الانتقادات الأمريكية للصين لم تغير شيئا في ملف الإبادة العرقية للإيغور المسلمين

تستمر الانتقادات الأمريكية قوية ضد الصين بالتركيز على ملف الإبادة العرقية للإيغور المسلمين، ولكن بدون أي نتائج ملموسة إلى اللحظة، فحال الإيغور لا يزال نفسه تحت نظام شيوعي قمعي سلط سياسة ممنهجة لإبادة عرقية مكتملة الأركان، تتم بصمت وهدوء.

وقال النائب مايك غالاغر، الجمهوري من ولاية ويسكونسن، ورئيس اللجنة المختارة المعنية بالصين في مجلس النواب لصحيفة ديلي سيجنال في بيان عبر البريد الإلكتروني ليلة الثلاثاء:”إن الإبادة الجماعية المستمرة للإيغور في الحزب الشيوعي الصيني تكشف عن الطبيعة الحقيقية للحزب”، يجب أن تكون بمثابة تحذير لما سيبدو عليه العالم تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني”.

وقال مايك غالاغر بينما تستعد لجنة اختيار الصين لجلسة استماع يوم الخميس:”يتم تجميع الأقليات الدينية في معسكرات الاعتقال وإخضاعها للعمل القسري” ، “تتعرض النساء للإجهاض القسري والتعقيم واستعمال اللولب. العائلات منفصلة. يتم إبادة مجموعة عرقية بشكل منهجي”.

وتعرف اللجنة التي يرأسها مايك غالاغر رسميا باسم اللجنة المختارة للمنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والحزب الشيوعي الصيني.

ومع أن معاناة الإيغور متجذرة في تاريخ تركستان الشرقية، تأتي الانتقادات الأمريكية للصين لصالح التنافس الكبير الذي يشهده العالم بين الدولتين، تأتي أيضا متأخرة حيث يرى مجلس العلاقات الخارجية الإيغور “مجموعة عرقية مسلمة في الغالب ناطقة بالتركية” واجهت الاعتقال والأسوأ منذ عام 1438هـ (2017م) بينما معاناة الإيغور أقدم من ذلك بكثير.

وقال تقرير صدر عام 1440هـ (2019م) من تأليف أدريان زينز، مدير الدراسات الصينية وزميل بارز في مؤسسة ضحايا الشيوعية التذكارية، إن “ما يصل إلى 1.8 مليون من الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى” قد اعتقلوا في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم الإيغوري في الصين، حسبما ذكرت إذاعة آسيا الحرة.

وقال تقرير زينز أيضا إن منطقة شينجيانغ في شمال غرب الصين “لديها على الأرجح ما بين 1300 و 1400 منشأة اعتقال خارج نطاق القضاء (باستثناء السجون)”.

وبصفته رئيسا للجنة اختيار الصين، قال مايك غالاغر إنه يريد أن يفعل شيئا حيال ذلك.

وبعد إشارة إلى إبادة ألمانيا النازية، قال الأمريكي الجمهوري:”على مدى السنوات الـ 80 الماضية، اعتقد العالم أن إبادة أخرى لن تحدث مرة ثانية،  لكن الإبادة الجماعية في الواقع، تحدث مرة أخرى والآن، حان الوقت لبذل كل ما في وسعنا لوقفها وضمان عدم بقاء أي أمريكي – فرد أو شركة أو مستثمر أو جامعة – متواطئا عن علم أو عن غير علم مع هذه الإبادة”.

جلسة الاستماع، المقرر عقدها اليوم الخميس الساعة 7 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة، بعنوان “الإبادة الجماعية المستمرة للإيغور في الحزب الشيوعي الصيني”.

وبالإضافة إلى زينز، من بين الشهود الذين من المقرر أن يدلوا بشهاداتهم غولباهار هايتيواجي، الناجي من معسكر اعتقال صيني. وقلبنور صديق، شاهد على معسكر اعتقال صيني؛ ونوري توركل، رئيس اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية؛ ونعومي كيكولر، مديرة مركز سيمون سكيودت لمنع الإبادة الجماعية في متحف الهولوكوست الأمريكي.

تكرار الانتقادات نفسها

ولا شيء جديد في الانتقادات الأمريكية فهي تتكرر عند الحديث عن الصين وعلى ألسنة العديد من الناشطين الغربيين. فقد حفظ العالم قائمة الجرائم الصينية ولم يزل ينتظر تحركا فعالا لوضع نهاية لها.

قالت لويزا غريف، مديرة المناصرة العالمية في مشروع حقوق الإنسان الإيغور، لصحيفة ديلي سيجنال في مقابلة عبر الهاتف:”هناك … خطة متعمدة لتدمير الأسرة، وإذلال النساء والفتيات، وتعقيمهن بالقوة لمنع أي تكوين للأسرة”.

“هذه الحكومة (الصينية) هي وحش تمت دعوته إلى نظام التجارة الدولية بطريقة … يجب أن يسبب الاشمئزاز في قلب كل شخص محترم، وهذه هي الطريقة التي يشعر بها مشروع حقوق الإنسان للإيغور”. كما أكدت لويزا غريف أن الإبادة الجماعية في شينجيانغ مستمرة.

وأضافت:”كما ذكرت … بمجرد تعقيم شخص ما قسرا، وبمجرد تفكك العائلات، وبمجرد أن تكون الحكومة التي وضعت سياسة تقضي بأن كل شخص بالغ في سن العمل يجب أن يكون في مكان العمل الذي حددته الحكومة، تكون قد حققت أهدافك”.

