بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.
تعاني مجتمعاتنا اليوم حالة من التخلف لم تعرفها جميع المجتمعات الإسلامية على امتداد محور التاريخ، على الرغم من التقدم العلمي والتطور التقني، لا تزال تتخبط! والمشكلة تحديدا في تعسير الحلال وتيسير الحرام بشكل أضحى يشكل معضلة!
لقد أصبح تأسيس أسرة مشروعا مستعصيا، والوصول للحلال أصعب بكثير من إقامة علاقة غير شرعية. فكثر التعاطي مع الحرام وتأخر الوصول للحلال. وكان لذلك نتائج سيئة جدا على الفرد كما على الأسر والمجتمعات.
ولنلقي نظرة على الإحصاءات بشأن معدل السن عند الزواج في دول العالم الإسلامي، وسأقتطف عينات فقط بنسبة تقريبية مع التنبيه لوجود هامش خطأ في كل إحصاء إلا أنها نسب يمكن الاعتماد عليها في تحديد معدل السن عند الزواج في المجتمعات المسلمة، وسنلاحظ كيف أن معدل سن الزواج للمسلمين يعتبر كبيرا ومكلفا.
الدولة
الرجال
النساء
الجزائر
32.4
28.2
مصر
31
25
ليبيا
32
29.2
المغرب
31.3
25.7
السودان
28.9
21.9
تونس
32.9
28.2
البحرين
30
26.3
بنغلاديش
26.5
25
الأردن
31.3
26.6
الكويت
28.9
27.5
لبنان
32.8
28.8
عمان
28.1
24.8
باكستان
26.9
23.2
فلسطين
25.4
20.1
قطر
27.3
25.4
السعودية
25.3
20.4
سوريا
31.8
26.3
تركيا
27.9
25
اليمن
26.1
23
ألبانيا
30.9
27.8
جدول متوسط السن عند الزواج
ثم دعونا ننظر في معدلات العنوسة في عدة دول عربية والتي ضربت فيها لبنان الرقم القياسي بعدد النساء بدون زواج ولا شك أن لذلك أسباب وتداعيات مستمرة.
الدولة
نسبة العنوسة
لبنان
85-80%
تونس
81%
العراق
70-85%
الامارات
70-75%
سوريا
70%
المغرب
60%
الأردن
55%
الجزائر
أكثر من 51%
مصر
48%
السعودية
10-40%
جدول معدلات العنوسة
ولنلخص الآن أسباب تأخر الزواج في مجتمعات المسلمين اليوم:
النظام الذي تقوم عليه المجتمعات
ونقصد بالنظام العادة التي جرت بين الناس والتي تتواصى بوجوب أن ينهي الأبناء دراستهم وتوظيفهم ثم يبدؤون في الاستعداد لمرحلة الزواج، وهذه تطول لسنوات فمن يدرس الطب لن يتزوج قبل أن يتخرج وربما حتى يتخصص، ونتحدث عن رحلة 7 سنوات وأكثر كأقل تقدير.
والمهندس عليه أن يدرس 5 سنوات وحتى يتوظف ويكون نفسه يحتاج سنوات أخرى، فهنا رحلة ممتدة من السنوات.
وكل اختصاص دراسي مع سنوات التوظيف وتوفير مستوى معيشي مقبول للمجتمع، يتطلب مرحلة من الانتظار الطويل على امتداد السنوات حتى يتمكن الرجل من الزواج، ولذلك نرى متوسط سن الزواج للرجل في العالم الإسلامي مرتفع ويقارب الثلاثين سنة في أغلب الدول! في حين أن الرجل في هذه السن في وقت مضى كان لديه أربعة أسر أو عدد من الأبناء الذين يخدمونه!
لقد أصبحت مدة إكمال الدراسة والتعيين في وظيفة، من إلزامات الزواج للنساء كما الرجال، وما أنزل الله بها من سلطان، وتم تأجيل كل حاجة نفسية واجتماعية حتى يتم الانتهاء من السنوات المتطلبة، والتي تقضى في وسط مختلط ملغوم، وانحلال وعري وفجور لا يخفى في مجتمعات استحلت الموسيقى والغناء ونزع الحجاب!
فيجد المسلم والمسلمة أنفسهما في وسط فتن متدافعة، وفي الوقت نفسه يحرم عليهما الحلال، بحجج الشهادة والعمل وسداد دين الوالدين! فنجد أمامنا حالات اكتئاب واضطرابات وضغوط نفسية، وحالات انحرافات وفساد.
