النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

لا للطاغوتية بحجة “قدسية” مشاريع الإصلاح


اللهم هذه في سبيلك خالصة وكل مصاب ينال مني في سبيلك أحببته ورضيت به.

اللهم هذه نصرة لنبيك فدته نفسي وسادة أهل العلم منذ عصر السلف. وليسخط من سخط. فرضاك أجل عندي والمفتدى.

فخذ من دمي حتى ترضى وألحقني بنبيك صلى الله عليه وسلم والسابقين الأولين. فقد ضاقت بنا غربة هذا الزمان ولا راحة ولا سكن إلا في رفقة الأحبة.

كلمة حق عند سلطان العصبية الجائر

يأتي هذا المقال للضرورة، وللضرورة أحكامها، والحمد لله الذي يدبر الأمور بحكمته جل جلاله، فهو الخبير البصير بعباده، يعيشون التدافع حتى في ساحات العمل والدعوة والعلم والجهاد. كل شيء يخضع لحركة تقوم على أسس تدير حركتها وعوامل تؤثر في مسارها، فإما إلى الاستقامة أو الانحراف. لا خيار ثالث ولا تزكيات مطلقة.

لم أكن أنوي حقيقة أن أفتح هذا الملف على العلن ولا أن أعكر صفو الشيخ أحمد السيد وشلة المناصرين بعمية، ولا أن أحزن من يحملون مشاعر محبة للشيخ أقدرها وأحترمها، لكنني هنا أضع يدي على حالة مرضية تصيب الدعوة الإصلاحية ومشاريع العمل، لم تسلم منها جماعات وتيارات ومدارس ووطنيات ودول، فكيف لا تتسلل إلى حركات الإصلاح! كيف لا تنقلها ذهنيات تربت على التعظيم للرموز والمشايخ والتكتلات! وإن لم نقومها ونستدركها فسنكرر الدورة نفسها من صناعة طاغوتية جديدة، بلباس الإصلاح والعلم. وكلما تقدم الزمن أصبح العلاج مستعصيا بل مستحيلا. وتتحول المخرجات إلى عقبات أخرى في طريق جمع الناس على منهاج النبوة الخالص، وإصلاح القلوب والمناهج.

الاستحقاقية والتظلم

ولا شك ان أخطر ما يتوعد صروح العمل الإسلامي، هو منهجية “الاستحقاقية” و”التظلم” وهي لمن تدبر ركائز الدعوة النسوية، وكل دعوة تعصب وإخلاص الدين لغير الله جل جلاله. وما من دعوة انحرفت إلا قامت على هاتين الركيزتين، فأصحابها يدافعون عن أخطائهم بعظمة غايات ومقاصد مشاريعهم والدور الذي يقومون به، ويردون كل نصيحة وكل إنكار بالتظلم والازدراء والإعراض!

هذه حالة مرضية متفشية في زماننا، وتتطلب علاجا عميقا وتشخيصا دقيقا لشدة تداخلها مع جزئيات الإصلاح ومخالفتها لجوهر الإصلاح.

يدرك جيدا خطورة تداعياتها ويتألم أكثر الطبيب الذي يرى الاستهانة بجدية هذه التداعيات في صناعة الانحراف. وإن أكثر ما يشغلني في دراستي لواقع العالم الإسلامي، تشخيص الأمراض وتقديم العلاجات لها، مبكرا قبل أن تستفحل، ورصد الانحرافات المنهجية الخطيرة التي تكلفنا أثمان باهظة وتكبدنا خسائر مثخنة، ولذلك أدرك جيدا قيمة كل حرف أكتبه هنا لتبيان أين الخلل في منهجية الشيخ وبرنامجه الشهير. لمزيد ضبط وتحصين.

وهي مسؤولية يوجبها طول دراسة وبحث في أمراض الأمة والفرد، وأسباب الضعف وسبل تعزيز عوامل الانبعاث. تشغلني.

وأعلم جيدا أن الحديث في هذا الأمر، يعد مساسا بقدسية الشيخ ومشروعه، أعلم جيدا ما سيكون الثمن المساس بالأصنام التي يقدسون! وأعلم أن الفجور لا قاع له!

لكنني تعلمت من أئمة السلف والسنة، أن الناصح لله الذي يرجو الخير لأمته والمسلمين كافة، الذي ينصح بصدق لا غش فيه ويرجو النجاح لمشاريع العمل والثبات والقوة ويخشى شماتة العدى، إذا رصد خللا منهجيا فادحا وخطرا ومعول هدم لعوامل القوة والانبعاث، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يساوم على الحق ولو عاداه كل الناس، ولو قتل لأجله!

وقد نصحت المجاهدين في غزة ونصحت المجاهدين في غير مكان وهم في مقام أكثر خطورة من طلبة البناء المنهجي “المرفهين” بالمقارنة، ووجدت بفضل الله المنصفين ومن يحسن الإنصات وتقدير مواقف النصح في الله تعالى.

وليست حالة أعيشها لأول مرة فقد كانت أكثر مواقف النصح التي نالني منها التشنيع والأذى – تحديدا – من مرضى العصبيات الجاهلية وممن يخلصون دينهم لغير الله تعالى. ولهذا أنا هنا لأقدم العلاج وإن كان موجعا ويهون كل شيء يبذل في سبيل الله وحده لا شريك له. فاللهم خذ من دمي حتى ترضى.

ولذلك أيضا أوجه الحديث في هذا المقام خاصة لمن لهم تأثير في حركة الإصلاح، لمن يحمل ضميرا حيا ويخلص دينه لله تعالى لا لغيره، لأهل البصيرة والعلم من يفقهون بعد المعاني وعمق الأثر، وليس للأنصار والطلبة الذين لا يزالون لم يدركوا هرس فتن الزمان ولم يستنيروا بأدب الإنصات والتخلص من العصبيات والتعصب، لم يتعلموا من دروس التاريخ وسجل ثقيل من الفشل. فيبنرون بعاطفة للدفاع عن برنامجهم “المقدس” ولو على حساب ما يقويه وينصره!

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [ هود: 88]

خلفية لا بد منها

منذ انطلق برنامج البناء المنهجي والآمال معقودة على أن يقدم حقيقة نموذجا متميزا تقيا، أكثر دراية بأمراض القلوب والمشاريع، أكثر إحاطة بالخلل المنهجي الكبير الذي يكبّده إهمال الهوة السحيقة بين التنظير والتطبيق، وأكثر تواضعا لتقبل النصح والإصلاح والخروج من دائرة “الاستحقاقية” و”المظلومية” التي دأبت عليها النماذج المنتشرة في الأمة.

وفي الواقع لا أحد ينكر الجهود المبذولة في المشروع ولا الاجتهادات والنتائج، ولا يبخس مؤمنا حقا بل يحفظه بالنصح والدعاء. وليس أول مشروع ينطلق ويجد له زخما، ولكن لم يصمد من المشاريع إلا ما رحم ربي! ولذلك وجب النصح في الله وتحصين المشاريع العاملة من تكرار الأخطاء التي تهدمها وتضعفها. لأن نسب الفشل لدينا أكبر بكثير من نسب النجاحات.

كما أن من الخيانة إهمال أسباب الانحرافات والأخطاء التي ترصد في المشاريع الإسلامية والأخطار والمفاسد التي يجلبها هذا الإهمال. ولذلك لا بد لأي مشروع إصلاحي أن يكون أكثر استيعابا للنصائح والنقد، من غيره من مشاريع، يأخذها بجدية كاملة ونضوج وحكمة وعقل، وإلا فهو يصنع طاغوتية جديدة باسم الإصلاح ويخالف منهجية تقوم عليها نجاحات المشاريع ودوام أثرها الإصلاحي. ويكرر أخطاء مشاريع سبقت لم تتحصن من هذه الثغرات الخطيرة في بنائها فكانت خسائرها لا تجبر.. وانعكست على الأمة بأثر رجعي مدمر.

