همسة لقلب كل مسلمة

إن المتأمل في أحكام الشريعة الإسلامية ومنطلقاتها وغاياتها، وأصولها وأبواب فقهها، يذهل لذلك التكامل الذي يصنعه الإسلام في مختلف منظومات الحياة.

تكامل يصعب على أي قانون أو نظام أن يبلغ دقته وشموليته وإحاطته الوافية بطبيعة النفوس البشرية وطبيعة الحياة الدنيا!

والحديث عن هذا التكامل وهذه الشمولية وهذا التدبير البديع من الله جل جلاله يتطلب سفرا طويلا يذهل لعظمته كل ذي لبّ.

لكنني اليوم أقف عند منظومة واحدة، من كل هذه المنظومات المتصلة ببعضها اتصالا وثيقا لا ينفك! إنها منظومة الأسرة، اللبنة الأساسية في المجتمع والأمة.

لقد صاغ الإسلام قوانين وحدود ووضع مساحات مرنة وخطوط حمراء بحسب ما يقتضيه الحال ويستوجبه، ولم يغفل ثغرة من الثغرات التي يمكن من خلالها أن يتسلل المرض والوهن إلا وحرسها حراسة مهيبة! تخشع لها القلوب المتدبرة!

وفي الوقت الذي سلّم فيه الرجل مسؤوليات القوامة والولاية وكلّفه بمهمات حفظ هذه الأسرة والنفقة عليها وقيادتها لبر الأمان، بحفظ دينها ومصالح دنياها، وهي مهمات شاقة ومكلفة، رفع المرأة إلى مرتبة جليلة، مرتبة الصيانة والحفظ والدر المكنون لتتفرغ بلا أي ضغط أو عائق لأجمل مهامها وغاياتها النبيلة التي تتفق وخصائصها الأنثوية الفطرية: عبادة ربها وحفظ سعادة أسرتها وتربية جيل قادر على تحمل أمانة الإسلام.

لا مقارنة بين النظام الرباني والنظام البشري

لقد تأملت في كل أنظمة البشر التي تتعاطى مع المرأة كجزء من منظومة منتجة مطالبة بالعمل والنفقة وتحمل المسؤولية بلا رحمة! لا تُستثنى من ذلك الأم ولا العازبة، ثم نظرت في نظام الشريعة الإسلامية كيف جعل المرأة ملكة في بيتها، أميرة في أسرتها، معززة مكرمة في عائلتها بل وأمتها! فعجبت كيف يتهافت الناس على الذي هو أدنى ويتركون خلفهم الذي هو خير!

كيف يمكن لامرأة أن تستبدل شريعة الله التي جُعلت فيها مركز اهتمام وواجبا لا يسقط، تتلى لأجلها آيات عظيمة عن صلة الرحم التي يتوعد الله جل جلاله من يقطعها! ثم تلهث خلف مهانتها واستغلالها واحتقارها والكثير مما يعرف نهايات نساء الغرب!

كيف يمكن أن يصبح أسمى ما يميز المرأة في ديننا أكثر ما نهاجم عليه ونتهم عليه بالتخلف والرجعية!

إنه زمن الدجاجلة الذين يصورون النار جنة والجنة نارا!

لقد أسرني كيف أحاط الله المرأة بفقه عظيم يخفف عنها كل أعباء المسؤولية من نفقة ومن عمل ومن جهاد ومن هموم لا يحملها أحد إلا وكلّ وملّ!

في صحيح البخاري عن عائشة -أم المؤمنين رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: ” لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور”. فلم يلزم الله المرأة بالجهاد الذي هو سنام الإسلام، ومع ذلك جعل لها أجرا غير منقوص!

عن الحجاج بن دينار، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال:

“بينا نحن قعود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، يا رسول الله: رب الرجال ورب النساء الله عز وجل، وآدم أبو الرجال وأبو النساء، وحواء أم الرجال وأم النساء، وبعثك عز وجل إلى الرجال والنساء، فالرجال إذا خرجوا في سبيل الله فقتلوا فهم أحياء عند ربهم يرزقون، وإذا خرجوا فلهم من الأجر ما قد علمت، ونحن نخدمهم ونحبس أنفسنا عليهم، فماذا لنا من الأجر؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“أقرئي النساء مني السلام وقولي لهن: إن طاعة الزوج تعدل ما هنالك، وقليل منكن تفعله”.

