزايدة من المجتمع الدولي والصين. لا شيء أكثر من ذلك”.

وفي الآونة الأخيرة، أعاد النظام أكثر من 900 من الروهينجا المحتجزين في يانغون وأماكن أخرى في ميانمار إلى مونغداو. وبحسب ما ورد سيتم إيواؤهم في مخيمات العبور ولكن لا يمكن التحقق من ذلك بشكل مستقل.

ووفقا لبعض نشطاء الروهينجا، فإن تحركات النظام لإعادة اللاجئين هي محاولة لإنقاذ سمعته الدولية ومساعدة قضيته في محكمة العدل الدولية، حيث تواجه ميانمار اتهامات بالإبادة الجماعية.

وردا على حملة الإبادة التي أطلقها جيش ميانيمار في عام 1438هـ (2017م)، رفعت غامبيا في ربيع الأول 1441هـ (نوفمبر 2019م) قضية في محكمة العدل الدولية، متهمة ميانمار بارتكاب إبادة جماعية ضد الروهينجا.

في 5 ربيع الأول 1439هـ  (23 نوفمبر/تشرين الثاني 2017م) وقعت بنغلاديش وحكومة “الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية” المخلوعة الآن اتفاقا للإعادة إلى الوطن، لكن لم يتم إحراز أي تقدم.

وقد أشارت سلطات ميانمار على نطاق واسع إلى اللاجئين الروهينجا على أنهم “بنغاليون”، مما يعني أنهم متطفلون من بنغلاديش.

وقد أكدت العديد من التقارير في السنوات الأخيرة أن عمليات الاضطهاد والقتل للروهينجا في ميانمار لا تزال مستمرة ونداءات الاستغاثة لا تجد لها أي صدى! مما يجعل عودة اللاجئين للبلاد بمثابة “انتحار”.

تحذير من إبادة جماعية جديدة

تأتي هذه التطورات بعد تحذير خبير في الأمم المتحدة من إبادة جماعية أخرى للروهينجا إذا استمر العالم في عدم القيام بأي شيء.

في هذه الصورة التي التقطت في صفر 1439هـ (نوفمبر/تشرين الثاني 2017م)، يتكدس مسلمو الروهينجا الذين فروا من الإبادة الجماعية التي ترعاها الدولة في ميانمار في مخيم كوتوبالونغ للاجئين في كوكس بازار، بنغلاديش.
فر ما لا يقل عن 18,500 من الروهينجا من قرية ميو ثو غيي في ولاية راخين الشمالية في ميانمار بعد إحراق منازلهم في 9 ذو الحجة 1438هـ (31 أغسطس/آب 2017م).
إضافة إلى شدة معاناتهم وسوء ظروفهم، فقد اللاجئون الروهينجا منازلهم المؤقتة بسبب النيران في 12 شعبان 1442هـ (25 مارس 2021م) في أوخيا، في منطقة كوكس بازار جنوب شرق بنغلاديش.

وقال المحقق الخاص توم أندروز لصحيفة عرب نيوز إن الإحباط والغضب بين الروهينجا بسبب عدم المساءلة عن الفظائع في ميانمار “منتشر”.

وقدم تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عشية الذكرى الثانية للانقلاب العسكري في البلاد، ودعا خبير الأمم المتحدة المستقل المكلف بالتحقيق في الوضع في ميانمار المجتمع الدولي إلى “بذل المزيد من الجهد” لحماية سكان الروهينجا الضعفاء في ولاية راخين في البلاد.

وحذر توم أندروز، الذي يحمل لقبه الرسمي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في ميانمار، من أن “عدم القيام بذلك يعني المخاطرة برؤية عام 2017 آخر”.

وأشار هذا إلى الاضطهاد الوحشي للروهينجا الذي بدأ بحملة عسكرية على مجتمعهم قبل حوالي ست سنوات، قتل خلالها الآلاف وأجبر أكثر من مليون شخص في نهاية المطاف على الفرار إلى بلدان أخرى.

وحذر توم أندروز من أن نفس القوات التي ارتكبت “هجمات الإبادة الجماعية هذه” تسيطر الآن على البلاد و”أولويتها ليست حقوق الإنسان لشعب الروهينجا”.

وعانى مسلمو الروهينجا عقودا من العنف والتمييز والاضطهاد في ميانمار، لكن أكبر نزوح جماعي بدأ في 3 ذو الحجة 1438هـ (25 أغسطس 2017م) بعد أن شن جيش ميانمار عمليات وحشية استهدفتهم في ولاية راخين الشمالية.

وقالت منظمة العفو الدولية إن موجة العنف اللاحقة أسفرت عن جرائم خطيرة بموجب القانون الدولي. أحرق المجلس العسكري قرى بأكملها وأجبر أكثر من 700,000 شخص، نصفهم من الأطفال، على الفرار إلى بنغلاديش، حيث يعيش الآن ما يقرب من 1 مليون من الروهينجا في مخيمات اللاجئين المزدحمة في كوكس بازار.

وقال أندروز، الذي عاد لتوه من رحلة لتقصي الحقائق وقدم إلى الأمم المتحدة في نيويورك تقريره عن الوضع في الدولة الواقعة في جنوب آسيا، لصحيفة عرب نيوز إن أكثر من 600،000 من الروهينجا ما زالوا يعيشون في ولاية راخين، 130،000 منهم في معسكرات اعتقال مؤقتة.

وقال: “حتى أولئك الذين يعيشون في القرى، تلك القرى محاصرة”. “الناس سجناء في قراهم الأصلية. ليس لديهم أي حقوق على الإطلاق. إنه لأمر قمعي للغاية أن تعيش في ظل هذه الظروف”.