تكاليف الزواج التي تجاوزت المعقول
أكثر ما يعطل زواج الشباب اليوم هو تكاليف الزواج، فعدد بين يديك: حفلات الخطبة المخترعة! وحفلات كتب الكتاب ثم حفل الزفاف وكمّ من الأموال تسرف في مثل هذه الاحتفالات ولم يدخل الرجل بعد بيته! وبعد ذلك تكاليف هذا البيت الذي يجب أن يحتوي كل الكماليات والتفاصيل التي يمكن الاستغناء عنها، ولنا أن نتخيل كم ترتفع التكلفة مع ارتفاع المهر والأسعار في كل بلد والتقاليد المرافقة بحسب الشعوب. وكانت بالأمس حفلات الزفاف مجرد وليمة لإعلانه! بل حتى أن المهر أصبح عند بعض الأسر وسيلة مساومة وابتزاز فتباع الابنة للخاطب الأكثر قدرة على دفع الأكثر! بغض النظر عن دينه وخلقه، يقول البشير الإبراهيمي مسلطا الضوء على هذه المشكلة:”من أمراضنا الاجتماعية التي تنشر في أوساطنا الفساد والفتنة، وتعجل لها إلى الدمار والفناء: عادة المُغالاة في المهور… وقد أفضت بنا العوائد السيئة فيها إلى سلوك سبيل منحرف عما تقتضيه الحكمة، وعما تقتضيه المصلحة -وهو تنزُّل الأغنياء للفقراء رفقًا بهم وتيسيرًا عليهم-؛ فأصبح الفقراء يتطاولون إلى مراتب الأغنياء ويقلدونهم، تشبهًا بهم، ومجاراةً لهم، والضعيف إذا جارى القوي اِنْبَتَّ فَهَلَك!”[1].
رواج العلاقات غير الشرعية
وهذه تحصيل حاصل لتعسير الحلال لقد أصبح سهلا جدا إقامة علاقة غير شرعية في مجتمعاتنا ولو بوعود زواج يطول أمدها، فلا داعي للاستعجال ما دام هناك وسيلة لتحقيق العلاقة بالسر وبدون تكلفة وكم من فتاة وشاب تورطوا في علاقات تحت مسمى الحب! وهم في ضلال مبين ومنهم من يصل لحد الزنا ولا يبالي فحجته في يده: لا أستطيع الزواج الآن!
واستمرار هذه العلاقات للأسف قد يحدث حتى بعد زواج أحدهما، أو كليهما فيبقى القلب معلقا بالسر وتستمر الخيانات ونشاهد بسبب ذلك أسر مهدومة قبل أن تبنى.
كثرة بدون فضيلة
يوجد الكثير من النساء والرجال للزواج لكن الكثير منهم لا يحملون الوعي ولا الأهلية للزواج، فبين امرأة مسرفة وسفيهة جاهلة بدينها وبين رجل مسرف وسفيه جاهل بدينه، وأحلام لا ترقى، ومشاغل لا تتعدى سفاسف الأمور، وظلم للنفس يتعاظم وانهزامية للغرب تُقدس، يتعب الصالح والصالحة في بحث شريك مناسب لرحلة الزواج، التي تمتد وتتخللها الابتلاءات وامتحانات الصدق وتتطلب صدقا ووفاء لا يهتزان.
فيفضل صاحب الهمة أن يصبر على بحث مواصفات تناسبه ولا يتنازل عن حد أدنى يبحث عنه يتضمن الحياء والتقوى والدين لتكون أما صالحة لأولادهما، وكذلك صاحبة الهمة، تفضل انتظار الزوج الرجل الذي يقدر على أن يقوم بقوامته ويربي أبناءه تربية سوية، على أن تخوض تجربة مع رجل لا يعرف حق ربه ودينه فكيف بحق أسرته.
الأولوية للأغنى لا للأصلح
وهذه من أقبح ما تقوم عليه اختيارات الزواج في زماننا، فالآباء وحتى الأبناء يجدون أنفسهم قد تم ترويضهم على فكرة الزوج الأنسب هو الأغنى ولو لم يكن يصلي ولو كانت متبرجة لا حياء لها!
فالمظهر الاجتماعي وإن حاول البعض التظاهر بعدم الاهتمام له، هو الذي يحكم الاختيارات في عمقها، فالزواج من لقب (د) ومهندس وأوسمة التفوق الدراسي والمادي الأسري، يتقدم كثيرا على مقاييس الدين والتقوى! وللأسف يحدث هذا حتى في الأسر التي تزعم الالتزام فكثيرا ما تقوم اختياراتها على شهادة العريس والعروس وعلى وضعهما الاجتماعي والدراسي والوظيفي، ويضرب بعرض الحائط بتفاصيل الاستقامة والالتزام، فهذه هينة في نظرهم تؤتى مع الوقت!
