ماذا عن الإضراب عن الطعام حين يؤدي إلى الموت؟

السلام عليكم
أسأل عن حكم الإضراب الطعامي الذي فعله الشيخ خضر عدنان رحمه الله؟
في البداية استنكرت لكن رجعت لقناة جهاد حلس فوجدت أنه ذكر أن المعتقلين لم يقدموا له إسعافات أو خدمات وتعمدوا قتله.
فما رأيك في ذلك دكتورة؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياكم الله، لم أر في ما اطلعت عليه في كتب الفقه والسلف ولا في أدلة القرآن والسنة ولا في اجتهادات العلماء ما يجيز إضراب السجين عن الطعام لحد الموت أو إتلاف جسده بذلك ولا تشجيعه على ذلك، ولا حتى ظهر ذلك في حوادث التاريخ الإسلامي وسير رجالاته الذين أسروا أو سجنوا، بل الأصل في هذا الابتلاء التزام قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (البقرة: 153)
والحالة الوحيدة التي لا بأس فيها من التهديد بإضراب الطعام، أن يكون صياما لله تعالى بدون أن يؤذي جسده وأن يكون لتحقيق مصلحة من تحسين معاملته أو تقليص مدة حبسه، يعلم أنها لن تؤدي لمقتله. أو أن يتوقف عن بعض الأطعمة إن كان يعتقد أنها ستؤدي لتحسين وضعه أو جلب منفعة له بالضغط على السجانين.
لكن أن يؤدي به الحال لما نشاهده من إتلاف جسده ومنازعة الموت فهذا أخشى أن يدخل في قتل النفس بغير حق. وأخشى أن يكون من جنس الانتحار لعدم القدرة على الصبر على الابتلاء.
قال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا).
قال القرافي المالكي رحمه الله: “لَوْ مَنَعَ مِنْ نَفْسِهِ طَعَامَهَا وَشَرَابَهَا حَتَّى مَاتَ : فَإِنَّهُ آثِمٌ قَاتِلٌ لِنَفْسِهِ ” “الفروق” (4/183) .
وإن كان الله أجاز أكل الميتة لحفظ النفس فكيف بمن يمنع النفس عن أسباب الحياة.
والأمر الآخر أخشى أن انتشار هذه الطريقة من محاولة الضغط على السجان لدرجة الوصول للموت، هي مستنسخة من الأفكار الغربية للاعتراضات السياسية، فقد اُستخدم الإضراب كوسيلة من وسائل الاحتجاج في إيرلندا ما قبل النصرانية، حيث كانت تعرف باسم “troscadh” أو “Cealachan” وتكررت في الكثير من المناطق الأخرى، وانتقلت في الأخير إلى الفلسطينيين في السجون الصهيونية. حيث تعرف بمعركة الأمعاء الخاوية. ولا أرى لائقا بالمسلمين أن يكونوا مجرد مقلدين لقوم كافرين في طرق اعتراضهم فلدينا هدينا ومنهجنا وفيه كل ما ينفعنا بإذن الله تعالى. خاصة حين تكون طرقهم مخالفة لديننا، بتعريض النفس للهلاك. والله تعالى يقول (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
ولا يمكننا الجزم بحال الشيخ خضر عدنان وإلى أي درجة وصل به الحال أو كيف كانت وفاته ولا بتعمد رفقائه في السجن قتله، فقد يكون تعذر عليهم إطعامه لأنه معلوم أن وصول الجسد لحالة من الهبوط يتطلب إطعاما قسريا وتدخلا طبيا وهذا مما لا يتوفر لهم والله أعلم، لكنني أرى من الواجب تنبيه السجناء إلى أن الإضراب لا يجب أن يصل لحد الإتلاف للأعضاء والجسد أو أن يكون مؤديا للموت وأن الله تعالى أرحم بهم وسيجعل لهم مخرجا كما جعل ليوسف نبيه مخرجا ولكثير ممن ابتلوا بسجون فظيعة وسيئة السمعة، وكم من سجين طال سجنه وحزنه وكربه ثم فرج الله عليه وأصبح قوة ضاربة في الأرض ينفع المسلمين، فإن كتب الله لهم الموت في السجن فاللهم اجعلها شهادة في سبيلك، وإن كتب لهم الخروج فنسأل الله ان يجعلهم شوكة في حلوق الصهاينة. وأن يحتسبوا هذا الأذى، وأن الله لا يضيع عنده شيء بإذن الله عسى أن يمكنهم من أعدائه وينصرهم عليهم. وليتواصوا بالثبات والذكر والتخطيط لكل وسيلة تعينهم على إخضاع عدوهم غير التي تؤدي لقتلهم جوعا وعطشا، قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). والله أعلم.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x