لماذا يبتلى الأطفال بالقتل الوحشي في الحرب؟!

أختي حياك الله ممكن تقولي ما هي المعينات العقدية علي تحمل ما نراه من مناظر تقطيع ؤآلآم لأجسام الأطفال الصغار مع عدم قدرتهم على التحمل ؟!! والله بنذوووب مما يلاقونه!

حياك الله وبارك بك، هنا للإجابة على هذا السؤال، نرجع بخشوع لتعظيم الله جل جلاله وتوحيده وتقديره حق قدره فهو الله خالق كل شيء ليس كمثله شيء، بيده الأمر كله يدبر الأمر يصرف الآيات، يبتلي بالموت والحياة وبالمصيبة والفتنة ويفعل ما يشاء!

وفي كل مشيئة لله تعالى حكم لا نصلها ولا ندركها بعقولنا البشرية المحدودة وقد لا ندركها إلا بعد وقت أو بعد الموت! ومن رحمة الله بعباده المؤمنين أن يريهم بعض حكمه في الدنيا لتطمئن قلوبهم، كما في قصة موسى والخضر في سورة الكهف، لقد قتل الخضر غلاما، كان سيكون عاقا ومؤذيا لوالديه،

فكانت تلك رحمة الله بهما!

فحين يكتب الله الموت على نفس، في وقت يشاؤه الله جل جلاله، فهو الخبير البصير بعباده، فلعل ذلك الموت في ذلك الوقت وبتلك الطريقة رحمة له وللمؤمنين أو لعله يكون امتحان صدق لمن حوله!

وطريقة الموت في الحروب، هي من الابتلاءات التي يصاب بها المؤمنون، فالبلاء يكون أشد حين يصل للذرية، وإن تحمل الآباء الألم الواحد فهم يتألمون مرتين لألم أبنائهم، وفي ذلك حكمة وإقامة للحجة!

فحين يرى المسلمون كيف يطغى الكافرون ويسفكون دماء أبنائهم الصغار بدم بارد، وكيف يستهدفونهم بشكل متعمد، يرجعون لأمر الله تعالى، ويتعلمون من سننه في الأرض، فإن هؤلاء الكافرون ما كانوا ليطغوا في الأرض لو أننا أقمنا فريضة الجهاد في سبيله،

قال تعالى (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)

فإن لم نخضعهم نحن بدفع الجزية، فسنرى فلذات أكبادنا تسفك دماؤهم وديارنا تهدم وشرفنا يدنس! كما نرى في الحروب اليوم! ولا شك أن في ذلك معاني جليلة أخرى، كتكفير الذنوب عن والدي الطفل الذي يقتل بهذه الطريقة لمن صبر واحتسب، ويرفع درجتهما في الجنة، إن ثبتا في هذا الابتلاء.

قال تعالى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب)

ثم ما نراه نحن ألما وأذية يرافقه رحمة من الله تعالى، والطفل الذي يقتل بمثل هذه الوحشية يتحول لوقود تحريض للأمة، وقد تنبعث النفوس بسبب مشهد واحد لطفل سفك دمه عدوانا وظلما.

أما هذا الطفل ففي الجنة، في دار خير من هذه الدار، والله تعالى يرحمه ويخفف عنه ويعوضه خيرا كثيرا. فهو أرحم بعباده من أنفسهم بها. قال تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ).

فالمصائب والابتلاءات سنة في حياة المؤمنين وأيضا دروسا للمتخلفين عن أمر الله تعالى المتهاونين في فرائضه. وأكبر رحمة ينتظرها العبد من ربه أن يدله على طريق الإيمان ولو كان بفجيعة، أن يهز فيه ذلك القلب ويخرجه من مشاهد الدماء إلى مواطن السجود والإعداد والعمل، وتحمل مسؤولية حفظ دماء المسلمين، والقصاص لها.

ولو لم يقتل هؤلاء الأطفال لاستهان الناس بأعدائهم ولقعدوا يداهنونهم ويتوددون لهم وربما لفتنوا بهم! لكن مشهد مجازر الكافرين في ديار المسلمين، لا يمكن لألف محاضرة أن تبلغ مبلغ تأثيره في النفوس!

ولو عاش هذا الطفل لربما ابتلي بأكثر من القتل، فالله أرحم به إذ اختار له الشهادة صغيرا! ليكون شفيعا لوالديه وسبعين من أهله! فيا له من شرف ومرتبة يفرح بها وأهله! سبحانه جل في علاه (يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون) و ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ).

ولعل في موت الأطفال بهذه الطريقة رحمة أخرى لمن حرم الذرية، ليرى أن لا شيء يدوم، فكل شيء في هذه الأرض مآله الزوال، ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام. وفي ذلك درس وموعظة لمن أهمل تربية أبنائه ولم يبصر الحكمة في أن يعطيه الله مثل هذه النعمة، فيتأدب بالأقدار!

ولقد ابتلي الأنبياء والرسل هم أحب الخلق إلى الله وقتلوا على يد المغضوب عليهم! ويكفيك من ذلك فقه وبصيرة ابنة الصديق أسماء رضي الله عنها: قال ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا ابن عيينة عن منصور بن صفية عن أمه قالت: « دخل ابن عمر المسجد وابن الزبير مصلوب، فقالوا له: هذه أسماء، فأتاها فذكرها ووعظها وقال: إن الجثة ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاصبري واحتسبي، فقالت: ما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا -عليهما السلام- إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ». – إسناده صحيح، وله حكم الرفع.

وفي الختام لا تهملوا أمرا لله جل جلاله فالاستجابة لأمر الله تعالى حياة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)

ولا مال ولا بنون يبقى، إنما يبقى العمل الصالح والموقف الجاد والاستعلاء بالإيمان وإعلاء كلمة الله جل جلاله. فإن غفلتكم كنتم فريسة أعداء لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، وإن عملتم واعددتم،حفظتم دماء المسلمين وديارهم ودينهم وأمانة دينكم!

هذه على عجالة والله الموفق، والحمد لله على كل حال.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x