النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

عن المظلومية وما أحدثته في الأمة

معضلة تعيشها مجتمعاتنا “المتخلفة” إلا من رحم ربك وهي تعليق الاخفاقات والهموم… بالآخرين أو المظلومية الظالمة! هل عندك كلام في هذه القضية التي يجعلها الكثير سبب للدونية والانهزامية والانكسار والخضوع للأمر الواقع والاستسلام للظلمة. مشكورة؟

في الواقع هذا الذي نراه في الناس اليوم هو من خصائص الذهنية التي تربت خلال عقود الحكم الجبري، ذهنية ألفت التبرير والتنصل، والهروب من المواجهة إلى التظلم، وليته كان التظلم الموجب للسعي في استرجاع الحقوق إنما التظلم التقاعسي الذي يلقي باللوم على الآخرين ويعتذر لنفس صاحبه بالواقع الكئيب.

والحديث عن هذا النوع من الذهنيات مهم جدا لكون التغيير المنشود نحو سيادة إسلامية مهيبة لا يكون بدون إعادة صياغة الذهنيات على ضوء الكتاب والسنة وهمم السلف الصالح، فالإنسان هو رأس مال المشاريع والدعوات الإصلاحية فإن كان هشا ضعيفا مغشوشا، فمردود الجهود المنشودة سيكون ضعيفا حتما، ولذلك أدرك أعداء الإسلام أهمية الإنسان في مشاريعهم فعملوا بجهود حثيثة على حقن التغريب، والانهزامية، وسلطة الثقافة الغالبة وحققوا مكاسب ومصالح كبيرة بهذه الاستراتيجية، لكن مع ذلك ومن فضل الله على المسلمين تبقى معالم الحق بارزة وتبقى الحصانة العقدية والإصلاح العقدي والأخلاقي التحدي الأكبر للغرب.

لأن الحصانة العقدية والإصلاح العقدي يحفظ ذهنيات المسلمين من الانجرار الأعمى والتبعية المنهزمة للغرب، ويحقن النفوس بالاستعلاء بالإيمان والاعتزاز بالهوية الإسلامية المتفردة. وهذا هو ميدان الصراع الأخطر والأقوى والأنكى بيننا وبين الغرب، وأعداء الإسلام: حفظ خامة الذهنيات محصنة لا مريضة!

لماذا التظلم! في الواقع التظلم يشبه حالة فيروس معدي! ولو تتبعنا التيارات والانحرافات في العالم الإسلامي، نجد الكثير منها يقوم على قاعدة التظلم، فما من ظلم أو بغي أو انحراف أو ابتداع في الدين إلا انطلق من حجة المظلومية! مثال على ذلك النسويات، وقس على ذلك، كل من يحتج بظلمه لظلم غيره.

فمشكلتنا مع متلازمة التظلم، أنه سلاح ذو حدين، يذهب باتجاه التفريط والتقاعس والانهزام وفقدان الهوية والهدف، وبين الإفراط والطغيان والتجبر في الأرض وظلم العباد.

وهكذا صنع فينا الارتهان للهيمنة، وافتقاد روح المبادرة لتحقيق التغيير، فقد اجتمع مع التظلم، الاتكالية! الأغلبية تنتظر الآخرين ليبدؤوا!

لذلك نحن بحاجة لعلاجات جذرية للذهنية التي تقوم عليها الاستجابة في الأمة، والعلاجات تركز على صناعة التغيير في النفس والحصانة في القلب ومدار ذلك على حجم الوعي وصناعة الهمم وحقن روح المبادرة والمسابقة. لدينا الكثير من العمل في صياغة الإنسان المؤهل لحمل أمانة الإسلام بدل المُساس من أعدائه.

لن تكون عملية سهلة -الخروج من النفق المظلم- ستكون هناك حتما خسائر، وستكون هناك تداعيات جانبية لكل علاج نحقن به الأمة، وهذه ضريبة طبيعية جدا لعقود من تهميش الإسلام والتقاعس عن واجب الاستجابة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. لكن المبشر في ذلك أن هذا الواقع المؤلم هو بحد ذاته إعجاز وآية!

فكل ما نشاهده اليوم من وهن وتبعية وانهزامية وأمراض وانحرافات وفتن أنبأنا بها النبي صلى الله عليه وسلم وبشرنا أيضا أن معالم الحق ستبقى بارزة وأن مجرد “العودة للإسلام” والعمل به، ستحول كل معطيات الضعف لقوة، وكل الانتكاسات لاستدراكات وكل الهزائم لانتصارات وهذه الآية وعد من الله حق!

ولذلك كلما عاشت الأمة ملحمة ووقع عليه الظلم وأظهرت البطولة، دخل من غير المسلمين في دين الله أفواجا، وبحث عن هذا الدين العظيم الذي يصنع كل هذه الهيبة في وقت عجز، كل باحث عن الحقيقة وآيات الله تعالى. فنحن حقيقة نشاهد لطف الله بأمة الإسلام ونشاهدحجم الفرص التي تتوالى ليرجع الناس لدينهم.

وفي الختام سنن الله ماضية لترسم مسار هذه الأمة، ولتحصد المنافقين والظالمين وتثبت الذين آمنوا ويصطفي الله خلالها الشهداء، هذه هي القصة باختصار، لا بد من تمييز واصطفاء وتمكين، ومهر التمكين امتحانات مزلزلة، ليدرك الناس عظمة هذا التمكين ويدركوا ثمن ما فرطوا به!ولتقام الحجة على بقية الأمم.

ويستمر التدافع في إيقاظ النفوس وتهيئتها لمرحلة التمكين الواعد، ويستعمل الله قادة وجندا مخلصين، يحفظون لمعالم الحق هيبتها وصفاءها ولا يشترون بها ثمنا بخسا، ولا ينحرفون عن سبيل المؤمنين إفراطا ولا تفريطا، وهم الذي تحرس بهم الثغور وتقاد بهم الجموع وتفتح به الأرض يوما مقبلا. وإن جهلهم الناس.

وهم وإن كانوا قلة إلا أنهم الأكثر تأثيرا بقوة الحق الذي يحملون وبعظمة ولاية الله لهم، وتلك مشيئة الله تعالى! وبهذا وبتأمل سنن الله في الأرض لن يتخلف عن ركب الإسلام إلا من أبى. ولا يفلح ساحر مهما اعتدى.

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
أم صهيب

حفظكم الله د.ليلى حمدان
نفع الله بعلمك الإسلام والمسلمين..

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x