كما تصنع الطاغوتية في النفوس، أظهر هذا البرنامج مثل التجارب السابقة للجماعات والمدراس، ساحة غلو جديدة وعصبية جاهلية، لا تظهر إلا لمن تبصر في تفاصيلها، ورأى كيف أصبح كل نصح وكل إنكار وكل أمر بالمعروف، ينقلب مباشرة بسبب “استحقاقية” المشروع، إلى مظلومية، وأنت بالتالي بالتأكيد في صف الأعداء والمنافقين وجاهل عدو نفسه وعاطفي بغيض، وتبدأ ديباجة الاستحقاقية والتظلم تأخذ أشكالها لمزيد استحقاقية وتظلم فلا نخرج من هذا المستنقع أبدا ولا قيمة لنصيحة مهما خرجت بصدق وإخلاص أمدا!

ولا أوضح دلالة على ذلك من رد الشيخ أحمد السيد بنفسه على نصيحة أخرجتها أمس بحرقة يعلم الله أنها كانت بقلب موجوع يذرف، غيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرة على أئمة السلف والسنة وسلسلة من القامات السامقة، التي كان لها كل الفضل في أن يصلنا العلم ونسلم لله تعالى.

خرجت بألم شديد وخشية أن ينقض الغزل ونهدم بأيدينا الخير بإعراض وغرور وكبر! خرجت بعد طول صبر وملاحظة، قدمت لها الكثير من إحسان الظن والأعذار، ونصحت بالتلميح والإشارة، حتى أتسع الخرق وأصبح المرض شديد الوضوح بأعراضه وآثاره المفسدة في واقعه، وأصبح الصمت خيانة لأمانة الدين والحق.

إنها حالة “غلو” تتضخم! تتضخم ليس كما ينكر صاحب المشروع بادعاء أنها مجرد حالة بنسبة 1 بالمئة لا مناص منها في أي مشروع بل لأن الانحراف المنهجي ينتقل في ردود الشيخ المسؤول نفسه، وآثار هذا الانحراف المنهجي بادية بوضوح في كل موقف دفاع له عن طلبته وطالباته ومشروعه، فقد اختزل بشكل كامل في رده علي، معضلة الاستحقاقية والتظلم التي يقوم عليها مشروعه، ومعضلة العجب والغرور التي تغذيها ردوده اللامبالية والمزدرية لما يدور في الساحة بحجة جلال الغاية والهدف! وجهالة الناصحين والمنتقدين! وحمقهم وحسدهم!

ومن لم يعرف ما يعني التعصب، فليلقي نظرة في كمية الردود على منشوراتي، لم يحفظ شرف النصيحة لله إلا القلة النادرة، وانبرى الأغلبية للدفاع بلا روية، أو الطعن والإسقاط!

ويا للأسف، ليست المرة الأولى، التي ينتصر فيها الشيخ لطلابه وطالباته، ولمشروعه، لقد شهدنا مواقف عديدة متتالية على امتداد محور الزمن اتخذ الشيخ فيها موقف محامي الدفاع الذي يحترف التهوين لكل ما يقع فيه طلابه ويستمر في تبرير كل تلك الأخطاء باستحقاقية المشروع ورمي من ينتقده بالحسد والظلم ودوافع الحرب!

ولقد تبين لي أن هناك حالات لا يريد الشيخ أن ينتبه لها، لا يريد أن يبصر النصيحة أين تتجه ولماذا تخرج وتتكرر؟ يعتبر كل من ينصحه وكل من يرشده لخلل لا يزال يتعاظم، بأنه المخطئ، وعليه أن يربع على نفسه!

هذا الخلل المنهجي صنع الصمم والعمى! وصنع طاغوتية جديدة في النفوس هي التي تفسر تصرفات مشينة لطالبات الشيخ على العام، وعلى الخاص!

كنت أعتقد في فترة مضت أنها مجرد تصرفات من شريحة غير مؤهلة لطلب العلم لأنها غير مهذبة بأدبه، وقد كتبت في ذلك العديد من النصائح لطالبات العلم ولمشايخهم، كنت أكتبها وأنا أنظر لسلوك طالبات الشيخ، كنت أكتبها وأنا أبتغي النصح والإصلاح وتحذير الطالبات من الانحرافات المنهجية والسلوكية، التي رصدتها ورصدها الكثير من الأفاضل وراسلوني بها، وهي محل إجماع عند شريحة كبيرة لا يريد أن يستمع لصوتها الشيخ مرة أخرى وثالثة ورابعة بسبب ثنائية “الاستحقاقية” و”التظلم”.

ثم تبين لي بعد ردود الشيخ المتكررة والتي لم تعد استثنائية أو مرحلية أو متعلقة بظرف، أنها منهجية يحملها الشيخ بنفسه وينقلها لطلابه وطالباته، ليس من خلال الدروس النظرية والتنظير! بل من خلال التطبيق العملي لمنهج الشيخ في التعاطي مع النقد والخلافات. من خلال مواقفه التي يتخذها ويتربى عليها طلابه وطالباته المعجبين به، حين يتحدث في الأمر على العامة، حين يرد على موقف يثير أزمة أو انتقادا حادا!

لقد كانت مواقفه مؤسفة وتنم عن “استحقاقية” عالية و”تظلم” مجحف!

لقد استنسخ الشيخ بأسلوب رده على كل من يخالفه وينتقده منهجية الطواغيت أنفسهم بحشد الأنصار والأتباع العميان، بفضل كلماته التي تشحنهم غرورا وكبرا، والدفاع الذي يزدري كل نصيحة وصيحة نذير، ولو كان من رائد لا يكذب أهله، ولا يخفى أن لديه كتيبة نصرة إعلامية متفننة في نصرة مشروعه والإغلاظ على كل من ينتقده دون أدنى اعتبار لموقع النقد في المشهد! تماما كما يفعل أنصار الطواغيت!

وهنا خلل منهجي فادح بشكل مضاعف، لأن المتصدر لتصحيح المنهج والبناء المنهجي، يقع بنفسه في خلل منهجي ويعمقه ويدافع عنه مرة أخرى بـ”الاستحقاقية” و”المظلومية” وبأساليب غير مشروعة في ديننا بل جاهلية، فأرجو أن يكف الشيخ سفهاءه عنا.

فنحن لا نرى غير التكذيب للناصح والتهوين من الخلل والتحقير للنصيحة المتكررة، والدفاع والتمجيد للشيخ وطلابه ونتائج عمله ومشروعه، لا نرى ردا شافيا يستحق الاحترام والتقدير ويصدق فيه وصف الإصلاح الذي يرفع رايته البرنامج! لا نرى منهجية تقية تنصف ولا تبخس الناس أشياءهم!

وكل ذلك واضح في ردود الشيخ الدفاعية دوما، وهو ما يفسر انتقالها لأنصاره بتمادٍ مستمر.

قبل فترة بعيدة، أكثر من سنتين، خرجت طالبة من طلاب الشيخ، كان يزكيها ويدعو لمتابعة حسابها، خرجت بخطأ فادح وإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم لا تخفى على ذي إنصاف وتقوى، وحين أنكرت على منشورها وصححت المفاهيم وطالبت بالتأدب مع سيد الخلق أجمعين، واجهتني حملة شرسة من جيش من المعرفات الإلكترونية المتعصبة للشيخ، وقد سمعت كل ما يدمي القلب من تحقير وازدراء وطعن في الدين ودفاع مستميت عن المخطئة، ولم أر حرفا واحدا ينتصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كان مشهدا من جاهلية التعصب التي من المفترض أن ينهى عنه برنامج الشيخ ويعالجها وينهي وجودها!

كل هذا لم يكن ليؤثر في أو يجعلني أصنع تصورا عن البرنامج، فلدي خبرة جيدة بالعصبيات والنصرة العمياء وقلة الأدب في مثل هذه المواقف التي يتبع فيها الناس العواطف ويقدسون فيها أصنامهم بغلو، لكن أكثر ما أصابني بالإحباط والحزن، هو موقف الشيخ نفسه الذي خرج ينتصر لطالبته، ويوزع الابتسامات لطلابه ويربيهم على الاستهانة بما جرى، والاستعلاء على الناصحين، بل قدم لهم نموذجا مضطربا في موقف نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب كل ما فيه نصرة لطالبته ودفاعا عنها واعتذار لها وذما لمن انتقدها وقدحا فيه، ولم يكتب كلمة اعتذار لمن تأذى من أسلوبها القبيح في وصف النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد كنت أعتقد أن لا خلاف بين أهل العلم في واجب تعظيم وتوقير مقام النبي صلى الله عليه وسلم!

