تنبيه مهم بشأن الاستهانة بحكم النمص والسخرية من المسلمة الملتزمة بالأمر

هناك الكثير من الاستهانة بحكم النمص في زماننا، وفضلا عن ذلك يضاف له سوء المعاملة والسخرية ممن تلتزم الأمر بتحريم النمص، فكيف نتعامل مع هذا الصنف الذي يستهين بحكم النمص؟

الجواب:

قد ثبت عن الصحابي الجليل، عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله ‏الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله”.‏ والحديث في الصحيحين والسنن فهو صحيح لا ريب في ذلك. ‏

وروى أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لُعِنَت الواصلة والمستوصلة ‏والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء. قال أبو داود: وتفسير الواصلة التي ‏تصل الشعر بشعر النساء والمستوصلة المعمول بها ، والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، ‏والمتنمصة المعمول بها.‏

والواشمة التي تجعل الخيلان (جمع خال) في وجهها بكحل أو مداد والمستوشمة المعمول بها.‏

والمتنمصة التي تطلب النماص والنامصة التي تفعله، والنماص: إزالة ‏شعر الوجه بالمنقاش، ويسمى المنقاش منماصاً لذلك، ويقال إن النماص يختص بإزالة شعر ‏الحاجبين لترقيقهما وتسويتهما. كما جاء في فتح الباري.

وحكم تحريم النمص لا يمكن تجاهله أو التهوين منه، وما تفعله بعض الجاهلات من استثناء النمص واعتباره شيئا درجت عليه النساء في زماننا إنما هو تبرير الهوى والريبة التي لا تزال تشغل القلوب، نسأل الله العفو والعافية.

ولتحذر من تتخذ من ذلك مبررا للإعابة على المسلمة التي تلتزم بالأمر وترفض النمص، ولتتق الله في نفسها ولا تجمع بين معصية الله تعالى وظلم من استقامت  على أمر الله تعالى.

فهذه جريمة مضاعفة لن تكون سعيدة بتحمل وزرها.

والقضية قضية ذوق فسد، فقد ألزمت النساء بشكل بعينه للحاجبين، وفي كثير من الأحيان يكون حقا بشعا ومنفرا، بل ويعكس ملامح شريرة، ومع ذلك يتنافس فيه النساء لأنه “موضة” أو لأنه رائج وتصنعه الفاسقة أو الكافرة المشهورة، وتلك سلطة ثقافة غالبة محاربة. وقد شاهدنا ما تفعله االدعاية المفسدة التي تصور النمص بطرق يصعب أن يعود فيها الحاجبان لشكلهما الطبيعي، فيكون تغييرا لخلق الله محرما.

ولا أجمل من  الجمال الطبيعي الذي يحفظ للمرأة نقاءها وصفاءها أما الدخن والتدخلات التي تغير خلق الله فخداع للنفس والغير وموجبة لذهاب البركة! فحتى الجمال يتمتع بالبركة عند الاستقامة.

نحن بحاجة لانتفاضة على مقاييس الجمال التي فرضتها الرأسمالية وأفقدت المرأة الثقة في نفسها وفي ما حباها الله تعالى من جمال، بل ووصل الأمر أن تتحول الجميلة لقبيحة لكثرة ما تعبث  بشكلها من تدخلات مؤذية للبشرة وتفاصيل الوجه. أو لما يعتقده الناس أنه مهم في تحديد قيمة الجمال، فكثرة المساحيق والنمص والرموش الاصطناعية والتفاصيل التي لو اضطرت المرأة لأن تظهر على حقيقتها بدونها لما عرفها الناس! وذلك لما تحدثه من تغيير كبير يفقدها هويتها ويسلبها جمالها الحقيقي.


وكم من جميلة تقية هي في نظر هؤلاء متخلفة رجعية غير جميلة لأنها لا تقبل النمص! وهذا من فساد الذوق والمقاييس.

ويبدو أن إغراق العالم بهذه النماذج العاصية والتي وصلت إلى ذوق فاسد وبهيمي! أصبح السائد ويحكم مقاييس الجمال في العالم، وهو ما يجب ألا تنهزم له المسلمة، التي تعتز بإيمانها وتستعلي بإسلامها وتعلم أن الجمال هبة من الله تعالى لا يليق كفره بالمعصية والذلة لأذواق العاصيات.

وكل من واجهت الاستخفاف والسخرية من استقامتها، فلا تبالي بعاصية ولا مستهينة بمعصيتها، فإنما الجمال جمال الروح والخلق والعقيدة، وما دون ذلك، حطب جهنم! فاعتني بجمالك بما يرضي الله تعالى وبما فيه حفظ قيمتك وجوهرك.