وكم من ابنة صالحة زوجها أهلها لرجل لا يصلي وفاسق، لكونه غني مقتدر ومنعت الصالح بحجة وظيفته ضعيفة الدخل وليس اسما لامعا.
وكم من ابن صالح زوجه أهله لامرأة لا تصلي وفاسقة، لكونها من عائلة تحمل أحلامهم على طبق من ذهب!
وهذه حقيقة تعيشها مجتمعاتنا وينجو منها من رحمه الله وتوشح درع الصدق وسيف التمرد على جاهلية العصر.
صعوبة الاستقلالية المادية وتحصيل الرزق
يتربى الابن على الكثير من أحلام الأهل التي تعده للدراسة والعمل والتوظيف ولكن خلال هذه المرحلة الطويلة يكون الابن الرجل عاجزا عن تحصيل رزقه بنفسه والاستقلال بماله، فيأخذ مصروفه من والده حتى سن متقدمة ولا يتحرك خارج ما هو مسموح له، فهو لا يقدر على أن يغامر في تجارة أو باب رزق يتحرر به من التبعية المالية لأسرته حتى نهاية العشرينات وربما بداية الثلاثينات، وبالتالي ما أن يتولى مسؤولية إدارة أسرة حتى يجد نفسه أمام أزمات الإدارة المالية، فإما يغرق في بحر الديون أو يسيء التصرف والتعامل في طرق الصرف وتوظيف المداخيل، ويتسبب هذا في تصدع الأسرة التي إن ذهب أمانها المادي، تفككت.
فصياغة الرجل القوام يجب أن تتضمن القدرة على بحث الرزق وحسن الإدارة المالية والرجل الذي يفقتد لذلك يُساس ولا يكون قائدا في أسرته ولا حتى مجتمعه وقد يكون خاضعا لزوجته وراتبها وإملاءات أسرته طيلة حياته، ولذلك الكثير من النفوس تعاني من إلزامات معيشية لم تكن معروفة من قبل، فتربية الابن على الاستقلالية المادية، واقتحام أبواب الرزق وبحث موطئ قدم له خارج الارتباط المهووس بالشهادة سيصنع منه قائدا مبكرا جدا قبل أن يتخرج وهو ما لم ينتبه لأهميته إلا قلة قليلة جدا من الأسر التي شجعت أبناءها على العمل مبكرا قبل التخرج واكتسبوا بذلك خبرة حياتية لا تقدر بثمن وصقلت رجولتهم واشتدت سواعدهم وتجلدوا أمام الأزمات أكثر من أقرانهم الذين لم يتحملوا مسؤوليات الحياة بعد.
تشويه المفاهيم
ولعل ما يساعد في استمرار هذه الحالة المؤسفة من تعسير الحلال وتسهيل ولوج الحرام هو اضطراب المفاهيم وتشويشها، فالزواج في سن مبكرة محارب، ولو طالب الشاب أهله بالزواج على سن 18 سنة تدق طبول الحرب فكيف بالفتاة، وسيهاجم بتهمة “كيف تتزوج في هذه السن وأنت غير عاقل ولا ناضج ولا مقتدر”، وقارن هذا بين الصحابي يقود جيشا في عمر 16 سنة وفاتح يقتحم إقليم السند فيفتحه في عمر 17 سنة! نحن أمام أزمة السن المتخلفة عن قدراتها الحقيقية، ولدينا مشكلة كبيرة في معايير التربية فالأبناء حتى بعد سن البلوع يعاملون معاملة العجزة، ويحرمون تعلم أهم علم بعد الشريعة على الإطلاق، وهو علم إدارة أسرة! علم القوامة والتدبير المنزلي علم يُزدرى ويهمل كثيرا في زماننا فتحملت الأمة تداعيات إهماله المثخنة.
وقد كان السلف الصالح يدرسون الأبناء أول ما يدرسون بعد علم الشريعة علوم الحياة التي تنفعهم في حياتهم الأسرية، فتتعلم الفتاة كيف تكون زوجة صالحة وأما مربية ويتعلم الرجل كيف يكون زوجا قواما وجنديا في جيش المسلمين أما اليوم فأرجى إنجازاتهما مشاهدة برنامج تافه والانغماس في لعبة تهدر الأعمار عليها بخسا وظلما للنفس.
لم يعد للأجيال أحلاما تكبر معهم منذ الصغر، فأحلامهم مسروقة وما هي إلا تحقيق أحلام أب وأم جشعين، لا تتعدى حلم بنك مزدحم بالأموال ومظاهر حياة تبذخ وفخر، ولو نُحرت المروءة على عتبات الأحلام!
