بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.
تناول المهندس محمد عبد السلام فرج في كتابه الفريضة الغائبة تأصيلًا شرعيًا وتفصيلًا علميًا متينًا يحيط بفريضة الجهاد، وتبرز أهمية هذا الكتاب في كون كاتبه الذي كتبه في عام 1981، كان صاحب الدور البارز في الإعداد لقتل الرئيس المصري أنور السادات في وقت لاحق.
ويعتبر كتابه هذا الأساس الفكري الأول لتنظيم الجهاد الذي ظهر في مصر عام 1966. وقد أعدم محمد مع خالد الإسلامبولي وإخوانه في سنة 1982 بسبب عملية الاغتيال الناجحة تلك وباعتبار كتابه هذا دليلًا هامًا ضده في القضية. ما يعكس درجة رسوخ المفاهيم التي كان يحملها الكاتب ثم انعكست تطبيقًا واقعًا يؤكد على إيمانه بما خط -رحمه الله-.
ويعتبر كتاب محمد فرج باكورة الأفكار الجهادية الشفهية ضم إليها كل أقوال العلماء التي يستدل بها أهل الجهاد ليخرج بخلاصة تتناسب ومقاييس الفكر الجهادي في ذلك الوقت.
المقدمة
سلط الكاتب الضوء في مقدمته على درجة إهمال علماء العصر وتجاهلهم لفريضة الجهاد في سبيل الله، رغم ما تحمله من أهمية وخطورة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمستقبل هذا الدين، وعودة صبح الإسلام من جديد.
وأشار فيه إلى ضرورة إزالة الطواغيت من هذه الأرض بقوة السيف، وقدم الأحاديث التي تعضد طرحه. كان من بينها خطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطواغيت مكة حينما قال:” استمعوا يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح”، فرسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا الخطاب الطريق القويم؛ الذي لا جدال فيه، ولا مداهنة مع أئمة الكفر وقادة الضلال، وهو في قلب مكة.
فريضة إقامة الدولة الإسلامية
تطرق بعد ذلك الكاتب إلى واجب إقامة الدولة الإسلامية، وإعادة الخلافة التي بشر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مُبينًا بأنه واجب على كل مسلم أن يبذل قصارى جهده؛ لتنفيذه، وأسند طرحه بأحاديث ثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبشر بتمكين المسلمين في آخر الزمان.
كما هو الحال مع حديث فتح القسطنطينية؛ الذي تحقق الفتح الأول فيه على يد محمد الفاتح العثماني، وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفتح، وسيتحقق الفتح الثاني -بإذن الله- ولا بد، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وبسط الكاتب المبشرات بعودة الإسلام في العصر الحالي؛ ليمد هذه الصحوة الإسلامية وينبئ أن لهم مستقبلًا باهرًا من الناحية الاقتصادية والزراعية. وأما اليائسين فيرد عليهم الكاتب بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أنس -رضي الله عنه-:” اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعت هذا من نبيكم -عليه الصلاة والسلام-“.
كما ذكّر بأحاديث المهدي؛ الذي يظهر في آخر الزمان، ويملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن ملئت ظلمًا وجوارًا، وبشرى الله لطائفة من المؤمنين بقوله عز وجل:(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، والله لا يخلف الميعاد.
وخلص الكاتب إلى أن المسلمين أجمعوا على فرضية إقامة الخلافة الإسلامية، وأن إعلان الخلافة يعتمد على وجود النواة؛ وهي الدولة الإسلامية، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية. فعلى كل مسلم السعي لإعادة الخلافة بجد؛ لكيلا يقع تحت طائلة الحديث، والمقصود بالبيعة: بيعة الخلافة.
دار الإسلام ودار الكفر
وفصل الكاتب الفرق بين دار الإسلام ودار الكفر، مستدلًا بفتوى الإمام أبو حنيفة في أن دار الإسلام تتحول إلى دار كفر إذا توفرت ثلاثُ شروط مجتمعة:
الأول: أن تعلوها أحكام الكفر.
والثاني: ذهاب الأمان للمسلمين.
والثالث: المتاخمة أو المجاورة؛ وذلك بأن تكون تلك الدار مجاورة لدار الكفر، بحيث تكون مصدر خطر على المسلمين، وسببًا في ذهاب الأمن.
وأكد اعتمادًا لفتاوى العلماء الثقات أنه إذا كانت الأحكام التي تعلوها هي أحكام الإسلام “فهي دار الإسلام “، وإن كانت الأحكام التي تعلوها هي أحكام كفر “فهي دار كفر”.