لم أكن أعلم أن ما سيأتي سيفجعني أكثر من دفاع الشيخ عن طالبته المخطئة دون أدنى اعتبار لمواقف النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم! وتكرار الأمر بما يمس النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أن الصمت عليه خيانة للنبي فدته نفسي وإخلاص الدين للرموز والطالبات على حساب هيبة المنهج النبوي العظيم والإصلاح وجمع الناس على الحق والعدل. وهو ما لا أصمت عنه ولو قتلت لأجله.

image 3


image 4


image 5
image 6

مضت الأيام وكنت أرصد سلوك الطالبات، والكثير من المشاهد مؤذية: طالبات سليطات اللسان وقليلات الحياء، نسويات، مستفزات للرجال في الجدالات بغرور وعجب ووقاحة، ثم طالبات مغرومات بالشيخ، يتغزلن به علنا، صوره في حسابتهن وعبارات المودة تستحي الحرة أن تكتبها لزوجها علنا، فكيف بشيخ، تردد في كل مناسبة وغير مناسبة “شيخي” و”قدوتي”!

لقد انتشرت هذه الظاهرة وازدادت مع فتح الباب للنساء لطلب العلم في البناء المنهجي، ولم نكن نرصدها بمثل هذا الظهور في برامج أخرى، ولي في قسم من هذا المقال، توضيح لأسباب ظهور هذه الظاهرة في برنامج البناء، والسبيل لعلاجها. ولا أنتظر من الشيخ أو شلة الأنصار المتعصبين استيعابها، بعد ردودهم المتنكرة لثقل النصيحة، وإن كنت أسأل الله أن يهديهم لحسن القراءة والإنصات، لكنني أكتبها لطلاب الحق المنصفين، من يحب الخير لنفسه وللمسلمين وللطالبات لعلهن ينقذن أنفسهن من خطر انحراف منهجي يتشكل ويفتك!

ثم مواقف دفاع الشيخ عن نفسه وبرنامجه، كانت دائما تتجه نحو تخوين المخالف وازدرائه وتحقيره والطعن في دينه، مرة أخرى “استحقاقية عالية” و”تظلم مجحف”. لم نر في مرة واحدة اعتذارا أو محاولة استيعاب للمخالفين بل كانت دائما حلبات صراع بين شللية الأنصار، الكل ينتصر على طريقة فرق كرة القدم والحق ينحر! ولا تواضع في المشهد! إنما تظلم مستمر، وعصبية في الدفاع مستميتة!

هذه المواقف هي التي تربي الطلبة على منهجية التعامل في الخلافات وهي التي تترسخ في ذاكرتهم أكثر من ألف درس نظري ونص واقتباس، فالتربية بالسلوك والقدوة هي الأكثر عمقا في نفوس الطلبة!

وهل تصنع الطاغوتية في النفوس إلا من خلال المواقف ! وهل رأيتم الطواغيت أساسا يدعون للطاغوتية بالخطب أم بالأفعال!

لا لطاغوتية باسم الإصلاح، بل الإصلاح يهدم هذه الطاغوتية التي تتستر بالإصلاح. وسأوضح في نهاية المقال كيف نهدم هذه الطاغوتية ونتحصن منها.

لقد ركزت متابعتي لسلوك الطالبات الذي جذبني دون نية بحث ! بل وجدت نفسي أمام نماذج مؤسفة، ليست بنسبة 1 بالمئة كما يدافع الشيخ بل بنسبة توجب صيحة نذير ولا تزال تتحور لمستوى أخطر، ولو جمعنا جميع الشكاوى من مشايخ ودعاة ودكاترة وأساتذة فضلاء لتبين لنا أن الأمر ليس مجرد فئة شاذة في البرنامج، بل فئة راسخة ومتمكنة وهي ظاهرة واضحة، لا تخفى إلا على متعصب ومفتون أو غافل مغيّب، بل حتى من الطالبات اللاتي في البرنامج لا يزلن يدرسن فيه ويثنين عليه، اعترفن لي أن بينهن نساء من هذا النوع وسبب ذلك لهن النفور، وكم من طالبة تركت البرنامج لهذا السبب، سبب الانفلات الذي تظهره الطالبات برحابة صدر شيخهن ودفاعه المستمر عنهن بالتهوين من أخطائهن وحملها على أحسن محمل ولو كان قادحا!

وأقول كم يتسع صدرك لأخطاء طالباتك على العلن بما يسبب أزمة حادة وانتفاضة يا شيخ أحمد، فهلا اتسع صدرك لناصح ينصحك في الله! لا يبتغي لك إلا الخير والتوفيق!

فلم أرد بمنشوري هدم البرنامج كما تدعي في ردك! ولم يكن هدفي إبطاله كما تستبق بدون تروي، إنما طالبتك بإجراء مراجعة وتحسس أسباب هذه الظاهرة ومعالجتها، قبل أن تتسع أكثر وتنقض كل الغزل، وكلامي كان واضحا بطلب المراجعة والإصلاح لبرنامج إصلاحي، وكان الحديث علنا لحجم المصاب والخلل الظاهر ولإعراضكم في كل مرة عن نصائح من سبق، فلماذا الافتراء والإسقاط!

نموذج للخلل المنهجي في رد الشيخ على نصحي

image


لن أطيل الحديث بنقل جميع مواقف طالبات الشيخ التي رصدتها، وإن كنا سنرى دوما من يهون منها، ولكن أقول: سبحان ربي، كيف سهل علي الشيخ عناء الشرح واختزال كل ذلك بتوضيح الخلل من خلال رده نفسه!

فقد لخص رد الشيخ علي، كل ما تكرر من انتقادات عليه وأخطاء مستمرة صنعت الانحراف المنهجي الذي أحذر منه وأطالب بسرعة استداركه قبل أن يتحول لعقبة عنيدة!

سأنقل هنا رد الشيخ أحمد السيد على نصيحتي التي نصحته فيها بمراجعة نقاط الضعف في منهجه الذي أخرج لنا نماذج من النساء المسترجلات قليلات الحياء والمجادلات بالباطل، نماذج من النساء المغاليات به واللاتي جعلن شيخهن دليلا على منهج النبوة فمن خالفه خالف النبي صلى الله عليه وسلم واستوجب العداء. ووضحت بوضوح شديد أن هذه القطرة التي أفاضت الكأس وأن اعتقاد أن الشيخ أحمد هو المنهج، ويقوم عليه الولاء والبراء، خلل منهجي بحد ذاته يجب أن يعالج، فكان هذا رده الذي سأوضح من خلاله أين الخلل؟

يقول الشيخ في رده الإنشائي المتكرر الذي جاء سريعا على منشوري الناصح:
“في ظل هذه الفتن العظيمة، وفي ظل قلة الأعمال الإصلاحية الملامسة لواقع الناس وحاجاتهم، وفي ظل الحرب الشرسة الموجهة ضدها من الجهات المعادية الدعوة والإصلاح في الأمة، وفي ظل الأثر العظيم الذي تحققه هذه البرامج في إصلاح دين الناس وتزكيتهم ووعيهم” ..

أقول: إلى هنا نبصر ركن الاستحقاقية” التي تمنع كل نصح وتغفر كل خطأ. بل وتعتبر من يتعرض لذلك في موقف عداء ووقوف في صف الأعداء كما يأتي في قول الشيخ:

“هناك من يكون دوره تجاه كل ذلك: الصد عن هذه البرامج الإصلاحية والتحذير الشديد منها تحت شعار قول الحق والنهي عن المنكر، بلا مستند من علم أو برهان يعود إلى أساس هذه البرامج الإصلاحية بالإبطال، بل بالاصطياد في الماء العكر”.

وهنا نبصر ركن “التظلم” المجحف، الآخر! فمن يقرأ نصيحتي للشيخ من غير المتعاطفين معه، لا يجدها تدعو لإبطال البرنامج! ولا الاصطياد في الماء العكر، بل يدعو المسؤولين لمراجعة الخلل والإصلاح، وهذه المنهجية التي من المفترض أن يدعو لها كل مصلح ولا يردها أي مصلح!

