بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.
شقيقة الدكتورة عافية صديقي تلتقي بأختها بعد 20 عاما من تغييبها ولم يسمح لها بمعانقتها أو مصافحتها
التقت الدكتورة عافية صديقي – عالمة الأعصاب الباكستانية المسجونة في الولايات المتحدة لأكثر من عقد من الزمان – أخيرا بشقيقتها الصغرى الدكتورة فوزية صديقي بعد 20 عاما من الفراق والتغييب، في المركز الطبي الفيدرالي، كارسويل في تكساس، حيث شارك عضو مجلس الشيوخ عن الجماعة الإسلامية مشتاق أحمد خان يوم الأربعاء في هذا اللقاء.
وعلى تويتر، شارك مشتاق خان الخبر على أنه من المقرر عقد اجتماع آخر مع الدكتورة عافية يوم الخميس، حيث سيلتقي هو وكليف ستافورد سميث – وهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان ساعد أيضا في تحرير عبد الرباني وأحمد رباني من سجن خليج غوانتانامو سيئ السمعة – مع طبيبة الأعصاب عافية.
وقال في تغريدة على تويتر:”غدا سألتقي بالدكتورة عافية في السجن مع الدكتورة فوزية وكليف ستافورد سميث”.
في تغريدته، سلط السيناتور الضوء على محنة الطبيبة المسجونة. ومع ذلك، قال إن هذا فتح الطريق لمزيد من “المناقشات والاجتماعات”.
كما حث الناس على رفع أصواتهم من أجل إطلاق سراح الدكتورة عافية .
ظروف قاتمة
علاوة على ذلك ، روى السيناتور خان أحداث الاجتماع الذي طال انتظاره، والذي استمر لمدة ساعتين ونصف الساعة والذي روى فيه تفاصيل عن الطبيبة المسجونة وعن ظروفها القاتمة والتعذيب الذي تتعرض له.
وقال في تغريدته:”تم هذا اللقاء بعد 20 عاما واستمر لمدة ساعتين ونصف، ولم يسمح للدكتورة فوزية بالعناق ومصافحة أختها. ولم يسمح للدكتورة فوزية بعرض صور أطفالها على الدكتورة عافية. وعقد الاجتماع داخل غرفة سجن مع زجاج سميك بينهما. كانت عافية ترتدي وشاحا أبيض وثوب سجن كاكي” .
وأضاف: “في الساعة الأولى من الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصف، شاركت الدكتورة عافية تفاصيل التعذيب الذي كانت تتعرض له كل يوم. قالت الدكتورة عافية إنها تفتقد والدتها وأطفالها طوال الوقت (لا تعرف عن وفاة والدتهم). وفقدت الدكتورة عافية أسنانها الأمامية بسبب هجوم في السجن. كما كانت تعاني من صعوبة في السمع بسبب إصابة في الرأس”.
ولدت عافية صديقي في كراتشي، باكستان، في عام 1392 هـ (1972م).
وفي سن 18 عاما، سافرت عافية إلى الولايات المتحدة، حيث عاش شقيقها، للدراسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المرموق في بوسطن، وحصلت لاحقا على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة برانديز.
بعد الانتهاء من دراستها، عادت إلى باكستان وعملت كعالمة أعصاب في مستشفى جامعة الآغا خان.
كما شاركت في الجهود الإنسانية، وتعاونت مع منظمات مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة.
وحكمت محكمة فيدرالية في نيويورك في شوال 1429هـ (سبتمبر/أيلول 2008م) على العالمة الباكستانية، بالسجن لمدة 86 عاما بتهمة الشروع في القتل والاعتداء، الناجمة عن حادث وقع خلال مقابلة مع السلطات الأمريكية في غزنة بأفغانستان، وهي اتهامات نفتها بشدة. وتفاصيلها غير منطقية أن تواجه امرأة لوحدها القوات الأمريكية في مقرها.
وكانت أول امرأة تشتبه الولايات المتحدة في صلتها بتنظيم القاعدة، لكنها لم تدن بذلك قط.
