الانبعاث الإسلامي في ضوء خلاصات ابن خلدون

تمر الأمة الإسلامية بمرحلة مصيرية هي بلا شك -على ما فيها من ألم واضطراب وحجم خسائر وفشل – حقبة ما قبل الانبعاث الإسلامي من جديد، لكنها مرحلة تتطلب الكثير من الوعي والجد والتحول من حالة التواصي بالحق إلى العمل بهذا الحق والخروج من دائرة الانحياز العاطفي للإسلام إلى دائرة العمل الحقيقي للإسلام بالإسلام.

وللأسف لا تزال هذه أكبر عقبة أمام المسلمين اليوم، فهم يحملون الإسلام فكرة لكنهم لا يترجمونه عملا وحركة، واختزلت عظمته في بعض الشعائر والمظاهر، هذا دون الحديث عن تشويه فكرته بالأساس في حالات. بينما الواجب أن يحكم دين الله الأرض بمنظوماته المتكاملة في كل ميادين الحياة.

يقول مالك بن نبي في “مشكلة الثقافة”:”إن الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكرة، ولكن منطق العمل والحركة، وهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلامًا مجردًا”.

والمتأمل في حقائق التاريخ يجد لانبعاث الأمة قواعد ترتكز عليها كما ارتكزت عليها الأمم السابقة، سلط عليها الضوء عدد من الباحثين النجباء، إلا أنني سأقف في هذه السطور مع خلاصات أشهرهم، وهو عبد الرحمن بن خلدون وما بسطه في مقدمته التي كتبها في عام 779هـ (1377م) كمدخل موسوعي لمؤلفه الموسوعي: “العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”.

أهمية مقدمة ابن خلدون

ولعل ما يجعل هذه المقدمة مهمة للغاية -بعيدًا عما تحمله من علم كثير ومتخصص- أن كاتبها عاصر مرحلة انحدار الحضارة الإسلامية، في نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)، حيث شهدت نهاية العصور الوسطى تغيرات كبرى، في مقدمتها تراجع الشرق الإسلامي وسقوط الخلافة العباسية على يد المغول أيام تيمور لنك، وفي الغرب الإسلامي، انحسار حكم المسلمين في غرناطة، ثم سقوط جميع الممالك الأندلسية في يد النصارى، أما في شمال إفريقيا فانهارت دولة الموحدين خلال وقت شهد فيه الغرب بداية نهضته وتقدمه على حساب نهضة المسلمين وتقدمهم.

لقد كتب ابن خلدون خلاصاته في هذه الأجواء من انقسام العالم الإسلامي لممالك صغيرة ممزقة وبداية زحف القوى الأوروبية إلى شمال أفريقيا وهو زحف كان يتغذى على تفرق المسلمين بتأجيج صراعاتهم والأزّ على تشرذمهم، وفق مبدأ “فرق تسد”. يساعده في ذلك تفشي ظاهرة الخيانة والاصطفاف مع معسكر الكافرين والانحرافات العقدية والأخطاء المتراكمة، مما دفع ابن خلدون لبحث التفسيرات لهذه الحوادث التي عاصرها والتي لم تقف على حال الإنسان والدول بل شملت أيضا الجغرافيا والكوارث الطبيعية، كالطاعون، الذي أهلك ما يقرب من ثلث البشرية في العالم في عام 749هـ  (1348م).

ثم ما يجعل أيضا طرح ابن خلدون بالغ الأهمية هو حقيقة أن خلاصاته تقدم علمًا بقوانين المجتمعات عبر التاريخ، وهي القوانين التي يمكن تطبيقها على كل المجتمعات في مختلف الأزمنة ويمكن الاستفادة منها لترشيد الجهود وتوجيهها باتجاه الاستقواء، فعمر الإنسان قصير ولا يدرك بنظره التحولات الكبرى في المجتمع إلا بتمعن ونظر في سنن الله في الكون والخلق وما مضى لإدراك الحاضر والمستقبل.

يقول ابن خلدون عن محتوى تأليفه:”وشرحت فيه من أحوال العمران والتّمدّن وما يعرض في الاجتماع الإنسانيّ من العوارض الذّاتيّة ما يمتّعك بعلل الكوائن وأسبابها، ويعرّفك كيف دخل أهل الدّول من أبوابها، حتّى تنزع من التّقليد يدك، وتقف على أحوال ما قبلك من الأيّام والأجيال وما بعدك ورتّبته على مقدّمة وثلاثة كتب”.