إلا أن كان التنظير لا يمت بصلة للتطبيق وتصبح قدسية المشاريع تغفر كل ذنب وخطأ وتقدم حصانة دبلوماسية أسقطها الإسلام منذ بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا الرد الذي كتبه الشيخ صنع طواغيت صغار في النفوس، صنع طاغوتية في صدور أنصاره، فهبت جموع النصرة العمياء، تحت راية “الاستحقاقية” و”التظلم” تنال من الأمة الفقيرة!

بمنشور واحد قاد الجموع إلى هدفهم! لا حاجة لدروس التنظير والعلوم ومجلدات التربية والعلم ولا قيمة لألف درس نظري بعد ذلك عن فقه الخلاف! ومنهجية الرد المنصف الأديب!

ثم ماذا كان تبرير الشيخ لما نرصده من خلل في مثال على إجابة تتكرر بين طالباته “المخطئات”!

قال الشيخ: “كما يقال عبر النظر في بعض النماذج الطلابية التي قد يكون لها عبارات فيها نظر أو إشكال حصل بحسن نية وبعفوية بقدر معرفة الطالب وعمره وطبيعته وخلفيته، وهذه النماذج لا تُشكل نسبة 1% من مجموع الطلاب من ذوي الخلفيات المتنوعة والبيئات المختلفة والتكوينات المتعددة والأحوال المتفاوتة”.

أقول: هذا ما لم أكن أتمنى أن يقع فيه الشيخ “المربي” و”القدوة” و”المصلح الواعي”، مرة أخرى حين تخطئ طالباته! مجرد عبارات فيها نظر، إشكال حصل بحسن نية وعفوية! قد تكون! هذا فقط ما يراه الشيخ المعلم في رد الطالبة التي نقلت مثالا لغلوها في شيخها ولما يجري في عقول طالباته الواقعات في الانحراف المنهجي! كم يجيد الشيخ التهوين وإمساك العصا من المنتصف!

وهذا ما يديم الحالة المرضية بل يقويها ويدعمها.

لقد تكررت هذه الكارثة في معالجة أخطاء طالباته في مناسبات عديدة، يعتذر لهن، يهون من أخطائهن، يجزم بصدق نواياهن وعفويتهن، يتحدث دائما كمحامي دفاع مغفلا تماما فداحة الخطأ وتداعيات إهمال معالجته في نفوس الطالبات كما في نفوس المنتقدين!

حتى لو كان بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم!

ثم نسأل لماذا تقدس طالبات أحمد السيد شيخهن ويجعلنه المقياس لمنهاج النبي صلى الله عليه وسلم، من خالفه خالف النبي صلى الله عليه وسلم، ويستوجب العداء،

نتساءل لماذا تعجب الطالبات به وبشكل لافت أكثر أنصاره من النساء!

لماذا الطالبات المصابات بالانحراف المنهجي لا يعرفن قدوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم غير شيخهن وقدوتهن الشيخ أحمد السيد!

لماذا يكثر المنتقدون للشيخ في كل مرة ويحملون من كمّ المشاهدات المؤذية ما لا يليق البتة إهماله!

من هذه المواقف أيها الناس، من مواقف ازدراء الحقوق والاستهانة، والانتصار للطالبات في كل مرة تتكرر، وليس بتوجيههن للتقوى والاستقامة والتصحيح! وتعظيم هيبة الحق في النفوس! يتفشى المرض ويكبر في الصدور.

لقد حاولت أن أحسن الظن وأتجاوز منذ زمن بعيد ردود الشيخ، وتصلني لباب حسابي، ردود مؤسفة جدا من الشيخ وهو يحدث طالباته!

وأتساءل! لماذا كل هذا الانهزام لطالبتك يا أيها الشيخ؟ لماذا تعنيك جدا مشاعرهن على حساب تربيتهن؟

لماذا لا نرى لك موقفا واحدا يحسب أمام أخطائهن نصحا وإرشادا كما يفعل سادة العلم؟ لماذا لم نر هذه الظاهرة تتشكل مع أئمة العلم المعروفين؟ لماذا النساء لديك يتهافتن عليك كما تتهاتف مشجعات المطربين ولاعبي كرة القدم على المشاهير!!

أنا سأجيبك في نهاية المقال لماذا، إن اتسع صدرك لما سأقوله كما يتسع دوما وجدا لأخطاء طالباتك المبررة دوما والهينة جدا، ولو كانت الإساءة تطال رسول الله صلى الله عليه وسلم!

ثم يكمل الشيخ فيقول:” ولو أراد إنسان أن يقوم بالقسط حقا ويتقي الله حقا لتوقف عن الصد والإسقاط والتحذير وسلك مسالك أهل الرشد في الأمر والنهي والنصح.”

أقول: أما هذه فدليل آخر على درجة إهمال الشيخ لملاحظات ونصائح الناصحين له، دليل آخر لتهميشه كل دعوة نصح بأدب الناصح، ولي مقالات ونصائح كتبتها لطالبات العلم وبكل صبر وحلم! لم يكن لها قيمة لديه لأنها لا تهم صاحب المشروع الواعد المؤيد! مع أني وجهتها لأصحاب المشاريع العلمية وسلطت الضوء بوضوح لمعاقل الانحراف ومراكزه في جسد المشروع العلمي. لكن الأمر لم يجدي نفعا واستمر المرض متفشيا ومقبولا جدا!

ومرة أخرى، التربية بالمواقف أعمق أثرا في النفوس من التربية بالتنظير والنصوص، وموقف واحد أبلغ أثرا من ألف درس وخطبة! ولذلك نصنع المواقف كي يتأدب من صدق. وينفضح من استكبر.

ويواصل الشيخ رده وفيه مثال آخر كيف يربي أحمد السيد طلابه وطالباته على العجب والغرور والاستعلاء على المؤمنين، فلا يحفظون لناصح مقامه ولا لنصح قيمته. وكيف تتهذب النفوس وتكسر العجب وتستقيم إن كان سيد القوم القدوة والدليل يغفل؟

يقول الشيخ، قائد مشروع إصلاحي واعد:”وإلى هؤلاء اربعوا على أنفسكم أيها القوم أصلحنا الله وإياكم فإنكم والله – تسيؤون لأنفسكم بهذا الاندفاع النفسي العاطفي الذي قد يكون مصحوبا بنية حسنة ولكن بغير رشد، وإن بيننا وبينكم في المستقبل موعداً بإذن الله ستأتون فيه معتذرين عن استعجالكم في هذا الصد والهدم والإسقاط – فلا تنسوه. وفقنا الله وإياكم لكل خير وأبعد عنا وعنكم الشر والفتن”.

أقول: كان السلف يعرفون قدر العالم بقدر خشيته من الله تعالى، وقدر الوجل الذي يظهر في حروفه وكلماته والمعاني التي يخطها، والشيخ هنا يتحدث من برج عاجي واستعلاء على المؤمنين، يتربى عليه أتباعه، ويصنع في نفوسهم العجب والغرور والبخس! ثم التألي! والثقة الزائدة التي لم نرها في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبار الخلفاء الراشدين الذين يخشى الواحد منهم أن يكون منافقا، يسأل عمر رضي الله عنه حذيفة رضي الله عنه هل أنا من المنافقين، وما أدراك ما فعل عمر لنصرة الإسلام والتمكين له!

ومع ذلك كان الوجل معلما بارزا في سيرته، قال الله جل جلاله ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [ الأنفال: 2]

عن عبد الرحمن بن سعيد، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ” يا رسول الله ( الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: لا يابنة أبي بكر، أو يابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه “.

فهل يعقل يا شيخ أن تكون مطمئنا لهذه الدرجة أنك المقبول المزكى الذي أصاب هدفه ونجا! أليس حريا بك تربية طلابك على الوجل وخشية الله تعالى ورجاء رحمته والتأدب معه! فالتوفيق من الله جل جلاله يؤتيه من يشاء ولا ينتزع غلابا!