وبعد أحداث سبتمبر عادت إلى باكستان حيث تزوجت أحد أبناء عائلة خالد شيخ محمد، وكان من أقارب أحد المتهمين بأحداث سبتمبر.
اختفت عافية فجأة في حوالي عام 1424هـ (2003م)، مع أطفالها الثلاثة في كراتشي.
وبعد خمس سنوات، ظهرت في أفغانستان المجاورة لباكستان.
وتشير التقارير إلى أن الدكتورة عافية تعرضت لأساليب تعذيب مختلفة وشديدة لإجبارها على التحدث عن أمور لم تكن على علم بها.
وطوال فترة المحاكمة والسجن، أصرت عافية صديقي على براءتها واستأنفت إدانتها.
وهي تقضي حاليا عقوبتها في المركز الطبي الفيدرالي في كارسويل بولاية تكساس. وستكون مؤهلة للإفراج المشروط في عام 1455 هـ (2033م)
لقد أعلنت عافية في المحكمة أنها غير مذنبة وأصرت على أنها لم تلمس بندقية الجندي الذي اتهمت باستعمالها والشروع في قتل الجنود الأمريكيين. وبعد أشهر من الجلسات السقيمة وخلال جلسة عاصفة، قاطعت عافية القاضي، ووبخت محاميها وأطلقت نداءات صاخبة في قاعة المحكمة، حيث قالت:
“أنا أقاطع هذه المحاكمة وأنا بريئة من كل التهم الموجهة إلي وأستطيع إثبات ذلك، لكنني لن أفعل ذلك في هذه المحكمة”
وعلى الرغم من أنها طُردت من قاعة المحكمة لكنها قالت وبإدراك لحقيقة المؤامرة:
“خذوني فأنا لن أعود”.
وكيف لها أن تدافع عن نفسها حين يكون الجلاد هو القاضي! ويكون الجلاد هو الشاهد!
كيف عُرفت قصتها؟
لم يكن أحد ليعلم مصير عافية، لولا مشيئة الله أن يقاسمها السجن في باغرام مسلمون أسروا على أيدي الأمريكيين، من بينهم معظم بيك الذي اختطف من قبل الأمريكيين عدوانًا وظلمًا أيضًا، وكان يسمع صرخاتها المؤلمة وأنينها في كل يوم وليلة.
امرأة وحيدة تسام سوء العذاب وأنواع الإهانة بلا أدنى رحمة في سجن لا يضم إلا الرجال ولا يعاملها فيه إلا الرجال بل وحوش الرجال، كانت بحق سبب تأثر جيرانها المأسورين لدرجة أنستهم مآسيهم وجراحاتهم فاستنكروا هذا الفعل اللاإنساني البشع المشين بما تبقى لهم من فتات الطاقة وأعلنوا الإضراب عن الطعام حتى يفك أسر هذه المسلمة المستضعفة ولكن دون جدوى!
Enemy Combatant
نقل معظم بيك إلى غوانتنامو وفارق مأساة باغرام إلى مأساة جديدة إلا أن صرخات عافية لم تفارقه وبقيت تتردد في أذنيه حتى أُفرج عنه، فألف كتابًا ذكر فيه حقائق مروعة عاشها في هذه السجون ولم ينس بكل تأكيد تلك الصرخات الصديقية التي دونها في كتابه (Enemy Combatant) بكل أسى وألم.
إنها صرخات السجينة 650 في سجن باغرام المروع، الذي لم يتحمل أهواله الرجال، هكذا كانت تسمى عافية.
ايفون ريدلي
وصل الكتاب إلى يد الصحفية البريطانية ايفون ريدلي فشد انتباهها قصة السجينة 650 فبادرت بالبحث عن هوية هذه المغيّبة، فتوصلت إلى أن السجينة 650 هي الدكتورة عافية صديقي! بعد ذلك فضح الله الإرهاب الأمريكي وخُدعاهم وعدوانهم، وتأكدت أنها تعرضت لشتى أنواع العذاب بما فيه الاعتداء الجنسي المتكرر من قبل الأمريكيين وأيضًا استأصلت بعض أعضائها واستمر يعانقها العذاب حتى أُصيبت بأمراض نفسية خطيرة فقدت على إثرها الذاكرة.