واقع الضعف والقوة دوري في التاريخ

من أبرز ما رصدته مقدمة ابن خلدون من خلال دراسة التاريخ، أن واقع الضعف دوري بين الأمم، كما أن واقع القوة مرتبط به، فهي دورة حياتية، تنتظم وفقها حياة الدول كما الأفراد والحضارات كما المجتمعات.

ونحن اليوم في مرحلة الدورة الأضعف، حيث يتفشى الظلم ويستبد الحكام ويتضاعف نهبهم للمحكومين بدون أي رادعٍ، ويُفتقد العدل، ويتسلط الأعداء، وتنهار الدول ويكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدعون والكتبة والقوالون .. والمتصعلكون وضاربو المنديل وقارعو الطبول .. والانتهازيون .. وتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط .. ويضيع التقدير ويسوء التدبير. وكذلك وصف ابن خلدون حالة الضعف التي كانت تعيشها الأمة في عصره، موصيًا بضرورة التدبر في الأسباب التي أدت لمثل هذه الحال وأسباب الخروج منها كما تمضي سنن الله في الأرض.

في الصورة، قانون ظاهرة الحضارة كما نقله مالك بن نبي عن ابن خلدون. كل حضارة تقع بين حدين: الميلاد والأفول. ولكل مرحلة أسبابها الرئيسية.

أسباب انبعاث الأمة الضعيفة

من هنا، دعونا نستطلع الأسباب التي يُعدّ اجتماعها مهما لتحقيق انبعاث الأمة والانتقال من طور الضعف إلى القوة، لعلنا نحول العلم بالتاريخ الذي بين أيدينا منذ عقود، إلى قوة محركة تغيّر واقعنا بجدّية وفعالية، يكون لها كلمتها يوما ما، بدل أن يبقى مجرد مواد نظرية للمطالعة والمعرفة.

فما فائدة العلم الذي لا يُعمل به، وما المرجو من المعرفة التي لا يُرى لها أثر تغيير حقيقي في حياة الأفراد والمجتمعات. خاصة وأن الانبعاث لا ينطلق إلا من ضعف، وأن أول ما يجب أن ننطلق به، بعد معرفة أسباب صناعة القوة هو ترتيب حياتنا وشؤوننا وأهدافنا وحركتنا وفق ذلك على مستوى الفرد والمجتمع.

إنها السنن الإلهية

لا ينفك القرآن الكريم يرد المسلمين إلى سنن الله في الأرض، يردهم إلى النواميس التي تحكم هذه الدنيا، فإذا هم درسوها حق الدراسة، تكشفت لهم الحكمة وأسرار القوة واستشرفوا خط السير ليمضوا فيه بخطى ثابتة، ولم يعتمدوا على مجرد كونهم مسلمين، لينالوا النصر والتمكين بدون أن يبذلوا جهدهم في تحصيل أسباب هذا النصر والتمكين والذي مفتاحه الأول (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ). 

ولقد أشار لذلك ابن خلدون عند حديثه عن موازين القوى التي تمضي في الأساس لكن يصاحبها المشيئة الإلهية. فالله يدبر الأمر يفصل الآيات، سبحانه قادر على كل شيء. قد دلّنا على سننه في الأرض لنعتبر ونجتهد، وهل نطمع في تحقيق شيء من طريق غير طريقه الذي أمرنا باتباعه سبحانه! قال تعالى (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) (الفتح: 23) وقال تعالى (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216).

نسلط الضوء الآن على بعض أهم موازين القوى التي تصنع الاستقواء وتمهد للانبعاث. مستحضرين حقيقة أن من لم يعمل على استحقاق التمكين، كانت له بالمرصاد سنة التبديل، (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) وسنن الله لا تحابي أحدًا.

  1. صناعة الرجال والنساء المؤمنين

هذه أول أعمدة الانبعاث، صناعة المادة الأولى للحضارة، إنه الإنسان الذي يحمل العقيدة والفكرة وينطلق في آفاق الزمن بما يحمل من مقومات متوفرة بين يديه، لصناعة القوة والريادة. وهذه صناعة لابد أن تبدأ من الإسلام وبالإسلام. وهنا يكمن كل السر!،  تناولها ابن خلدون من عدة زوايا تصب كلها في صناعة الإنسان القادر على تحدي الصعاب بروح مؤمنة قوية تدرك ماذا تريد وكيف تحققه.