الحكم والحاكم
وخصص الكاتب فقرة خاصة بالحاكم؛ الذي يحكم بغير ما أنزل الله، مدعمًا طرحه بأدلة من آيات وأحاديث تؤكد كفر من لم يحكم بما أنزل الله، وبفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك.
وقد وصف الكاتب حكام المسلمين في هذا العصر بالمرتدين؛ الذين تربوا على موائد الاستعمار سواء الصليبية أو الشيوعية أو الصهيونية؛ فهم لا يحملون من الإسلام إلا الأسماء، وإن صلى وصام وادعى أنه مسلم، وأسند قوله بفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، وقول الله -تعالى-:(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)، وقوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ).
وهذه الآيات نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام، والتزموا بالصلاة والصيام، ولكن امتنعوا عن ترك الربا، فبين الله لهم أنهم محادون له، ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا.
فإذا كان هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم، فكيف بمن يترك كثيرًا من شعائر الإسلام -أو أكثرها- كالتتار، ملخصًا أن كل من حرموا شيئًا من شرائع الإسلام، فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله.
وقدم الكاتب مقارنة بين التتار وحكام اليوم مستنتجًا أن صفات التتار هي نفس الصفات لحكام العصر هم وحاشيتهم الموالية لهم؛ الذين عظموا أمر الحكام أكثر من تعظيمهم لخالقهم.
وقد سلط الضوء -أيضًا- على أهمية تناول مجموعة فتاوى شيخ الإسلام -ابن تيمية- في عصرنا هذا؛ لأنها تقدم حكمًا واضحًا بحق هؤلاء الحكام، وهذه الديار بما في ذلك حكم إعانتهم ومساعدتهم؛ التي هي من باب المحرمات في دين الإسلام، وما يترتب عن ردتهم من أحكام تخص أموالهم، وقتالهم الواجب.
ويتعمق الكاتب في قضية قتالهم على اعتبارهم صائلين معتدين على المسلمين في أنفسهم وأموالهم وحرمهم، وأنهم من شر البغاة. ولا شبهة لهؤلاء المحاربين لله ورسوله، الساعين في الأرض فسادًا، الخارجين عن شرائع الدين.
ومع هذا الحجم من الضبط للأحكام يبين لنا الكاتب حكم من والاهم ضد المسلمين مستشهدًا بقول شيخ الإسلام -ابن تيمية-:” وكل من نفر إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء، فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام، وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون، ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين. فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قائلًا للمسلمين).
كما فصل أكثر في حكم من يخرج للقتال في صفهم مُكرهًا؛ فإنه لا ينضم إليهم طوعًا من المظهرين الإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر، ومن أخرجوه معهم مُكرهًا، وهذا الأخير يُبعث على نيته. ونحن علينا أن يقاتل العسكر وجميعه إذ لا يميز المكروه من غيره بحسب فتوى شيخ الإسلام -ابن تيمية-؛ التي فيها تفاصيل أطول ساقها الكاتب في فقرته.
آراء وأهواء
وتحت عنوان جامع: آراء وأهواء، أورد الكاتب طرق الإصلاح التي تتبناها التيارات الإسلامية غير الجهادية، وخص كل واحدة منها بنقد ورَد، بما في ذلك القائلين بالإصلاح عبر الجمعيات الخيرية، أو القائلين بأن الحل يكون بكثرة الذكر والدعاء والقيام بالعبادات وتربية المجتمع على هذا.
أو برأي بعضهم في أنه بالتغلغل في المناصب والتخصصات الهامة في الدولة عبر الانتخابات وغيرها، ثم رأي القائلين بالتوسع في الدعوة الإسلامية وتكوين قاعدة عريضة من الإسلاميين، ثم رأي القائلين بالهجرة للصحراء أو الجبال وتكوين مجتمع مسلم منعزل، ثم رأي القائلين بأن الإصلاح الإسلامي يتم عبر الانشغال بطلب العلم ثم لينتهي بترجيح رأيه الخاص بدليله الحاسم.
الخروج على الحاكم وفكرة العدو القريب والعدو البعيد
سلط الكاتب الضوء على ضرورة أن يخرج المسلمون على الحاكم الكافر، واستدل بفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في ذلك.
ورد الكاتب على من يقولون بأولوية تحرير القدس ومحاربة الصهاينة مرجحًا وجوب قتال العدو القريب؛ لأن حكام العالم الإسلامي في رأيه هم سبب وجود الاستعمار الصهيوني وغيره في بلاد المسلمين.