وكيف لا تنهار المسلمة وهي تجبر على المشي حافية القدمين على صفحات من المصحف الكريم ممزقة وملقاة على الأرض لتدنيسها وشفاء غليل سجانيها الكافرين؟!.
ايفون ريدلي الصحافية التي اعتنقت الإسلام أكدت بأن عافية صديقة هي سيدة باغرام رقم 650، وأنها تعرضت لأهوال لا توصف لدرجة كانت تبقي السجناء مستيقظين بسبب تنهداتها المؤرقة وصرخاتها المؤثرة. وبالنسبة لريدلي، أصبحت عافية صديقي رمزًا للممارسات الأمريكية الإرهابية مثل الاختطاف والترحيل السري والتعذيب. وقالت ريدلي:
“إن صديقي رمز في العالم الإسلامي. وإن الناس غاضبون من الإمبريالية والهيمنة الأمريكية “.
مفارقات وجب تسليط الضوء عليها
نحن هنا أمام حالة امرأة مسلمة مستضعفة وحيدة، وقعت بين ضباع الغرب الذي ينادي بحقوق المرأة والعدالة وتطبيق القانون وتعظيم نفوذ القانون، لكن الحكومة الأمريكية لم تتعامل مع هذه المرأة الوحيدة بالقانون بل بالاختفاء القسري تماما كما تفعل العصابات الإجرامية، ولم تحاكمها محاكمة عادلة بل استفردت بها وأغلظت عليها حكما مبالغا فيه، وتهمتها الوحيدة محاولة الهجوم على جنود في مقام دفاع عن النفس لم تثبت قط عليها، ولم تدان عافية إلى اليوم بأي تهمة ثابتة توجب هذا الحكم المغلظ من السجن.
هذا بدون الحديث عن لجوء أكبر دولة في العالم تحاضر في حقوق الإنسان والحريات وسيادة القانون وتحرير المرأة، إلى أبشع وسائل التعذيب! لقد سلطتها على امرأة ضعيفة لا تحمل سلاحا ولا خطرا، محاصرة بين جدرانهم وجنودهم وكلابهم!
فهل هذا إلا مشهد خسة ونذالة أمريكية، سجل في صفحات العار في تاريخ البشرية، وهل هذا إلا مقام عزة لعافية نصرها الله فيه إذ جعلها امرأة وحيدة بمقام قوة جيش وكتيبة، بالنظر لحجم الاستنفار والجمع والكيد الذي جمعه الأمريكان للانتقام منها وتفريغ غيظهم منها!.
هنا تسقط جميع الشعارات البراقة التي تصدرها المؤسسات الدولية وتدعو لها، تنكشف عورة كل خطابات رنانة من ساسة البيت الأبيض والحكومات الغربية بل وينفضح نفاق القيم الغربية ومعاييرهم العنصرية التي تحمل حقدا دفينا على كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين.
امرأة واحدة، كانت كفيلة بإخراج غيظ قلوبهم وفضح خوارهم وضعفهم وهشاشتهم وجبنهم وإقامة حجة على كل الدعوات الغربية وفساد نواياها ومقاصدها.
فهل يعقل بعد قضية عافية صديقي بقي هناك من ينادي بالقيم الأمريكية والغربية والعدالة الأمريكية والغربية؟
هل يعقل يبقى هناك من ينشد تحرير المرأة على يد قاتليها ومعذبيها وظالميها؟
هل يعقل أن يستمر الانهزام بيننا حتى صرنا نشاهد فتيات مسلمات يطمحن لتلبية طموحات المؤسسات الدولية التي ترفع شعار تحرير المرأة ودعمها؟
لا يقع في ذلك مسلم صادق حر، ولا مسلمة! يشاهدان العالم بعين الحقيقة لا عين الإعلام المأجور والدعوات الانهزامية المتخلفة، ووسائل الهيمنة.
