أركان الإصلاح: الحق والعدل


الدعوات التي تتغذى على الندية بين النساء والرجال، تعالج بخطاب يرسخ التوحيد والتسليم لأمر الله تعالى، لكن الاستجابة لهذه الدعوات بخطاب يجعل من هذه الندية حالة مزمنة يعرقل جهود الإصلاح في الواقع.
“إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وفي شريعة الله الحدود تطبق على الجميع والجميع مسؤول بعدل لا تنصل!


من يتدبر آيات الله في فقه الأسرة يجد تلك الإحاطة الشاملة بكل حالات الظلم التي قد تقع من الرجل والمرأة، فيعالجها الهدي العظيم مبكرا، ويضع الخطوط الحمراء واضحة، فمن اعتدى بعد ذلك فلا يلومن إلا نفسه. وتربية النفوس على تعظيم الحق لذاته لا تطويعه للأهواء، هو أكبر إنجاز نحققه في زمان الفتن.


وإن كانت المرأة من أشد الأهداف تأثرا بالحملات الغربية إلا أن تحقيق الفساد في واقع المرأة لم يكن ليمر بدون تأثير آخر استهدف الرجل، والعلاقة وطيدة جدا بين الرجال والنساء في الأسرة والمجتمع، فمن أراد العلاج ،فلا يطفف ولا يجتزئ، وليقدم علاجا لا يرافقه ظلم، بحجة كثرة فساد النساء! فالكل محاسب.


الأمل في الواقع ليس في استجداء الشرائح التي فسدت فطرتها أو عمت بصيرتها عن عظمة هذا الدين وضرورة الالتزام به، إنما الأمل في الثلة القليلة التي أبصرت النور وأسست أسرها على هدي الشريعة، فهذه الأسر هي التي نطمع أن تخرج لنا جيلا سويا، والإصلاح يبدأ من كتلة صلبة راسخة في العلم والأهداف.


إن ما نحاول العمل عليه اليوم من تصحيح المفاهيم الخاطئة وإعادة الشرعية والمرجعية والحكم لدين الله قد لا تظهر نتائجه فورا، لكنها وبكل تأكيد ستتوج هيبة ونجاحا بثمرات الصبر وتضافر الجهود التراكمية والتكاملية، حتى نرى جيلا سويا يحمل أمانة هذا الدين بأفضل همة وأمانة وقوة، لمثل هذا الهدف فليعمل العاملون.


يبقى من أهم ما يجب الحرص عليه لاستمرار الأداء مبشرا، هو حفظ قوة الحق والعدل، ولا يمكن أن نطمع في تحقيق نتائج موفقة إلا بحفظ دعوات الحق قوية ونصرتها بالعدل، لا بالظلم. وهذا أكبر تحدي أمام الدعاة والمصلحين، الانتصار على أهوائهم وحظوظ أنفسهم وإخضاع الجميع لشريعة الله عز وجل تسليما ونصرة.


قال ابن تيمية رحمه الله: “تُحرس السنّةُ بالحق والصدق لا تحرس بكذبٍ ولا ظُلم ..”. [درء التعارض 7 / 182]

فاحذر أن تقع في فتنة الظلم والاستهانة بالظلم أي ظلم كان، وهذا يتطلب بصيرة وإنصافا وتحريا للصدق، في كل المواقف، وليس الانجرار للأغلبية وما يريده المناصرون.
وكفى بالله شهيدا.


تعاني مجتمعاتنا اليوم جميع أشكال الظلم من المرأة والرجل، من الزوجة والزوج، كلاهما ظالم ومظلوم، لا داعي لتحميل طرف كل المسؤولية ما دام الواقع شديد التعقيد!
إنما الفقه هو العدل مع الجميع والحذر من الإطلاقات والتعميمات الجائرة، والاجتماع تحت سقف الشريعة لننعم ببركاتها وتوفيق الله.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x