فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!


يا من ودعوا أحبتهم شهداء!

الموت شهيدا شرف ومقام اعتزاز وفخر ومحبة لا يعامل معاملة العزاء والأسى!

إنما الموت الذي يوجب العزاء والأسى هو موت الأحياء الذين لا يزالون يعيشون بيننا.

إنه الموت الذي يحدثه التبديل لدين الله تعالى، والانحراف عن سبيل المؤمنين والسقوط في الهاوية.

فكم من ميّت حيّ بيننا، بحسن أثره وذكراه وصدق دعوته ومواقفه.

وكم من حيّ ميّت بيننا، لسوء فعاله وجبنه وخذلانه وكذبه وخيانته وتلونه.

فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!


إن رحيل الأحبة أبطالا شهداء، لهو تمام الفضل والشرف!

لكن المؤسف هو رحيلهم منهزمين مفتونين ظالمين، قد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ولو حازوا كل زخرف الدنيا وصفق لهم المعجبون.

فذلك هو الموت الذي يجلب المهانة.

فاثبت أيها المؤمن صادقا مخلصا مرابطا مجاهدا .. لا تتبدل على خطى السابقين الأولين، فحتى إن رحلت يوما، ستبقى ذكراك ووعودك وآثارك آثار شهيد حيّة تواسي وتؤنس وتضرب لها الأمثال وتقاس عليها المواقف المهيبة.

لا تخرج منها قبل موعد موتك .. تلاحقك دعوات المظلومين والمفجوعين قد سقطت قبل أن تنال فضل الارتقاء!

وليرحل كل الأحبة أعزة وشهداء ولا تراهم عينك في مقام دنية وهوان وخيانة.

فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!


لا تزهد في تربية الصدق والإخلاص وزرع القيم الجليلة في نفسك ونفوس من حولك.. وكن المقدام الذي لا يهون الحق في نفسه وهو حيّ! وإن مات كل ضمير من حوله وإن مات كل الناس وإن تفشى الابتذال!

لا تسمح لأحد ولا لحادثة وفاجعة أن تصنع فيك البخس للحق والعدل والآفاق التي تقوم عليها راية الإسلام خفاقة تنبعث القلوب لها موحدة وتحيي الأمجاد.

فإن بدلت كما بدلوا .. فمن للأيتام .. ومن لثارات الشهداء ومن يُعد الجيل المظفر!

وإن حرمت في سبيل ذلك ملذات الحياة فأنت الحيّ بحق، وأنت البطل وإن لم يشهد لك الناس!

فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!


لا تسمح لعزيمتك أن ترتاب ولا للجهاد أن ينضب وإن تكدست جثث المسلمين وطال ليل الطغاة!

وشد أزرك في حوادث الزمان بهدي من سبق وبشرى خاتم الأنبياء، وتزود، لعل الله تعالى يبارك في حسن اتباعك فيستعملك!
ومن يستعمله الله فقد سعد ولو عجل لربه وحيدا! وإن مات أو قتل .. فقد وقع أجره على الله.

ولا تخش فوات الدنيا ولا الملذات .. فهي السمّ لا الترياق وهي المستنقع الذي إن تورطت فيه مات النبل فيك وقُتل البطل قبل أن يولد .. وتناءت الأمجاد!

ملاحم الحق مستمرة ما استمر الصدق! فإن مات .. ماتت نفسك وماتت الآمال!

فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!


لا تنظر للمشاهد والأحداث بعين المستعجل ولا بعجلة المرتاب، ولكن بسنن الله في الأرض، تطيب نفسك وترتاح.

لا تبتئس لاتفضاض الناس للدنيا، ونسيانهم العهد! فرب ثلة صادقة .. يقيم الله بها الوعد وإن كانت قلة.

ولا تعتب على من هانت عليه نفسه في الباطل وفضل صحبة الأهواء .. واصحب من هانت عليه نفسه في الحق ورام صحبة الفداء!

ولا تخدعك سنين ومسافات .. فغدا عند خط الموت .. يتباين الصحب .. ويجتمع الأحباب .. ليس في زمانك .. بل في كل الأزمان.

ذلك أنهم لم يموتوا .. وإنما مات من بدل وخان!

فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!


كن الحيّ بحياة الإسلام في قلبك وإحيائه في من حولك .. وإياك وأساليب التنازل والالتواء .. فتلك طريق نهايتها الموت في سجلات الأحياء!

فالحياة حياة الصدق، والموت موت الصدق!

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x