وعلى رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته، .. كل ما يتحمله أهل الجهاد من أعباء لأجل الأجر العظيم، تحصل على هذا الأجر المرأة وهي في بيتها لمجرد طاعتها لزوجها! طاعة يرضى بها الله ويعينها عليها!

واليوم القيادات العسكرية الغربية تجند النساء تجنيدا يطمس أنوثتهن ويحولهن لنساء “وحوش” بلا قلب!

ألم تشاهدوا صور الجندية الأمريكية ليندي إنغلاند التي تحولت إلى مسخ بعد تجنيدها وانطلقت تعذب الرجال المسلمين في سجن أبو غريب؟! هذا ما صنعه النظام الغربي في المرأة. لقد حولها لأداة مستهلكة في مشاريعه الخبيثة المدمرة!

بعيدا عن هذا كله، لقد رأيت الإسلام في كل فقه وتشريع يخفف عن المرأة يصونها، يحفظها، فحتى في العبادات يختصها بفقه مختلف عن الرجل يراعي حالتها النفسية والجسدية، ولا أزال أذكر شكوى تلك النصرانية من أنها منذ سمعت أحكام الإسلام في العلاقة الزوجية تمنت لو أنها أسلمت لما عانت منه في حياتها.

لم يكن هذا مجرد حديث عابر لقد كان بالفعل رغبة شديدة تتربص بها عقبات الحرب على من تختار الإسلام!

لا يعرف قيمة هذا الطهر إلا من عرف الدنس ولذلك كانت المسلمات المعتنقات الأكثر إعجابا بأحكام الإسلام في العلاقات الزوجية وكل من يحاول تصوير العكس اعلم أن في قلبه مرض، يريد أن يحارب دين الله بالرذيلة! فتحاربه سنن الله بالأمراض والتيه والنهايات المأساوية!

المرأة المسلمة أمانة ودرّة مصانة

تنشأ الفتاة في أسرتها محاطة بمسؤولية أب مكلّف بحفظ حقوقها، منذ اختيار التسمية إلى تزويجها! لا تُطالب بنفقة ولا بتحمل مسؤولية، تُنشأ في الحلية وتجنّب ما يتطلب القوة! ثم لباسها الشرعي فريضة تصونها من أعين لصوص الأعراض وتحمي المسلمين من فتنة لها أول وليس لها آخر!

ثم تحفظ المرأة عند زوجها، قد جعل لها حق المهر وحق الاشتراط وحق السكن والنفقة، وبعد كل ذلك طلب منها القرار في البيت صيانة لها من كل ما يمكن أن يخدش حياءها أو يلوث سمعها وبصرها!

كل هذا لأن الله خبير بصير بما يجري حين تستباح النساء!

قال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ).

قال القرطبي في تفسيره: والمراد بقوله تعالى: ويستحيون نساءكم يتركونهن أحياء ليستخدموهن ويمتهنوهن، وإنما أمر بذبح الأبناء واستحياء البنات لأن الكهنة أخبروه بأنه يولد مولود يكون هلاكه على يده، وعبر عن البنات باسم النساء لأنه جنس يصدق على البنات. وقالت طائفة: إنه أمر بذبح الرجال واستدلوا بقوله: نساءكم والأول أصح بشهادة السبب، ولا يخفى ما في قتل الأبناء واستحياء البنات للخدمة ونحوها من إنزال الذل بهم وإلصاق الإهانة الشديدة بجميعهم لما في ذلك من العار”.

فتأمل كيف حال نساء المسلمين اللاتي يدفع بهن للعمل في شركات في وظائف للخدمة وكان هذا يعد في زمن فرعون من البلاء العظيم.

حقيقة وواقع

حين أسمع شكاوى الغربيات اللاتي يشتكين التحرش والاغتصاب، أحمد الله كثيرا أن جعل الله حدودا كثيرة تمنع الأيدي الآثمة للوصول إلى المرأة المسلمة. وهذه الحدود والحواجز هي التي قهرت الغرب وشياطين الإنس فأرادوا اليوم هدمها ليصلوا إلى نسائنا بكل يسر!

