مفارقات .. الأمهات والآباء

البيت الخرب ولو بني بهندسة القصور! هو بيت لا يُذكر فيه اسم الله ولا يُتلى فيه القرآن ولا يحرص أهله على السنة. والبيت المبارك ولو بني من القش! هو بيت تطمئن فيه النفوس بذكر الله، يستنير بآيات الله وسنة نبيه ﷺ، حرص أهله على حب الله ورسوله ﷺ فيه الأولوية القصوى، والحب يستوجب الذكر والاتباع.

الأمهات منارات في المنازل، وبقدر ما تكون الأم ملهمة شديدة الحب للقرآن والذكر والإحسان، يكون البيت مستنيرا مباركا. الأمهات قلاع هذه الأمة، فطوبى لكل أم وقفت على ثغرها لم تزل ثابتة تعد لنا الأجيال المؤمنة المنتصرة.

أمهات دخلن التاريخ مبكرا بصدقهن، حتى بلغ صدى صدقهن الملاحم! إنه فضل عظيم!

المرأة التي تتأفف من القرار في البيت، مشكلتها الكبرى في فراغ عظيم في قلبها! فراغ رتعت فيه الدنيا وكل دني! ولو أنها ملأت قلبها بحب الله ورسوله ﷺ، وأدركت فقه المسابقة في الله و (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة) لنسفت كل الدعوات التي تحثها على الخروج العبثي وتضييع نفسها قبل أماناتها وفرصها.

ثم إنه لمؤلم بشدة أن تسمع شكوى الفتاة الملتزمة من أهلها، تريد الاستقامة ويريدون لها الانحراف، تريد الستر ويريدون لها العري! تريد القرار ويريدون لها الخروج! تريد الزواج ويريدون لها الوظيفة! أي بؤس هذا الذي تعيشه هذه الأسر وكيف يقابلون الله تعالى يوم القيامة! إن لم يكن هذا الوأد فما هو الوأد!

الويل كل الويل للآباء الذين ضيعوا بناتهم! يدفعونهن للجحيم، لمستنقعات الأذى والخطر، لأجل ثمن بخس من مال الدنيا! ولو أنهم أطاعوا الله فيهن، لرزقهم الله من حيث لا يحتسبون! لكنه الجشع وضعف التقوى وحب الدنيا ووعد الشيطان! وحسبنا الله في كل أب ليس إلا والدا! ولم يدرك بعد قيمة نفسه وموقعه!

الأمل لا يزال في جيل ينشد الاستقامة على هدي النبي ﷺ، لن يتمكن من تحقيق أحلامه وطموحاته إلا بتمرد لا ضعف فيه على جاهلية العصر! يؤسس بيته على تقوى الله وقدوة السلف الصالح، لينعم بعدها بفتوحات ربانية تبصّره بعظمة الله جل جلاله. فالذين آمنوا واستقاموا ينالون فضل الله!

إن مشاكل هذه الأمة وأزماتها مركبة معقدة، ومن حاول الاجتزاء للمعالجة لن يحقق شيئا من الإصلاح، وأول الحلول على الإطلاق، إعادة مفهوم التوحيد كما نزل على نبينا محمد ﷺ في حياة الفرد والأسرة، ثم إحياء السنة ونشرها بيقين كامل أن الله مولى الذين آمنوا.

وكلما قويت علاقتنا بالله فزنا بتوفيقه.

تترك الأجيال لتربية “الصدفة”، لا يسجد لربه طفلا فيستعصي عليه السجود شابا! لا تعرف الستر صغيرة فتستثقله كبيرة! يُدفع بهما للاختلاط دون أدنى تحذير أو تذكرة! ثم نتباكى على الخسائر والفشل!

إن تنشئة الأجيال على الإسلام تتطلب فقها وبصيرة، وتبدأ مبكرا، منذ الاختيار الأول للزواج فابحثوا عن الأتقى.

إن خسائر الأمة من تضييع معاني الرجولة عظيمة جدا. ولا عجب أن أصبحت دعاوى النسوية تتصدر المشاهد! فكل صعود لها على حساب هذه المعاني! ولم يكن ذلك إلا تخطيطا ماكرا خبيثا يجب التصدي له. وأول التصدي يبدأ من الأسرة، من بناء على هدي الإسلام لا الغرب ومنظومته الفاسدة.

لتُبنى البيوت وترمم بالقرآن والسنة.

قال الله جل جلاله (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ).

أقيموا القرآن والسنة ..

روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله”. وروى الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: يا أيها الناس؛ إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، كتاب الله، وسنة نبيه”.

كل دعاوى الغرب تحت أقدامنا.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x