الموفّق هو الذي يخرج من هذه الدنيا ولم يتعلق قلبه إلا بالله وكل عمل يقربه منه جل جلاله.
تستمر الابتلاءات في تهذيب المسلم وتربيته حتى يصل لقناعة تامة “ألا كل شيء ما خلا الله باطل”.
كم من حلم في الدنيا تحقق ثم أضحى لا قيمة له.
وكم من هدف فيها بُذل لأجله الغالي والنفيس ثم استغني عنه.
إذا وجدت نفسك تتعلق بشيء في هذه الدنيا أكثر من الله تعالى، فتفكر فيه أكثر من الله ويشغلك عن المسابقة إلى الله فانتظر خسفا بقلبك أو ابتلاء يزلزلك لتعود لرشدك.
كل من تعلق بشيء أضعف سعيه للجنة، ابتلي بالشقاء به. وعد ما شئت من أموال وأزواج وأبناء وممتلكات وهوايات وغيره.
لا تغلو في التعلق.
من أجمل ما في الرضا بالقدر، هو الثقة التامة أن الله اختار لعبده المؤمن الأفضل له، وكم من فقد كان فيه رفعة وكم من أذى كان فيه ارتقاء،وكم من خسارة كانت منتهى المكسب، ثق دائما أن الله جل جلاله أعلم بما هو خير لك، فردد بيقين تام، “اللهم دبر لي، اللهم اختر لي” فلا يعلم السر وأخفى إلا هو!
يعتقد البعض أن عدم تحقيق حلم حلموا به طويلا وافتقدوه كثيرا هو نقص وخسارة.ولا يدركون حقيقة النقص والخسارة حتى يحققوا حلمهم المنشود ثم تتحطم آمالهم فيه!
ليست كل الأحلام تستحق العناء وإن بدت واعدة،فبعضها محض شقاء!
ولا حلم يعلو على حلم منازل الخالدين فهناك كل الأماني تتحقق بتمام الكمال.
أهم ما يجب أن يتوفر في وسط تعيش فيه: الأمان والطمأنينة فكل التفاصيل الأخرى تصبح ثانوية أمام هذه المعالم.
والأمان والطمأنينة يتحققان تلقائيا مع الوسط الإيماني الذي يدرك قيمة الصدق والأمانة والإحسان والوفاء والرحمة وسلامة الصدر على المؤمنين والتعاون على البر والتقوى، رجاء رحمة الله.
يأسرك وصف الحديث للمؤمنين في تركيزه على”توادهم وتراحمهم”، فالتواد والتراحم، أهم أركان العلاقات بين الناس، ولا يمكن لعلاقة أن تستمر على نور من الله بدون هاتين الصفتين القاعدتين، ومنذ فقدنا قيمة المعاني فقدنا قيمة التواد والتراحم فتفشى بيننا الجفاء واللؤم والأذى، فكنا الأبعد عن وصف النبي ﷺ.
حين يلجأ إليك مؤمن رجاء نصيحة في الله تعينه على تحديد اختيار أو تجاوز محنة وابتلاء، فاعلم أن الناصح الأمين من أكثر الناس نفعا للمسلمين، فاستحضر تقوى الله والرحمة بالعباد وحب الخير لهم. فما رأيت مثل النصيحة الخالصة لترميم القلوب وإصلاحها، ورب كلمة أحيت قلبا وصنعت همة والحمد لله على أخوة الإيمان.
أفضل طارد للهم والغم .. العمل في سبيل الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له”. رواه الترمذي.
وفي مسند أحمد بسند صحيح عن علي رضي الله عنه أنه قال:”من انشغل بالله كفاه الله كل الهموم وكل الأمور”.
كل الغايات في الدنيا تهون وتتلاشى إلا غاية بلوغ عرش الرحمن.
فلا تأس على الخسارات في الدنيا أو الفقدان، واجعلها جميعها فداء في سبيل مولاك.
ولا قوة كقوة الإيمان.
ولا طريق لتحصيلها مثل التزام القرآن.
وردد عند كل كبوة أو ضعف: “بل عرش الرحمن”.
أقبح انتصار .. الانتصار للنفس.
ولا يرضاه لنفسه التقي.
يحصل الاختلاف حتما .. حين يكون أعظم ما يشغل حياتك لا يعني شيئا عند الآخرين ..
حين يكون أعظم ما تقدمه لا قيمة له لديهم ..
امتحان صدق القيم والغايات يمحص، وليس من بكى كمن تباكى.
(هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)
أخوة الإيمان تستوجب نصرة المؤمن.
ولا نصرة بدون خفض الجناح و”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
وكل ذلك يصنعه الصدق والأمانة والكرم والشجاعة، رباعية مهيبة تلخص ركائز الطيبة والخير في النفس البشرية.
فحاربوا الكذب والخيانة والبخل والجبن، ليسلم صف المؤمنين.
لا يجتمع حب المؤمنين وحظوظ النفس،في قلب مؤمن يتعامل مع المؤمنين.
لذلك كان وصف الإيثار أبرز وصف للأنصار ووصف التعفف أبرز وصف للمهاجرين.
من لم يتعلم الدروس الجليلة من أخلاق الأنصار والمهاجرين سيعاني كثيرا من تبعات التخلف عن ركب السابقين الأولين.
أول درس التخلص من الأنانية والاتكالية.
كلنا ضعفاء ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله .. فلا تغتر بصلاح ظاهر ولا بحسن ثناء ومدح، وترقب الخواتيم دائما فهي الفيصل في كل ما ترى وتسمع.
لا يمرن عليك اليوم بدون دعاء” يا حي، يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة”. اللهم اصلح سرائرنا وأعمالنا وخواتيمنا.