لماذا الميول للشيعة وإيران بارز في مصر؟

جزاك الله خيرا أختنا في الله،
لدي سؤال دائما يدور في خاطري لماذا الإخوة في مصر بجميع مشاربهم الإسلامية لديهم ميول للشيعة وإيران؟

وإياكم أحسن الله إليكم، غالبا الميول للشيعة وإيران خلفه تمييع عقدي وتهميش للخلافات العقدية صنعته البراغماتية ومنهجية المصلحة فوق كل شيء. وهي برغماتية لا تراعي الحقوق، إلا في لحظتها، ولا تفي للأصول والمواقف إلا في حدود مساحة المصلحة.

وصناعة التمييع العقدي خلفها مؤسسات ومنهجيات مدلسة متعاضدة ولديها وصول إعلامي ومدى تأثير واسع في الجماهير وكل هذا يعضده سرعة الاستجابة من العوام لكل ما هو سهل ويوافق الهوى ويخفف من شعور العجز في النفوس. ومع تفشي الجهل والبدع وضعف الذاكرة وكذا صوت الإصلاح في مصر فلنا أن نخمّن حجم الخسائر في مستويات الوعي.

وبالفعل هناك تقاطع مصالح مع إيران، فهي تمول بعض الجماعات والقيادات والمؤثرين على المنابر، وتستفيد من زخم التلميع لها مقابل ذلك. فوجود خط تمويل لوحده يصنع الولاء ويديم الصحبة والاصطفاف. وكل ذلك يوجب التبرير ومواقف النصرة ولو على حساب الصدق والإنصاف.

أيضا لدور الإعلام واسع الانتشار، فبعض أكبر القنوات الإعلامية كالجزيرة التي يشاهدها الملايين، تصدر إيران في موقف البطل وتلمّع أفرعها ومحور المقاومة بالكثير من التدليس والإخفاء للحقائق، وبما أن المشاعر مرتفعة مع موجة الأحداث في فلسطين، فمن سيقاوم إغراء هذه الشاشات وتأثيرها في النفوس ومن سيستحضر الحقيقة كاملة بإنصاف؟ إلا من رحم ربي.

ومع ذلك، يرافق هذا كله شريحة في مصر، تحمل وعيا ونضوجا واعدا، ولكنها ضعيفة الصوت وقليلة التأثير، بفعل سياسات القمع والاضطهاد و”الشيطنة” التي لا تمارسها الآلة النظامية فحسب بل حتى الخصوم والمنافسين وكل من يسفّه المخالف بغض النظر عن قوة حجته. وهذا شيء من وصف الغربة المثخن في زماننا.

وهناك عامل آخر يجب الانتباه له وهو الإرث التاريخي، لقد كانت مصر أحد مراكز الدولة العبيدية الكبرى، واستمرت بعدها متأثرة بتداعيات الحكم العبيدي الذي ترك إرثا من البدع لا تزال مرصودة إلى اليوم.

وإن شئت الصدق في خلاصة كل ذلك، فإن العقيدة آخر ما يهم الناس اليوم، بسبب العيش الطويل تحت وطأة الحكم الجبري الذي همّش العقيدة، وجعل الأهم في حياة الناس هو المصالح الآنية، والمعطيات التي تدغدغ المشاعر، وأما أسباب النصر الحقيقية المؤثرة في صناعة التغيير وتحقيق التمكين حقا، فهذه لا يحدثك عنها إلا القلة القليلة ممن لا يسمع لهم صوت!

ولذلك سنن الله في الأرض ماضية لتؤدب الجميع والفتن تتوالى للتصفية ولا تزال مصر من أخطر المواقع الجيوسياسية التي تؤثر بكل حدث وتغيير فيها على مستوى خريطة العالم الإسلامي برمته، فخسارة الوعي فيها مثخنة، وموجبة لإطالة أمد التيه والعبث، نسأل الله تعالى الثبات والنجاة وأن يكشف عن الأمة هذه الفتن والغمة.

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x