مع العلم أن القتال يجب أن يكون تحت راية مسلمة وقيادة مسلمة، ولا خلاف في ذلك. وخلص إلى أنه لا شك في أن ميدان الجهاد هو اقتلاع تلك القيادات الكافرة، واستبدالها بالنظام الإسلامي الكامل، ومن هنا تكون الانطلاقة.
الرد على من يقول أن الجهاد في الإسلام للدفاع فقط
كما رد على من قال أن الجهاد في الإسلام للدفاع، وأن الإسلام لم ينشر بالسيف مؤكدًا بأن القتال في الإسلام هو لرفع كلمة الله في الأرض سواء هجومًا أو دفاعًا. والإسلام انتشر بالسيف، ولكن في وجه أئمة الكفر؛ الذين حجبوه عن البشر، وبعد ذلك لا يُكره أحد. فواجب على المسلمين أن يرفعوا السيوف في وجوه القادة؛ الذين يحجبون الحق ويظهرون الباطل، وإلا فلن يصل الحق إلى قلوب الناس.
آية السيف
وتعمق في هذا المقام في تفسير آية السيف؛ وهي قول الله -سبحانه وتعالى-:(فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)، ثم تفسير الآية:(فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)، وهي أشد على المشركين من آية السيف.
مواقف المسلمين في القتال
وعن حالة الضعف التي تعيشها الأمة، أوضح الكاتب أن جيوش المسلمين على مر العصور كانت قليلة العدد والعدة، وتواجه في كل مرة جيوشًا أضعافهم؛ ذلك أن وعد الله بالنصر دائم ما دامت السموات والأرض.
الرد على شبهة العصر المكي
وعلى الذين ترخصوا في ترك الجهاد بحجة أننا في مجتمع مكي رد الكاتب معتمدًا على آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) موضحًا أنها نسخت كل هذه الأفكار النمطية بحجة أننا مكيون؛ فنحن لا نبدأ كما بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن نأخذ بما انتهى به الشرع.
القتال الآن فرض على كل مسلم
ويبرز الكاتب فرضية القتال اليوم بتأصيل شرعي يعتمد على الآيات والأحاديث كقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ)، وليجيب بعد ذلك على سؤال: متى يكون الجهاد فرض عين؟.
ثم شخص الكاتب حال الأمة؛ فوضح أن العدو اليوم يقيم داخل الأقطار الإسلامية، وهو يمتلك زمام الأمور. ويقصد بذلك الحكام؛ الذين انتزعوا قيادة المسلمين مُرَجحًا أن جهادهم فرض عين، هذا بالإضافة إلى أن الجهاد الإسلامي اليوم يحتاج إلى قطرة عرق كل مسلم. أي أنه جهاد لا يحتاج لاستئذان من الوالدين في الخروج للجهاد كما قال الفقهاء؛ فمثله كمثل الصلاة والصوم.
مراتب الجهاد وليس مراحل الجهاد
كما رد على من جعل الجهاد مراحل، موضحًا أن من يدرس السيرة يجد أنه عندما ينادي منادي الجهاد كان الجميع ينفر في سبيل الله حتى مرتكبي الكبيرة، وحديثي العهد بالإسلام.
وقدم في ذلك الأدلة من سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كقصة ابن محجن الثقفي؛ الذي كان يدمن الخمر وبلاؤه في حرب فارس مشهور، كما بين أن الحديث الذي ذكره ابن القيم:”(رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)… قيل ما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال: جهاد النفس.” بأنه حديث موضوع.
خشية الفشل
رد آخر متين جاء في كتاب المهندس -محمد فرج- حول شبهة قيام الدولة، ثم انهيارها، وأوضح أن قوانين الإسلام ليست قاصرة ولا ضعيفة عن إخضاع كل مفسد في الأرض خارج عن أمر الله، وأن (المنافقين) إذا رأوا القوة في صف الإسلام سوف يعودون مذعنين.
فلا ننخدع لهذه الأصوات؛ فإنها سرعان ما تخمد وتنطفئ، وموقف المنافقين سوف يكون موقف كل أعداء الإسلام ويقول الله -تعالى-:(إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ).
القيادة
أما عن عدم وجود قيادة تقود مسيرة الجهاد كأمير أو خليفة، فيرى الكاتب أن من ينادي بهذه الحجة يخالفون وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ الذي يحض المسلمين في أحاديثه على تكوين القيادات، فالقيادة أمر يظهره المسلمون بأيديهم لا ينتظرونه. فينبغي أن تكون للأحسن إسلامًا وللأقوى، والأمر نسبي.