أعلم أن الكثير من النساء والفتيات لا يعين ما أقوله في هذه السطور، فصدق من قال: ليس من رأى كمن سمع! ليس من رأى حياة المرأة الغربية كمن سمع عنها ولذلك لا يفهم هذا الحديث إلا من رأى أو حمل قلبا بصيرا موفقا!

لن تدرك الفتاة أنها في خطر عظيم بتعدي حدود الله حين تكثر الخروج ولا تلتزم حجابها الشرعي وليس “الخادع”، وحين لا تلتزم الابتعاد عن مواطن الاختلاط، لن تدرك أبدا لما كل هذا الحرص على حفظها حتى تبتلى بأذى يهزها هزا!!

كثيرات ممن عاندن هذا الواقع ثم ذقن من مرارته، اعترفن على خجل لكن العناد يجبرهن على الاستمرار والمداراة وكثيرات يخفين كل شكاوى التحرش والأذى الذي ينالهن من الاختلاط خشية أن تحرم العمل والخروج! ومجرد ولوج هذا الباب ولو سلمت منه المرأة فهي معرضة للخطر في أي لحظة ويكفي سهولة الوصول إليها بلاء!

تأملي حال الحرة في الجاهلية وحال الحرة في زماننا اليوم، أمر يدعو للتساؤل هل قتلت العفة في قلوب نسائنا مبكرا دون أن نشعر؟!

هل قتل الحياء في نفوس نسائنا من غير أن ننتبه!

في الواقع قتلت الخشية من الله، بحب المال وحب الدنيا وتقديم كل مصلحة دنيوية على دين الله.

نسمع في كل يوم قصص تشيب لهولها الولدان! نساء متزوجات في جرائم، وفتيات طالبات في علاقات محرمة، وحالات من البؤس وصلت لها المرأة تعرض نفسها بثمن بخس وتعرض مفاتنها لتفتن الرجال فيلتف حولها كل نطيحة ومتردية! ولنا أن نتخيل كيف تكون النهايات مع هذا الطريق الذي تتحول فيه المرأة لظالمة وفريسة في آن واحد!

أخية أنصحك اليوم هذه النصائح، نصائح مودّع، فلا نعلم آجالنا ولا أعلم إن كان يكتب الله لنا أن ننصح حين يستوجب الأمر النصح، لكنني أخطها هنا لأجل أن تبقى ذكرى لك، ولعل الله يحفظك بها وينير دربك ويعلي مقامك في مراتب النساء الصالحات.

