كيف أثبت بعد رمضان؟

سؤال: كيف يكون خروجي من رمضان غير كل سنة

كيف اثبت على مستوى العبادة بعد رمضان.

كيف حالة قلبي لا ترجع لما كانت عليه من قبل ؟

أخاف أن أكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا؟

الجواب:

حياك الله وبارك بك،

هناك معادلة عادلة جدًا حين نتحدث عن الالتزام والثبات، فبقدر ما تقدمين لنفسك من صدق، تنالين من معية وتوفيق للثبات، ولذلك مجرد حرصك على حفظ ثباتك بعد رمضان دليل على يقظة ووعي وهو من موجبات الصدق كما أحسب.

لقد خرجنا من شهر عظيم، لياليه مهيبة، شهر عبادات اغتسلت بها الروح وتزودت بها وترممت، لكن بعد رمضان يختلف الجو تماما، وسرعان ما يرجع الناس لحياة يومية مزدحمة، يصبح فيها الاهتمام بالعبادات أقل والتسويف والتثاقل سيدا المشهد، من جهة بسبب الخروج من رمضان بشعور الأداء، فلم يعد هناك ما يدعو للمسابقة لعظيم أجر الشهر، ومن جهة لسلطة الثقافة الغالبة حيث يصبح الوسط مشجعا للاقتصاد في كمّ العبادات والتوجه للمشاغل الدنيوية.

ألخص فيما يلي نصائح عملية لتحقيق مستوى من الحصانة للنفس بعد رمضان وأبرز عوامل للثبات إلى أن يمنّ الله علينا ببلوغ رمضان المقبل إن شاء الله تعالى، نسأله سبحانه أن يوفقنا لحسن الذكر والعبادة فيه وفي كل وقت.

1. الدعاء بإخلاص وبأدب

فلا حول ولا قوة لنا إلا بالله تعالى، وبداية كل مسيرة ومهمة تكون بالاستعانة بالله جل جلاله وسؤاله التيسير والثبات بصدق وإخلاص، ويكون ذلك بتقديم آداب الدعاء من تعظيم الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتحري أوقات الاستجابة. يبث فيها المرء ضعفه وحزنه وشكواه، ويسأل ربه التيسير والمعية والسداد. مع الحرص على دعاء”اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”، ودعاء “اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم” فإنهما من أسباب التوفيق في العبادة وحفظ الأعمال والسعي لمن أبصر.

2. حفظ حدّ أدنى من الذكر لا ينزل

وهذا من أهم عوامل الثبات، المحافظة على ورد الذكر الذي يتضمن أذكار الصباح والمساء والحرص على أدائها بحضور قلب وبانفصال عن التشويش، فضلا عن أذكار النوم والاستيقاظ والأذكار اليومية من ميراث السنة. وأشدد على أن يتضمن ورد الأذكار التسبيح والحمد والاستغفار والحوقلة والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم- بشكل يومي تحدد لها أوقاتها وتستدرك حين الانشغال والظرف الطارئ، ويتعهدها المسلم والمسلمة بوفاء ومحبة. ويدخل في ذلك الحرص على وصية النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة وعلي رضي الله عنهما قبل النوم، حيث روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقالَ: ألَا أُخْبِرُكِ ما هو خَيْرٌ لَكِ منه؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أرْبَعًا وثَلَاثِينَ ثُمَّ قالَ سُفْيَانُ: إحْدَاهُنَّ أرْبَعٌ وثَلَاثُونَ، فَما تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قيلَ: ولَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قالَ: ولَا لَيْلَةَ صِفِّينَ. (رواه البخاري).

وحين نتحدث عن تعهد الذكر فنحن نتحدث على عامل من عوامل الثبات والتوفيق والمعية لا يُبارى، ومن فرط فيه هُزم!

قال ابن القيم رحمه الله:

“إن الذكر يعطى الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يطق فعله بدنه، وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية فى مشيته وكلامه وإقدامه وكتابته أمراً عجيباً فكان يكتب فى اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ فى جمعه أو أكثر  وقد شاهد العسكر من قوته فى الحرب أمراً عظيماً وقد علم النبى (صلى الله عليه وسلم) ابنته فاطمة وعلياً (رضى الله تعالى عنهما) أن يسبحا كل ليلة إذا أخذا مضاجعهما ثلاثا وثلاثين، ويحمدا ثلاثا وثلاثين، ويكبرا أربعا وثلاثين، لمَّ سألته الخادم، وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة فعلمها ذلك وقال (إنه خير لكما من الخادم)..(صحيح) رواه البخاري ومسلم”.[1]

3. الحرص على الصلاة في وقتها

قال الله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون 4-5)

قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون – قال – : “الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، تهاونا بها”. وعن ابن عباس أيضا: هم المنافقون يتركون الصلاة سرا، يصلونها علانية وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى الآية.

