كيف أتعامل مع من يرفض نقابي وينزعج منه أو يسخر منه؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا لبست النقاب ومنذ لبسته لم أزر أقاربي، لإني أبدو غريبة في العائلة لا أحد يرتدي الخمار حتى من البنات إلا الكبيرات المتزوجات.

عندي خوف من المواجهة والتعليقات وأشعر أنه غير مُرحب بي وسطهم، وقد سمعت تعليقا من أحد أقربائي مستغربا يقول: هل أنتِ لا تزالين تلبسين النقاب!؟ أي أنهم يظنون أنني لبسته حماسة ومراهقة وبعد وقت سأخلعه!

وأنا بطبعي خجولة، كيف أواجه هذه المواقف، مع العلم أنني مؤدبة مع أقاربي وأحسن التعامل معهم حتى من قبل أن ألبس النقاب.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بدية أهنئك وأبارك لك لبس النقاب، وإتمام حجابك، اقتداء بأمهات المؤمنين والصحابيات ونساء السلف الصالح، رضي الله عنهن أجمعين وعنك وعن كل متمسكة بالتوحيد والسنة، وجعلك خير خلف لخير سلف. وثبتك وأيدك بنصره وبالمؤمنين.

كلماتك أخية تسلط الضوء على درجة انتكاس المقاييس التي نعيشها في زماننا، حتى أضحى الستر مقبّحًا ومنفرًا ومنتقدًا، والنقاب محاربًا من القريب قبل البعيد، والمنقبة والفضل مثلبة ونقطة استنقاص! بينما تسرح العاصيات والعاريات ويمرحن يحفّهن الثناء وتصفيقات المعجبين، ولله في خلقه شؤون، يضايق على الملتزمة العفيفة، ويفتح الباب على مصراعيه للمنفلتة المتمردة على دين الله وشعائر الإسلام.

فاليوم بدل أن ينكر على المرأة التي تخرج سافرة متبرجة، نرى إنكار المرجفين يوجه للمرأة المنتقبة، بكل صفاقة وجرأة، وهذا من غربة الدين.

غربة الدين

وهذا من غربة الدين ومصداقًا لما نبأنا به سيد الخلق أجمعين كما عند مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلَّم- قال: “بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء”.

وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح من حديث ابن مسعود بزيادة في آخره: قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: “النُّزَّاع من القبائل”، والنُّزَّاع من القبائل هم الآحاد منهم تغربوا عن قبائلهم وعشائرهم ودخلوا في الإسلام فكانوا هم الغرباء حقًا، وأخرجه كذلك الآجُرِّيُّ بسند صحيح وعنده: ومن هم يا رسول الله؟ قال: “الَّذين يُصْلِحون إذا فسد الناس”.

وأخرجه أحْمد والطبراني من حديث عبدالله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “طوبى للغرباء”، قلنا: وما الغرباء؟ قال: “قوم صالحون قليل في ناس سوء كثير، مَنْ يَعصيهِمْ أكثَرُ مِمَّن يُطيعهم” وصححه غير واحد.

قال ابن الحافظ ابن رجب رحمه الله في كشف الكربة ص32: “وهؤلاء الغرباء قسمان:

أحدهما: من يصلح نفسه عند فساد الناس،

والثاني: من يُصلح ما أفسد الناس،

وهو أعلى القسمين وأفضلهما”.

قال ابن تيمية رحمه الله:” ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريبًا أن المتمسك به يكون في شر بل هو أسعد الناس كما في تمام الحديث ” فَطُوبىٰ لِلْغُرَبَاءِ ” و (طُوبىٰ) من الطيب. قال تعالى: ﴿ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ (الرعد: 29)، فإنه من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لما كان غريبُا، وهم أسعد الناس، أما في الآخرة فهم أعلى الناس درجة بعد الأنبياء عليهم السلام، وأما في الدنيا فقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الأنفال:64)، أي أن الله حسبك وحسب متبعك، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ (الأعراف: 196 )، وقال تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ (الزمر: 36)، وقال جل شأنه: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ (الطلاق: 3،2)، فالمسلم المتبع للرسول صلى الله عليه وسلم الله تعالى حسبه وكافيه وهو وليه حيث كان ومتى كان، ولهذا يوجد المسلمون المتمسكون بالإسلام في بلاد الكفر لهم سعادة كلما كانوا أتم تمسكًا بالإسلام”.[1]

وفي زماننا نعيش نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر. وغربته أشد مما كان عليه من سبق.

ويشهد لذلك قول الله تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (الأنعام : 116).

وفي حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:” فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله، قلت: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم” رواه أبو داود والترمذي[2]

قال ابن القيم رحمه الله:” وهذا الأجر العظيم إنما هو لغربته بين الناس، والتمسك بالسنة بين ظلمات أهوائهم وآرائهم”[3].