  • دينك أخية، عقيدتك، هي أغلى ما تملكين لا تساومي عليها أبدا، احفظيها وطبقيها، بقلبك وجوارحك، وارعي أسباب حفظها وثباتك عليها إلى آخر رمق. وعليك بما كان عليه السلف الصالح في أمور العقيدة كلها، وابتعدي عن كل ما بعده، فإن هذا الدين ميراث نتوارثه كما جاءنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم به من صحابته رضي الله عنه، فلا تقعي في حفر المبتدعة ولا تنتهجي مسالكهم الطويلة غير الموصلة! والقرآن والسنة نبراسان لك في هذه الطريق.
  • فروضك التي فرضها الله عليك، من عبادات وأشدد على القلبية منها وهي أكثر ما يهمله الناس في زماننا، كالتوكل والصبر وحسن الظن بالله واليقين وغيره مما لا يغيب عن مثابرة .. وفي مقدمة ذلك حجابك الشرعي، فهذه عبادة لا تقبل التأجيل ولا التهاون فتحرمين بركاتها وينالك سخط من الله!
  • حرصك على ما صانك به الإسلام من منع الاختلاط والتبرج والخروج لغير حاجة والعلاقات التي تفسد عليك سكينتك وأنسك بالله وحتى آخرتك!، ووالله ما من امرأة صانت نفسها عن خلطة الرجال إلا وجدت في حياتها البركة والسعادة وتوفيق الله وتأييده لها. وهو أكثر ما يتم التهاون فيه في زماننا وللأسف بل يتم التشجيع عليه من الآباء والأسر، وكأنه فضيلة يتسابقون عليه! ولا يعلمون أنهم بفتح باب الاختلاط يفتحون النيران على فلذات أكبادهن! ولن أنقل لك النصوص التي تتحدث في هذا الشأن لكن صدقيني كل من جربت الاختلاط علمت أنه مفسدة عظيمة وعقبة في طريق رقيها وارتقائها!
  • أحلامك، لتكن أحلام امرأة مسلمة قانتة ساجدة لربها، تبتغي ما عند الله، لا يعني ذلك ألا تكون لك أحلام في دنياك لكن لا تكون على الطريقة الغربية منغمسة لحد الغفلة ونسيان الله جل جلاله، بل لتكن (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين). لتكن أولوياتك هي رضا الله واتباع سبيل المؤمنين قدوتك الصحابيات رضي الله عنهن وعينك على السماء.
  • زواجك ليكن مثالا عن المرأة الصالحة التي تأخذ القرآن والسنة هديا لحياتها، تطيع زوجها وتبذل أسباب رضاه وفهمه، وكلما كان رجلا يحمل غيرة فهو الأفضل لك، لأن الرجل بلا غيرة ينقصه دائما شيء يحفظك به! وغيرة تزعجك خير من حياة بلا غيرة! فسددي وقاربي وابحثي دائما على ما يديم الودّ بينكما ويديم العمل في سبيل الله، فيبارك الله لكما. الحياة الزوجية ليست نسخة من فيلم غربي ولا مسلسل خادع، هي أنت وهو، أمة لله وعبدا لله، يرجون ما عند الله!

اجعلي غايتك من الزواج السكن والمودة والرحمة قال “ابن كثير” في “التفسير” (6/ 309): “وَقَوْلُهُ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا أَيْ: خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ إِنَاثًا يَكُنَّ لَكُمْ أَزْوَاجًا، لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الْأَعْرَافِ: 189] يَعْنِي بِذَلِكَ: حَوَّاءَ، خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ آدَمَ مِنْ ضِلَعه الْأَقْصَرِ الْأَيْسَرِ. وَلَوْ أَنَّهُ جَعَلَ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثَهُمْ مَنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ، إِمَّا مِنْ جَانٍّ أَوْ حَيَوَانٍ، لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَزْوَاجِ، بَلْ كَانَتْ تَحْصُلُ نَفْرَة لَوْ كَانَتِ الْأَزْوَاجُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

ثُمَّ مِنْ تَمَامِ رَحْمَتِهِ بِبَنِي آدَمَ أَنْ جَعَلَ أَزْوَاجَهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ مَوَدَّةً: وَهِيَ الْمَحَبَّةُ، وَرَحْمَةً: وَهِيَ الرَّأْفَةُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُمْسِكُ الْمَرْأَةَ إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لَهَا، أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا، بِأَنْ يَكُونَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ، أَوْ مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ لِلْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.

وقال ابن القيم رحمه الله: “وقد امتن الله سبحانه بها على عباده فقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]؛ فجعل المرأة سكنًا للرجل يسكن قلبه إليها، وجعل بينهما خالص الحبّ، وهو المودة المقترنة بالرحمة.

وقد قال تعالى عقيب ذكره ما أحلّ لنا من النساء وما حرّم منهن (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 26 – 28]”.[1]

وقد ختم الله تعالى الآية بقوله: ( لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) “لأن الفكر يؤدّي إلى الوقوف على المعاني المطلوبة، من التَّوانسِ والتّجانسِ بين الأشياء كالزوجين”.[2]

إن الدخول في حياة زوجية لا يعني معركة ومناكفة إنما تسليم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم القدوة فيه خديجة وعائشة وجميع أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن وأرضاهن. وليس فساد سيداو وسعار النسوية وإرجاف طلاب الدنيا! اصبري على زوج يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واسنديه في مسيرتكما للجنة، وكوني خير صاحب وسكن.