أليس حريا بك أن تترك شيئا من التقوى في كلماتك، والإنصاف ببخس النصح في الله واعتباره إساءة للنفس أمام عظمة وجلال هيبتك ومشروعك! نعوذ بالله من جرأة تصنع قسوة!

ثم هذا السلوك المغرور الذي يتحدث بلغة الواثق أنني سأعتذر منه، على نصح في الله خرج ببينة ودليل وملاحظة تدمي قلب المؤمن، وغيرة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يلقي لها اعتبارا، يدل على حالة من العجب والبخس أعيذ الشيخ منها، وأدعوه للتواضع لله تعالى والكف عن الاستعلاء على الناصحين، خاصة مع تكرر هذه الحالة بشكل مؤسف، فما رصدته في طالباته يتطلب معالجة وحلولا لا مزيد عناد وكبر وتجاهل!

يتطلب التواضع للنصح حين يكون بهدف الإصلاح يا صاحب دعوة الإصلاح وليس اعتبار كل صيحة عليك هدم وإبطال! لينطلق بعدها قطعان المناصرين العميان لكيل التهم للأمة الفقيرة بالحسد والنفاق والعداوة للمصلحين! ولله في خلقه شؤون!

فأنت بكل أسى أقولها: تقرأ بعواطفك ومشاعرك المشحونة وخلفية متراكمة من الخلافات في الساحة ولم يسبق لك أن تعاملت مع من يدلك على عيوب في عملك، بنية الإصلاح، فهذا هو المنهج السديد في ظل حرب شعواء تذبح فيها الأمة من الوريد إلى الوريد لا حل ينفع فيها سوى، جمع الناس على التقوى وإخلاص الدين لله تعالى وكسر صنم القدسية للرموز والأشخاص والمشاريع والجماعات، وجعل الميزان والمرجعية ما كان عليه سلف الأمة، بأدب الخلاف وأدب قبول النصح في الله تعالى.

المشاريع وسائل وليست غايات انتبه أيها الشيخ المصلح! فأنت تكرر الأخطاء لأقوام أمنوا مكر الله تعالى وغفلوا عن أسباب القبول والوجل!

إن كون الأمة تذبح وفي حالة يرثى لها يعني الجدية في بحث سبل الإصلاح بالتخلص من أسباب الضعف والانتكاس ونقض الغزل، ويكون ذلك بالمراجعة الجادة لكل نصيحة والكفّ عن التبرير السقيم والعاطفي لكل خطأ..! واتهام كل ناصح بأنه عدو وجاهل.

لم أسقط برنامجك ولم أبخسه حقه ولم أصد عنه، ولم أزل لآخر لحظة أنصح بالدراسة فيه وبشمولية طلب، لكنني طالبتك بمعالجة الخلل البيّن عندي والذي لا أساوم على النصح فيه إنقاذا لأجيال تتربى، ونساء ينحرفن! أحب إلي هدايتهن من رؤيتهن يدخلن النار بالتطبيب على الأكتاف والورع البارد والمجاملات الخادعة!

لست محصنا أيها الشيخ المصلح من الفتن ولست مزكى تزكية النجاة ولست من المبشرين العشرة بالجنة، ولم يفعلوها رضي الله عنهم مع أنهم بشروا بالجنة بل بقي الوجل يقود قلوبهم وأعمالهم وكلماتهم!

فهداك الله يا شيخ لأحسن تمثيل للمنهج الذي تدافع عنه، بالأفعال لا بالتنظيرات المنفصمة. فطلابك يتعلمون منك، لا تهدم ما تزرعه تنظيرا بأفعال مخالفة. وحاول مرة واحدة أن تنصف من ينصحك ويوجه لك الملاحظة المفجعة لقلبه!

وأقولها في هذه المقالة وارجو أن تعيها أذن واعية، لا يعني رصد ظاهرة في برنامج البناء أننا نعاديه أو نحمل عليه أو أننا نعلن الحرب عليه، بل يعني أن نستمع للنصح ونتدارك الخلل، كي لا نخرج بالموازاة مع القامات الواعدة قامات مدمرة ومخذلة ومجرمة بحق دينها وأمتها. فنفسد من حيث نصلح ونحن لا ندري! ولا يليق ببرنامج يصنع الإصلاح أن يصنع الإفساد مهما كانت نتائج الإصلاح فيه، بل يتحصن من كل مصدر للفساد والانحرافات ويعالجها كي يصدق في غايته ويكون على قدر المهمة بنضج ومسؤولية.

سننتقل الآن لصلب النصيحة المبخوسة، لمن يرجو رحمة ربه، ولتشخيص ظاهرة مرضية أفرزها برنامج البناء المنهجي. وليس في ذلك قدح بل دراسة واقعية لكل برنامج علمي وإصلاحي، يجب أن ينتبه لما يهدمه ويضعف أثره أو يصنع عقبات مع الوقت بإهمال النقص فيه.

تشخيص حالة مرضية

سأتحدث عن الجانب الذي رصدته بعمق وعن قرب، وبحثت في واقعه من لسان الطالبات في البرنامج نفسه وكذلك اللاتي خرجن منه، ولم آخذ شيئا من الخصوم، كي تكون الحجة معتبرة لذوي البصائر.

لقد استقبل برنامج البناء المنهجي أعدادا كبيرة من الطالبات بخلفيات متباينة ونفسيات مختلفة، وبدأ العمل بدروس نظرية لحلية طالب العلم وأدب الطلب، كانت كما رأيت عند شريحة من النساء، مجرد حبر على ورق، مجرد قراءة للحصول على علامة النجاح، وانتقل سلوكهن المنتقد إلى ساحات التواصل، بقلة حياء وأدب، بسلاطة لسان ووقاحة في مخاطبة الرجال، ظهر فيهن الغرور والعجب في التعامل ليس فقط في داخل مواقع التواصل، بل داخل الأسر، فلدي حالات تشكو الأسر فيها من حالة الكبر المستفحل الذي تعامل به طالبة الشيخ أسرتها! ولا يهمني أن يقال لا بأس أن يخرج من البرنامج ألف طالبة منحرفة بينما فيه 30 ألف ملتزمة! لأنني أرى أثر الألف هذه مدمر في مشروع إصلاحي أكثر من جهود الملتزمات، لأن أثر الهدم أسرع بكثير من الإصلاح.
وأتمنى أن يهتم بهذه الملاحظات كل من يعالج ظاهرة التعصب والانحرافات المنهجية فهو مرض واحد، ليس فقط في البناء ظهر بل أيضا في الجماعات والمدارس الأخرى التي أهملت جانب الإصلاح لداخلها بحجة أنها تصلح المجتمعات!!

وهذه أكبر نقطة ضعف في كل مشروع، أن يهمل الإصلاح الداخلي بينما ينشغل بالإصلاح الخارجي، ثم يستيقظ على فساد بداخله يفسد كل جهد له بذله. وهي الحال نفسها مع المؤمن يتعهد قلبه بالمحاسبة والرقابة والخشية كي لا ينقض غزله وينحرف أداؤه الخيّر في الأمة. وفي شريعة الله تعالى لا يعني كثرة حسنات المرء أن لا يقام عليه حد في مخالفة وتعدٍ لحدود الله تعالى، لعل في هذا المثل يتضح المغزى.



أعراض ظاهرة الانحراف

أول عرض وصفة بارزة في هذه الشريحة المريضة التي ظهرت في برنامج البناء المنهجي، صفة الكبر والغرور والعجب والاستحقاقية والسلوك الوقح والمستفز والمعادي الذي نتج عنه. كل ذلك بلقب “طالبة العلم”.

ثم العرض والصفة الثانية، قلة الأدب والحياء بإظهار التعلق العاطفي والمحبة للشيخ وآثار العشق من نساء لديهن هشاشة نفسية، يسرين بصور الشيخ ويتغزلن بها، يكتبن فيه الأشعار ويجاهرن بإظهار الإعجاب به والميول له! وبالكلام الذي تموت الحرة ولا تكتبه عن رجل أجنبي عنها وحتى لو كان زوجها! فهناك حدود للحياء تكون مضاعفة وشديدة الوضوح لطالبات العلم.