يلخص ابن خلدون دورة حياة المجتمعات في أن الأوقات الصعبة تصنع رجالا أقوياء .. والرجال الأقوياء يصنعون أوقات الرخاء .. وأوقات الرخاء تصنع رجالا ضعفاء والرجال الضعفاء يصنعون أوقاتا صعبة!

هذا يقودنا إلى حقيقة أننا في المرحلة المناسبة لصناعة الرجال الأقوياء، فلا بد أن يخرج لنا هذا الضعف رجالا قادرين على صناعة التغيير وإحداثه، وبدون مادة هؤلاء الرجال الأقوياء لن نحلم بالخروج من حال الاستضعاف التي يرزخ تحتها المسلمون منذ زمن بعيد.

ومما يستفاد من خلاصات ابن خلدون في باب صناعة الرجال، أن فساد الفرد معدي لبقية أفراد أسرته، ثم مجتمعه، كذلك صلاحه يجب أن يكون مؤثرًا بالإيجاب في محيطه وأمته. وأن الإنسان متى ما استحكمت فيه صبغة الرذيلة وفسد خُلق الخير فيه لم ينفعه زكاء نسبه ولا طيب منبته.

وأن الدنيا وأحوالها كلها مطية للآخرة ومن فقد المطية فقد الوصول، فليكن أعظم سيرة المرء وأفضل رغبته ما كان لله عز وجل رضًا ولدينه نظامًا ولأهله عزًا وتمكينًا وللملة والذمة عدلًا وصلاحًا.

فإن فاتنا الجيل المعاصر، فلا بد من استدراك الجيل القادم، وتربيته تربية تجعله قادرًا على تمثيل الإسلام قولًا وعملًا. وهذا واجب لا يقبل التسويف أو التطفيف. ولا تزال الدعوة لله على بصيرة سبيل إصلاح لمن حاز فضلها. والعبرة في هذه الصناعة، الكيف قبل الكمّ، فكلما كان الجيل صفوة الأمة بعقيدة سليمة وخلق رفيع، كلما كان التأثير عظيمًا. والكيّس الفطن يبدأ بنفسه، ليخرجها نموذجًا صالحًا على مقياس الإسلام العظيم فكرًا وعملًا، ثم يؤثر في محيطه. 

  1. الاجتماع على العقيدة الدينية

يؤكد ابن خلدون في نظريته على أن الحضارة تنشأ من فكرة دينية، وليس من غيرها، وأن الفكرة الدينية هي المحرك الأساسي والدافع الرئيسي لتطور الأمم، وبناء الحضارات وأنه لا حضارة بلا دين.  ومعنى ذلك أنه لكي تستمر الحضارة، ينبغي استمرار مدها بعناصر القوة من خلال الفكرة الدينية .

وأشار إلى أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية وأن الصبغة الدينية في العصبية تجعل التنافس في أقل درجاته، فيقل فيها الخلاف وتصبح الأهداف إلى حد ما موحدة ولو بشكل صوري.

والقاعدة الخلدونية أن المجتمعات تمر في فترات بناء الحضارة بمفاسد عدة تحتاج إلى معالجات وسياسات لتجاوزها، على رأسها البعد الديني والانحراف العقدي والترف وطاعة الشهوات بمختلف أنواعها وغلاء الأسعار. وجميعها وأكثر اجتمعت في زماننا.

وقد صدق ابن خلدون حين خلص إلى أن العرب بغير الإسلام لا يساوون قلامة ظفر، بل وكل الأعراق والأجناس هم بدون الإسلام همل.

ولا بد أن نذكر هنا خلاصات مالك بن نبي التي ركزت على العنصر الرئيسي في تكوين الحضارة، وانطلاق حركة التاريخ، وهو العقيدة الدينية، إذ يرى مالك أن كل حضارة لا بد لها من عقيدة دينية، تكون هي السبب في نموها وسيادتها. وفي ذلك يقول: “فالحضارة لا تنبعث -كما هو ملاحظ- إلا بالعقيدة الدينية، وينبغي أن نبحث في حضارة من الحضارات عن أصلها الديني الذي بعثها”.

