كيف أتعامل مع خطيبي شديد الغيرة وهو يناقض نفسه؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذة خطيبي يغار علي كثيرا، وينزعج حتى إن تحدثت مع رجل ولو كان بائع في السوق، ويرفض أي تعامل مع الرجال حتى بالضوابط الشرعية ويراقب هاتفي وكل تواصلاتي وتحركاتي ويفتش أمامي وخلفي، وكل هذا قبلته ولم تكن لدي مشكلة معه، لكنني رأيته بالمقابل يتحدث مع زميلاته في العمل براحته ويتفاعل معهن بلطف، ويمزح ويضحك ولا يجد في ذلك حرجا؟
فانصحيني هل هذا يجوز له؟ وكيف أتعامل معه؟! خاصة أنني حين أواجهه يقول هو مضطر لأنه يعمل في مكان مختلط!

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله وبارك بك،
غيرة الرجل على المرأة صفة نبيلة ومطلوبة وهي دلالة صلاح ورجولة على أن لا تكون مرضية وتسبب الأذى والتهمة.
قال ابن القيم رحمه الله:”وغيرة العبد على محبوبه نوعان: غيرة ممدوحة يحبها الله. وغيرة مذمومة يكرهها الله.
فالتي يحبها الله: أن يغار عند قيام الريبة.
والتي يكرهها: أن يغار من غير ريبة، بل من مجرد سوء الظن، وهذه الغَيْرة تفسد المحبة، وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه. وفي المسند وغيره عنه قال:”الغَيْرة غيرتان: فغيرة يحبها الله، وأخرى يكرهها الله، قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الغَيْرة التي يحب الله؟ قال: أن تؤتى معاصيه، أو تنتهك محارمه، قلنا: فما الغَيْرة التي يكره الله؟ قال: غيرة أحدكم في غير كنهه”. روضة المحبين (ص 297)
وما يفعله خطيبك من تتبع وتفتيش ولا أدري عن حال الخطبة عندكم..؟! هل هو عقد شرعي أم مجرد إجراءات ما قبل الزواج، وفي كل الأحوال يجب عليه الاعتدال في غيرته فلا يبالغ فيها حتى يؤدي إلى إساءة الظن بك، ولا يسرف في تقصي حركاتك حتى لا تصبح الحياة مهددة بفقدان الأمان والسكينة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم، ويطلب عثراتهم (رواه البخاري ومسلم واللفظ له)

وقال صلى الله عليه وسلم:” إنَّ من الغَيْرة ما يحبُّ الله، ومنها ما يكره الله؛ فالغَيْرة التي يحبُّها الله الغَيْرة في الريبة، والغَيْرة التي يكرهها الله الغَيْرة في غير ريبة “. (صحيح النسائي).

وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: “لا تكثر الغَيْرة على أهلك فتُرمى بالسوء من أجلك”.

ويترتب على هذه الغيرة المذمومة الظلم والتعدي. والآلام النفسية، والأمراض البدنية وغيره من أشكال الأذى،
وعلاج كل ذلك تقوى الله تعالى، والكف عن الانجرار لما تريده النفس بلا ميزان عدل وإنصاف، ويكفيه استذكار أن الله جل جلاله يكره هذا لنوع من الغيرة فينهى النفس عن الهوى.

وما تصفينه من كونه يتساهل في تعاملاته مع النساء الأجنبيات ويمزح ويضحك، فهذا أمر أخشى أن يدخله في قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)
ولا يمكن تبرير تصرفاته بالاختلاط، فهو بلا شك يعي آثار ذلك في النفس لذلك يمنعك منه، وأنصحك أن تجلسي معه جلسة حوار بناء وتضعي الآيات أمامه وتحتكمان لشريعة الله تعالى فهذا الحل سيكون معينا لك في كل حياتك الزوجية، ويساعد في فك العقد وضبط التعاملات وفق هدي القرآن والسنة، بعدل لا جور فيه. ويساعد في استمرارية واضحة شفافة على نور من الله تعالى .. فتصححان الأخطاء مبكرا قبل أن تصبح مستعصية، وتطيبان الخاطر حتى لا توغر الصدور وغيره من منافع لا تخفى.
وأنبه إلى أن الخطبة التي لم يعقد فيها عقد الزواج لا تجيز لخطيبك أن يتدخل في تفاصيل حياتك فهو لا يزال أجنبيا عنك وهذا منكر آخر وجب التحذير منه، وهناك استهانة كبيرة في زماننا بما يسمى الخطبة فيتعامل الخاطب الذي لا يزال شرعا رجلا أجنبيا كأنه زوج!
فاتقوا الله ولا تتعدوا حدوده فتحرمان البركة والتوفيق ورضاه عز وجل.
ونصيحتي لك هي التركيز على جعل العلاقة آمنة، من كل الجوانب، وهذا الأمان هو ثمرة تقوى الله تعالى وعدم تعدي حدوده وثمرة الثقة بينكما وإحسان الظن والصدق في التعاملات.

والأمان في العلاقات الزوجية أهم وأولى من المحبة، لأن الأمان تسكن فيه النفوس وتستقر ويمكنها أن تستمر بعطاء مهيب، لكن المحبة التي تجلب الهم والغم والاختلاف فهذه مفسدتها أكبر، ولذلك فشلت الكثير من العلاقات التي انطلقت من المحبة لوحدها وأغفلت شرط الأمان والنوضج والمسؤولية، والكثير من الفتيات اليوم تبحث عن الحب فتصطدم بفقدان الأمان ولا مسؤولية الرجل، ولذلك بحث الأمان أول ما يجب أن تبحث عنه المرأة في الزواج، والأمان يكون مع الرجل التقي الذي يخشى الله فيها، ويعينها على الثبات والاستقامة ويأخذ بيدها للجنة، ولا تكون البداية من بحث المحبة فهذه فضل يؤتيه الله من يشاء بالعشرة بالمعروف، ولا تبحث عنه المرأة ابتداء، بل تبحث عن معاني الرجولة الحقيقية التي تأمن معها مع زوجها.

ولذلك يحث الشرع على اختيار صاحب الدين والخلق، وليس من تعجب به المرأة ولم تنظر في حقيقة دينه وخلقه. وحتى لو فقدت الزوجة شعور الحب تجاه زوجها فما دامت تعيش الأمان فذلك المكسب العظيم الذي لا يستبدل. فالعلاقة الزوجية تستمر بالأمان، والأمان تصنعه التقوى.
لذلك عليكما بحفظ الأمان في علاقتكما، ويكون ذلك بتربية نفسيكما على الاستقامة كما أمر الله وتقوى الله والصبر والتعاون على البر والنصيحة والدعاء فالحياة مليئة بالامتحانات والابتلاءات وللاستمرار فيها بثبات وبصيرة يجب الاستعداد لكل ذلك بقوة القلوب وقوة الأعمال والاستعانة بالله عز وجل، والله يجنبكما الفتن والظلم والأذى، ويوفق بينكما بما يحب ويرضى.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
حسناء الشيخ

السلام عليكم ورحمة الله
ما الضوابط التي تجب علي كوني مخطوبة فقط كوعد بالزواج بدون عقد وهل يجوز أن أحادث خطيبي على الهاتف وإن كان حديثنا بالنادر والمضبوط

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x