بلغة الأرقام (بحسب الإحصاءات الرسمية)

700,000  عدد الروهينجا الذين فروا من ميانمار بعد أن أحرق جنود الحكومة قرى بأكملها.
600,000  عدد الروهينجا الذين ما زالوا يعيشون في ولاية راخين في ميانمار، 130,000 منهم في معسكرات اعتقال مؤقتة.
1  مليون عدد الروهينجا الذين يعيشون الآن في مخيمات اللاجئين المزدحمة في كوكس بازار في بنغلاديش.
2,900  عدد الروهينجا الذين لقوا حتفهم منذ أن أطاح جيش ميانمار بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا.

وقال أندروز: “قد يجادل الكثيرون بأن عدم المساءلة عن الإبادة الجماعية التي وقعت في عامي 2016 و2017 لم يغب عن القادة العسكريين الذين ارتكبوا (انقلاب فبراير 2021)”.”أنت تعرف: إذا كان بإمكانك الإفلات من العقاب، فلماذا لا تفلت من العقاب مع آخر؟ إذا لم يكن المجتمع الدولي مستعدا لتحقيق العدالة في واحدة، فربما ينسون ما يحدث نتيجة للانقلاب”. وأضاف:”لذا، فإن الفشل في تحقيق المساءلة ليس فقط مأساويا، وظلما للأشخاص الذين يعانون، ولكنه ظلم ومأساة لأولئك الذين سيعانون على أيدي نفس القوى التي تتلقى رسالة مفادها أن المجتمع الدولي ببساطة لا يهتم”.

وقدمت منظمة لحقوق الإنسان ومجموعة من الأشخاص من ميانمار هذا الشهر شكوى جنائية في ألمانيا يطلبون فيها معاقبة جنرالات ميانمار على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يقولون أنها ارتكبت خلال حملة القمع ضد أقلية الروهينجا في عام 1438هـ (2017م) وبعد الانقلاب العسكري في عام 1443هـ (2021م).

وفي الوقت نفسه، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم أحمد خان إن التحقيق الذي يجريه مكتبه في الجرائم ضد الروهينجا سيكون أولوية خلال فترة ولايته.

وأعرب أندروز عن أسفه لحقيقة أن مثل هذه الآليات القانونية “بطيئة ومرهقة، ولا تبعث على الراحة للأشخاص الذين فقدوا أحباءهم بأبشع الطرق”.

وأضاف:”نحن بحاجة إلى خلق نوع من الضغط على المسؤولين عن هذه المآسي، حتى يفهموا أن هناك ثمنا يجب دفعه وأن ما يفعلونه الآن غير مستدام – وما لم يتلقوا هذه الرسالة من المجتمع الدولي سيستمر الإفلات من العقاب”.

وفي تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان، الذي نشر عشية الذكرى الثانية للانقلاب العسكري في ميانمار الذي أطاح بحكومة أونغ سان سو تشي المتهمة أيضا بالتواطأ في عملية الإبادة العرقية ضد الروهينجا، وصف أندروز الانقلاب بأنه “غير قانوني” وادعاء الجيش بأنه الحكومة الشرعية للبلاد بأنه “غير شرعي”.

ودعا الدول التي تدعم حقوق الإنسان إلى الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية، وهي المجموعة السرية الرئيسية التي تنسق مقاومة الحكم العسكري، بوصفها الممثل الشرعي لشعب ميانمار. تم تشكيلها من قبل السياسيين المنتخبين الذين منعوا من شغل مقاعدهم عندما استولى الجيش على السلطة.

حرب منسية

ووصف الوضع في ميانمار بأنه “حرب منسية” واتهم المجتمع الدولي بالفشل في معالجة الأزمة بشكل صحيح و”الجرائم الممنهجة ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها المجلس العسكري”.

ومنذ وصول الجيش إلى السلطة، قال إن ما لا يقل عن 2,900 شخص، وربما أكثر من ذلك بكثير، لقوا حتفهم، وأصبح 17,500 شخص سجناء سياسيين، وأحرق ما لا يقل عن 38,000 منزل وعيادة ومدرسة.

بالإضافة إلى ذلك، نزح ما مجموعه 1.1 مليون شخص، وأكثر من 4 ملايين طفل لا يحصلون على التعليم الرسمي، ومن المتوقع أن يحتاج 17.6 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، ارتفاعا من مليون قبل الانقلاب.

وقال أندروز، وهو عضو سابق في الكونجرس الأمريكي، إن الاستجابة العالمية الجديدة والمنسقة للأزمة أمر بالغ الأهمية.

وأضاف في تقريره أن قبضة الجيش على البلاد “تضعف” ووجد تحقيقه أن العقوبات الدولية جعلت من الصعب على المجلس العسكري التحرك والوصول إلى الأموال التي يحتاجها للحفاظ على عملياته. لكنه أضاف أن “المشكلة هي أن العقوبات ليست منسقة”. ويبدو أن هذا ما يفسر التحركات والتصريحات الأخيرة للمجلس العسكري في تشجيع عودة اللاجئين الروهينجا إلى مصير مظلم، ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.

______________________________________

المعلومات الواردة في هذا المقال ترجمة لمقال نشر على موقع irrawaddy

بعنوان: Myanmar Junta: Rohingya Repatriations Planned

ومقال نشر على موقع arabnews

بعنوان: UN expert warns of another Rohingya genocide if world continues to do nothing

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x