صناعة الوعي بالجمال!

عالم الدعاية والتسويق يتحكم في وعي الجماهير وخاصة النساء، فمن يتأمل كيف ارتفعت مبيعات “مواد التجميل” في البلاد العربية تزامنا مع حشد إعلامي وتجاري جعل النساء يعتقدن أن شراء هذه المنتجات قضية حياة أو موت! سيدرك أننا أمام أكبر مؤامرة ضد نساء المسلمين بهدف استغلالهن ماديا وجني الأرباح!

للأسف يتم إغراق الأسواق بمواد التجميل وإيهام النساء أن هذه المواد ستكسبهن جمالا، بينما هي في الواقع مواد لإخفاء العيوب ولها تداعياتها على صحة البشرة مع الزمن، أصبحنا نشاهد تزايد الإقبال عليها حتى بين الصغيرات والأخطر من ذلك أصبح مستوى الزينة في الأعراس، ينتشر في الشوارع العامة!

اليوم يمكنك أن ترى امرأة تمشي في الشارع بزينة كاملة كانت لا تخرج بها إلا في عرس أو مناسبة مغلقة! وهذا من تداعيات الانجرار خلف الدعايات التجارية وضعف الثقة بالنفس والتعلق المرضي المزمن بهذه المواد التجميلية حتى أصبح الاستغناء عنها يعني تغير شكل من تستعملها بشكل كبير وصارخ! لدينا مشكلة.

ومشكلة هذا التعلق بهذه المواد لا ينظر لها فقط من باب الاقتصاد والأرباح التي تجنيها الشركات بل هي تمشي بالتوازي مع هدم جوهر شخصية المرأة المسلمة ويصنع في داخلها الضعف والهشاشة! وتعتقد أن هذه المواد ستصحح نقصا فيها فضلا عن تداعيات نفسية وجسدية تظهر مع الوقت، القضية تحتاج حقا لمعالجة!

من يتأمل تاريخ “العناية بالجمال” يجد ذلك الحرص على المواد الطبيعية والصحية، تدور كل الأساليب حول حفظ الأصل والعناية به من عوامل الأذى! لكن اليوم، نحن أمام صناعة الخداع، وبأثمان باهظة! بل الأسوأ من ذلك أن الكثير من الوصفات التي تنتشر على أنها تعالج وتكسب المرأة جمالا هي كذب واحتيال!

الكثير من المعلومات بحجة “العناية بجمال المرأة” هي مجرد أفكار تجارية لتسويق المنتجات، ولو قمنا بتجربة لهذه المواد مع مواد أخرى طبيعية وبالمقارنة سنجد مفعول الطبيعية أجدى بكثير وأفضل، لكن كيف نغير انطباعات وقناعات رسختها الدعاية المغرضة! كيف تقتنع المرأة أن الشركات الكبرى لا تستغلها!

أعتقد أن على الأطباء والباحثين صناعة وعي لائق في هذا المجال، وإن كان سيكون صادما لكثير من النساء، إلا أن العيش بخداع الرأسمالية له تداعيات لا تقل صدمة حين تتجلى الحقائق! اليوم نجد أنفسنا بحاجة لصناعة الوعي في كل تفاصيل الحياة ودقائقها! لشدة انغماسنا على طريقة الغرب ولسهولة الانجرار!

إنه لمثير للشجن حين ترى البرامج التلفزيونية تعلن إعلانات عن العناية بالجمال ثم لا تخرج عن إطار الترويج لقائمة من المواد المكلفة، طبقات فوق طبقات من المواد التي تخفي العيوب ثم يقال لك أنت الأجمل! وإن استغنت عنها يوما صارت الأتعس والأبشع! حتى صناعة الجمال أفسدوها بمكرهم وجشعهم!

واليوم أكثر طبقة مستهدفة هي الفتيات الصغيرات، حتى أصبحنا نشاهد ألوانا تتحرك في الشارع بجرأة وقلة حياء وغرور عجيب! كيف يمكن أن نطمع في صناعة وعي لائق بهذه الفتيات إن كان أكبر طموح لهن شراء مادة من شركة “لوريال” أو التنافس على أفضل طريقة للاحتيال بقطع كلها اصطناعية! كيف سيبصرن جوهر الجمال!

لا بد أن نعيد تصحيح مفاهيم الجمال ومقاييسه، لا بد من صناعة ثقة في قلوب النساء ووعي يصونهن من الاستغلال البشع! من ينظر في منحنى مبيعات مواد التجميل في البلاد العربية كيف يرتفع! يدرك أن التفاهة فعلت مفعولها في الأجيال وأن انعكاس انتشار الألوان في الوجوه يقابله ضعف وهشاشة كبيرة في القلوب.

نسأل الله أن يحفظ نساء المسلمين من دجاجلة هذا الزمان، من الإعلام الفاسد والشركات التجارية الجشعة ومن كل ما يصنع الخواء والسطحية والضعف! نحن بحاجة لنساء كالقلاع، مؤمنات صادقات، مسابقات في كل الميادين، وحسن التبعل لديهن فن وعلم وفقه! وليس للعرض في واجهات الشوارع، فالحرة تعاف ذلك!

وهنا نذكر الآباء بأهمية الاهتمام بهذا الباب، فالفتاة تتعلم العناية بنفسها وجمالها في البيت بأفضل الطرق الصحية والتقية، ولا يسمح لها بالخروج بهذه الزينة في الخارج، فهذا منكر عظيم! واستهانة أعظم أن يستمر بلا مبالاة ورقابة، ثم اعلم أنك ستؤثم أيها الأب بنشر الفتنة! حفظ الله شباب المسلمين.

أما أنت أيتها الأم والأخت والابنة وكل امرأة مسلمة، عنايتك بجمالك بأفضل الطرق الصحية والطبيعية تكون بتقوى الله وحفظ حدوده! والمؤمن كيّس فطن، فلا تكوني أضحوكة بين الأمم، فإن تعليقات الغربيات في هذا الباب يندى لها الجبين حتى أصبحت بعض نسائنا محط سخرية ومضربا للأمثال الهابطة! اللهم عفوك!

في الختام هذا باب يحتاج لمزيد تفصيل لكشف حيل الشركات والأفكار الخادعة التي تنتشر، ولإنقاذ بنات المسلمين من مكر يحاك! يمشي بالتوازي مع برامج الغزو الفكري، الذي أعظم أهدافه هدم جدية النساء المسلمات وتضليلهن لينشغل بهن الرجال، وتضيع أمة كاملة وتضيع الأجيال لصالح مجد الغرب على حساب مجدنا! وحسبنا الله ونعم الوكيل.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Jamila

جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ..

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x