متى يتنزل النصر وترتفع قبته؟

إن الحرص على رسوخ الأصول والقواعد الشرعية عند امتحانات المواقف والاختيارات والثبات، يصنع سيرة متزنة منتظمة الخطى، يتفق معها كل من استند للأصول والقواعد الشرعية نفسها. فلا بد أن يجتمع المتجردون للحق والمتفقون مرجعية وأصولا، وإن تناءت بهم الديار وقطعت سبلهم الظروف أو تعدد لغاتهم.

لكن هذا الاتزان والانتظام، يقطع طريقه، قطاع طريق!

في مقدمتهم الأهواء والانحيازات العاطفية التي تدفع لإخلاص الدين لغير الله تعالى وتوظيف الدين لنصرة ما تهوى النفوس.

ويقطع طريقه الانتماءات التي تتعصب لها النفوس، وتوالي وتعادي لأجلها. ولا تعصب إلا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ويقطع طريقه ضعف التزود والاستنصاح، وتعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي هي حياة القلب والأمة، فتغلب حمية الاصطفافات وهالة العجب، مواقف الحق والصدق، فتضعف وتخذل ويتفرق الناس كل حزب بما لديهم فرحون.

ويقطع طريقه العجب والغرور، وانطفاء عبادة الوجل والخشية، والارتهان لكثرة المعجبين والمصفقين.

ويقطع طريقه، التكبر على مقامات الخدمة والعمل في سبيل الله تعالى، والترفع على مقامات البذل والمسابقة. وازدراء ذرات الخير والمعروف.

ويقطع طريقه الخوض في الفتن، والانتصار للنفوس، والتورط في البغي والظلم والعدوان، والتعاون على الإثم والعدوان.

يقطع طريقه، الاستهانة بالكذب، والتدليس، وكتمان الحق، والحكم بين الناس بإجحاف بلا إنصاف.

يقطع طريقه، الغفلة عن آيات الله تعالى وضعف التفكر في نفس الإنسان وما حوله وما يجري معه ويعيشه.

يقطع طريقه الاستهانة بأسباب قوة القلب وعوامل ضعفه، والصحبة التي تغر وتضل! ومرجعيات توهن العزيمة وتفتر معها الغيرة وتبخس معالي الأمور.

يقطع طريقه الإصرار على الذنوب الصغيرة واعتقاد أنها مغفورة، والحرص على سلامة الظاهر أكثر من سلامة القلب.

يقطع طريقه خداع المؤمنين بالله تعالى، واستغلال طيبة وصدق بلؤم وخبث نفس وجشع.

يقطع طريقه بغض الجهاد والمراغمة وإظهار المودة للكافرين والمحاربين لدين الله تعالى. وخذلان مواقف الولاء للمؤمنين والنصرة لله ورسوله وصحابته رضي الله عنهم..

يقطع طريقه الانغماس في الترف والكماليات وحرمان النفس موجبات الحكمة وصحبة العلم وواعظ القلب.

يقطع طريقه الانغماس في منهجية التبرير والتفلت والتنصل من مواجهة الأخطاء بشجاعة والتوبة بانكسار والحرص على سلامة الطريق، والمسارعة للاستجابة لما فيه خير النفس والأفضل.

يقطع طريقه كثرة التنطع والتعمق والتفلسف والالتفاف على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

هذا من بين الكثير من الأسباب التي تتطلب دراية وإحاطة، فإن الطريق إلى الله تعالى محفوفة بامتحانات الصدق، ومن صدق مع الله جل جلاله، أبصر!

لن تجتمع هذه الأمة، إلا على دينها، وحتى تأخذ كتاب ربها بقوة وبفهم السلف الصالح بلا ظلم ولا انحراف ولا تهاون.

فإن توحدت المرجعية التي يحتكم لها الناس، وتحصنت القلوب من أمراضها والأهواء، حق للنصر أن يتنزل، ولقبته أن ترتفع.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x