وقالت: “ليس من الضروري أن يكون الإيغور في معسكر تعذيب ليكونوا تحت سيطرة الحكومة، وقد حققت الحكومة هدفها المتمثل في القضاء عليهم بالتطهير الثقافي الاستراتيجي والسيطرة على الأفراد، والسيطرة على أخذ الأطفال بعيدا، وتفكيك الزيجات والعائلات”.

مذكرات اعتقال مسيّسة

قام هؤلاء الرؤساء الأمريكان الثلاثة بغزو 9 دول خلال 23 عامًا، وقتل 11 مليونًا من المدنيين ولا أحد يسميهم بـ”مجرمي حرب”.

من جانبها أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

ولقي القرار موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي وأشار الناشطون إلى الرؤساء الأمريكيين الذين تسببوا في مقتل ملايين المدنيين دون أن تتحرك المحكمة الدولية لمحاسبة أي منهم، في إشارة إلى القرارات المسيسية التي تطلقها إحدى مؤسسات النظام الدولي.

كما أشار ناشطون إلى صمت دولي سافر خلال الجرائم التي سطرها بوتين في سوريا، ولم تحرك الصورة المفجعة والأدلة التي تثبت الجرائم الروسية بحق المدنيين العزل، لم تحرك المحكمة الدولية لإصدار مذكرة اعتقال آنذاك، لأن الأجواء كانت مواتية للسياسات الأمريكية في المنطقة.

ودعت حكومة تركستان الشرقية في المنفى والحركة الوطنية لتركستان الشرقية إلى اعتقال الزعيم الصيني شي جين بينغ واتهامه “بالإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد الإيغور وغيرهم من الشعوب التركية في تركستان الشرقية”، وفقا لبيان صحفي صدر في (18 آذار/مارس). حيث أرسلت المنظمتان شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية في (يوليو/تموز 2020م) (1441هـ) تؤكدان على أن القيادة الصينية “تورطت في إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ضد أقلية الإيغور في شينجيانغ.

وفي البيان الصحفي، قال صالح هديار، رئيس وزراء حكومة تركستان الشرقية في المنفى:

ندعو المحكمة الجنائية الدولية إلى التحرك ومحاسبة الزعيم الصيني شي جين بينغ على الإبادة الجماعية المستمرة والجرائم ضد الإنسانية ضد الإيغور وغيرهم من الأتراك في تركستان الشرقية.

يجب على المحكمة الجنائية الدولية دعم العدالة والوفاء بالتزامها بـ “عدم تكرار ذلك أبدا” من خلال التحقيق في الإبادة الجماعية المستمرة واعتقال شي جين بينغ لدوره المباشر في هذه الإبادة الجماعية الشبيهة بالهولوكوست في القرن 21.

وأصدر وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو قرارا في 6 جمادى الآخرة 1442هـ  (19 يناير 2021م)، وهو آخر يوم كامل للرئيس دونالد ترامب في منصبه، قائلا إن “الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية تحدث ضد مسلمي الإيغور والأقليات الأخرى في شينجيانغ” ، وكتبت أوليفيا إينوس، التي كانت آنذاك محللة سياسية بارزة في مركز الدراسات الآسيوية التابع لمؤسسة التراث، لمجلة فوربس. (مؤسسة إخبارية متعددة الوسائط تابعة لهيريتاج). كتبت أوليفيا إينوس: “إن التصميم هو خطوة أساسية نحو ضمان العدالة لأكثر من 1 مليون من الأويغور المحتجزين حاليا في مرافق إعادة التأهيل السياسي في الصين، ولنساء الإيغور اللائي يتم تعقيمهن قسرا على أيدي حكومتهن، وبالنسبة للأمريكيين الإيغور الذين لديهم أحباء في الصين لم يسمعوا عنهم منذ سنوات”.

وفي هذه الأثناء تتقدم الصين كدولة كبرى في العالم تتمتع بحق الفيتو، وتلقى الترحيب بإنجازاتها الاقتصادية والسياسية التي تغطي على حقيقة جرائمها بحق الإيغور المسلمين، كما حدث مؤخرا في وساطتها للتطبيع بين النظام السعودي والنظام الإيراني تحت تصفيق وترحيب دولي، وللأسف لا يجد الإيغور من صوت يدعمهم في هذه المرحلة إلا الصوت الغربي المنافس والمتصارع مع الصين، لأجل الزعامة على النظام الدولي.

ومع ذلك فإن مردود الصوت الأمريكي لا يزال ضعيفا جدا ولم يحقق أي تأثير ملموس لتغيير واقع الإيغور المسلمين، وهذا يفسر من جهة بكون الأمريكيين لا يحملون الجدية الحقيقية لإنقاذ الإيغور فكل ما يصدر عنهم لا يتعدى جعجعة ولا نرى طحينا، ويفسر من جهة أخرى بأن الغرب عاجز حقيقة عن إخضاع الصين وفي كل الأحوال لن يخضع الصين لأجل ملف أقلية مسلمة مضطهدة!

ويحرم الإيغور من ممارسة شعائرهم الدينية كالصلاة والصيام وإطلاق اللحية ولبس الحجاب، ومع دخول شهر رمضان المبارك، يستمر هذا الحرمان ليشهد على درجة الاستضعاف التي نالت من المسلمين في العصر الحديث.

المعلومات الواردة في هذه المقالة ترجمة لمقالة نشرت على موقع dailysignal.com
بعنوان: Uyghur Muslims ‘Systematically Exterminated,’ Head of China Select Committee Says

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x