وحين يشرح عوامل السقوط وأسباب الهلاك يوضح أن أفول حضارة من الحضارات إنما يرجع إلى تغلب جاذبية الأرض عليها، وتخليها عن فكرتها الدينية التي كانت سبب مبعثها، “ومن هنا نستطيع أن نقرر أن المدنيات الإنسانية حلقات متصلة تتشابه أطوارها مع أطوار المدنية الإسلامية والمسيحية، ثم يبدأ أفولها بتغلب جاذبية الأرض عليها، بعد أن تفقد الروح ثم العقل”.

ويرى مالك أن مراحل التطور قد اجتازها المسلمون بفكرتهم الدينية التي أنتجت الحضارة، ولكنهم للأسف ما لبثوا أن عادوا إلى الحياة البدائية بسبب انكماش تأثيرات الروح والعقل وانطلاق الغرائز الدنيا من عقالها، فيقول:”وكذلك كان المسلم، فقد بعث الدين فيه روحًا محركا للحضارة فلم يلبث بعد مرحلة قضاها في الخلافات والحروب أن عاد إلى حيث هو الآن إنسانًا بدائيًا”. ولاشك أنه يستند في تقرير ذلك لقاعدة تاريخية فـ”التجارب التاريخية العامة تؤكد أطوار الحضارات هذه، ولا تكاد حضارة ما تشذ عن هذه القاعدة”.

لذلك يجب التنبيه إلى أن الانطلاقة هي من الاجتماع على الإسلام والعمل بالإسلام، الإسلام الصحيح لا النسخ المخترعة بإشراف أعدائنا في زماننا. إنه الإسلام الذي نتعلمه بالالتزام بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح (وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).

يقول الدكتور عبد الرحمن علي الحجي: “أن الأمّة المسلمة في أيّ حال كانت من الانحدار، هناك طريق واحد إلى النهوض هو العودة إلى دين الله، وإني لأظنّ بدون أيّ تحفّط أن الإسلام هو مستقبل هذا الأرض”.

من هنا خلاصة أولى بالغة الأهمية، لن تنبعث هذه الأمة من جديد إلا من عقيدة الإسلام، فلن يعيد مجدها الديمقراطية ولا العلمانية ولا الشيوعية ولا أي أيديولوجية أخرى. فلنعد ترسيخ هذا المفهوم  قولا وعملا، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :”نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله “.

وكل دعوة مخالفة للإسلام منحرفة عنه إنما هي الخسارة والفشل ومضيعة للوقت والجهد، يقول مالك بن نبي في “شروط النهضة” (ص26): “فليس للانحراف طرق مرسومة نظريًا ولكن له دروبًا مظلمة يتعثر فيها السائر في كل خطوة”.

  1. العناية بصناعة الهمة اقتداء بالبدوي

إن حمل الإنسان لعقيدة الإسلام لابد أن يُترجم لهمة عالية كقوة ضاربة في الأرض تحقق التغيير في حياته وتمهد للأمة الصعود من جديد، وتلك معادلة متكررة قال تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11).

وقد كان لافتًا تركيز ابن خلدون على خصائص تتعلق بعلو الهمة وصقل النفس على تحمل الشدائد، حين تناول المميزات الأخلاقية والاجتماعية لأهل البادية، وما يمتازون به من شجاعة على أهل الحضر، ولعل أهم ما عرضه في هذا الباب ضرورة وجود حياة البادية بما فيها من اشتغال بالفلاحة وتربية الماشية، مع كل حياة مدنية.

ثم صفة هذا البدوي الذي يمكنه العيش بالحد الأدنى من الضروريات على عكس المدني. وعلى الرغم من أن كلا المجتمعين ضرورين، البدوي والحضري إلا أن البدو هم أقرب إلى صناعة الغير، لكونهم أهل فطرة.

مع ذلك لاحظ ابن خلدون من التاريخ أن البدو عندما يستقرون في المدن يعطونها حياة جديدة وتظهر فيها علامات الانحطاط الخلقي. لأن الترف يفسد أخلاق أهل المدن.

هنا يقدم لنا ابن خلدون إشارة مهمة لصناعة الجد والرجال، وهي ضرورة أن يكسر الإنسان نمط المدنية في حياته فيحمل نفسه على مشاق البداوة فيدخل في برنامج حياته اليومية النشاطات التي تجبره على تحمل مسؤولية وأعباء الأعمال بلا ترف. وأقول لو حرص المرء على هذه القاعدة مرة في الأسبوع لكفته لصقل نفسه وتعويدها صفة العصامية والانسجام مع الظروف الصعبة وعدم استصعاب المشاق. وهذا من صميم أسرار صناعة الهمة.

