النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

هل المسلم الذي لا يصلي “مرتد”؟

أولا من هو المرتد؟ هل المسلم الذي لا يصلي “مرتد”؟
أنا نموذج مسلم سُني ولا أحب الصلاة ولكني أنتمي بكل روحي لهذا الدين وأفتخر فيه وأصوم رمضان ولا أعمل إي معصية نهائيا سوى تقصيري في الصلاة.

ثانيا من وجهة نظري أن 90% من أسباب الردة هي “تكفير الذي لا يصلي”

مثلي أنا الآن أعتبر “كافر”


أولا: من هو المرتد؟

الردة في اللغة: هي الرجوع عن الشيء إلى غيره، قال الله تعالى: (ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين)

وأما الردة في الشرع: فهي الرجوع عن الإسلام إلى الكفر .

ثانيا: هل المسلم الذي لا يصلي “مرتد”؟

من جحد وجوب الصلاة فهو كافر مرتد عن الإسلام لا خلاف في ذلك.

وإنما الخلاف على من تركها كسلا وتهاونا، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه مسلم لكنه فاسق عاص ومعرض لعذاب الله تعالى لأن الصلاة عماد الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، فمن ضيعها استحق العقاب. ويعامل معاملة الفاسق العاصي.

وأما القول الثاني: أن من تركها تهاونا وكسلا وبدون أن يجحد وجوبها، كافر كفرا أكبر.

وقد كان صحابة رسول الله ﷺ لا يرون شيئًا من الأفعال تركه كفر إلا الصلاة.

والأمر خطير جدا، لقول رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ”. حديث صحيح.

وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي طُعِنَ فِيهَا، فَأَيْقَظَ عُمَرَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ: عُمَرُ: “نَعَمْ، وَلَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى عُمَرُ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا”.

فعمر رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين الحياة والموت ويصر على التذكير بركن الصلاة العظيم!

وكل الصحابة كانوا على ذلك في أمر الصلاة.

والآن نأتي لتعليقك “أنا نموذج مسلم سُني ولا أحب الصلاة ولكني أنتمي بكل روحي لهذا الدين وأفتخر فيه وأصوم رمضان ولا أعمل إي معصية نهائيا سوى تقصيري في الصلاة.”

أنت في الواقع بقولك “لا أحب”، تنقض عروة من عرى هذا الدين! بهوى نفسك، ففرائض الدين ليست تحت رحمة مشاعرك، هل تحبها أو تكرهها، ولا قيمة لحبك أو كرهك لأن الاستجابة لأمر الله تعالى لا تخضع للمشاعر قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

ثم من صبر على الجوع والضمأ ليوم كامل وشهر كامل، لماذا يعجز عن خمس مواعيد يومية قصيرة، فيها حياة قلبه وصلاحه!
لماذا هذا الكسل والانهزامية لمشاعر عجز وتبرير سقيم آخر بقول “لا أحب”!!

لقد رأينا أطفالا صغارا لم يبلغوا بعد وقلوبهم معلقة بالمساجد ومواعيد الصلاة، يحبون السجود والركوع لربهم، وأنت في مثل حالك تعلق عجزك وكسلك وتهاونك بعدم محبة الصلاة!

وفي الواقع لا يكره الصلاة إلا من لم يعش بقلبه وجوارحه عظمة معانيها وأركانها ولم يؤدها بحضور قلب ينبض محبة لله وخشية ورجاء. لم يدرك أنه يقف أمام الجبار! ويستجيب لأمره تعالى، لذلك أنت على خطر عظيم!

وأنا على ثقة لو أنك مواظب على القرآن بصدق، لما تجرأت على قول “لا أحب” لأن محبة الله تعالى توجب الصلاة وتوجب ملازمة القرآن!

وأنا على ثقة أيضا أنك لو كنت في وظيفتك وأمرك مديرك أن تحضر مكتبه خمس مرات في اليوم تؤدي مهمة بعينها، لقمت بذلك سواء كرهته أو أحببته، ولأديت الأمر بحرص شديد!! وبعيدا عما تجنيه ماديا، فالصلاة أجل وأعظم وبدونها أنت في ظلام مهما ادعيت أنك بخير، فكيف لا تسجد لربك! كيف لا تركع لمولاك وتدعي أنك مسلم سني مخلص! وأي حرمان تضع نفسك فيه بحرمان روحك وجسدك من عبادة الصلاة لرب العالمين!