والقضية اعتياد، فمن اعتادت على رؤية جمالها الحقيقي لم تعد تلتفت للناقصات اللاتي يحاولن تغطية نقص في ذواتهن بكل ما فيه معصية لله تعالى، ويدخل في ذلك إبراز مفاتنهن وتفاصيل أجسادهن للرجال الأجانب، فهو في الواقع نوع استجداء للاهتمام والنظر لنقص فيهن.

والمستقيمة كما أمر الله تعالى لها طرقها في الزينة والمحافظة على جمالها تكفيها، عن طرق المعصية بحمد الله تعالى.

والمستقيمة كما أمر الله تعالى يبارك الله لها في جمالها وخلقها وعلاقتها مع زوجها بل وفي كل تفاصيل حياتها تستشعر البركة “حياة طيبة” كما أنها تنال قبسا من البصيرة فتستقيم آراؤها وأحكامها.

قال محمود شاكر رحمه الله:”ومَن استطاع أن يعرف سِرَّ القبح فاشمأزَّ منه، فهو خليقٌ أن يعرف سرَّ الجمال فيهتزّ له”.

فالقضية هي في القلوب التي تنظر وتحكم، وليست في المشاهد!

وأنصح أن تنبري الداعيات لله لحملات توعية بما حرم الله تعالى على النساء وأن ينقلب الموقف، من أن تتعرض المسلمة للإعابة لأنها التزمت أمر الله تعالى إلى الإنكار على العاصية التي يجب أن تشعر بالخجل مما تجاهر به من معصية لله تعالى، فمنذ أهملنا شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، استهان الناس بالمنكر وألفوه وعايشوه وأصبح هينا بل مطلوبا ومنقبة بينهم في نظرهم وهذه مصيبة كبرى!

ويجب التنبيه إلى أن السخرية من أحكام الدين بشكل متعمد كفر، والسخرية من أحكام الشريعة هي طريقة الكافرين والضالين والحمقى.

قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ).

قال ابن كثير رحمه الله: قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا : قال رجل من المنافقين: ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، فقال :( أبالله وآياته كنتم تستهزؤون ؟ إلى قوله – كانوا مجرمين .. الخ ).

نسأل الله أن يحفظ المسلمات ولا يسلط عليهن ظالما ولا ظالمة، ولا منافقا ولا منافقة، وأن يبارك لهن في استقامتهن ويؤيدهن بنصره وبالمؤمنين ويقر أعينهن ببركات استقامتهن كما أمر الله عز وجل.

والمؤمنة المستقيمة كما أمر الله عز وجل هي الأجمل دوما. ولا قيمة لجمال بدون إيمان.

منشورات سابقة عن الجمال:

جمالك نعمة، فصونيه كما يريد الله ويرضى، واجعليه في سبيل الله ولله، وأول هذا الأمر اتباع وصبر وسعي للأرقى، واعلمي أن سر السعادة ليس جمال ملامحك، فكم من الجميلات تجرعن غصاصة التعاسة، ولكنه جمال الروح، به تدوم القوة وتزدان المرأة. فاللهم كما حسّنت خَلْقهن فَحَسِّن خُلُقهن.

إن مقاييس الجمال التي تروّج لها الآلات الإعلامية والتجارية والعلمانية على حساب الجمال الحقيقي والإسلامي، قد أفسدت المجتمعات المسلمة والعلاقات وحتى البيوت، منذ أصبح مشهد تحرر المرأة الخروج كاسية عارية في الطرقات والتسابق المحموم على الماركات.
وهذا الاستعباد بعينه في العصر الحديث.

مقاييس الجمال ترتبط ارتباطًا وثيقا بالذوق، فإن فسد الذوق فسدت هذه المقاييس، واليوم فسد الذوق وساد الغش، فأصبح الجمال يقاس على نموذج مشوّه بعدد عمليات التجميل وكمية المساحيق التي لا يُستغنى عنها وقاعدة خالف تعرف، مما يجعل البشاعة جمالا. والجمال الطبيعي لا يختلف عليه الناس إن لم تفسد أذواقهم.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Lights

جزاكِ الله خيرًا دكتورة ليلى
لو ابتعدت عن النمص الذي هو نتف الشعر بل الآن هناك التشقير بالليزر الذي ينتهي بسقوط الشعر
نسأل الله أن يبعدنا عن الشبهات…

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x