ولن يتغير هذا الفهم إلا بتغيير أساليب التربية والأهداف المرجوة من هذه التريية، فمن كان يرجو تربية بنك وخزينة أموال وألقاب للتباهي بها، فهذا لن يكون قادرا على النعيم بعلاقة أسرية سوية، سيعاني كثيرا من فقد المعاني في حياته وبالتالي الجفاء. فليس المستوى المادي ولا حتى التفوق الدراسي ما يحدد تباين مراتب المؤمنين عند الله عز وجل، بل بزكاء القلوب وتقواها وحسن استقامتها وصلاح عملها، ولو كان المؤمن فقيرا ولو لم ينتهي من دراسته الجامعية.
ومن المفاهيم التي شوهت، ذلك التضخيم لمهمة الزواج، وكأنها عملية مستعصية تتطلب غرفة عمليات وتخطيط للوصول للحلال، والأمر هين جدا، فيمكن البداية من بيت صغير ولا داعي لبيت كبير، ومن الضروريات ولا داعي للكماليات، ومن تربى على الزهد لا يعاني التكلفة.
ومن المفاهيم التي شوهت، حسن الظن بالله جل جلاله، فيدخل الطرفان للزواج بنية مضطربة، وترقب واستعداد للطلاق أكثر من الاستعداد للزواج، وذلك يعكس درجة تفشي أمراض اضطراب منظومة الأخلاق في مجتمعاتنا، فلم يعد للصدق والأمانة والكرم والشجاعة مواقعها في مقاييس الحياة فإما أنها بخست أو أنها حوربت أو أنها غُربت. ويشكل ذلك سببا من أسباب تأخير الزواج لكثرة التردد أو تعثره منذ البدايات، ونحن نرى من يسود في زماننا أكثرهم كذبا وخيانة وبخلا وجبنا! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلك من أمارات آخر الزمان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة) رواه ابن ماجه وأحمد، وله رواية بلفظ: “السفيه يتكلم في أمر العامة”. ولكع بن لكع هو: اللئيم ابن اللئيم، أو هو: رديء النسب والحسب، وقيل: من لا يعرف له أصل ولا يحمد له خلق. قاله في تحفة الأحوذي، وقال في النهاية: اللكع عند العرب العبد، ثم استعمل في الحمق والذم.
ومن المفاهيم التي شوهت، الغاية الحقيقية من الزواج التي يجب أن تكون في سبيل الله تعالى، فالزواج في زماننا كثيرا ما لا يتعدى غايات فانية ويفتقد لروح الاستمرارية بالحب في الله والتعاون في الله والعمل على إعلاء كلمة الله، فهذه لا تدخل في حياة الكثير من الأزواج إلا ربما خلال محادثة عابرة وحماسية، لكن على أرض الواقع لا تجد انعكاس التعاون على البر والتقوى للزوجين المسابقين، فتجذر الجفاء وتمكنت الدنيا من القلوب.
ومن المفاهيم التي شوهت، أحكام الشريعة الغراء، فقد حلت محلها القوانين الوضعية والفكرة الغربية المتردية وسلطة الثقافة الغالبة المحاربة، فكان حالنا مؤسفة، منذ أول لحظة لإعلان الخطوبة إلى أيام الزواج نفسه، استنساخ منهزم وخنوع وذلة، ولا تجد استعلاء بالإيمان والهوية الإسلامية والاحتكام للشريعة، فيقبل الرجل المسلم على نفسه أن يخرج مع امرأة أجنبية عنه شرعا في جلسات تصوير وهي بكامل تبرجها بحجة الخطوبة وبدون ميثاق غليظ كما يملون عليه ولو في وسط مختلط، وتقبل المرأة على نفسها أن يلمسها رجل لا يزال أجنبيا عنها للبس الخاتم كما في الأفلام والمسلسلات لأن تلك هي العادة المتوارثة بدون نقد ولا إنكار، هذا ناهيك عن حفلات الأعراس المختلطة والمجاهرة بالمعصية خلالها، ثم يحدثوك عن الاعتزاز بالدين والهوية، وليتهم تعلموا كيف تكون الفرحة التقية الموجبة لرضوان الله عز وجل! وفي الواقع لا يتمكن من الوفاء لمواقف الاستقامة النبيلة والاستعلاء بالإيمان المهيب والتعظيم لشريعة الله العظيمة إلا المتمردون على جاهلية العصر لا الممنهزمون لسلطة ثقافة غالبة مفسدة.