لقد رأينا ظاهرة لم نعهدها مع معاهد علمية أخرى وبرامج تربوية وتعليمية موازية، لم نر طالبات المشايخ ينشرن صورهم ويتغزلن بها، لم يسبق أن رصدت مثل هذه الحالة حتى في أكثر النساء تعصبا لجماعاتهن ومشايخهن ومدارسهن! إلا في البناء المنهجي، تتحدى الطالبة رجولة الرجال في العام بنشر صور شيخها والتغزل بها علنا! ومن لم يحرك مروءته دناءة هذا الفعل، فليبحث له عن مروءة!

ثم العرض والصفة الثالثة، الموالاة والمعاداة على أساس الموقف من الشيخ، فلا تستغرب أن يبدأ أي نقاش بعبارة: مارأيك في الشيخ أحمد السيد؟ وبناء على جوابك، ستكون المواقف، حدة أو مودة!

فإن كان جوابك لا تبجيل فيه ولكن بإنصاف يحفظ حق الشيخ، فأنت كذلك في دائرة عداء، لأنك لم تحترم قدوة الطالبة وشيخها بتبجيله!

هذه الظاهرة صنعها التعصب والغلو فيه، ولذلك أصبح اسم الشيخ ثاني اسم يذكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم حين بحث من قدوتك لدى هذه الشريحة! فهي لا ترى لها قدوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ودليلا على منهجه فدته نفسي إلا شيخها!

هذا الغلو هو الذي يقود الردود العنيفة في الدفاع عن الشيخ! ويفسر حملات الشيطنة واغتيال الشخصية التي يقودها جيش الشيخ الإلكتروني لكل من انتقده أو ناصحه.

إلى هنا لاحظوا لم أتحدث عن الشيخ أنا أتحدث عن ظاهرة أرصدها تشكلت مع برنامج الشيخ. وهذا فقط لمن يحسن القراءة فقد لاحظت ضعف قراءة كبير لدى طلاب الشيخ وسوء فهم للمعاني لغلبة العاطفة.

ما هي أسباب هذه الظاهرة؟


لماذا تشكلت هذه الظاهرة في البناء المنهجي وتتشكل في كل ظروف مماثلة؟ سألخص الأسباب بحسب ما رصدتها بشكل نقاط:

  • العدد الكبير للطالبات اللاتي انضممن من خلفيات مختلفة ومنها بنفسيات فيها الهشاشة والضعف.
  • عدم وضوح الرؤية والهدف من البرنامج لدى هذه الشريحة التي أظهرت أعراض المرض، فقد اتخذت من البرنامج وسيلة للاستعلاء والتفرد والتميز على المسلمين وبالتالي استحقاقية لها موجباتها.
  • انفصال الدروس النظرية عن المتابعة الواقعية لسلوك الطلبة، لا يقدم البناء متابعة لسلوك طلبته ولا يعالج القصور في هذا السلوك باعتباره أدى ما عليه بتقديم الدروس في مواده للآداب والمنهجية. ولا مشكلة إن خالف العمل العلم ما دام البرنامج قد أدى ما عليه من الإبلاغ!
  • الاعتماد المفرط على الدروس المرئية التي يظهر فيها الشيخ بنفسه لدى الطالبات، وتعلقهن كثيرا بالمشاهدة المباشرة لشكله.
  • الميولات العاطفية التي تتشكل بدفاع الشيخ عن الطالبات في مواقف مختلفة، فمن ينصرهن ويتعاطف معهن، جدير بثقتهن ومحبتهن ودفاعهن والغلو فيه.
  • الخلل في تصور النساء أن قدوتهن تكون شيخا ومربيا، وابتعاد صور القدوات الأقرب لطبيعة المرأة كأمهات المؤمنين ونساء السلف الصالح التي تستجيب تفاصيلها لاحتياجات الأنثى أكثر من الرجل ودوره في عملية الإصلاح.
  • سوء التعامل مع أزمات الخلاف وهجمات الخصوم على البرنامج، صنع “التظلم المجحف” الذي يدفع بعيدا كل نصيحة مهما كانت صادقة وثمينة ومؤثرة.
  • الانبهار بحجم الدعاية وضخامة الترويج، والاغترار بكثرة الأتباع والمصفقين والمعجبين.
  • الأسلوب الدفاعي المستمر عن البرنامج بحجة “الاستحقاقية” صنع الرضا بحالات انحراف لا تزال مستمرة ومرصودة والتهوين منها أيضا مستمر ومرصود.
  • إهمال وجود هذه الشريحة لوجود نماذج جيدة وموفقة في البرنامج والنظر فقط في الحسنات وإهمال السيئات.
  • وعي القيادة للمشروع بخطر العصبية الجاهلية وانتقادها في الخصوم وفي المقابل استيعابها في داخل مكونات المشروع فتقدم بذلك مبررات لما ينكر عليه. ويختزل هذا بالتناقضات بين التنظير والتطبيق. وتناقض آخر يجعل الوسيلة غاية!

كيف يمكننا معالجة هذه الظاهرة والتخلص من آثارها المفسدة في المرأة والمجتمعات؟


سألخص الحلول كذلك بشكل نقاط.

