الإسلام جنوب شرقي آسيا: تيمور الشرقية وجزيرة كريسماس وجزر كوكوس

تقع جمهورية تيمور الشرقية الديمقراطية في جنوب شرق آسيا، وتضم النصف الشرقي من جزيرة تيمور، وجزيرتي أتاورو وجاكو، وأوكوسي المنطقة المعزولة في القسم الشمالي الغربي من الجزيرة داخل تيمور الغربية الإندونيسية.

وتيمور الشرقية هي أكبر جزر سوندا الصغرى وأقصاها من جهة الشرق، ويقع إلى الشمال من هذه الجزيرة الجبلية مضيق أومباي ومضيق ويتار وبحر باندا الكبير، ومن الجنوب يفصل بحر تيمور هذه الجزيرة عن أستراليا، بينما تحدها من الغرب المحافظة الإندونيسية نوسا تنقارا الشرقية.

وعاصمة تيمور الشرقية وأكبر مدنها هي ديلي. ويزيد عدد سكان هذه الدولة على 1.321 مليون نسمة بحسب إحصاءات 1442هـ (2021م).

ويتحدث السكان في هذه البلاد اللغتين الرسميتين، البرتغالية والتيتومية (لغة ضمن عائلة اللغات الأسترونيزية)، وبعد الاستقلال أصبحت تيمور الشرقية إحدى دولتين تتبعان الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في آسيا مع الفلبين.

خلفية تاريخية

خضعت تيمور الشرقية للاحتلال البرتغالي في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، وكانت تعرف بتيمور البرتغالية، وحصلت على استقلالها في أواخر عام 1395هـ (1975م) لكنها كانت تحت حكم إندونيسيا بعد ذلك إلى أن أجري استفتاء في عام 1420هـ (1999م) برعاية الأمم المتحدة وتحت ضغوط دولية حتى انفصلت بعده تيمور الشرقية في عام 1423هـ (2002م)، وأصبحت دولة ذات غالبية نصرانية منفصلة عن إندونيسيا ذات الغالبية المسلمة.

حيث غالبية السكان في تيمور الشرقية روم كاثوليك ( 91.4 %)، يعيش إلى جانبهم المسلمون كأقلية بنسبة تصل إلى (1.7%) إضافة إلى نسبة 2.7 % بروتستانت، وأقلية من الهندوس والبوذيين والوثنيين وغيرهم.

المسلمون في تيمور الشرقية

في تعداد عام 1436هـ (2015م) بلغ عدد المسلمين في تيمور الشرقية 2.824، وكان 1695 منهم يقيمون في بلدية ديلي بينما يقيم 258 في بوكو، ويقيم 236 في لاوتيم، ويقيم 212 في فيكيكي، و113 في مانوفاهي، و 106 في ليكويكا والباقي في البلديات الأخرى.(1)

ولقد انحسر الوجود الإسلامي في هذه المنطقة نتيجة حملات العنف والاضطهاد التي مارسها النصارى ضد المسلمين.

فقد انحدر تعداد المسلمين في تيمور الشرقة من نحو 40.000 نسمة قبل الانفصال عن إندونيسيا، إلى قرابة 4000 نسمة فقط، وذلك بعد هجرة معظم المسلمين في موجة هجرة عكسية إلى إندونيسيا ومعهم عدد كبير من التيموريين المسلمين الذين فضلوا العيش في مجتمع إسلامي.

ويعيش أكثر من 60 % من المسلمين المتبقين في تيمور الشرقية في العاصمة ديلي تتوفر لهم بعض المساجد والمؤسسات الإسلامية القليلة.

تيمور الشرقية ذئاب الصليبية تفترس الغنمة القاصية

أرى من المهم في هذا المقام تسليط الضوء على خلاصات الدكتور توفيق محمد علوان بشأن قضية المسلمين في تيمور الشرقية واجتماع المجتمع الدولي على فصلها عن إندونيسيا، وتأسيس دولة نصرانية مستقلة عنها، وأبعاد هذا التخطيط الغربي، وما وصفه بالقصور في الإعلام العربي الذي رافق تغطية هذه القضية نظرًا للجهل بالمعلومات الأولية عن هذا الركن من العالم، حيث تحدث الدكتور من واقع تجربته الذاتية من خلال عمله أستاذًا للتفسير في الجامعة الإسلامية الحكومية في إندونيسيا LAIN، ومن واقع معايشته لواقع هذه المسألة المؤلمة وغيرها مما خفي وكان أعظم من أحوال إندونيسيا مع الصليبية والأطماع الوحشية التي لا حد لها في تنصير إندونيسيا كما وصف الدكتور.

