النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

عن الحربي إذا أسلم

أكثر البعض في الجدال بشأن قبول الجندي اليهودي الذي أعلن عن إسلامه.

والقول الفصل في ذلك ما جاءت به الشريعة.

قال الله تعالى: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) الأنفال: 38..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
“الحربي إذا أسلم لم يؤخذ بشيء مما عمله في الجاهلية، لا من حقوق الله ولا من حقوق العباد، من غير خلاف نعلمه، لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يجب ما قبله) رواه مسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) متفق عليه.
ولهذا أسلم خلق كثير، وقد قتلوا رجالا يُعرفون، فلم يطلب أحد منه بقود ولا دية ولا كفارة…
وكذلك أيضا لم يضمِّن النبي صلى الله عليه وسلم أحدا منهم مالا أتلفه للمسلمين، ولا أقام على أحد حد زنى أو سرقة أو شرب أو قذف، سواء كان قد أسلم بعد الأسر أو قبل الأسر، وهذا مما لا نعلم بين المسلمين فيه خلافا، لا في روايته ولا في الفتوى به.
بل لو أسلم الحربي، وبيده مال مسلم قد أخذه من المسلمين، بطريق الاغتنام ونحوه مما لا يملك به مسلم من مسلم، لكونه محرما في دين الإسلام، كان له ملكا، ولم يرده إلى المسلم الذي كان يملكه، عند جماهير العلماء، من التابعين ومن بعدهم، وهو معنى ما جاء عن الخلفاء الراشدين، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، ومنصوص أحمد، وقول جماهير أصحابه، بناء على أن الإسلام أو العهد قرر ما بيده من المال الذي كان يعتقده ملكا له؛ لأنه خرج عن مالكه المسلم في سبيل الله، ووجب أجره على الله، وأخذه هذا مستحلا له، وقد غفر له بإسلامه ما فعله في دماء المسلمين وأموالهم، فلم يضمنه بالرد إلى مالكه، كما لم يضمن ما أتلفه من النفوس والأموال، ولا يقضي ما تركه من العبادات، لأن كل ذلك كان تابعا للاعتقاد؛ فلما رجع عن الاعتقاد، غفر له ما تبعه من الذنوب… ” – “الصارم المسلول” (1 / 296 – 300).

وقال ابن القيم:
“… أنّ الكفار المحاربين إذا استولوا على أموال المسلمين، ثم أسلموا: كانت لهم، ولم ترد إلى المسلمين، لأنها أخذت في الله، وأجورهم فيها على الله، لما أتلفه الكفار من دمائهم، وأموالهم، فالشهداء لا يضمنون، ولو أسلم قاتل الشهيد، لم يجب عليه دية ولا كفارة؛ بالسنة المتواترة، واتفاق المسلمين، وقد أسلم جماعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد عُرف من قتلوه، مثل وحشي بن حرب قاتل حمزة، ومثل قاتل النعمان بن قوقل وغيرهما، فلم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا بشيء، عملا بقوله: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ” – “أحكام أهل الذمة” (2 / 860).

وهذا الحكم في الكافر الحربي والأمر يختلف مع المستأمن والذمي والمعاهد. فإذا أسلم، أو تاب، قبل القدرة عليه، بعد اعتداء على نفس مسلم أو ماله أو عرضه، فإنها لا تسقط حقوق المعتدى عليه بمجرد إسلام هذا المعتدي.

قال القرطبي:

“أما الكافر الحربي: فلا خلاف في إسقاط ما فعله في حال كفره في دار الحرب.

وأما إن دخل إلينا بأمان، فقذف مسلما، فإنه يحد، وإن سرق قطع.
وكذلك الذمي: إذا قذف حُد ثمانين، وإذا سرق قطع، وإن قتل قتل.
ولا يسقط الإسلام ذلك عنه، لنقضه العهد حال كفره، على رواية ابن القاسم وغيره.” انتهى من “تفسير القرطبي” (9 / 502).

ولا حرج في أن يتألم الناس من فعله أو يتجنبوا التعامل معه، لأن الأمر حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم وقاتل حمزة رضي الله عنه،

فقد التقى النبي صلى الله عليه وسلم بوحشي قاتل حمزة، حين جاء مسلماً، وذلك بعد إسلام أهل الطائف، قال وحشي: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني قال: أنت وحشي؟ قلت: نعم، قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني، قال: فخرجت، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مسيلمة الكذاب قلت: لأخرجن على مسيلمة لعلي أقتله فأكافيء به حمزة، قال: فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس، قال: فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجل من الأنصار فضرب بالسيف على هامته. رواه البخاري.

وجاء في الفتح في شرح هذا الحديث: وعند يونس بن بكير في المغازي وعند ابن إسحاق قال: فقيل لرسول الله هذا وحشي فقال: دعوه فلإسلام رجل واحد أحب إلى من قتل ألف كافر.

قال الحافظ : وفيه -أي في الحديث- أن المرء يكره أن يرى من أوصل إلى قريبه أو صديقه أذى، ولا يلزم من ذلك وقوع الهجرة المنهية بينهما، وفيه أن الإسلام يهدم ما قبله.

والخلاصة: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x