حقوق المرأة ليست ما يمليه الغرب إنما الإسلام!

لا يكاد يخلو تقرير غربي عن العالم الإسلامي والحركات الإسلامية والجماعات بكل أنواعها من إشارة إلى “اضطهاد المرأة” و”ظلم المرأة” و”حرمان المرأة لحقوقها”. تتكرر دائما العبارات نفسها التي تربط أي نشاط إسلامي معادي للغرب بـ”قهر المرأة”. ليست هذه المشكلة إنما هي في عملية النسخ الغبي للتهمة.

يحاول الغرب رسم صورة نمطية أينما ذكر الإسلام على أنه يظلم هذه المرأة، ولذلك تحشد القنوات الغربية والصحف وكل منابر الغرب حملات مسعورة عند كل حادثة تتعلق بهذه المرأة، وتسري “الشيطنة” بكل تفاصيلها العجيبة! يصدمك كيف تصنع الصحافة قصص “اغتصاب مسلمات” على يد “جماعات تقيم حد الزنا”!

لطالما استوقفتني تلك القصص التي تحيكها الصحافة الغربية بتركيز شديد على “اغتصاب المسلمات” على يد من ينادي بتطبيق الشريعة ويتهم بتطبيق نسخة مشددة من الشريعة! هذا الربط المقصود دائما ما يصور الرجل المسلم على أنه شهواني عدواني ظالم! وتلك المرأة “مغلوب على أمرها” تنتظر أن يحررها الغرب!

كم من القصص ينشرها الإعلام الغربي وينسخها العربي المقلّد بلا أدنى تمحيص، عن نساء قتلن وشوّهن وشرّدن على يد مسلمين، “دراما” مستمرة تتناقلها القنوات حتى يخيّل للقارئ أن النساء المسلمات في حالة تتطلب تدخل قوات لتحريرهن! ويا للهول كم من القصص تبين أنها مجرد خيال مستعار وتمثيليات!

ويكفي أن يحرك هذا الإعلام الغربي مشاعر جموع المسلمين لتنطلق صيحات التنديد بأي حدث يخص المرأة أو هضم حقوقها في العالم الإسلامي! ولا تستغرب أبدا تلك الشدة في الإنكار والشجب، لأن المشاعر مشحونة والنفوس لا تقبل الظلم! ولكن أين كانت هذه الشدة حين حرمت المسلمات من الحجاب والنقاب في الغرب؟

مقتل وإصابة نحو 150 من طلبة المدارس القرآنية في هجوم مباشر بطائرات هليكوبتر أمريكية أثناء حفل تخرج الطلبة الحفاظ في مقاطعة قندوز، شمال أفغانستان. بعد أن ارتدوا أجمل الثيات واستعدوا لحضور أجمل ذكرى في طفولتهم. (1440هـ – 2018م)

أين كانت هذه المبادئ حين منعت المسلمات من الدراسة لأنهن يرتدين النقاب! حين كن يطردن في كثير من البلاد، حين تحرم المسلمة التعليم فقط لأنها تحب الستر! لأن الإعلام الغربي لم يسلط الضوء على هذه القضية! ولأنها ليست بالأهمية ذاتها فالدول الغربية لديها سيادتها ولا بد من احترام قوانينها!

إننا نعيش في عالم منافق بشدة، وليست المشكلة في من يقود هذا العالم ويقرر متى ننتفض ومتى نصمت، وإن كان على نفس المبدأ، لكن المشكلة الكبرى هي في قابلية الانجرار لما يريده هذا الغرب وبالطريقة التي يريد، يمكنه أن يؤلب الأمة كلها على حدث! لماذا هذه التبعية المزمنة حتى في مبادئ الإنكار!

الغرب يحارب المرأة المسلمة! يحرمها حقها في الستر وفي الاستقامة، يسخر منها ويصورها كمتخلفة! وإن كانت تحمل الشهادات فقط لأنها اختارت تغطية وجهها!! هذا الغرب اليوم هو من يغضب على قرار تعطيل الدراسة في بلد لطالما دكّه دكّا بجميع أسلحته الفتاكة، لم يكن هناك وقت لسماع صوت التنديد بالظلم!

لن تجد تقريرا غربيا حين يذكر الجيش الأمريكي يربطه بجرائمه ضد النساء، والاغتصاب والقتل! وهي ثابتة موثقة معروفة في كل مكان عاثت فيه قوات الغرب فسادا في أرض مسلمة، لكن ابحث عن أي تقرير عن المسلمين! ستجد الربط “معلّبا” عن اغتصاب المسلمات وقهرهن وظلمهن! كيف نقبل أن نساس برواية الأعداء!

لقد قتل الغرب الكثير من المسلمين والمسلمات العزّل بدم بارد! وفتن الكثيرين منهم! وهل هناك جريمة أكبر من القتل والفتنة! ولم يحاسب ولم يطالب للقصاص! بينما أي قرار يخص شعبا له خصوصيته، وظروفه، تقام الدنيا ولا تقعد، ويصبح الجميع يعزف على”سنفونية حقوق المرأة” مهما كانت الأسباب والحيثيات ستهمل!