  • يجب أن تكون هناك مرحلة انتقالية قبل اعتماد الطالبات لمستويات الدراسة، تسمى مرحلة الإصلاح الأولى للطالبة، لضمان استيفائها لشروط طلب العلم. تعتمد هذه المرحلة على برنامج تربوي مكثف، لا يكتفي بتقديم آداب حلية العلم أو الطلب، إنما يربط السلوك العملي بالتعليم النظري، ويجري المناقشات للتأكد من رسوخ المفاهيم في ذهن الطالبات، وهذا يعني بالتوازي أن يتم فتح باب الشكاوى من سلوك الطلبة في البرنامح واستقبال إنكار الناس لتصرفات الطلبة في بوابة مخصصة لذلك، تقدم فيها البينة والدليل، لتتصرف الإدارة بعد ذلك بتوجيه النصح والإصلاح اللازم للطالب أو الطالبة المخالف في حينه وبجدية. ويرافق ذلك توفير عيون رصد داخل الغرف والتواصل لرصد سلوك الطلبة ومدى عنايتهم بجدية العمل بما تعلموا به، وتوجيه النصح للمخالف. فتحذر النساء من التفلت. لقد كان أئمة العلم لا يقبلون لطلب العلم غير حافظ القرآن! ولكن اليوم الباب أضحى مفتوحا للجميع فيجب تحصينه من المتسلقين ومرضى القلوب، فالعلم فضل لا يؤتاه إلا من قدم له. والبناء يجب أن يكون على الصحيح والسليم لأن العفن يفسد الزرع!
  • مادة الحياء أضحت مادة ضرورية جدا في برنامج البناء المنهجي، لكثرة الملاحظات بشأن سوء الفهم لمعاني الحياء وضرورة الحياء لدى طالبات العلم وهذا يعني ضرورة أن تقدم مادة متخصصة بالحياء للطالبات تقوم عليها خبرات في المجال غير الشيخ، بحيث تدرك النساء جوهر الحياء وأهميته في حياتهن. وفي مسيرة الطلب.
  • يجب أن يمنع منعا باتا على الطالبات متابعة دروس الشيخ بالمشاهدة المباشرة لشكله وصورته، وتوفير الدروس بتسجيلات صوتية لا يقع فيها نظرهن عليه، وعدم التهاون في هذا الطلب وليجعل الشيخ هذا الطلب أمانة بين طالباته إن كان حقا يريد لهن الخير ويصون قلوبهن من التعلق المرضي وتداعيات هشاشة القلوب ويرافق ذلك الشدة والإغلاظ والتهديد بالطرد أو حتى الطرد بحسب الحالة، لكل امرأة تتغزل بالشيخ علنا أو تظهر مشاعر العشق والتعلق به في المواقع.
  • يجب تعليق النساء والطالبات بقدوات نسائية وليس رجالية تستوعب تركيبتهن النفسية ودورهن في الواقع، فلا يمكن للمرأة أن تكون رجلا، وأتحدث عن ذلك بسبب استشارات وصلتني من طالبات الشيخ تتصور أن عليها أن تقاتل وأن تهاجر لوحدها بدون محرم وأن تعمل لنصرة الإسلام بتصورات حالمة لم تدرك بعد مدى بشاعة الواقع الذي نعيش فيه وضرورة تحصين الأعراض من الأخطار والسجن والمآسي! وهذا جانب يرافقه توضيح دور المراة الواقعي في الأمة كما نصت عليه الشريعة بوضوح.
  • ضرورة التعامل مع الخلافات بسعة صدر وحلم وأدب، وسلوك منضبط، فليس كل انتقاد حرب، وليس كل نصيحة عداوة، وليس كل ما يظهر مخالفة حسدا، فلا حسد حقيقة في زماننا إلا لشهيد قتل في سبيل الله وأمن خاتمته، ولمقاتل في الثغور يجود بروحه في سبيل ربه، والله أعلم بمن يقاتل في سبيل ربه. يجب الترفع عن المراهقات الفكرية التي تعتبر كل نقد موجبا للعداوة والازدراء، فأكثر ما تسبب فيه الخلافات من آثار هدامة لصناعة الوعي ليس الخلافات بحد ذاتها بل طريقة التعامل ومنهجية التعامل مع هذه الخلافات، وتزداد المسؤولية حين يتصدر لمثل هذه الخلافات مشاريع إصلاحية يجب أن تقدم القدوة، ولا تتعامل بطريقة العصبيات والردود العاطفية، يجب أن تكون هناك منهجية مدروسة عند الخلافات لا تغمط حقا ولا تسقطه. مهما كان مؤلما. والناس تتأدب بأدب شيوخها.
  • يرجى أن يتوقف الشيخ عن اتخاذ موقف مدافع عن طالباته عند كل خطأ ينتقدن فيه، ويتوقف عن التهوين مما يثير غيرة المسلمين من مواقفهن المنكرة، فقد صنع فيهن هذا حالة من التعلق به وحالة من الكبر لا تعالج! يجب أن يتوقف عن الدفاع عن طالباته على العلن أمام كل حالة تحدث وليترك شيئا لله تعالى من النصح لهن ومن الإنكار عليهن علنا، فلقد اعتادت الطالبات أن التعاطف معهن سيد المواقف من الشيخ القدوة وهذا يفسد التربية، النساء يتطلبن الحكمة والتوازن في التربية وإطلاق الحبل تماما مفسد لأخلاقهن. وقد رأينا كيف ان الشيخ لا يزال يرى اعتباره ممثلا لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم يوالى ويعادى عليه، أمرا هينا ويجد له الأعذار لأنه يجد له تفسيرا مقبولا في عينه لكنه والله يفتك بقلب المؤمن المحب لنبيه صلى الله عليه وسلم، فلا تبخسوا الناس عقيدتهم ومواقف غيرتهم ودفاعهم عن دين الله تعالى.
  • نصيحة أوجهها لكل الطلبة في البرنامج، لا للارتهان لشيخ واحد أو منصة واحدة، يجب أن يسري الطلب بشمولية وتأكيد قواعد البحث العلمي، يجب أن يكون لديكم سعة أفق وتسمعوا من الجميع بإنصاف، فكما قال أهل العلم لن تعرف خطأ شيخك إن لم تستمع لغيره، وهكذا العلم حركة! والعلم أدب! والعلم غاية جليلة لتحقيق العبودية لله تعالى لا عبودية الأشخاص والمشاريع.
  • إن إثارة موضوع انحرافات النساء في برنامج علمي، من المهم أن تكون على العلن، ومن المهم أن يكون الرد من الشيخ والمسؤولين عن البرنامج على درجة من الوعي بأهمية تأكيد المعاني الإصلاحية والنصح لا التهوين منها والاستخفاف بها. لأن النساء اللاتي لا يستقمن بعد كل هذا النصح ولا يتقبلنه بسبب دفاع الشيخ عنهن، سيتحمل هو وبرنامجه وزر تماديهن.
  • يجب العمل بقوة على كسر التعصب وموجباته في البرنامج والتركيز على معالجة الغلو في الشيخ وبرنامجه، وبحث ذلك ولو لكل حالة منفردة ليعذر أمام الله تعالى. فالاستهانة بخطورة هذا المرض يعني الجهل بما تكبدته الأمة منه.

الحل الأول والمقدم والعاجل لحال الأمة: التخلص من الطاغوتية

إن الحل الأول والمقدم والعاجل لحال الأمة، قبل أن يكون في إقامة مشاريع إصلاحية، هو إصلاح الإخلاص لله تعالى، بإخلاص الدين كله لله تعالى لا للمشاريع. والتخلص من حقبة وذهنية ووسيلة الطاغوتية وخاصة المتسترة.

إن مرض التعصب والغلو للمشايخ والرموز والأوطان والجماعات والمدارس، مرض قديم لكنه زاد وضع الأمة تأزميا وفتك بها أكثر في زماننا، زمن الضعف الشديد وتداعي الكافرين على المسلمين. وتعلق المسلمين بكل قشة أمل.

وإن علاج هذا المرض يعد من أهم ركائز الإصلاح البصيرة لجمع الناس على منهاج النبوة كما أمر الله تعالى. ولاستمرارية بركة مشاريع الإصلاح التي لا تتعلق بشخص إنسان أو مشروع، بل بقوعد الإصلاح التي ترسخ إخلاص الدين لله تعالى. وتقيم الحق والعدل. على ما كان عليه سلف الأمة لا العصبيات والشلليات.

ولن يكون ذلك حتى نتواضع للحق ونكف عن اتخاذ مواقف دعاية كما دأب الطواغيت، أو دفاع مستميت، يبخس كل نصح، ونتحمل قليلا مسؤولية ما يجري، فإن تدافع الإنكارات والنقد لا يعني بالضرورة أنها الحرب على البرنامج بل يعني أن هناك بالفعل ملاحظات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن تعالج، لتستقيم المسيرة، وأما التنصل فحيلة الظالم نفسه!

وليس برنامج البناء أول مشروع في الساحة، ولا يعني سعة شهرته ونجاحاته، وسعة وصوله وكثرة أنصاره أنه المحصّن عن كل مساءلة أو نقد، كي لا تتكرر الطاغوتية من جديد وتنتقل من الأنظمة للمدارس للمشاريع الإصلاحية.


كلمة أخيرة


لقد كتبت هذه الكلمات وأنا أعي جيدا تكلفتها في وسط شديد الحماسة لمشروع الشيخ والتقدير له، ولكنني أخبر الشيخ أنني أنصحك صدقا لا غشا، ولعل كلماتي هي أصدق نصرة من ملايين المطبلين والمصفقين لك لأنك لمعت! وستعلم ذلك حين نقف أمام الله جل جلاله يوما ما.

فلو كنت أود الغش لصمت ولأثنيت كما يحب محبوك ذلك ويرضيهم، ولم أخبرك أن هناك خرق في سفيننك عليك أن تسده، ففساد النساء أكبر خطر لأي مشروع إصلاحي وإن لم تتداركه وتحفظ سفينتك، فستتحمل خسائر الأمة في معركة تحسب أنك المنتصر فيها بغفلة.

ومحدثتك، ليست منخرطة في أحلاف الخصومات ولا تدخل في جدال الساحات، ولكنها لا تصمت عن شر يقترب وظلم يتمادى. وبيعة عقدت لله تعالى تُفدى بالدماء لا تنهزم أمام أرتال الأنصار والعدوان، فليقض المتعصبون لك ما هم قاضون وليفجروا ويتآلبوا وليتآمروا، فوالله لن يغنوا عني من الله شيئا ولن يعدو قدرهم! فالله فوقهم جميعا والله أكبر كبيرا! ما خاب من نصح لله وغار على دين الله ورسوله والحرمات ومصالح المسلمين.

ولكل من يكتب الردود الطويلة والكثيرة لتعليمي كيف يجب أن أبجل الشيخ ومشروعه وأصمت عن الأخطاء، ويطعن ويفتري، ويحرف الكلم عن مواضعه، أقول، وفروا عليكم الكلمات كلها، فأنا قد أديت ما علي أمام الله جل جلاله، وأنكرت منكرا ظاهرا ومستمرا ونصحت لحب الإصلاح والخير، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة.