وأما خلاصته عن الترف والإفراط في الحضارة مما يؤدي إلى خراب الدول فإن في ذلك إشارة أخرى إلى أن البدايات القوية لا تكون من الترف والدعة، بل لابد فيها من الشدة والقسوة. وهذا ادعى لديمومة ملكها واتساعه. ولعل هذا ما يفسر لماذا الأمم غير المتمدنة يتسع ملكها أكثر من المتحضرة.

وسنجد حديث ابن خلدون في هذا الباب يتجه دائمًا إلى أن حياة البساطة بلا تكلف نفسها تعطي الإنسان مستوى من الفضيلة لكونه بعيدًا عن المغريات التي تفسد الروح والتي تتواجد في المدن. والبدو يعيشون الإنسانية بمعانيها حيث البساطة وأواصر العلاقات القوية والتآلف ومساعدة الآخرين. وكل هذه معاني يصنعها الإسلام في نفس الفرد والمجتمع إن التزم به، ولذلك كان الزهد والورع والإيثار من سمات السابقين الأولين، فكانت قلوبهم حية وأعمالهم مسابقة باستمرار، ولاشك أن لذلك بركاته على أداء الفرد كما المجتمع.

ويرى ابن خلدون أن سبب نجاح الجيل الذي يصنع الحضارة يكمن في أن الجيل الأول لم يزالوا على خلق البداوة وخشونتها من شظف العيش والبسالة والافتراس والاشتراك في المجد، فلا تزال بذلك سورة العصبية محفوظة فيهم، فحسهم مرهف، وجانبهم مرهوب، والناس لهم مغلوبون.

لذلك من المهم استيعاب حقيقة أن هزيمة الغرب المتقدم والصمود أمام غزوه، يتطلب صناعة همم لا تنهزم لمغريات حضارته المادية، تكون قادرة على العيش بالأساسيات والاستغناء عن الكماليات، تتقن ثقافة الاستغناء عن الترف، لتذهب الجهود والأموال الموجهة عادة لهذه الكماليات للإنفاق على المشاريع الجادة لتحقيق التغيير المرتقب. تضخ في مشاريع مؤسساتية تحول الفكرة لمشروع والفرد لمصنع رجال، كما كان جيل الصحابة رضي الله عنهم.

 إن رفاهية الغرب وترف الحياة الذي يغري به الأجيال لا بد أن ينكسر أمام عزيمة المسلمين الحريصين على صفات البداوة التي شيّدت حضارة إسلامية ممتدة، بدايتها تكون بالنأي بالنفس عن هذا الترف.

ومن المعلوم أن معادن الناس لا تكشف في السكينة فهم فيها سواء فإن جاءت المحن تباينوا، ونحن بحاجة لتلك المعادن التي تصمد في المحن، فطريق نصرة الإسلام طويل وشاق ويتطلب قلوبًا مؤمنة قوية متجددة العزم والهمة.

والخلاصة الذهبية في هذا الباب أن المرء مطالب بصيانة نفسه، فإذا فسد في قدرته ثم في أخلاقه ودينه، فسدت إنسانيته وصار مسخًا على الحقيقة كما وصف ابن خلدون، وصناعة الهمة في الفرد، مهمة كل فرد، رجلًا كان أو امرأة، وتبدأ من التخلص من التعلق المزمن بالترف وترشيد الاستهلاك لما فيه فائدة لنصرة الإسلام وإعادة إحيائه في الأمة والتحلي بصفات البدوي التي تميز بها واستقوى.

  1. التعليم من أهم قواعد الانبعاث

لا تخفى على عاقل أهمية التعليم في تحقيق انبعاث الأمم، وهو الباب الذي أولاه ابن خلدون اهتمامًا كبيرًا، حيث سخّر له قسمًا ضخمًا من البسط والشرح، ولعل أبرز ما فيه، تقديم تفاصيل مهمة لوظيفة المعلم، ووصايا لتأدية مهمته على أكمل وجه، فينصح بضرورة مراعاة عقل المتعلمين وعدم الشدة عليهم لأنها مضرة بهم ويوصي بالتدرج في تلقين التعليم على ثلاث مراحل وبالرحلة لطلب العلم. كما يلفت الانتباه إلى قضية الاختصاص في طلب العلم، إذ ينصح بالانشغال بالعلوم واحدًا واحدًا.