لقد شغلت المظاهر الناس كثيرا والتقليد الأعمى لما لم يأذن به الله تعالى مصيبة أخرى، وتأبى المواقف إلا أن تكشف هشاشة ما تحملة الألسنة، فالتغيير الذي تنتظره الأمة متكامل من كل الجوانب وما دامت الأجيال منهزمة لطريقة الزواج في عصرنا الحديث وما دامت استهانتها بمعصية الله أهون عليها من تعكير مزاج المعنيين بالزواج المطالبين بالمنكرات في الاحتفال، فقد طالت غربة الدين.
ولذلك نرى أن كل بعد عن هدي الشريعة في الزواج انقلب جفاء على الأسر وكان له المردود السيء على صلابة العلاقات، فنور الله لا يهد لعاص، وفضل الله يؤتاه التقي.
ومن المفاهيم التي شوهت، حقيقة السعادة، وحصرها في المظاهر، فكم من الأزواج بينهم هوة سحيقة لكن أهم شيء في حياتهم هو البروز أمام الناس سعداء بصرف الأموال والتبذح، فتهدر الأموال على حفلات الزفاف بل وحتى الخطوبة، للتباهي والتفاخر، وجلسات الإعلان عن الحب والمشاعر بلا خجل، والمسلمون جياع والحروب تقطع أوصال من يرجو شربة ماء! نعوذ بالله من عجز الثقة وجلدة الفاجر!
ومن المفاهيم التي شوهت، ولاية الأب التي اهتزت بالعضل، فكم من ابنة تعاني بشدة لعضل والدها لها، والله تعالى يقول (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وللأسف بعض الفتيات حرمن الزواج بحجة المساعدة في مصاريف البيت والعمل في أعمال البيت! ويعيش الآباء والأمهات برفاهية على حساب سعادة ابنتهم وإعفافها وهذا ظلم عظيم.
بعد التشخيص الحل
التمرد على جاهلية العصر
في الواقع المشكلة عويصة جدا ومتجذرة في المجتمعات بقناعات يصعب زعزعتها بسهولة ولذلك لا أرى علاجا لهذا الوضع المأساوي إلا التمرد على جاهلية العصر، وحين أتحدث عن التمرد فيعني المطالبة بحكم الشريعة في العلاقات الأسرية وإعادة الهيبة لدين الله تعالى في الزواج. وإلا فسيطول التماهي مع واقع مجحف ويتكرر الفشل.
فالرجل الذي يحتاج للزواج لا بد أن يبحث على امرأة مثله تحمل أمانة الدين بعزيمة، وتبحث عن الاستقرار مع زوج يعينها على السير لله تعالى في بيت على نور شريعة الله تعالى، ثم تأتي مرحلة وضع الأهل أمام الأمر الواقع، وتبدأ من إعظام التوكل على الله تعالى وجمع أسباب قبول الأهل لمشروع الزواج، وتأسيس أسرة مسلمة بأقل المتطلبات من حيث إعلان الزواج إلى نظام وأهداف الأسرة – بتوظيف كل فكرة ذكية لتحقيق ذلك-، ولو نجحت أسرة في تحقيق هذا المشروع، ستتشجع أسر أخرى، والأهالي لن يجدوا أنفسهم إلا أمام مباركة الزواج، فالعديد من حالات رفض الأهل للزواج بحجة الدراسة تيسرت بعد أن خير الابن أو الابنة الآباء بين الزواج أو التوقف عن الدراسة وليحدث ما يحدث بعدها. والنصر صبر ساعة فيكفي التمسك بالمبدأ النبيل ويحل التوفيق.
أعلم أن النفوس تتباين في صلابتها في معارك الحق، لكن لو أن ثلة نجحت في فرض مطالبها الحق بهذا الشكل وقدمت دليل أهليتها لتحقيق ذلك سنحقق نسبة من التغيير ونرحم نفوسا قد ضجت من الألم بصمت.
لا أحصي عدد الرسائل التي تصلني من فتيات وشباب يعانون من تأخر الزواج ولا يزالون على مقاعد الدراسة تطول فصولها، وكل هذا له تداعيات مثخنة في النفس والاستقامة! فكيف مع استمرار هذا الفتك، لذلك ليستمر السعي للحلال ورفع راية الشريعة في البيوت واتخاذ مواقف لنصرتها. والحمد لله هذه الفكرة قد آتت أكلها مع بعض الحالات ورضخ الأهل لقبول فكرة الزواج خلال الدراسة بل هناك أسر تدرس وفي حضنها طفل وطفلة! وتخلصوا من فتنة الحرام بالحلال. بل أصبح أداؤهم أفضل وراحتهم النفسية أرجى.