ويقول الدكتور تحت عنوان فرعي “الإسلام والصليبية وجهًا لوجه هيئة الأمم المتحدة الأمريكية”:
“ببالغ الأسف والمرارة، يتبين لنا عند مراجعة الإحصاءات الرسمية أن الهجوم التنصيري الصليبي المتواصل وطوال أربعة قرون ماضية يمضي مصحوبًا بحرب عنصرية جبارة من دول البرتغال وأسبانيا وهولندا، والآن عن طريق الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مجتمعة مع الفاتيكان، وتسخير الأمم المتحدة كما سيأتي بيانه من أجل تمزيق الجسد الإسلامي في إندونيسيا وقطع تيمور الشرقية نهائيًا منه لتتحول إلى دولة نصرانية عنصرية متعصبة لبث الفرقة والفوضى في هذا الجزء العزيز النائي من الوطن الإسلامي الأكبر، وحتي تنهال عليها الإمدادات العسكرية والاقتصادية لتكون رأس جسر مسموم لتحقيق الأمل الصليبي الذي لم يفلح في تنصير إندونيسيا المسلمة؛ حيث إن جميع الوثائق التي بثتها مؤتمرات التنصير قد رشحت إندونيسيا لأن تكون أول دولة إسلامية تتحول إلى النصرانية، بل إنهم قد حددوا عام 1421هـ (2000م) لتحقيق هذا الحلم المحموم، فلما جاءت سنة 1421هـ (2000م) ولم تزدد إندونيسيا إلا ارتباطًا بالإسلام والمسلمين جن جنون عصبة القساوسة والمنصرين في الفاتيكان والدول الغربية الوالغة في دماء المسلمين، وقد بدا ذلك على صورته الشنعاء في تهديدات الرئيس كلينتون، وتوجيهات الفاتيكان، واتحاد دول أوروبا مجتمعة لفصل تيمور، كما بدا اللهجة الهجومية المتوعدة التي ليس لها سابقة من سكرتير عام الأمم المتحدة، ذلك الذي لزم الصمت المخزي إزاء اندفاع قوات الأطلنطي في كوسوفا، والصمت المخزي طوال فترة الحصار عل العراق، والصمت المخزي طوال فرض الحصار على ليبيا، والصمت المخزي طوال عربدة (إسرائيل) في عهد نتنياهو، وفي العهد الحاضر في فلسطين ولبنان، هذا الصامت الأبدي، الآن قد نطق فجأة وفي أفصح لسان وبأقوى العبارات المتعصبة المتوعدة للحكومة الإندونيسية، المهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور، الداعية دون رحمة لمنع بيع السلاح إلى إندونيسيا قاطبة، المعاتبة الرئيس الأمريكي على رقـتـه ووداعـتـه وتدليله للحكومة الإندونيسية، السكرتير العام للأمم المتحدة الذي لزم السكوت التام إزاء المجازر المتتابعة لدماء المسلمين في كشمير وداغستان وجمهوريات الاتحاد السوفييتي الهالك، الصامت إزاء العدوان الهمجي الأمريكي دون سبب على السودان، الصامت على التحريض الغربي المستمر للشرذمة المثيرة للفساد في جنوب السودان، الآن تفوه بأقسى العبارات المزمجرة لفصل تيمور عن إندونيسيا ولاتهام الحكومة الإندونيسية بالتدخل في الحريات الشخصية”.(2)

ولا تزال سياسة الغرب المفضلة في العالم الإسلامي سياسة “فرق تسد”، والعمل على حصار جميع عوامل الانبعاث والقوة في الأمة وزرع الخلايا السرطانية في قلب الأمة المسلمة كما هو الحال مع الاحتلال الصهيوني الذي تم زرعه في قلب الشام. لإحباط أي محاولة نهضة إسلامية واعدة تكسر أغلال الهيمنة والاحتلال.

 المساجد في تيمور الشرقية

مسجد النور في ديلي هو أكبر مسجد في البلاد وهو يقع في منطقة كامبونج ألور، تم تشييده منذ عام 1401هـ (1981م) وفيه مدرسة خاصة للأطفال. وهو مسجد يقوم عليه عدد من الصوفية الذين رفضوا الخروج من تيمور الشرقية إلى أندونيسيا واعتبروا بقاءهم ضروريا لبقاء ذكر للإسلام في البلاد. وهم يمارسون شعائرهم الصوفية فيه.