وإن في الحرص على أداء الصلاة في وقتها نوع بركة ومعية وثبات لا يُستغنى عنه، ومن حافظ على صلاته، بارك الله له في جهده وأوقاته. وهو أول امتحان انضباط يجب النجاح فيه لأن من ضبط نفسه على أداء فريضة الصلاة سهل الله عليه كل حاجة للانضباط في غيرها. وما قيادة النفس إلى رحلة انضباط على سبيل المؤمنين.

4. ورد القرآن العظيم

بعد رمضان يجب الحذر بشدة من أن يرجع القرآن لرفّ يلفه الغبار! بل يجب أن يتحول إلى أهم موعد في حياة المسلم والمسلمة، وينبغي أن يحدد له التوقيت الخاص كما يحدد لكل المهام المهمة، وأرى دائما أن أي جدول نافع ومبارك هو الجدول الذي تتوزع المهام فيه على هيكل المواعيد الثابتة من الصلاة والأذكار وورد القرآن. فهي المحطات الرئيسية في جدول أعمال المؤمن، يحدد ويوزع وفقها مهامه اليومية. وهذه ترجمة عملية لمعنى أن تكون حياتنا كلها لله تعالى سبحانه، وحياتنا كلها عبادة باحتساب كل حركة وسكون في سبيل مرضاة الله تعالى وقبوله. ومن داوم على ورد القرآن العظيم وجده رفيقا وشفاء، دليلا وحياة، سندا ويقينا يزداد! فلا يفرط فيه إلا محروم.

5. الحذر من نقض الغزل

أول ما ينقض الغزل الظلم، فلا يخوض المسلم في مستنقع ظلم ولا يعين ظالما وخاصة في زماننا فما أكثر الظالمين وما أكثر المجادلة عنهم باستهانة عظيمة، فلينأى المرء بنفسه عن ذلك، ويدخل في أسباب نقض الغزل استحلال الغيبة وقضاء وقت أكبر في تتبع ما لا يعني المسلم ولا ينفعه في دينه أو آخرته، كتتبع عورات الناس أو بخس حقوقهم.
ومما ينقض الغزل الاستهانة بأثر الكذب والفجور وصفات النفاق في نفس المسلم، فيحرص المرء على الصدق قولا وعملا وعلى تجنب الغضب لغير الله تعالى وأن يحفظ رصيد حسناته بصيانة بصره وسمعه وجوارحه من المنكرات والحرام.

ويرافق ذلك الاحتساب لكل امتحان صدق وحرمان وفقد. فحفظ النفس من ولوج الحرام وتتبع خطوات الشيطان وإن اشتدت الفتن لهو من أرجى الأسباب لعلو مراتب الجنة.

6. الخبيئة

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنِ استطاعَ منكم أنْ يكونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عمَلٍ صالِحٍ فلْيَفْعَلْ” ( صحيح الجامع ).
أي عمل صالح مخبوء لا يطلع عليه أحد إلا الله جل جلاله.
فمن المهم جدا أن يبحث المرء عما يحفظه لنفسه، بينه وبين ربه جل جلاله، عمل صالح، يدخره ليوم يلقى الله تعالى فيتقرب به إليه سبحانه. وهذا باب واسع من الاختيارات بحسب ما تناسب المرء وظروفه وما هو متاح له، وقد تكون صدقة في السر، أو عبادة خفية من صلاة وذكر، وغيره مما لا يفتوت متفكرا يرجو رحمة ربه، وهي قضية فتوحات أيضا!
المهم أن يحرص على خبيئة في حياته. قال ابن القيم رحمه الله: “الذنوب الخفيات أسباب الانتكاسات، وعبادة الخفاء أصل الثبات”.
فالخبيئة من أهم عوامل الثبات واستجلاب معية الرحمن.

تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ رَاحِلٌ

وَسَارِعْ إِلَى الْخَيْرَاتِ فِيمَنْ يُسَارِعُ

فَمَا الْمَالُ وَالأَهْلُونَ إِلاَّ وَدَائِعٌ

وَلاَ بُدَّ يَوْمًا أَنْ تُرَدَّ الوَدَائِعُ

7. الوسط والصحبة

قال الله تعالى ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ (الكهف: 28)

مهما تحلى المرء بالعقل والصلاح فإنه سيتأثر بصحبة سيئة أو وسط فتان أو همم مثبطة مخذلة! لذلك من المهم أن يحرص المسلم على صحبته وعلاقاته ووسطه قدر الإمكان وينقيها من كل ما يفسد عليها صفاءها، ويضع نفسه حيث تشرق روحه وهمته ويقوى أثره.