تفعيل دور الدعاة ودوائر الوصل
على أهل العلم والدعاة والصالحين تقريب الخطاب الصالحين من الصالحات ولا يحتجن أحد بعدم توفر الصالحات بل هن موجودات والجاد سيجد، وإلا كما قال أحدهم للذي يقول: “لا يوجدُ امرأةٌ صَالحةٌ في وقتنا”.
اُخرُج من المستنقعِ الذي أنتَ فيه، فالصالحاتُ لا وجودَ لهنَّ في حاويةِ القُمامةِ التي غرستَ رأسكَ فيها!
ومن بحث وجد ومن اتقى الله يجعل له مخرجا، أما القبول بالمعاصي والمنكرات لبناء حياة زوجية وأنت تزعم رجاء رحمة الله تعالى فتحايل على شريعة الله لا يليق بمؤمن ولا مؤمنة، فلا يليق بالمسلم زوجة متبرجة يشاهد زينتها كل من هب ودب من المارة، ولا يليق بالمسلمة زوجا ماله حرام ولا يبالي بأداء فريضة الزكاة، فلا تنزلوا سقف المطالب عن الحد الأدنى، وإلا فلا يشتكين أحد من تحطم طموحاته مع الزمن.
ومن استقام على هدي السنة والسلف الصالح أغناه الله بمعية وتوكل يكفيانه ونصر يغبطه عليه الناس. ومن أغتر بدهائه وحيلته أوكله الله تعالى لحظ نفسه!
إقامة دورات تأهيل للزواج
من المهم أن يكون هناك أثر مؤسساتي في المجتمعات بإعداد دورات تأهيل للزواج لصناعة وعي الزوج المقبل والزوجة المقبلة بمواقعهما في مؤسسة الزواج وأدوارهما المناطة وتهذيب النفوس بهدي الشريعة وخلق السابقين الأولين، فتكون لنا مادة إصلاحية لخامة من النفوس يمكنها تحمل أعباء المرحلة المقبلة من العمل لعزة الفرد وأمته.
وهذه دورات يمكنها أن تسهل أيضا سبل الزواج وتوفق بين الباحثين عن الصلاح والمسلمون على شروطهم ومن صدق مع الله صدقه، فالزواج قدر ورزق وامتحان والله جل جلاله قد كتب لكل نفس قدرها، فهي امتحانات صدق، ومن استقام في طريقة طلبه للحلال ووصوله للحلال وعيشه للحلال، لا ينتظر غير نصر الله عز وجل له ولو كان زواجه امتحانا وبلاء لم يبصره مبكرا. وما لا يدركه البعض هو امتحان ما بعد الزواج، فليس الزواج هو الهدف النهائي، ولو بذل له جميع الأسباب الموجبة لنجاحه، بل الزواج بداية القصة! لأن بعدها تبدأ حقيقة امتحانات الصدق بحسن عشرة بالمعروف وعدل وإيتاء الحقوق، والثبات مع تداول الأيام وعواصف الفتن، وكم من العلاقات الزوجية انتهت نهايات مأساوية وأخرى ضربت القدوة والمثل.
الابتعاد عن أوساط الفتن
الانغماس في وسط مليء بالفتن يصنع ضعفا في قوة الحق في النفس، ومع الوقت، كثرة المساس تفقد الإحساس، فيصبح التعامل مع المتبرجات مخدرا للغيرة، ويفقد الرجل غيرته تدريجيا حتى تنتزع منه بدون أن يشعر، وهو ما اعتمدت عليه جحافل التغريب منذ أول يوم أدخلوا فيه مصيبة نزع الحجاب عن المسلمات، وهكذا أصبحنا نرى مع كل يوم تتعرى فيه مسلمة تنتزع بقدر عريها غيرة من قلب الرجل المسلم، واستمر الحال حتى أصبحت الأعراض تتحرك في الطرقات بدون ستر وبكامل الزينة والعطر والرجال يمشون بكل برود قد ألفوا المنكرات بل وجلبوها لبيوتهم وربوا عليها بناتهم، ولو أن أحدا من السلف الصالح وصل لزماننا ومشى في طرقات المسلمين لتبرأ مما وصلت لها حالنا والله المستعان.
ومن يقبل التنازل عن شبر سيتنازل عن متر! القضية في سلسلة تنازلات تحرف الإنسان عن الاستقامة دون أن يشعر بانحرافه ولذلك التشديد منذ البداية على حفظ النفس من مستنقعات الفتن حصانة للقلب وسلامة للذوق لا ينحدر، والحذر من إطلاق البصر صيانة للبصيرة ومقاييس الاختيار، فكثرة إطلاق البصر والانبساط في الاختلاط ينزع هيبة الاختيارات السوية، ويصبح المحتقر بشدة بالأمس مطلوبا بوقاحة بل ويُفدى اليوم! ويصبح القبيح جميلا وفاتنا. وتلك من سطوة الهوى وغلبة الشيطان.