كما يتوفر مسجد المنورة للمسلمين التيموريين لكن العلاقة بين المسجدين منقطعة لوجود خلافات بين إدارة المسجدين وغالبًا يرجع ذلك لاختلاف المناهج والمرجعية.

كما تتوفر مساجد أخرى في بوكو وسبالوس ويكيتشا وعددها قليل.

ومن المهم الإشارة إلى أن انحسار الوجود الإسلامي في تيمور الشرقية، انتهى إلى تحويل العديد من المساجد إلى مطاعم أو ملاعب للأطفال أو حتى مكبات للنفايات.

مشاكل المسلمين في تيمور الشرقية

يقول عارف سوغران إمام مسجد المنورة وممثل المسلمين لدى حكومة إقليم تيمور الشرقية من مستقبل المسلمين في الإقليم في لقاء صحفي: “مشكلة المسلمين هنا أنهم لا يعرفون أمور دينهم، ويحتاجون إلى من يعلمهم دينهم على الوجه الصحيح ومن ينشط بالدعوة الإسلامية فيما بينهم، وبدون ذلك فإن وجود المسلمين في تيمور الشرقية سيكون في خطر شديد” .[3]

وقال أيضًا”حصلنا على منح دراسية لطلاب تيموريين للدراسة في مصر، ونسعى للحصول على منح أخرى، هذا هو السبيل للحفاظ على الإسلام كهوية وممارسة في هذا الإقليم”.

وبالنظر لضعف الميدان الدعوي والتعليمي ونقص الإمكانيات الماديات وافتقاد القيادات الكفؤة والتشتت والتفرق في بلاد تعاني الفقر والبطالة، يبقى وضع المسلمين في تيمور الشرقية ضعيفًا جدًا وبحاجة مُلحة لمد الجسور مع العالم الإسلامي على أقل تقدير لتعليم المسلمين هناك دينهم وتقوية حركة الدعوة في البلاد وصناعة قيادات قادرة على إدارة العمل المؤسسي وإتمام المسيرة على بصيرة.

الإسلام في جزيرة كريسماس

جزيرة الكريسماس منطقة غير ذاتية الحكم، وهي تابعة لأستراليا، تقع في المحيط الهندي على بعد 2360 كلم من شمال غرب مدينة بيرث في أستراليا الغربية، و500 كلم من جنوب مدينة جاكرتا في إندونيسيا. 
تبلغ مساحة هذه الجزيرة 135 كلم²،ويشار إليها في كثير من الأحيان باسم “جزر غالاباغوس الأسترالية”، نظرًا لجمال طبيعتها.

يعيش في هذه الجزيرة أكثر من 1843 نسمة، يتركزون في مناطق الاستقرار في الحافة الشمالية من الجزيرة، حيث تقع العاصمة “فلاينغ فيش كوف” (خليج السمك الطائر)، ولعزلة هذه الجزيرة قام سلاح الجو البريطاني بتجربة سلاحه النووي في منطقة قريبة منها عام 1376هـ (1957م).

واشتهرت هذه الجزيرة بسرطان البحر بأنواعه المتعددة، وعندما يبدأ موسم هجرتها وانتقالها من الغابة إلى الساحل للتكاثر، تغزو هذه السرطانات مساحات الجزيرة بأعداد ضخمة، وتقوم السلطات بوضع ترتيبات لاستيعاب ذلك، مثل إغلاق الطرقات العامة وسكك الحديد ووضع الحواجز لتسهيل حركتها للعبور.

سكان الجزيرة

يعيش نحو 80% من سكان الجزيرة في العاصمة “فلاينغ فيش كوف”، ويتحدثون اللغة الإنجليزية بصفتها اللغة الرسمية في الجزيرة، ويستخدم السكان أيضًا لغات أخرى بحسب أصولهم، كالصينية والماندرين والملايو، وهناك من يتحدث بالعربية من المسلمين.

ويتكون مجتمع الجزيرة من أستراليين وصينيين وماليزيين وذوي أصول إنجليزية وأيرلنديين، وغيرهم.
والمجتمع الماليزي في الجزيرة مجتمع مسلم، بينما يتبع أفراد المجتمع الصيني مجموعة متنوعة من معتقداتهم، كالبوذية والنصرانية والكونفوشيوسية.

خلفية تاريخية

اكتشفت شركة الهند الشرقية البريطانية الجزيرة لأول مرة يوم عيد النصارى (الكريسماس) عام 1053هـ (1643م) وأصبحت تحمل اسم هذه المناسبة. وبعد اكتشاف رواسب الفوسفات القيّمة، ضمّ البريطانيون المنطقة عام 1305هـ (1888م).