وهذا يقودنا إلى حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عبادة في الهرج كهجرة إلي” رواه مسلم.

قال ابن رجب رحمه الله:” وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه، ويتبع مراضيه، ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مؤمنًا به، متبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه”[4].

وقال ابن القيم رحمه الله:” ولقلتهم في الناس جدًا سموا غرباء، فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات فأهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة…

فالغربة ثلاثة أنواع: غربة أهل الله وأهل سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين هذا الخلق، وهي الغربة التي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلها، وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه:” جاء غريبًا، وأنه سيعود غريبًا كما بدأ “، وأن أهلها يصيرون غرباء، وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان، ووقت دون وقت، وبين قوم دون قوم، ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقًا، فإنهم لم يأووا إلى غير الله، ولم ينتسبوا إلى غير رسوله، ولم يدعوا إلى غير ما جاء به، وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم، فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم، فيقال لهم: ألا تنطلقوا حيث انطلق الناس؟ فيقولون: فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم، وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده، فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها، بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس، وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا، فوليه الله ورسوله والذين آمنوا، وإن عاداه أكثر الناس وجفوه.

ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي صلى الله عليه وسلم: التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس، وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم، وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس، وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم بالاتباع لما جاء به وحده، وهؤلاء على الجمر حقاً، وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم، فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الأعظم” [مدارج السالكين 3/ 195- 198].

وفي هذه المقدمة والجمع من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتفسيرات أئمة أهل السنة ما يعزز موقفك ويعينك على الثبات على حجابك ونقابك وما يجعلك تدركين عظم الأجر وعظم ما أنت عليه من عباده لله جل جلاله.

واستحضار معاني الأحاديث يقوي القلب ويجعلك أشد تمسكًا بحجابك ونقابك، وأشد بصيرة بفضل الثبات وأجره في الغربة، وأكثر ثقة بما أنت عليه، لننتقل بعد ذلك إلى كيف نتعامل مع هذه المعارضة للنقاب.

كيف نتعامل مع المعارضين للنقاب؟

بداية النفوس مفاتيح، فلا تُعامل كل النفوس بالطريقة ذاتها، هناك من تكسبه الكلمة الطيبة وهناك من يردعه الغلظة وهناك من يستجيب لنداء العقل والدين وهناك من لا تنتظري منه شيئًا!

إذا فأول الأمر عليك أن تحفظي مفاتيح كل فرد من أفراد عائلتك وأقاربك، من تنفع معه الكلمة الطيبة ومن ينفع معه الموعظة وهكذا .. بناء عليه ترسمين منهجية في التعامل، ومن يغلط عليك أو يحاول أن يؤذيك، ذكريه بتقوى الله تعالى وخوفيه بجريمته، ولا تخشي شيئًا فالله مولاك، وأنت في موقف نصرة لدين الله تعالى، وهذه معركتك، تخوضينها بإعداد وذكر وعلم، وبرجاء هداية الخلق.

وأرى أن تستمري في نشاطاتك من لقاء وتواصل بالوتيرة نفسها التي كنت عليها قبل النقاب، فأنت داعية الآن بمجرد لبسك للنقاب، واثبتي ولا تتأثري بشيء مستحضرة المعاني السابقة عن فضل العبادة في وقت غربة الدين، وإن جادلوك فحاججيهم بالحجج العقلية والدينية، وأعدي نفسك لمثل هذه المواجهة من كتب التفسير والعلم لأئمة أهل السنة.

واعلمي أن استشعارهم أنك خجلة من ملاحظاتهم هو الذي يقويهم عليك، فهم يعتقدون أنك لبسته تأثرًا بموجة من المشاعر وليس قناعة وعقيدة وابتغاء مرضاة الله تعالى.

والسبيل لتغيير هذه النظرة هو الثبات على نقابك ومزاولة حياتك بكل قوة وشجاعة في الحق، فلا تبالي بتعليقات مؤذية ولا تصرفات غير مرحبة بك، وإن كان في ذلك ثقلا فيحق لك الابتعاد عنهم بعد نصيحتهم في الله وقد أديت ما عليك، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقرون بالاستطاعة، ولو كان بالقلب فذلك أضعف الإيمان.

وهناك بعض المواقف التي يمكنك الدفاع فيها والتأثير في أصحابها، وثمرتها تكون: إما أن يدعوك وشأنك أو يحترموا اختيارك أو أن يقتنعوا بحجتك وجميعها نصر، ومواقف أخرى يفضل الانسحاب منها حين تجدين ألا جدوى من الدفاع عن حجابك ونقابك وفي ذلك فقه وبصيرة، فهذا الصنف هجره عبادة والله يكفيك كل أذية وشر. (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص: 56).