واكتساب الملكات يأتي عن طريق التعلم، يقول ابن خلدون في ذلك”والملكات لا تحصلُ إلا بتكرار الأفعال؛ لأنّ الفعل يقعُ أولاً وتعود منه للذات صفة، ثم تتكرر فتكون حالًا، ومعنى الحال أنّها صفة غير راسخة، ثم يزيد التكرار فتكون مَلكة أيّ صفة راسخة”.

أيضا يرى ابن خلدون أن كثرة التأليف لا تعيق المتعلم لكن في المقابل كثرة المختصرات تضره. وكان جميلا تقرير ابن خلدون أن التعليم صناعة وأن شعور الإنسان بجهله ضربٌ من المعرفة.

وكما اتفق السابقون فإن اللغة هي أحد وجهي الفكر، فإذا لم تكن لنا لغة تامة صحيحة، فليس يكون لنا فكر تام صحيح. وهذا ما يدفع لضرورة العناية باللغة العربية كأحد أسباب النبوغ والتفوق.

ثم إن الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه إنما هو بحصول ملكة في الإحاطة بمبادئه وقواعده، والوقوف على مسائله، واستنباط فروعه من أصوله، وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفن المتناول حاصل وهي قاعدة نفيسة يقدمها لنا ابن خلدون في طريق العلم. نضيف لها خلاصته في أن الكتابة وما تبعها من الوراقة حافظة على الإنسان حاجته، ومقيّدةٌ لها عن النسيان، ومُبلّغةٌ ضمائر النّفس إلى البعيد الغائب، ومُخلّدة نتائج الأفكار والعلوم في الصّحف، ورافعة رتب الوجود. وفي ذلك إشارة جميلة أخرى لأهمية تقييد العلم والتأليف. وهو مقياس تُقاس به حضارة الشعوب منذ القدم.

وإنه لمن المهم العناية بقاعدة الوقت في عملية التعليم، فالتغافل عن محاولة فهم الأمور التافهة يسمح بادخار الوقت لما ينفع. وحسن إدارة الوقت من أهم أسباب تحقيق الإنجازات.

ولعله من المهم ربط هذه الوصايا والتوجيهات، بأحد أسباب تشويه المعرفة ذكره ابن خلدون أيضا في مقدمته، حيث قال:”إن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهله، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها من الانتقاد والتمحيص فتقع في قبول الكذب ونقله”. وأرى في ذلك قاعدة مهمة جدًا في ضبط منافذ التعليم والإعلام مما يصنع وعي الفرد والمجتمعات. فكل هذه التفاصيل تدخل في صناعة القوة ومحاربة الجهل وبراثنه. قال مالك بن نبي:”الجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكارًا بل ينصّب أصنامًا” وقال أيضا: “ألا قاتل الله الجهل .. الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام لأن جهل العوام بيّن ظاهر يسهل علاجه أما الأول هو متخف في غرور المتعلمين”.

وللأسف فكما أن طريق العلم عظيم في آثاره جليل في فضائله وبركاته، إلا أن فيه قطاع طرق وأمراض تحتاج ليقظة وحسن معالجة، يقول مالك بن نبي:” عانت مجتمعاتنا في عصور الضعف مشكلة الأمية والجهل ولكنها عندما حاولت النهوض أصيبت بمرض مستعصي وهو التعالم”.

كل هذا يصب في خانة ضرورة تولية الاهتمام البالغ لثغر التعليم ولا يمكننا أن نطمع في نتائج مبشرة في هذا الميدان بالاستمرار ضحايا الهيمنة الغربية على مدارسنا، والتبعية النكدة للتدريس النظامي الذي أصبح يهدم الإسلام في حياة الجيل تنفيذًا لتوصيات أرباب العلمانية، فإنقاذ هذا الجيل يبدأ بإيجاد البديل وهو التعليم المستقل الذي يمكن للأمهات والمربين تولي إدارته سواء بالتعليم المنزلي أو بإنشاء مدارس خاصة مستقلة، بمناهجها الإسلامية الخالصة لتربية جيل يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان من خيار هذه الأمة على طول امتداد الزمن.

