نساء ظُلمن!

تصلني مؤخرا استشارات عديدة من طالبات يملكن شغفا كبيرا بدراسة العلم الشرعي لكن آباءهن يفرضون عليهن دراسة الطب والهندسة،

وهنا قصة معاناة كبيرة، تُجبر فيها الفتاة على أن تلبي رغبات الأهل ومعاندة شغفها، وتنتهي حياتها ببؤس وشقاء، فلا بد من تذكرة الآباء بالتقوى وواجب حفظ بناتهن وإعانتهن!

في الوقت التي تتعالى فيه الأصوات لـ”تحرير المرأة المسلمة” بتوظيفها وتحميلها أعباء النفقة مثلها مثل الرجل. واعتبار ذلك تمام النجاح والتفوق وتلبية معايير المجتمع “المنهزمة للغرب” تقع ضحية هذه الدعاوى شريحة كبيرة من النساء يحرمن حقهن الشرعي في القرار في البيت والزواج والأمومة! هذا ظلم.

أصبح الحديث عن الزواج قبل إنهاء الدراسة مطلبا مستهجنا تحارب عليه الفتاة المسلمة التي فرضت عليها شروط ما أنزل الله بها من سلطان لتعف نفسها وتبني مملكتها في ظل رجل صالح! فتجبر على تحصيل وظيفة بحجة “ضمان مستقبلها” ثم تجد نفسها أمام حاجتها للزواج ومطالب لا تنتهي من النفقة! وأحلام تتكسر!

إن ارتفاع نسب العنوسة والطلاق والعزوف عن الزواج ليس إلا من مخلفات المنظومة التي فرضت فرضا على الناس اليوم، فالمرأة تعامل معاملة الرجل وتطالب بنفس مطالب الرجل ثم فطرتها تنادي بموقعها كزوجة وأم فتصطدم بعالم لا يرحم! يطالبها بما لم يفرضه الله عليها، فيفوتها الزواج أو تفشل في أداء دورها كزوجة!

والمشكلة الأكبر أن هذا الفشل في أداء دورها كزوجة نتيجة تربيتها وصياغتها لتوائم متطلبات الرأسمالية وجشع الإنسان، يكون دائما على حساب دورها المصيري في الأمة: صناعة الأجيال وتربية الأبناء على تحمل أعباء المرحلة المقبلة، في وقت أشد ما نحتاج إليه هو صناعة أجيال مختلفة عن تلك المتخلفة!

مشكلتنا ليست في امرأة ولا في رجل! مشكلتنا في فكر انتشر، ومعتقدات فاسدة توارثتها الناس! وأصبح مبلغ أماني الآباء والأمهات، شهادة ولقب، وراتب محترم! أما أولئك الأبناء فليواجهوا صراعا مع الذات والفطرة، تكون أول ضحاياه المرأة! حملوها مسؤوليات كبيرة وحرموها من نفسها وحاجاتها الفطرية!

إن الذين ينادون بتحرير المرأة وتوظيف المرأة وضمان مستقبل المرأة هم أول من ظلم هذه المرأة، لأنهم حرموها أجمل أحلامها، أن تكون المرأة!

دعوا النساء لفطرتهن! ولا تحرموهن الزواج مبكرا، ولا تحرموهن حقهن في القرار في البيت والأمومة لأن وظيفتهن هذه هي حصن الأمة وأملها الواعد والحل الأمثل!

لقد تربت النساء على ضرورة العمل وجني المال والمساهمة في النفقة، وهذا ظلم عظيم! بل يجب أن تتربى النساء على أن يكن أمهات مربيات صالحات عاملات لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وهو ما نفتقده بشدة! ولذلك الأجيال مهددة حين أجبرت المرأة وتخلت عن وظيفتها الأولى! ثم نتساءل لماذا يكثر الفساد والطلاق والانحلال!

والحل في التمرد على جاهلية هذا العصر، في الخروج عن سياق “سياسة الأنعام” و”التقليد الأعمى البليد”، والأمل اليوم في الشباب الذين بيدهم أن يغيروا مستقبلهم ويترفعوا عن أخطاء آبائهم في التربية وفي تأسيس الأسرة، كل مسلم ومسلمة اليوم يحمل مسؤولية التغيير بالتمرد على هذه الجاهلية والاستقامة.

ومن توكل على الله يرجو رحمته وتوفيقه فهو حسبه، ومن كان الله مولاه فلا حاجة له ببشر! فالله يفتح له أبواب الرزق والخير كلها، ولكن الناس لم يقدروا الله حق قدره جل جلاله، لذلك تعلقوا بأسباب الدنيا ونسوا رب الأسباب! وأصبح الراتب مقدسا على طاعة الله الرزاق، فحرموا الخير وعاشوا الذلة!

عزتك وكرامتك أيها الأب ويا أيها الزوج ليست في راتب الابنة والزوجة، إنما تمام عزتك وكرامتك بحفظ وصيانة هذه المرأة التي جعلها الله أمانة عندك! فاحفظوا الأمانات. وعزك وكرامتك أيتها المرأة في حسن ظنك بربك! بصيانتك لنفسك ومعرفة قدرها وإمكانياتها فيما يرضي الله، نحن بحاجة لك في ثغرك لا أن نراك الضحية!

نحن في زمن تُعبد فيه الشهادات! تقدس لحد الضلال! وأصبحت قيمة المرأة فيها بشهادة وراتب، والله رفعها لمرتبة الأمة لله! فانظر كيف تُهان المرأة اليوم على طريقة الغرب الكافر. ولأن خسائرنا كبيرة جدا والكثير من النساء تعاني سواء بعلمها بحالها أو لاضطراب تتخبط فيه، أصبح واجب الإصلاح مضاعفا.

لا يمكن البناء على فكر مستورد، ولا أخطاء لم تصحح! لا بد من هدم لكل لبنة فاسدة ومغشوشة والبناء على الصحيح والسليم، ولن يكون ذلك إلا بعودة كاملة بكل تفاصيلها لدين الله، للقرآن والسنة! فبهما الفلاح وبهما الاستقرار والسكينة وبهما نحل جميع مشاكلنا.إنه الاستقلال الحقيقي عن ركب التخلف الغربي.

أيها الرجل المقبل على الزواج وأيتها المرأة المقبلة على الزواج، ليكن دستوركما القرآن والسنة، وبدايتكما تمرد عزيز على جاهلية العصر، وأبشروا بالفتوحات، فالأمل في كل صاحب وعي وكل من حمل همّ دينه وأمته وعرف هدفه في هذه الحياة وعرف قدر المسؤولية وعظمها، وحجم المساءلة التي تنتظره فأعد.

أما من اختار المسير كما يملي عليه الهوى المطاع وحكم الأغلبية على طريقة الديمقراطية فستعلمه السنن! ولكن أخشى أن يكون الوقت متأخرا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها”؛ رواه مسلم

اللهم فوزا في الدنيا والآخرة.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Mary

الله يرضى عنك

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x