التوحيد قبل كل شيء في الرد على النسوية

لمن يريد تحقيق تأثير هداية حقيقي لا مجرد السخرية من معارك النسويات. لا أزال أكرر، الردود التي تصاغ ضد النسوية يجب أن تنطلق من عقيدة التوحيد وترسّخ عقيدة التوحيد، فالردود العاطفية الاستعراضية التي تكتب لمجرد النيل والإغاظة والنكاية غير ناضجة ولا مصيبة لأنها تحدث الفوضى والضجيج ولا تنصر الحق.

لا يوجد شيء اسمه “كلمة الذكر هي العليا” هذا بهتان عظيم وجهل كبير، إنما كلمة الله هي العليا، وكلمة الحق تعلو أكان قائلها ذكرا أو أنثى والأصل أن نعزز تعظيم الإسلام في القلوب، ونرسخ عقيدة التوحيد لا الذكورة! ما يجري من فوضى الردود الصبيانية غير الواعية في هذه الساحة خطير من ذلك وجب التنبيه.

معارك النسوية ليست معارك بين الرجال والنساء، إنها معارك بين الحق والباطل، إنها معركة الإسلام ضد الكفر، فمن أراد أن يخوضها فعليه بالعلم، أما الخوض بجاهلية أخرى فهذا هدم لأصول الدين والمشكلة الأكبر فرق تشجيع لا تميز الغث من السمين، لا تبحث إلا عما ينتصر للرجل أو المرأة بغض النظر عن الإسلام.

غياب العلماء عن هذه الساحة لقيادة الردود على مرض النسوية أدى إلى تصدر كل من هب ودب، بلا مؤهلات علمية وشرعية مما يهدد شريحة أخرى لم تكن تعرف النسوية أساسا ولم تكن تتعاطف معها، لأن الانحراف يعالج بالاستقامة لا بالجهل لا بالجاهلية. نحن في زمن فتن كقطع الليل المظلم الحصانة منها بالتقوى.

ستستمر النسوية في غيها هذا واقع، وستستمر الاستجابة الخاطئة لها هذا واقع أيضا، لأنه يعكس درجة البعد عن العلم وأصول الدين وتداعيات جاهلية العصر الحديث على جميع شرائح الأمة، ولعل أبرز ما تفتقده هذه الساحة تعظيم حق الله قبل أي حق، واتباع عقيدة التوحيد قبل أي هوى والاستقامة بلا ركون وطغيان.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:

“اجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد فإنه لا يوصِل إلى الله سواه، واحرصوا على القيام بحقوقه فإنه لا ينجي من عذاب الله إلا إياه”.

(كلمة الإخلاص ص54)

قال ابن القيم رحمه الله:

“فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب سبحانه في القلب، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمًا وإجلالًا، وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حقَّ عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته؛ قال تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح: 13]؛

قال ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهما: لا ترجون لله عظمة، وقال سعيد بن جبير رحمه الله: ما لكم لا تعظمون الله حقَّ عظمته، وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت”.

مدارج السالكين، 2، 495.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
علي موسى

بارك الله فيكم وزادكم من فضله وكرمه

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x