  • مواعيد الابتلاء ومحطاته قادمة لا محالة كلما اشتد عزمك ووضحت سبيلك، فاستعدي لها وتزودي بالتقوى وحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ورباط القرآن والأذكار، فنحن ضعفاء لولا لطف الله بنا. اعملي في وقت سلامتك ليوم ابتلائك! لأن الأيام دول وهل يرتقي المسلمون في سلم الاصطفاء إلا بالابتلاء!!  
  • أحبي في الله وابغضي في الله لتكن كل علاقاتك على هذا المنهج، فقد روى أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: (إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ). وتمسكي بوفاء بكل من يقربك من الله وابتعدي بسرعة عن كل ما يبعدك عن الله فإنما هي حياة واحدة لا تهدريها في سبيل الناس! وتأملي حين أتى رجل عبد الله بن عمرو، وعنده القوم حتى جلس عنده، فقال: أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» قَالَ الْعَلْقَمِيّ: وَالْهِجْرَة ضَرْبَانِ ظَاهِرَة وَبَاطِنَة, فَالْبَاطِنَة تَرْك مَا تَدْعُو إِلَيْهِ النَّفْس الْأَمَّارَة بِالسُّوءِ وَالشَّيْطَان, وَالظَّاهِرَة الْفِرَار بِالدِّينِ مِنْ الْفِتَن، وَكَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا عَلَى مُجَرَّد التَّحَوُّل مِنْ دَارهمْ حَتَّى يَمْتَثِلُوا أَوَامِر الشَّرْع وَنَوَاهِيه وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قِيلَ بَعْد اِنْقِطَاع الْهِجْرَة لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّة تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ مَنْ لَمْ يُدْرِك ذَلِكَ، لِأَنَّ حَقِيقَة الْهِجْرَة تَحْصُل لِمَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ.
  • وفي الختام لا أوصيك بمثل خاتمتك، فكلما تراءت لك الفتن ومشاغل الدنيا ذكري نفسك بالموت، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:”الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيَمانِ، والحمدُ لِلهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وسُبْحانَ اللهِ والحمدُ لِلهِ تَمْلآنِ – أو تَمْلأُ – ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرضِ، والصَّلاةُ نورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِيَاءٌ، والْقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها”؛ رواه مسلم.

قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ! أيُّ الهجرةِ أفضلُ؟
قال: “أن تهجر ما كرهَ ربُّك عز وجل”.
(صحيح النّسائي)


[1] من”الداء والدواء”(552)

[2] انظر: “فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن” (442).

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Sara Alsharkawy

لا اعلم ان كان لا يزال هناك تبرر لاي غفله للمسلمين ان لا يستطيعوا ان يعرفوا بشاعة ما يدعوا له الغرب وبشاعة حال المرأة الغربية فتضطري لهذا القول

“أعلم أن الكثير من النساء والفتيات لا يعين ما أقوله في هذه السطور، فصدق من قال: ليس من رأى كمن سمع! ليس من رأى حياة المرأة الغربية كمن سمع عنها ولذلك لا يفهم هذا الحديث إلا من رأى أو حمل قلبا بصيرا موفقا!”

ولكن بما اني لا اعرف حال اخواتي المسلمات عن كثب فلا مانع من اعاده نشر ما هو منتشر فعلا
سلسله المرأة
https://m.youtube.com/playlist?list=PL56IcDjrf3YKLBApyuaNvCJDmGmM_o45O
اول حلقتين تحكيان الحال بالتفصيل
https://m.youtube.com/watch?v=r2M_YyM8dpU&list=PL56IcDjrf3YKLBApyuaNvCJDmGmM_o45O&index=1
https://m.youtube.com/watch?v=xq8OYs7cvNw&list=PL56IcDjrf3YKLBApyuaNvCJDmGmM_o45O&index=2

سلاسل لاحوال المسلمين في الغرب
https://m.youtube.com/playlist?list=PLSvfkd8pNtiYrpFR_0pGfdFNnx73ASrz3
https://m.youtube.com/playlist?list=PLSvfkd8pNtiaotGufbMbUHswgo8hjz5z1
https://m.youtube.com/playlist?list=PLSvfkd8pNtiYpam26Q84-s3-EB1yFD4x0

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x