لقد تشكلت لدى كثير من الشعوب الغربية فكرة أن المرأة المسلمة مضطهدة بسبب إعلام خبيث مأجور، بسبب إعلام هو آلة حرب! ونحن بدل أن نكون أكثر يقظة وحكمة وبصيرة في التعاطي مع قضايانا لا نزال نكرر بكل سذاجة ما يمليه هذا الإعلام الخبيث الذي فتك بنا، وبوعينا وبالحقيقة! حرية المرأة عندهم هي معصية الله.

لا يمكن لعاقل أن يحسن الظن بحملة يؤججها الإعلام الغربي، بل أقل ما ينتظر منه التريث والصبر أو العمل الإصلاحي الميداني بعيدا عن الشاشات لأن جرائم الغرب بحق المرأة أكبر من كل جريمة وتهمة يرمي المسلمين بها! ومهما حرمت المرأة في عالمنا الإسلامي فهي في حال أخف ضررا من أن تتحول لسلعة رخيصة يتاجر بها.

لا بد أن ندرك أن ما يريده الغرب للمرأة المسلمة أيا كان أصلها، هو “الانحلال” و”الرذيلة” ولن يقبل بأي حق لها إن لم يعرضها لهذا الخطر! وهذا ما يرفضه ديننا الحنيف، إذا القضية بيننا وبينهم حين نطرح ملف المرأة، قضية عقدية أخلاقية، وليس مجرد خلاف في منهجية التعامل مع المرأة,

إنهم يكفرون بشريعتنا,

لا يمكن للغرب أن يتقبل فكرة “المحرم” ولا “ضوابط منع الاختلاط” ولا “الحجاب الشرعي” وغيره من قضايا تصان بها المرأة وتحفظ من مكره ومكر لصوص الأعراض. لذلك فإن مسألة تجويع شعوب برمتها، وتجربة أسلحة “محرمة دوليا” عليهم” وحصارهم بنسائهم وأطفالهم لحد الجوع والموت، مسألة هامشية وأمن قومي أمريكي!

لكن منع النساء من الدراسة لعدم توفر الظروف المناسبة لهم بغض النظر عن الجدل القائم حول هذه القضية، فهذه مسألة يجب أن تثار وتدق لأجلها طبول الحرب!

وإن شئت الحقيقة فإن أكثر من يتدخل اليوم في حال المرأة الأفغانية هم من يرفضون التدخل في شؤون دولتهم الداخلية! ولكن السيد الأمريكي يقرر – إلا من رحم ربي-.

ولم تسلم من ازدواجية المعايير هذه والمفارقة الفاضحة حتى نساء إفريقيا، فهن مستعبدات في حقول الإنتاج لتنعم نساء الغرب بكوب الشاي والشكلاتة! ثم تحاضر في تحرير المرأة الإفريقية التي تسخر -حرفيا- لرفاهية المرأة الغربية! أي ظلم هذا وأي استغفال! تحرير المرأة بمفهوم الغرب هو استغلال المرأة!

الغرب لا يحترم دين الإسلام ولا ثقافة وعرف الشعوب، يريد فرض أمراضه على الجميع، وهذا هو الاضطهاد بعينه والظلم الذي يصدّره للعالم باسم الحريات والديمقراطية. الغرب يفرض “علمانيته” و”مفاهيمه المنتكسة عن حقوق الإنسان” بقوة السلاح والسياسة والابتزاز والتسلل بالفتن والمغريات وكل وسيلة قذرة!

في الختام هذه الكلمات ليست للدفاع عن قرار ولا التهوين منه، إنما لصناعة وعي بما يدور حولنا وكيف يخطط أعداء الإسلام، لنرفع مستوى اليقظة حين نتعامل مع قضايا المرأة بشكل خاص، فكم من دعوات لم تخرج إلا لهدم هذه المرأة وكسر كل حصانة وحماية تحيط بها. كم من ظلم طال هذه المرأة على يد دعاة تحريرها.

إن أول من يجب أن يمتثل أمام القضاء الإسلامي العادل، هم قادة الغرب وأرباب إعلامه ومؤسساته وكل برامجه الخبيثة التي تستهدف المرأة، هم أول من يجب محاكمته وأول من يجب مساءلته وليس أولئك الذي يتّم الغرب أبناءهم ورمّل نساءهم وحرم المرأة الأمان! أولئك الذين لا تزال ذكريات الاحتلال جرحا لا يندمل في قلوبهم.

إياك أن تنسى جرائم الجيوش الغربية في أفغانستان والعراق وكل أرض مسلمة دنستها واستباحت أعراض نسائها ولا تزال في السر تكمل مهماتها، إياك أن تسمح لهم بأن يجعلوا أكبر جريمة إيقاف امرأة من التعليم الجامعي وأصغر جريمة اغتصاب الجنود الأمريكان لفتاة بعمر الزهور!

لن نسمح لهم أن ينسونا ثأرنا.

ليس الغرب الذي أذلّ المرأة لشهواته ونزعاته ومصالحه، من سيملي علينا كيف نحفظ نساءنا ونحميهن من الجهل والأخطار التي تتربص بهن.

ليس الغرب من سيعلمنا كيف ننكر ومتى نشجب!

ليس الغرب من له أن يتحكم في بلاد دمرها وأهلك فيها الحرث والنسل! ثم اليوم لا يزال بلا ذرة خجل، يتحدث عن حقوق شعبها.

اللهم أرنا في الغرب المحتل عجائب قدرتك.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x