ولن أغش الشيخ ما دام يقوم على مشروع إصلاحي، ولن أراعي مشاعركم المرهفة وأنا أرى الغلو يتضخم والنساء ينحرفن في كل يوم وكل ما يقابل ذلك، مجرد تهوين لهذه الخسائر والانتفاض خشية على سمعة الشيخ وسمعة مشروعه! لا على عامل هدم يتجلى يُهوّن منه وهو يهدد كل جهوده. والتي نسأل الله أن يجعلها مقبولة ونافعة ولا نزكي على الله أحدا.

تخلصوا من سجن هذه العقلية من تعظيم الأصنام في النفوس، وانظروا لما فيه الخير لكم، فإصلاح امرأة إصلاح لأمة، ومن لم يعي بعد المعاني فلا نملك له إلا الدعاء.

اللهم إنا نعوذ بك من بطر الحق والفتن ما ظهر منها وما بطن وأن نصمت عن حق لنا فيه بينة وأن ننهزم في نصرة دينك ونبيك صلى الله عليه وسلم لكثرة المعارضين والمناصرين بعصبية ولشهرة وقوة ظهور ، اللهم نسألك العيش على التوحيد والسنة والموت على التوحيد والسنة شهادة في سبيلك.

اللهم رضاك ولو سخط كل الناس.

اللهم إنك تعلم أني ما هزني أمس وأفجع قلبي وأبكاني إلا الغيرة على نبيك ودينك وعظمة منهج نبيك وحب الصلاح والاستقامة للناس، وأني احتسب كل ظلم وبغي وأذية في سبيل ذلك ابتغاء مرضاتك والإصلاح، فاللهم اجعلنا من خيرة من اتبع نبيك ومن خيرة من جاهد لإعلاء كلمتك، اللهم اجعلني ومن أدرك قيمة النصح وبعد مقاصده، من الذين اتبعوا السابقين الأولين بإحسان..

إلى أنصار الشيخ المتعصبين: أعلمكم أني احتسبت كل استباحة لديني وأمانتي في هذا الفضاء، ولن أرد على شيء مما تكتبون، فوالله إنما توثقون صدق صيحة النذير ورائد لا يكذب أهله، فيستبين المصلحون أكثر طريق النجاة والظفر والتقوى. وعمق المأساة التي أحذر منها. وسيحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.

قد قلت كلمتي لله تعالى، ولا أبالي بعدها بشيء. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

10 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
أم جليل مهني

لا إله إلا الله محمد رسول الله
حسبنا الله ونعم الوكيل
يا رب لطفا بأمة نبيك

بثينة أحمد سالم

جزاكِ الله خير الجزاء ..جعل الله كلماتك نبراسا هاديا .. وأسمع بها القلوب وأفهم بها العقول .
لا فُض فوك .. قلت مقالة تضطرم في صدري منذ زمن لكني لا أعرف كيف أصوغها ..
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يهدي أمة الإسلام ويردها إليه وإلى دينه ردا جميلا عاجلا غير آجل..
أختك ومحبتك في الله / أم أحمد من غزة العزة .

شلابية

بارك الله فيك وفي شجاعتك…فكلمة الحق تقال ولانخشى فيها لومة لائم ويشهد الله انني كنت طالبة …. انسحبت بسبب ماذكرتي… وانني لا احب القطيع الذي لا يفكر ولا ينقد ولا يملك روحا حرة …وانني ابتليت حيثما وجهت وجهي وجدت صنما يعبدونه فخارت عزيمتي وسبحان الله البارحة كنت اناقش صديقة في موضوع التعظيم والتقديس … وكان في مجموعة نسائية نصبت الادمينة قاضيا وحكما بخبرها كيف ترد لزوجها وكيف تربي ابنها ولا يعلى على كلمتها وهذا مثال مما نعيشه

عبدالله

جزاك الله خير الجزاء عمتي ليلى

عبدالله

جزاكم الله خيرا

Last edited 18 أيام by عبدالله
فاطمة

إن لله وإنا إليه راجعون الله المستعان بالرغم من شدة فرحي بانضمامي لبرامج الشيخ قبل عدة أعوام والحمد لله اثرها علي وعلي ديني كبير واحمد الله عليها إلا أنا كلامكم عن النساء صحيح ولكن ليست الاغلبية ولكن يوجد، وبإذن الله اطبق نصائحكم بإذن الله في عدم مشاهدة الدروس بشكل مباشر وجزاكم الله خيرا علي الأسلوب المهذب في تقديم النصيحة والحرص والشفقة علي نفع المسلمات

Last edited 17 أيام by فاطمة
ايناس الويس

جزاك الله خيرا واحسن اليك ورفع قدرك اشفيتي صدورنا بكلامك ..اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه..وارنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه

سعيدة

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

جوري

معلمتي الغالية د. ليلى،
قرأت مقالك:
“لا للطاغوتية بحجة قدسية مشاريع الإصلاح.”
قرأته بتمعن، وحقيقةً، أثر فيّ خطابك وأبكاني.
دعوت لكِ من قلبي وأنا أقرأه، وأحسب أن كلماتك هذه لم تخرج إلا من قلبٍ ينزف غيرةً على حال المسلمين.
رغم أنني من طالبات الشيخ أحمد السيد منذ أربع سنوات، إلا أنني أتفق معكِ بكل حرف كتبتيه، وقد عايشت ما ذكرتِه بعيني.
أسأل الله جل جلاله أن يهدي بنات المسلمين لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا هو.
لا فُضَّ فوكِ دكتورتنا الغالية..
الله يثبتكِ، ويحفظكِ، ويمد في عمركِ على طاعته ورضاه.
“ما خاب من نصح لله وغار على دين الله ورسوله والحرمات ومصالح المسلمين.”

مجهول

ملخص مقالة “لا للطاغوتية بحجة قدسية مشاريع الإصلاح”

تتناول المقالة نقدًا لبرنامج “البناء المنهجي” بقيادة الشيخ أحمد السيد، مشيرة إلى انحرافات منهجية خطيرة تهدد أهدافه الإصلاحية. ترى الكاتبة أن البرنامج، رغم جهوده في نشر العلم وإصلاح المجتمع، يعاني من “طاغوتية” جديدة تتمثل في تقديس الشيخ ومشروعه، مما يؤدي إلى رفض النقد واعتباره عداءً.

من أبرز المشكلات المرصودة:

الاستحقاقية والتظلم: دفاع الشيخ وأنصاره عن الأخطاء بحجة عظمة المشروع، مع اتهام الناقدين بالحسد أو العداء.
انحرافات سلوكية: ظهور سلوكيات غير لائقة لبعض الطالبات، كالغرور، قلة الحياء، والتعلق العاطفي المبالغ فيه بالشيخ، بما يشمل نشر صوره والتغزل به علنًا.
الغلو والتعصب: تحوّل الشيخ إلى رمز يقاس عليه الولاء والبراء، مما يولد عصبية جاهلية ترفض النصيحة وتهاجم الناقدين.

تُرجع الكاتبة أسباب هذه الظاهرة إلى:

قبول طالبات من خلفيات متنوعة دون تأهيل تربوي كافٍ.
انفصال الدروس النظرية عن متابعة السلوك العملي.
التركيز المفرط على ظهور الشيخ مرئيًا، مما يغذي التعلق العاطفي.
غياب قدوات نسائية مناسبة للطالبات.
سوء التعامل مع النقد، مما يعزز التظلم والاستحقاقية.

الحلول المقترحة:

إنشاء مرحلة تأهيل تربوي قبل الدراسة تركز على السلوك والأخلاق.
تدريس مادة متخصصة عن الحياء.
منع مشاهدة الشيخ مرئيًا والاكتفاء بالتسجيلات الصوتية.
ربط الطالبات بقدوات نسائية كأمهات المؤمنين.
التعامل مع النقد بحكمة وجدية بدلاً من الردود العاطفية.
التوقف عن الدفاع الأعمى عن أخطاء الطالبات وتوجيههن للاستقامة.

10
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x