ما لم تنتصر في معركة الصلاة، أنت أكبر منهزم وفاشل ولو حزت كل شهادت الدنيا وكل مراتب النجاح ولو صمت كل العام وتصدقت!

وأما المشاعر للعبادات فترتفع تعلقا ومحبة، بدرجة المحبة لله تعالى، ولو كنت محبا لإنسان في حياتك لقدمت الكثير لأجل كسب مرضاته وحفظ علاقتك به وتجنب ما يغضبه، فكيف برب الإنسان! ولله المثل الأعلى، لكنك تجهل وأضعت الطريق!

ثم قولك “ولا أعمل إي معصية نهائيا” يدل على حالة من الغرور العجيبة! وهذا يدل على قسوة القلب وبعد المراقبة وضعف الخشية من الله تعالى، والأهم من كل ذلك فقدان الوجل! فأنت مطمئن جدا مع أنك تارك لركن من أركان الإسلام وراض تماما عن نفسك وتزعم أنك لا تقع في المعاصي، وهي تحيط بنا في كل مكان، وإلا ما يزل اللسان أو ينسى الإنسان فيقع منه الذنب، وطبيعة النفس البشرية تذنب وتتوب وترجع لربها لتحقق مقام عبودية وتوحيد جليل.

فلست برجل معصوم حتى تزكي نفسك بهذه الطريقة، ولو أنك وضعت نفسك في وسط يتصدع فيه قلبك سجودا لخالقك، لبكيت على كل حرف كتبته في هذه التغريدة التي أسأل الله أن يهديك للتوبة منها وتصحيح مسيرتك قبل فوات الأوان.

أما قولك “من وجهة نظري” أنبهك أن دين الله جل جلاله لا ينتظر رأيك فيه، ولا ينتظر منك أن تؤمن بشروطك على الله تعالى، هذا يعني أنك لم تع شيئا من عظمة الله جل جلاله وأن معرفتك به سطحية جدا فلا تقدره حق قدره! وكذلك حالك مع دينه العظيم!


قال تعالى (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد)

وقال عز وجل: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم)

فالإسلام لا ينتظر منك أن ترضى على شروط الثبات عليه والخروج منه، على هواك ومزاجك! هو دين تأخذه كاملا بخشية ورجاء ومحبة، وبأدب معه الله جل جلاله،

قال تعالى (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)

والأرجى لقلبك والأسلم لعقلك، والأكثر منطقا وصيانة للرجل أن لا يبحث عن مبررات لتقصيره بل ينكسر لله تعالى تائبا، فلا يجمع بين التقصير والوقاحة، ولا يجمع بين التخلف والكبر ولا يجمع بين الاستهتار والغرور.

ولا تعلق تخلفك عن سبيل المؤمنين بما يقوله الناس أو ما يزعجك من حكم الردة في الإسلام، فللأسف أنت تعبد الله على مقاسات هواك وليس بتعظيم لخالقك، ولو عرفت الله لما جحدت وساومت على إيمان بمعصية ومشاققة للرسول صلى الله عليه وسلم بمشاعر الجفاء.

وفي الختام، إن لم تصلح علاقتك بربك وتستقيم كما أمر جل وعلا، وتنتصر في معركتك مع نفسك التي تخدعك بتهوين مصاب جلل أنت واقع فيه، فلن ينفعك كل جدالك وتفلتك حين تأتيك الملائكة في لحظة الموت!

لا تبحث عن مبررات للتنصل، بل سارع لنيل فضل الله تعالى، وارفع يديك وكبر وارم خلفك سنين التخلف والشقاء التي حرمت خلالها نفسك من ركعة وسجدة لله الواحد الأحد. فوالله لو أنك عرفت الله وقدرته حق قدره لتمنيت الموت راكعا ساجدا لله قد ابتل قلبك بكاء على ما فاتك! ولكن الإنسان يطغى ويجهل ويظلم ويكفر!

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x