وأبشرك أن لك أخوات في الغرب، يلبسن النقاب في قلب عواصم الكفر، ورغم ما نالهن من أذى واعتداءات لا يزلن يحافظن عليه باعتزاز مهيب وتأييد من الله لا يخفى سبحانه. وهن في حالة اضطهاد في بعض الأماكن ومع ذلك، ثباتهن درس وقدوة لكل مسلمة تلبس النقاب في بلاد المسلمين.

بل رأينا من نساء الروهينجا المستضعفات من تلبس نقابها وهي فارة بدينها في عرض البحر وقوارب الموت والخطر، ولم تنزعه ولم تتنازل بحجة استضعاف أو إبادة عرقية.

ودونك المعتنقات الجديدات لإسلام فقد رأينا منهن من تلبس النقاب بلا أدنى تردد، قد أخذت الكتاب بقوة فأضحت قدوة وحجة وإغاظة للذين كفروا!

وهذه معركة من المعارك التي يلعب فيها الزمن عامل نصر، فكلما استمر ثباتك غنمتِ وسلمتِ وانتصرتِ وأخضعت المعارضين لاختيارك.

السخرية من شعائر الدين كفر

ولا بد من التنبيه لضرورة تحذير من ينزعج من نقابك من أن السخرية من النقاب كفر ومسألة جد وليست بالهزل، وكوني واضحة في ذلك ولديك الدليل من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن يستهزئ بالمسلمة من أجل حجابها ونقابها وقع في الكفر، لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل: كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنكبه الحجارة وهو يقول : (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) (التوبة: 65-66).

فالاستهزاء بالمؤمنين استهزاء بالله تعالى وآياته ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ومعلوم أن السخرية من شعائر الإسلام هي من صفات النصارى واليهود وملل الكفر والكبر؛ قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) [المائدة: 57-58].

ولا يسخر من شعائر الدين إلا مريض قلب عدو نفسه فإن وجدت من يسخر من نقابك فأقيمي الحجة عليه بالآية الجليلة ولا تأسفي عليه.

السياسة الشرعية مع ذوي القربى

السياسة الشرعية مع ذوي القربى في مثل هذه الحال، تبدأ بالثبات على ما أنت عليه من حق، والاستعانة بالله تعالى في ذلك وتجديد النية والإخلاص فيها، واسأليه تعالى أن يكفيك شر المجادلين والمناكفين والمرائين، وكل معترض على نقابك، وتجنبي المصادمة معهم فإن وقعت فكوني المدافعة عن الحق لا تأخذك في الله لومة لائم، كل ذلك بالحفاظ على أدبك ودينك وخلقك وأنوثتك. ولا داعي لأن أذكرك بأهمية تأييد نفسك بالأذكار والقرآن والعبادات والدعاء … فذلك سلاح المؤمن وزاده وعدته.

قال ابن القيم رحمه الله:”إذا حملت على القلب هموم الدنيا وأثقالها، وتهاونت بأوراده التي هي قوته وحياته، كنت كالمسافر الذي يُحمِّل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها، فما أسرع ما تقف به”. (الفوائد 49).

وفي الختام يبقى حديث ثوبان رضي الله عنه عزاء وبشرى كل ثابت وثابتة على التوحيد والسنة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك” رواه مسلم،

وعن جابر رضي الله عنه مرفوعًا:”لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة” رواه مسلم.

واستحضري في هذا المقام قول الله جل جلاله (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 38).

ردديه بيقين وإيمان جازم، أن اتباع هدى الله تعالى موجب للأمان والسعادة، فلا خوف على من اتبعه ولا هم يحزنون يقينًا وبشرى للمؤمنين والمؤمنات. وإن اعترض من اعترض وسخط من سخط.

واعلمي أن مجرد ثباتك على النقاب، هو نصر للإسلام، فأنت تزيدين بذلك من سواد الصالحات المتمسكات بهدي السنة والمقتديات بالسلف الصالح في خير القرون، وأنت تنقصين سببًا من أسباب الفتنة، وأنت تعلين كلمة الله بإبراز شعائره وتدعين لهديه بالاستجابة لأمره تعالى بأحسن ما يكون، (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (الزمر: 18)

اخترت أن تكوني مسابقة بالخيرات على خطى السابقين الأولين، وأن تكوني من النزاع من القبائل كما كان الجيل المتفرد! فطوبى لك .. ولا يعطلنك عن المسير إلى الله تعالى وابتغاء مرضاته، مقتصد وظالم لنفسه تعيس.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.


[1]  [الفتاوى 18/291- 292].

[2]  (صحيح الترغيب: 3172)

[3]  [مدارج السالكين 3 / 199].

[4]  لطائف المعارف 1 / 138

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest
2 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
safae elimrani

مقال أكثر من رائع جزاكم الله خيراً

Azhar

ما شاء الله جزاكم الله خيرا

2
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x