واعتمدت عمليات التعدين بشكل كبير على العمال الصينيين والماليزيين والسيخ الذين كانوا يعملون في ظروف قاسية وبالسخرة.

وفي الحرب العالمية الثانية، عام 1361هـ (1942م)، احتلت القوات اليابانية جزيرة كريسماس. وبعد نحو عام من احتلالها أرسلت نصف السكان إلى معسكرات الاعتقال في إندونيسيا، وفقًا للحكومة الأسترالية.

وبعد الحرب، عاد سكان الجزيرة من إندونيسيا مع أزواجهم وأطفالهم، ما شكل مجتمعًا متعدد الثقافات.

وأصبحت هذه الجزيرة جزءًا من أستراليا عام 1377هـ (1958م).

المسلمون في جزيرة كريسماس

وتقدر نسبة المسلمين في هذه الجزيرة بنحو 19.4%، وتصل في مصادر إلى 25%، يتوفر لهم مسجد يجتمعون ويؤدون صلواتهم فيه. وقد حملوا الإسلام بأصولهم العرقية إلى الجزيرة. حيث لم يتبق سكان أصليون في الجزيرة.
ويضم الاتحاد الأسترالي للمجالس الإسلامية مجلسًا لكل ولاية أسترالية، إضافة إلى مجالس لإقليم العاصمة الأسترالية والإقليم الشمالي وجزيرة الكريسماس.

ويحتل الإسلام المرتبة الثانية كثاني أكبر دين في جزيرة كريسماس، في ترتيب الأديان بحسب عدد المعتنقين لها في الجزيرة بعد البوذية.

مسجد التقوى في جزيرة كريسماس

ويعيش أكبر عدد من المسلمين في بلدة كاتانينغ وأستراليا الغربية في جزيرة كريسماس. ولا يعاني المسلمون في هذه المنطقة الاضطهاد حيث يظهرون شعائرهم بحرية، ومع ذلك يبقى مد الجسور معهم لتقوية الحركة الدعوية من أولويات المسلمين العاملين على نشر دين الله تعالى على نهج النبوة.

جزر كوكوس المسلمة بالكامل

جزر كوكوس وتسمى أيضًا بجزر كيلينغ نسبة إلى مكتشفها ويليام كيلينغ في عام 1018هـ (1609م). وقد بقيت بلا سكان حتى القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي).
ويتكون أرخبيل جزر كوكوس من جزيرتي شعب مرجانية و27 جزيرة مرجانية صغيرة غير مسكونة، في المحيط الهندي،
وتقع هذه المنطقة تحت حكم كانبيرا عاصمة أستراليا، مع أنها تبعد حوالي 2000 كلم عن الساحل الغربي لأستراليا، ويرجع ذلك لكونها كانت ملكًا لجون كلونيس روس، الذي باع معظم ممتلكاته لاحقًا وسلم الجزر لأستراليا ثم صوت الناس للاندماج في عام 1404هـ (1984م).

سكان الجزر


يعيش في جزر كوكوس أكثر من 600 نسمة، وتبلغ مساحة كوكوس 14 كم²، وعاصمتها هي ويست آيلند، وهي مقر مطارها أيضًا.

وينقسم السكان في الجزيرتين المسكونتين إلى: الأوروبيين في ويست آيلند، والملاويين في هوم آيلند، يعيشون على المزارع الصغيرة وصيد الأسماك واستيراد معظم الاحتياجات والمواد الغذائية من أستراليا وغيرها.

وأغلبية سكان كوكوس من المسلمين حيث تصل نسبتهم إلى 90% من إجمالي السكان، وهم من أهل السُّنة، وقرابة 5% من السكان نصارى، والبقية لم تحدد معتقداتهم.

ويصف أحد أساتذة الأنثروبولوجيا بجامعة لاتروب الأسترالية، مجموعةَ الملايو من سكان كوكوس بأنها: “أقدم مجتمع إسلامي وجنوب آسيوي مستمر دون انقطاع في أستراليا”.