  1. مقاومة سلطة الثقافة الغالبة

وكما يحدث اليوم بشكل صارخ يؤكد ابن خلدون أن “الهزيمة تضعف العقيدة وتذوب معها الأمة وتنصهر في مطامع وهويات الأمم الغالبة، وأن والمغلوب يتشبّه أبدًا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتّخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحواله”. من هنا تظهر أهمية كسر هذه الانهزامية المخيفة للغرب، وحتى الشرق، ويكون ذلك بالاستعلاء بالإيمان، والأخذ بكتاب الله وسنته، ويكفي من ذلك قول الله تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (البقرة: 120) ثم الحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله, اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟”.

لابد من التوقف التام عن تقليد الغرب في كل شيء، والاقتصار على أخذ ما يفيد من علوم لصناعة القوة المادية دون المساس بالعقيدة الدينية ونظام الحياة الإيماني للمسلمين، في سبيل توفير حصانة ضد الاتباع المنهزم للغالب.

ولنتأمل كلمة مالك بن نبي، في شروط النهضة (ص31):”الاستعمار ليس من عبث السياسيين ولا من أفعالهم، بل هو من النفس ذاتها التي تقبل ذل الاستعمار والتي تمكّن له في أرضها، وليس ينجو شعب من الاستعمار وأجناده إلا إذا نجت نفسه من أن تتسع لذُل مستعمِر، وتخلصت من تلك الروح التي تؤهلها للاستعمار”.

ويضيف مالك:”الحضارة لا يمكن استيرادها من بلد إلى آخر رغم استيراد كل منتجاتها ومصنوعاتها. لأن الحضارة إبداع  وليست تقليدًا أو استسلامًا وتبعية كما يظن الذين يكتفون باستيراد الأشياء التي أنتجتها حضارات أخرى. فبعض القيم لا تباع ولا تشترى  ولا تكون في حوزة من يتمتع بها كثمرة جهد متواصل أو هبه تهبها السماء  كما يهب الخلد للأرواح الطاهرة  ويضع الخير في قلوب الأبرار”.

وهنا نقطة ارتكاز أخرى لصناعة القوة، وهي الاستعلاء بالإيمان والكفّ عن جلد الذات، لتجاوز عقبة سلطة الثقافة الغالبة والتصدي للغزو الفكري الغربي السقيم الذي يهدم جميع مقومات الانبعاث في داخل الأمة فيضمن انهزامها الطويل.

وهذا يتطلب مجاهدة وحسن انتقاء لمصادر التلقي، وتعظيم أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به وبصحابته الكرام رضي الله عنهم، فالقدوة لها أثر عظيم في صقل النفس وتربيتها، ولاشك أن الاعتياد على هذا النمط من الحياة من مقاومة سلطة الثقافة الغالبة يبدو في ظاهره صعبًا مع حجم الدعم الذي يحيط بهذه الثقافة، إلا أنه كما خلص ابن خلدون، كل نظام جديد يواجه في بدايته مشاكل كثيرة لعدم اعتياد النفس البشرية عليه وصعوبة انقيادها إليه، ولكن بمرور الزمن تعتاد عليه وتتقبله.

فالسر في تحقيق أي تغيير هو الصبر والإصرار حتى يصبح الأمر سهلًا هينًا. والاستعانة بالله تذلل الصعاب، قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69). وقال سبحانه (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (آل عمران: 139) ومن كان الله مولاه فكيف له أن يضعف أو يقنط!!

  1. إحياء مفهوم المبادرة والتعاون على البر والتقوى

جميل جدًا الحديث عن أسباب تحقيق القوة وصناعة الرجال والنساء، واستدراك الأجيال لصياغة الأمة المسلمة، لكننا لن نحقق شيئًا من هذا إن لم نحيي مفهوم المبادرة، الذي يعني أن نكفّ عن الجلوس في مقاعد المتفرجين ننتظر أن يأتي غيرنا بالحل، وبدلا من ذلك، لابد أن يستشعر كل مسلم أنه معني بالعمل لتغيير حالنا، وأن يبادر بنفسه لذلك، وهذا في كل ميادين الحياة، فعندما نتحدث عن مشروع للصدقات، فالمبادرة لا تعني أن أبحث أي عنوان لإرسال الصدقات ثم رُفع العتب! بل لابد في هذا الزمان بالذات البحث عن أفضل المشاريع التي نضع فيها صدقاتنا، ثم العمل على توفير وإنشاء المؤسسات التي ترصد حاجات المسلمين وتسدها، هنا الفرق بين من يرسل المال بنية الصدقة وبين من يوجد مشروعًا لإدارة الصدقات وتوسيع نطاق وصولها. فكيف بميادين أخرى كالتربية والتعليم، والدعوة والتوجيه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل ثغر يضخ الدماء في هذه الأمة، لتنهض من جديد مسلمة لربها.