إن كل صحبة في الله تعالى تدوم وكل صحبة للدنيا تنقطع فلا يكثر المرء من صحبة الدنيا فهي إلى زوال وليحفظ الصادقين معه ويبذل لهم حسن العهد الذي يليق بشرف الإيمان والأخوة في الله تعالى، لتتآلف القلوب في سبيل المؤمنين ولتتعاون على البر والتقوى.

ولا يغامر المسلم بوسط فيه فتن ومخاطر ويتحدى بغرور! بل ينأى بنفسه عن كل مستنقع فتنة خاصة في زماننا، فهي تتوالى كالأمواج العاتية وتحصد في كل حملة ما شاء الله من قلوب! والوسط من عوامل الانهيار والتراجع والصحبة الصالحة من عوامل الثبات والانبعاث، نسأل الله العفو والعافية وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

8. نصرة الله ورسوله والمؤمنين

من أرجى أسباب الثبات والمعية نصرة الحق، نصرة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فإياك أن تخذل الحق في موطن ترى فيه البخس والتشويه، فأنكر بما أمكنك كل منكر، وادعو لله ومنهج نبيه صلى الله عليه وسلم وحارب كل بدعة وضلالة، وزد من سواد الصالحين وأهل السنة ولا تجعل وطنية ولا قبلية ولا حزبية تثنيك عن معالي الأمور أو تحد من إخلاصك لمولاك ودينك، وليكن شعور الأمة الواحدة يسع أحكامك وجهودك وأدعيتك. فإن عبادة المراغمة ودفع الباطل في كل ميادين المواجهة لهو من أرجى الأعمال ومن الجهاد الذي ينال معه صاحبه من التوفيق والمعية ما لا يمكن أن يعد أو يحصى بقدر صدقه وإخلاصه.

وباب نصرة الإسلام والمسلمين باب واسع وميادين ممتدة ومتكاملة والموفق من وجد لنفسه موطئ قدم وأبلى البلاء الحسن فكانت جهوده لبنات بناء لدحر كيد الكافرين ونصرة شريعة الله والمستضعفين وإقامة بنيان الإسلام في الأرض، وبحسب نياتكم يفتح الله عليكم! قال ابن القيم رحمه الله: “وسمعت شيخ الإسلام رحمه الله يقول: في بعض الآثار الإلهية يقول الله تعالى: إني لا أنظر إلى كلام حكيم، وإنما أنظر إلى همته”[2].

9. سلامة الصدر على المؤمنين

لا شيء يستحق أن يؤخرك عن مرتبة الصديقين والشهداء لأجل دنيا فانية ونفوس فاتنة! بل احتسب كل شيء عند الله تعالى وتجاوز، فيعزك الله ويعوضك بخير مما أصابك، بل وستجد من الله الجبر بقدر إعظامك التوكل عليه سبحانه، ورجائك ما عنده وحده لا شريك له.
وسلامة الصدر على المؤمنين حب الخير لهم وإبعاد الأحقاد والحسد عنهم، واحتساب ما أصابك من أذى منهم في سبيل الله ترجو رحمته وعوضه، روى ابن ماجه في سننه عن عبدالله بن عمرو، قال: قيل لرسول الله ﷺ: أي الناس أفضل؟ قال: “كل مَخْمومِ القلب، صدوق اللسان”، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: “هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غلَّ، ولا حسد”.

وقال جل جلاله (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) (الأنفال: 62-63).

ومدار هذه المعاني في قول النبي صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” رواه البخاري ومسلم.

إن سلامة الصدر على المؤمنين صفة تجلب النصر والتأييد الرباني، وبفضلها تشق سفينتك عباب البحر بتيسير ومعيّة يفتقدها الكثيرون. وهي موجبة لصرف الأذى عن المؤمن وتأييده بالصالحين.

قال القاضي ابن الأكفاني: “وأقصر طُرق الجنة سلامة الصدر “. (تاريخ دمشق (123/49))

ولا يتعارض ذلك مع رد المظالم وإنكار المنكر في سبيل الله تعالى.