وخلص في هذه الفقرة إلى أنه آن الأوان البدء وبكل جهد في تنظيم عملية الجهاد لإعادة الإسلام لهذه الأمة وإقامة الدولة واستئصال طواغيت لا يزيدون عن كونهم بشر لم يجدوا أمامهم من يقنعهم بأمر الله سبحانه وتعالى.
مسائل متفرقة
مسائل أخرى تناولها الكاتب كمسألة البيعة على القتال والموت، والتحريض على القتال في سبيل الله، وعقوبة ترك الجهاد؛ الذي يعد السبب فيما يعيش فيه المسلمون اليوم من ذل ومهانة، وتفرق وتمزق. فقد صدق فيهم قول المولى -عز وجل-:
وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” لئن تركتم الجهاد في سبيل الله، وأخذتم بأذناب البقر وتبايعتم بالعينة، ليلزمنكم الله مذلة في رقابكم لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا على ما كنتم عليه”. ولا يجب على مسلم أن يرضى أن يكون الآن في صفوف النساء كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن جهادهم في الحج والعمرة.
وتحت عنوان منفرد: شبهات فقهية والرد عليها، كمواجهة الكافر وفيهم المسلم، استعان الكاتب بفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في تفصيل الحكم فيها.
أسلوب القتال
من جهة أخرى قدم المهندس عرضًا لأسلوب القتال المناسب بعد الحديث عن فنون القتال في الإسلام، في غزوة الأحزاب وبالكذب على الأعداء مسلطًا الضوء على تخطيطات إسلامية، وخدع إسلامية، وخدع قتالية تمضي أحكامها على كثير من المسلمين كسرية مقتل كعب بن الأشرف، وسرية عبد الله إلى أبي سفيان، وقصة نعيم بن مسعود في غزوة الأحزاب.
كما تناول الكاتب -أيضًا- مسألة جواز انغماس المسلم في صفوف الكفار إن كان في ذلك مصلحة للمسلمين، مستندًا لفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية.
وتحت عناوين منفردة تحدث عن الدعوة قبل القتال، وجواز تبييت الكفار ورميهم وإن أدى إلى قتل ذراريهم، ومسألة قصد استهداف النساء والرهبان والشيوخ بالقتل، ومسألة الاستعانة بمشرك، ومسألة جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها.
أيضًا تحت عنوان منفرد تحدث الكاتب عن تنظيم الجيش المسلم، واستحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو، وكذا أدعية القتال. وقد كان من أدعيته -صلى الله عليه وسلم- في القتال:
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم!
الخاتمة
كما لفت الكاتب الانتباه في خاتمة كتابه لسنام الأمر كله؛ ألا وهو الإخلاص في الجهاد في سبيل الله، وبسط في ذلك الأحاديث المهمة في هذا الباب. كما نبه أيضًا لضرورة تجاوز المُخلَفين، فإن الدعوات في حاجة إلى طبائع صلبة مستقيمة ثابتة مصحة تصمد في الكفاح الطويل الشاق.
والصف الذي يتخلله الضعاف والمسترخون لا يصمد؛ لأنهم يخذلونهم في ساعة الشدة فيشيعون فيه الخذلان والضعف والاضطراب. فالذين يضعفون ويتخلفون، يجب نبذهم بعيدًا عن الصف؛ وقايةً لهم من التخلخل والهزيمة والتسامح مع هؤلاء جناية على الصف كله. مُسندًا قوله لفتاوى الفقهاء في تنقية الصف كأقوال الشافعي، وابن قدامة المقدسي.
ثم مسك الختام؛ تحدث الكاتب عن غرور الفقيه كيف يمنع تأميره، فلقادة جماعات المسلمين هذا اليوم أن يقولوا لكل داعية يتطلع للسمعة والجاه والمكانة الاجتماعية المرموقة مثل الذي قال عمر لأبي عبيد، ويفهموه أنه: قد أخطأت بداية الطريق إلى مرادك، فمررت بديار دعوة التواضع والبذل والالتزام الخططي، وهذه الطريق على ديار أشكالك فالحق بهم.
هذا الكتاب كان غزيرًا بالأجوبة والردود على الكثير من الأسئلة والشبهات في باب الجهاد، معتمدًا على تأصيل شرعي متين، وأحاديث وآيات واضحة المعاني والتفاسير، وتبقى مطالعته مغنم لمن أراد أن يستزيد. فرحم الله كاتبه وأسكنه فسيح جناته ونفع بكتابه وفكره المستنير!
النشرة البريدية
بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.