إن الحديث عن الخير، لا يكفي، بل لابد من العمل لنشر هذا الخير وجعل الفكرة واقعًا نعيشه، لا بد من تأمين مصادر ومصانع ومؤسسات تكفل استمرارية هذا الخير،  فالحديث عن الأجر بكفالة اليتيم لا يكفي حتى نرى من يكفلهم حقيقة ويربيهم على الإسلام تربية قويمة. على سبيل المثال لا الحصر. والخلاصة في هذا الباب – مفهوم المبادرة واستشعار المسؤولية الفردية- يدخل فيه ضرورة أن يكون للمرء نصيب من العمل المباشر في الميدان، لا يكتفي فقط بإرسال مال أو تعميم الثناء!

كما يدخل فيه أيضا دعم جميع المشاريع التي تعمل على نصرة الإسلام وإعادة الإسلام حاكما في حياتنا، كل المشاريع التي يحمل أصحابها همّ حفظ الأمة المسلمة من الزحف الغربي والدعوات الضالة المنحرفة والتصدي لمن يهدم الإسلام في قلوب أبنائها، ولنا أن نتخيل كم من المشاريع يمكننا أن نؤسس، وكل مشروع يدعم الآخر في انسجام مهيب، ثم آثار الجميع، تراكمية تكاملية، وذلك مشهد الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لا تقطع أنفاسه قوميات ولا عصبيات ولا نعرات قبلية! تماما كما أراد الله لهذه الأمة أن تكون خير أمة أخرجت للناس، ولن تكون إلا بعودة كاملة لدين الله وعمل لا بخل فيه لإعادة الإسلام محور حياتنا قولًا وعملًا تدور حوله جميع حركاتنا وسكناتنا. يقول مالك بن نبي: “فالتعبد ليس في المساجد فحسب، ولا في الخلوات، وهو في كل نبضات حياتنا تعبير عن الإخلاص لله أولًا، إخلاصًا يحقق إرادته في الكون البشري ثانيًا”.

كلمة أخيرة ..

من الصعب تلخيص جميع الأسباب الممهدة لانبعاث الأمة في مقالة، أو حصر أسباب تحصيل القوة في سطور، مع ذلك حرصت على تقديم المعالم الرئيسية لهذا المشروع العظيم، الذي ينطلق من الإسلام وفق ما قرره الإسلام، ومن واجب المسلم الحامل لهذا الإسلام، في ضوء ما طرحه ابن خلدون في مقدمته مستندًا للدراسة التاريخية العميقة.

 ومن المهم التأكيد على أن نهضة أي أمة لا تأتي بين يوم وليلة خاصة حين تكون خارجة من مرحلة استضعاف كاد يهلكها ويقضي على مقوماتها، لأن النهضة تقوم على العلاقة المترابطة للقواعد الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية والتاريخية والديموغرافية جميعها مجتمعة معًا، لكنها كلها تنطلق من الإنسان والعقيدة الدينية والعمل. من هنا يظهر لما التركيز على هذا الرابط الوثيق بين الإنسان والعقيدة الإسلامية الذي يستوجب العمل.

ولسنا مخيرين في العمل لعودة الإسلام حاكما لحياتنا فإن لم نعمل له عشنا أذلة لأعدائنا، ثم إن الموت لم يترك لقلب طول أمل، ولا حل إلا المسارعة إلى عمل نعذر به أمام الله سبحانه قبل أن يحل موعد الرحيل على حين غرة، قال تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: 34). وقال تعالى (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى) (النجم 39-41)  وقال سبحانه (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة: 105).

قال معن بن أوس:

ورثنا المجد عن آباء صدق أسأنا في ديارهم الصنيعا

إذا المجد القديم توارثته بناةُ السوء أوشك أن يضيعا

وقال عبد الله بن معاوية:

لسنا وإن كُرمت أوائلنا يوما على الأحساب نتكّل

نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا

هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x