10. السعي المستمر في رفع رصيد الأعمال الصالحة

وهو رفع من جهتين، الأول الإخلاص في الأعمال وموافقتها السنة، وهو أمر لا يقبل المساومة، لأنه أساس قبول الأعمال عند الله تعالى، والثاني كثرتها ودوامها وإن قلت. فاليوم الذي يمر بدون عمل صالح هدر من حياة المؤمن، ودلالة الصدق العمل، وهي موجبة للهداية والتوفيق والفتوحات الربانية، قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
وإن كسلت فتذكر حديث عائشة رضي الله عنها حين سألت: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أدومه وإن قل” (متفق عليه).

11. عبادة التفكر

لا أبالغ إن قلت أن هذه العبادة هي مفتاح الفتوحات الربانية وهي الموجبة للتأييد والتوفيق المنشود، حين يعيشها المؤمن بقلب موحد حي نابض، ويتأمل في كل ما يعيشه ويحدث معه وما يدور حوله وما يشاهده من آيات الله تعالى وسننه وحكمته في الأرض، يبصر كل ذلك ويتأمله بتعظيم الله تعالى وتقديره حق قدره سبحانه ولنا في قصة إبراهيم عليه السلام المثل والعبرة،

سُئِلتْ أُمُّ الدرداء: “ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء؟

قالت: التفكر والاعتبار”.

(نضرة النعيم ج3 ص854 نقلاً عن الزهد لوكيع بن الجراح ص474.)

12. الاستدراك استراتيجية النجيب!

لا تدوم الحياة على خط واحد من علو الهمة، بل تصعد وتنزل، وتتأثر بحالات المرض والظروف والحالات الطارئة وما يعيشه الناس ويعرفونه من فتور، لذلك يبقى الاستدراك استراتيجية النجيب، لتعويض ما كان، ويكون ذلك بمداومة ذكر الموت والقراءة في الرقائق وآيات الترهيب والترغيب حين يضعف السعي، ثم مصاحبة الملهمين الذين يحرضون المؤمنين وتكفي رؤيتهم لاستحضار مقامات الشوق إلى الله تعالى ومحبته وخشيته ورجائه، وكل مواطن وأسباب تشغل النفس بمعالي الأمور.

ثم في مقام الفتور يتذكر المرء قاعدة “قليل دائم خير من كثير منقطع”، وقاعدة “ما لا يدرك كله لا يترك جله” فكلاهما وسيلتان فعالتان للاستدراك. والحمد لله تعالى نجد في شريعة ربنا كل ما يساعد على الاستدراك حتى على مستوى الذكر المضاعف، فهناك أذكار تكفيك، وتعوضك ما فات ولا تستغرق منك وقتا طويلا، فاحفظها وداوم عليها والله لا يضيع أجر المحسنين. وردد كلما ضاقت عليك نفسك أو شعرت بالتأخر أو التعثر، ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ۝ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (هود: 114- 115)

في الختام، اعلم أن الصفقات مع الله تعالى لا يطلع عليها الناس، والله وحده يعلم ما في قلبك وحقيقة إخلاصك في نواياك وأعمالك، فلرب عمل خالص وإن كان صغيرا يرفعك عند الله تعالى ..

فلا تحقرن من المعروف شيئا وأدم النظر في نعم الله تعالى وشكره وذكره وحسن عبادته، واجمع أسباب قوة قلبك وانفر من كل عوامل تضعفه، فإنما هي أيام قلائل ونرحل من هذه الأرض إلى منازل الخالدين، فليكن أهم موعد لديك على الإطلاق موعد الموت، وليكن أولى أولوياتك رصيد حسناتك ترفعه وتضاعفه، وأحسن الظن بالله تعالى مدركا أن العلاقة مع الله تعالى عظيمة جدا، وهي تقوم على الصدق والإخلاص وسبيل ذلك التمسك بالكتاب والسنة لا تزيغ عنهما. فتشبث بهما واقتدي بالسابقين الأولين تبصر بنور من الله عز وجل. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] (الوابل الصيب من الكلام الطيب 75)

[2] مدارج السالكين ج3/ ص3.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

7 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
علي موسى

بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم الله خيرا

نوران

جزاك الله خيراً بارك الله فيك ووفقك وسددك وايدك
رزقك الله الفردوس الأعلى

نوران

جزاك الله خيراً ورفع الله قدرك وايدك وسددك
رزقك الله الفردوس الأعلى

نوران

جزاك الله خيراً

حسن الكيش

جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حساناتك

فهد رشيد

جزاكم الله خيراً ونفع بكم وثبتنا واياكم

عبدالرحمن

بارك الله فيك أختي موضوع قيم في محله وفي وقته صح الحكمة هي وضع الكلام المناسب في الوقت المناسب

7
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x