اشتداد معاناة اللاجئين السوريين بعد ما يقرب من 6 أشهر من الزلزال الذي ضرب تركيا

في مخيم مغبر بالتراب في جنوب غرب تركيا، تعيش العائلات السورية في خوف منذ نزوحها بعد الزلزال الذي دمر أجزاء من المنطقة في فبراير.

في منتصف يوليو الماضي، قامت الشرطة التركية بإزالة ثلاثة خيام بالقوة على أطراف المخيم بزعم أنها تعيق حركة المشاة.

يقول الداعية الشيخ أحمد الأحمد، الذي يدير المخيم غير الرسمي، “لكن لا أحد يمشي هنا”.

ما زالت تداعيات الزلزال الذي أودى بحياة 53227 شخصًا – 87 % منهم في تركيا – مستمرة  بعد مرور ما يقرب من ستة أشهر على وقوعه.

أدت الكارثة وما ترتب عليها من تكاليف مادية ضخمة إلى تفاقم ظاهرة كراهية الأجانب والكراهية ضد 3.5 مليون لاجئ سوري في البلاد، وزاد من تأزم الوضع تعهد السلطات التركية بطرد مليون لاجيء سوري إلى المناطق الواقعة خارج البلاد وإرسالهم إلى المناطق الواقعة تحت النفوذ التركي في سوريا.

من الطوب إلى القماش

كانت العائلات القاطنة في المخيم – والتي يبلغ عددها 27 –  تعيش في مناطق سكنية فقيرة على أطراف مدينة الريحانية التركية، على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع سوريا، عندما وقع الزلزال في 6 فبراير / شباط.

دمرت مبانيهم ، وأصبحت غير سليمة من الناحية الهيكلية، أو طردها أصحاب العقارات الأتراك.

أصبح البقاء على قيد الحياة الآن معركة يومية.

يجني الناس في المخيم، ومعظمهم من النساء، خمسة سنتات للكيلو مقابل العمل الموسمي في غربلة “الجوت” أو “الملوخية” بالعربية. يُباع المصنع على شكل أوراق شجر، خاصة لسوريين آخرين فروا إلى تركيا خلال حملة قمع ثورة 1432هـ (2011م) ضد حكم الرئيس النصيري بشار الأسد، وفي الحرب الأهلية التي تلت ذلك.

ومن المقرر أن يصبح هذا مصدر الدعم الوحيد لهم، حيث سيتوقف التاجر السوري الذي كان يدفع ثمن الغداء لسكان المخيم الأسبوع المقبل.

يقول الشيخ أحمد “لم يعد هناك متبرعون”.

وأضاف الشيخ أحمد أن سكان مخيم الريحانية قد يضطرون إلى جمع متعلقاتهم اليسيرة والبحث عن مكان آخر عندما يأتي مالك الأرض لتحصيل إيجار نصف العام في شهر أغسطس.

تم الإبلاغ عن تدابير ضد اللاجئين في جميع أنحاء تركيا، وعاد المئات إلى سوريا في الأسابيع العديدة الماضية.

 قال عمال إغاثة سوريون إنه في بلدة العثمانية في الشمال، تمت تسوية مخيم مؤقت كان يستوعب 80 لاجئًا.

 وتظهر مشاهد تم نشرها على موقع يوتيوب –  يُقال أنها من موقع المخيم – خياماً تم تسويتها بالأرض.

قال أحد المدراء في برنامج مساعدات أوروبي يهدف بشكل خاص إلى مساعدة ضحايا الزلزال في تركيا، إن المسؤولين المحليين يرفضون عروض البرنامج للحصول على أموال ومساعدات إضافية، بسبب تخصيص اليرنامج 10 % من حزمة المساعدة المذكورة مخصصة لللاجئين السوريين.

“رفضوا رفضاً قاطعاً”.

آفاق مسدودة

كان أغلب أطفال مخيم الريحانية يذهبون إلى المدرسة قبل وقوع الزلزال ولكن لم يعد إليها أي منهم بعد وقوع الكارثة.

يقول آباؤهم إن المدرسة لم تعد أولوية؛ ما يؤرقهم هو كيفية الحصول على الطعام واحتمال الترحيل إلى مناطق التواجد التركي في الشمال السوري والتي يعتبرونها خيار أسوأ من الوضع الذي يقاسونه.  

أحد هؤلاء الأطفال خضع  لعملية جراحية لإزالة سوائل من عينيه ولكنها لم تنجح، والآن بالكاد يستطيع الرؤية.

تقول والدته: “أحاول إبعاده عن الشمس”.  

تنتمي والدته إلى قبيلة البقارة في شمال حلب التي انقلبت جزئياً على النظام وانضمت إلى ثورة 1432هـ (2011م) .

“لا يمكننا العودة إلى النظام”.

تقع منطقة الريحانية في جنوب غرب تركيا، وكان لها تاريخياً صلات اقتصادية بمدينة حلب نظراً لما كانت تنتجه الريحانية من سجاد معقد ومتميز كان يحوز على إعجاب الكثبر من العوائل الحلبية المشتغلة بالتجارة.

ولكن مع سقوط الإمبراطورية العثمانية وانتشار الحدود التي أعاقت حركة التجارة، اندثرت هذه الصناعة تماماً.

كان قرب منطقة الريحانية من سوريا هو ما جعلها على رأس خيارات مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الفارين من جحيم نظام الأسد.

خالدية الصالح ، سيدة في الستينيات من عمرها، فرت من بلدة حبيت بمحافظة إدلب، المستهدفة بقصف جوي روسي وسوري ، التي استولى عليها النظام عام 1440هـ (2019م).

قُتلت ابنة خالدية في الزلزال، وهي الآن ترعى حفيدتها البالغة من العمر ست سنوات.

تقول “أشعر بنفسي أذبل”.

تحاول إحدى الأسر من حماة والتي تقطن في خيمة مجاورة مساعدتها في رعاية الطفلة.  لدى تلك الأسرة ثلاثة أطفال، والأب – إبراهيم  -كان يعمل نجاراً ولكنه أصيب بإعاقة بعد أن تعرض لقصف جوي عقب فراره من حماة إلى محافظة إدلب.

أصيب إبراهيم في بطنه ويديه ورجليه، كما أن لديه ثقب في أحد خديه نتيجة لإصابته بشظية – بالكاد يستطيع المشي.

“الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله هو تنظيف الملوخية”.

_____________________________

المعلومات الواردة في هذا المقال ترجمة لمقال نشر على موقع thenationalnews.com

بعنوانSyrian refugees’ struggles harden almost six months after Turkey quake

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x