الصحافة الحرة: تمرد على التضليل الإعلامي

ضع بعين الاعتبار دائما أن الإعلام يخضع لهيمنة الرواية الغربية، فلا تنتظر أن تصلك جميع التفاصيل المهمة في أي صراع من خلال متابعة منصات الأخبار العالمية. سيتم إقصاء كل ما يكدر صفو الغرب ورؤيته للصراع، ستختفي تفاصيل هزيمتهم وخسائرهم وحقيقة ضعفهم وفشلهم، لأن الإعلام ببساطة “آلة حرب!”

الصراع منذ أيام على أشده في إثيوبيا، تتجنب منصات الأخبار أن تكشف جزءا من حقيقة تمكن ميليشيات محلية من تكبيد الجيش الفدرالي الإثيوبي خسائر فادحة ولولا مواقع التواصل لما وصلنا شيء عن التطورات الأخيرة في أمهرة بعد تهدئة تيغراي، كذلك الوضع في النيجر ومنطقة الساحل، يتم نشر رواية تناسب الأجندة الغربية.

أما أوكرانيا فمنطقة صراع شرس ومع ذلك أغلب ما يصلنا هو فقط ما يخدم الرواية الغربية، ويخفف من أثر الصدمة مع العلم أن الجانبين تكبدا خسائر كبيرة، والأمر نفسه في كل صراع دائر، يتم تصويره بتفاصيل الرواية الغربية التي تجعل “الديمقراطية” مطلبا شعبيا والنجدة الغربية بطولة عالمية! والإعلام العربي تابع!

بل الإعلام العربي في أغلبه مجرد “ببغاء” لما تنشره قنوات ووكالات الأخبار الغربية، يجتر المصطلحات ذاتها ويعيد الجملة المملة نفسها! فاقد للهوية والهدف! وهذا عار في تاريخ الصحافة العربية! بل إن الصحافة الإفريقية كانت أكثر اعتزازا بهويتها من الإعلام العربي وقد أظهرت شجاعة في قضية الشذوذ.

هذا الزمن زمن التمرد على رواية الصحافة العالمية، كيف يكون ذلك؟ بالبحث عن الخبر من مصادره، فمواقع التواصل قدمت نافذة للناشطين تكشف الكثير من الحقائق الصادمة، لمن أحسن المتابعة كما يفعل الإيغور مع الصين رغم حجم التعتيم الإعلامي والمطاردات، يصلنا ما يكشف واقع الطغيان الصيني. إنه تمرد إعلامي!

أكثر ما يشوه الوعي ويفسد المفاهيم هو الارتهان لرواية إعلام مأجور، إعلام عدو ماكر، والعاقل كما لا يستأمن مناهج التعليم من أعدائه لا يستأمن مصادرهم الإخبارية ويقرأ وعقله الناقد نابضا. والحمد لله على الرغم من حجم الهيمنة الإعلامية الغربية في عالمنا، لا يزال الغرب يتخبط في كتمان الحقيقة!

ذلك أن الحقيقة في الواقع لا يمكن لألف رواية إخفاؤها طويلا، وإن تم إخفاؤها لحين فستظهر يوما ما كما ظهرت في العراق وسوريا وأفغانستان، لقد شاهد الناس إجرام قوات “السلام والديمقراطية”، كيف عاثت في الأرض فسادا ولم ينفع شبكة سي أن أن وفوكس نيوز فبركاتهما الإعلامية ولا تمثيلياتهما الخادعة.

يذكرني مشهد الإعلام في زماننا بمشهد الدجال كيف يتبعه الناس ظنا منهم أن ناره جنة، وجنته نار! وأرى اليوم من أنبل المشاريع، مشاريع صحفية مستقلة، تنشد الحقيقة ببصيرة المؤمن، لا تخضع لإملاءات داعم ولا روايات غربية مجحفة ومضللة. تنقل الحقيقة كما هي وترتبط بحقيقة الصراع في سبيل نصرة الإسلام.

وهي مشاريع قابلة للتنفيذ مع الهمم المسابقة التي لا يعجزها حجم الفكرة وتكاليفها، الأمر أصبح سهلا بتوفر وسائل الاتصال السريع وإمكانية ربط علاقات مع شهود عيان في كل مكان. ولدينا نماذج من مجرد حسابات أزعجت إمبراطورية إعلامية فكيف بعمل صحفي منظم! نسأل الله أن يلهم الصادقين خير الأعمال!

العمل الصحفي في زماننا جناح آخر يقابل جناح الدعوة لله تعالى .. فكلاهما معا يسمحان للمسلمين بالمسير على نور وبصيرة، بوعي عقدي وأخلاقي وإحاطة بما يجري في الواقع، تكون الخطوات أشد رسوخا وثباتا وإقداما!

فهذا ثغر يتطلب إخلاصا وتفانيا، فطوبى لمن ترك فيه الأثر.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x