ثم الصحبة التي تُهّون الحق في قلب المسلم والمسلمة، فتدفع مرتبة الأهداف إلى أسفل، حتى تصبح دنية وتخفت لمعة الحق في الأعين والقلوب! ولذلك جاء الهدي العظيم حزام أمان في قول الله جل جلاله ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [ الكهف: 28]
ولا يستعجل المرء قدره بمعصية، ففي الحديث: “إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكملها أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته“. رواه البيهقي في الشعب .
هذا حديث يكتب بماء العمل!
السعي للحلال كما يحب الله ويرضى
ويعني ذلك البحث عن الأسر الملتزمة أو الفتيات الملتزمات فقد تكون الأسرة لا تظهر الالتزام لكن بين جدران بيتها فتاة مؤمنة معذبة تعيش الغربة، ومن يبحث سيجد، والاجتهاد موجب للإعذار والتيسير من الله عز وجل. وحتى لو لم يكن يملك الرزق سيغنيه الله تعالى من فضله لذلك ينصح كل شاب يود الحلال أن يقدم أسباب نيل هذا الحلال، ولا بأس من التفكير بداية في توفير باب رزق أو أن يبحث عن العروس قبل أن يتخرج ويتفق مع الأهل على أيسر المتطلبات والله تعالى يرزقهما ويوسع عليهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من استطاع منكم الباءة فليتزوج”.
وقال صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف”. حديث حسن رواه الترمذي ورواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعاً: “ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله”.
ففيه وعد من الله بعون من يتزوج ابتغاء العفة فمن لم يكن عنده مال كاف أو كان في ضيق من العيش وتزوج ليحصن نفسه وتوكل على الله تعالى أعانه الله وأغناه وهو الهدي في قوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) {النور: 32}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله.. وأخرج أيضا بسنده عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. وذكر ابن كثير في تفسيره: أن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله.
صناعة الوعي بأهمية الزواج دون مماطلة
وهنا يأتي دور الدعوة بحكمة وبصيرة وصناعة الوعي والتأثير في الأسر، وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتبيان حكم الشريعة في القضية، والله تعالى يهدي القلوب بمشيئته سبحانه، وكم من أب أو أم متعنتين اهتديا للحق بطيب قلب وسلامة صدر فكانا نعم السند لأبنائهم لإعفافهم وتيسير الثبات عليهم. وهذا يمشي بالتوازي بإظهار أهلية الابن والابنة للزواج، فمن غير المعقول أن يتصرف الطالب للزواج بسفاهة وينتظر أن يحترم طلبه، فصناعة موقع محترم في الأسرة وظيفة الابن والابنة ويكون ذلك بحسن الاستقامة والبر بالوالدين. فيثقون عقله وأدبه ويستجيبون لمطلبه.
الاضطرار للقضاء في حالة العضل
وفي حالة استمرت حالة العضل بإصرار على ظلم الفتاة وحرمانها الزواج من رجل صالح، وتأذت الفتاة من ذلك ولم تعد تتمكن الصبر، يمكنها طلب مساعدة الكبار في عائلتها للتأثير في موقف والدها، أو تدخل العلماء وأهل الفضل لنصحه وتصحيح فهمه، فإن لم يستجب وأصر على إيذائها فيمكنها رفع قضيتها للقضاء الشرعي ويتدخل القاضي الشرعي في زواجها حين يتأكد أن العضل محقق.
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا
لا شك أن هناك حكمة في كل بلاء يبتلى به العبد ولكن يموت الحر ولا يهون الحق في نفسه ولا تحلو المعصية، ولذلك من لم يستطع الزواج من امرأة صالحة ومن لم تستطع الزواج من رجل صالح، فالله وليهما، قال عز وجل (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
قال السعدي في تفسيره: “(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ). هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف، أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه، ويفعل أيضا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ” وقوله: { الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا } أي: لا يقدرون نكاحا، إما لفقرهم أو فقر أوليائهم وأسيادهم، أو امتناعهم من تزويجهم وليس لهم من قدرة على إجبارهم على ذلك، وهذا التقدير، أحسن من تقدير من قدر ” لا يجدون مهر نكاح ” وجعلوا المضاف إليه نائبا مناب المضاف، فإن في ذلك محذورين: أحدهما: الحذف في الكلام، والأصل عدم الحذف.