المسلمون في جزر كوكوس

يرجع وجود المسلمين في جزيرة كوكوس كما جزيرة كريسماس إلى هجرة العمال إلى هذه الجزر، ويرجع أصول هؤلاء العمال إلى شعب الملايو والمسلمين الأندونيسيين، وكان وصولهم إلى الجزيرة مع التاجر الإسكتلندي جون كلونيز روس، والتاجر ألكساندر هير، في أوائل القرن التاسع عشر، الذي جلب معه العمال من ماليزيا، والصين، وغينيا الجديدة، والهند لحصد جوز الهند واستخراج زيته، ليصبح من بين هؤلاء العمال المسلمين الأوائل على الجزيرة. (4)

وتعتبر كوكوس الجزر الوحيدة المسلمة التابعة لأستراليا، والتي يحرص سكانها على التمسك بالتعاليم والأخلاق الإسلامية منذ طفولتهم. وتشير التقارير إلى أن نحو 85% من المسلمين في جزر كوكوس سبق أن زوار بيت الله الحرام.

ويتوفر للمسلمين في هذه المنطقة أربعة مساجد. منها مسجد كبير، يمكنه استيعاب جميع المسلمين الذين يسكنون هذه الجزيرة.

المساجد في جزر كوكوس.

وفي هذه المنطقة من العالم يدوي صوت الآذان خمس مرات في اليوم ويحرص المسلمون على إظهار شعائرهم وتربية أبنائهم على تعاليم الإسلام بفخر واعتزاز.

وفي ما جمعنا في هذه السطور نبصر ثمرة جهود أجيال متتالية دأبت على حفظ الإسلام وتوارثه، رغم كيد الاحتلال والغرب، لا يزال الإسلام حيًّا في هذه الزاوية من العالم، لندرك كم هو عظيم هذا الدين الذي لا أجد في هذه اللحظة إلا كلمات الشيخ محمد البشير الإبراهيمي يصفها بأسلوبه البديع حيث يقول رحمه الله تعالى:

“ولو أن للدّعوة المُحمَديَةِ عُشْرَ ما للدعوة المسيحية: من إسناد، وإمداد، وهِمَمِ راعيةٍ، وألسنة داعيةٍ؛ لَغَمَرَ المشرِقَينِ، وعَمَرَ القُطبين.

ولو أنَّ دِينًا لقي من الأذى والمقاومة عُشرَ ما لقي الإسلامُ؛ لتلاشى واندثر، ولم تَبقَ له عين ولا أثر.

وإنّ من أكبر الدلائل، وأصدق البراهين على حقية الإسلام: بقاءه مع هذه الغارات الشعواء من الخارج، ومع هذه العوامل المُخرّبة من الداخل وإنَّ هذه لأنكى وأضرُّ .

فَلَكم أراد به أعداؤه كيدًا: تارةً بقوة السيف، وتارةً بقوة العلم؛ فوجدوه في الأولى صَلْبَ المَكْسَرِ، ووجدوه في الثانية ناهِضَ الحَجَةِ، وردُّوا بغيظهم لم ينالوا خيرًا.

ولكنهم عادوا فضللوا أبناءه عنه، ولَفَتوهم عن مُشْرِقِه، وفتنوهم بزخارف الأقوال والأعمال؛ ليصدُّوهم عن سبیله.

وإن أخُوفَ ما يَخافُ المُشْفِقُونَ على الإسلام: جَهْلُ المسلمين لحقائقه، وانصرافهم عن هدايته؛ فإنَّ هذا هو الذي يُظمِعُ الأعداء فيهم وفيه، وما يُظمِعُ الجارَ الحاسِدَ في الاستيلاء على كرائِمِ جارِهِ الميّتِ إلا الوارتُ السّفيه”. (5)

فنعوذ بالله من أن لا نكون أهلًا لحمل رسالة الإسلام كما جاء بها نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، ونشرها والدفاع عنها بالنفس والنفيس كما كان الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، ونعوذ بالله من أن نٌستبدل بقوم يحبّهم الله ويحبّونه أشد حبًّا لله تعالى منّا، وإنما نسأل الله جل جلاله الثبات والاستقامة كما يحب ويرضى والاستعمال وحسن الخاتمة، لنكون خير خلف لخير سلف.

والحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا.(6)

(1) Direcção-Geral de Estatística: Ergebnisse der Volkszählung von 2015, abgerufen am 23. November 2016. نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.

(2) كتاب تيمور الشرقية ذئاب الصليبية تفترس الغنمة القاصية للدكتور توفيق محمد علوان.

[3] مسلمو تيمور الشرقية.. حضور باهت وهوية مهددة

المستودع الدعوي الرقمي: تيمور الشرقية

المستودع الدعوي الرقمي: جزيرة كريسماس

المستودع الرقمي: جزر كوكوس

(4) الجزيرة الوحيدة المسلمة بالكامل في أستراليا

(5) آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (82/3)

(6) روى البخاري عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: “أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: (الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا) .

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x