والثاني كون المعنى قاصرا على من له حالان، حالة غنى بماله، وحالة عدم، فيخرج العبيد والإماء ومن إنكاحه على وليه، كما ذكرنا.
(حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) وعد للمستعفف أن الله سيغنيه وييسر له أمره، وأمر له بانتظار الفرج، لئلا يشق عليه ما هو فيه”.
إذا هناك حالات عجز عن الزواج ولها حلها في تعظيم التوكل على الله تعالى والتصبر بالتعفف، والله خبير بصير بعباده يؤتيهم الرزق وقت ما يشاء سبحانه ويمنعه وقت ما يشاء جل جلاله وهنا مقام عبودية لله جليل.
مشكلة النسوية
النسوية مرض متفش في زماننا ودرجة إفساده في المجتمعات عظيمة، مما يوجب حسن الاختيار بداية قبل الزواج، فليس معقولا أن يتزوج الرجل نسوية ثم يقول أنقذوني، بل منذ البداية يمتنع عن الزواج ممن تحمل أفكار النسوية وتتحدث بلسان غرورها، ولا يقول ستتغير مع الوقت بل سيتغير هو مع هذا الوقت! فالنسوية مرض الوقاية منه خير من العلاج. ووجود رواسب النسوية لوحده يكفي لهدم الأسرة فكيف بنسوية خالصة!
لذلك البداية تكون ببحث التقية بدينها، وهي التي تكفر بكل فكرة غربية تخالف شريعة ربها وتستعلي بإيمانها، ثم بحث وسط الاستقامة والابتعاد عن مستنقعات تلوثت بالفكرة الغربية، فلن تجد زوجة تقية في حفل مختلط، ولن تجد زوجة صالحة في مسبح مكشوف!
ومن أراد لنفسه الصالحة فليبحث في رياض الصلاح، وليحرص على توفير أسباب المناعة من هذا المرض في بيته، بالحرص على نقاء مداخل الثقافة والعلم، والتخلص من كل صحبة فاسدة ورفقة مفسدة.
ثم ليقدم لنفسه الأداء الأوفى للقوامة والرجولة، فالمرأة تكتمل برجل ناضج ومسؤول، وقادر على العشرة بالمعروف والإحسان لزوجته وقيادة بيته بمصداقية، أما إن كان منقادا لا قائدا، وطائعا لا آمرا، فستضطرب مركبه وسيدفع ثمن تضييعه لرجولته، فإما أن يكون الرجل أو ليتنحى فالزواج مسؤولية رجال! والمرأة على ما عودتها، إن كان الرجل بدون شخصية قوامة يفرض شريعة ربه في بيته، ويحسن استيعابها كزوجة، ما أسهل أن تعبث به أمواج الهوى النسوي!
ثم سنجد أنفسنا أمام صورة مستنسخة لأسرة فاشلة أخرى ويستمر مسلسل الانحدار والتبعية والهزيمة.
وفي الختام، أكرر دائما، الزواج قدر ورزق وامتحان، فلتقرع أبواب الاستجابة، ومواطن القبول، وليقدم المسلم لنفسه أسباب الرزق الكريم ومرضاة ربه، وليستقم كما أمر الله تعالى ولا يبالي بموعد رزقه فسيأتيه بإذن الله تعالى ما دام معظم التوكل على ربه ويسعى للحلال باستقامة. وكم من متزوج الآن يتذكر كيف كان يفكر قبل الزواج، ثم هانت وتيسرت وأصبح الأب والجد، إنما تلك حيل الشيطان تعظم الفكرة فتقهر صاحبها، لذلك لنحسن التسليم لله والاستجابة لأمره ولنحسن الظن به عز وجل فرحمته قريبة جدا من المحسنين، واستجابته تجبر من أقبل بانكسار وتسليم.
اللهم يسر الحلال للمسلمين والمسلمين وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم إنا نعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.
أعتقد أن أكبر العوائق بمجتمعي هي الجانب المادي
والله المستعان.
بارك الله فيك أستاذة على هذه الإحاطة بالموضوع من كل الجوانب
مشاءالله والله مقال مفيد جدا أستاذة الله يجزيك الخير
اللي لقت انتباهي هو تعود الفتنة وفقد الغيرة والانحراف وانت لا تشعر وهي خطة مدروسة في الجامعات العربية
انا لست عربي لكن ادرس بدولة عربية كنت استغرب حالة الفساد والإنجيل والعري اللي موجود هذا البلد خاصة في الجامعات
ومعي سؤل اسأل نفسي كل مرة وهي : لماذاالتركيز في دول العربية اكثر من العجمية ام العرب اقل مناعة من مسلمي العجم ؟!