لكن حقيقة يبقى ما يفت الفؤاد في كل ما ترى، أننا أمة ضخمة بأعداد ضخمة، وللبحث عن خبر عافية صديقي بالعربية لن تجد تقريرا واحدا تقر له العين، فكل التغطية باللغة الأنجليزية وعلى المواقع الباكستانية!
وكأن العرب لا شأن لهم بنصرة امرأة مسلمة سامها الكافرون سوء العذاب، لم يرقبوا فيها إلا ولا ذمة، ولا يزالون إلى آخر لحظة جبناء، يحرمونها حضنا ولمسة يد من أختها!
أي قسوة وأي انحطاط أخلاقي يحمله لنا لقاء فوزية بأختها؟
أي حقيقة يجب أن نعلمها لكل أطفالنا، حتى يبصروا كيف يكون الظلم والطغيان والاستقواء على امرأة مسلمة! لنصنع أسبابا للانبعاث في الأمة.
حقيقة يعجز القلم عن تصوير فظاعة هذ المشهد وحجم تناقضاته وإجرامه، نحن نرى قتل أخت مسلمة لنا، بسيف العجز والجبن والتخاذل، نحن نشاهد العجز في نصرتها بحروف وكلمات!
والحمد لله أن سخر الله لها من الباكستانيين من لم يخجلوا من فضح نفاق الغرب وظلمهم بل سخر لها من الغربيين أنفسهم من يخجل من هذا الظلم والطغيان الذي يسلطه الأمريكان على امرأة واحدة!
وهذا يقودنا لخلاصة مهمة جدا على كل مسلمة إدراكها وحفظها وتغذية عزمها وهمتها بها، أنت أيتها المسلمة بأمة!! أنت خطر عظيم على كل مشاريع الغرب الكافر.
أنت ولو كنت وحدك، خطر على منظومات دولية كاملة وجيوش وحكومات ودول!
فقط بثباتك على دينك أنت تنصرين دين الله تعالى. فقط باعتزازك بهويتك وميراثك وبرفضك الانهزامية لدعاويهم أنت بطلة من أبطال المجد يكتب اسمها في سجل الخالدات!
ويكفي شرفا أمة الإسلام أن أذلت امرأة واحدة ترسانة عسكرية ممتدة!
لقد مرغت امرأة واحدة أنوف جيش كامل وحكومة ومنظومات ومنظمات دولية كبرى!
نعم لقد فعلتها عافية فإلى اللحظة لا تزال ثابتة نحسبها ترفض هذا الطغيان والظلم، لا تزال تحرج إمبراطوريات إعلامية دولية كبرى لا تستطيع أن تتسر على فضيحة تخبط الأمريكان أمام عافية صديقي وعلى انحطاط تعاملهم الجبان معها! ولا تزال حتى الآن عافية تذكرة وصيحة نذير في كل العالم عن حقيقة الظلم والتعذيب والوحشية الأمريكية التتارية المعاصرة، التي تمارسها خلف صنم الحرية! لا تزال تمزق قناع الخداع والكذب الذي تتستر خلفه الولايات المتحدة الطاغية!
منعوها من حضن ولمسة يد! لأنهم لا يؤمنون بحقوق إنسان ولا يقدرون حفظ شرف ولا أخلاق، فكيف ينتظر منهم أن ينصفوها أو يعدلوا معها. منعوها من رؤية صور أبنائها؟! ثم يحاولون إقناعك أيتها المسلمة أنهم يريدون مصلحتك ومصلحة أبنائك وأسرتك ببرامجهم ودعاويهم الخبيثة المدمرة!
وهذه فرصة لكل مسلمة ومسلم أبي أن يجتمعوا على نصرة دين الله وإعادة شريعته في الأرض، والعمل بدين الله، استجابة لأمر الله تعالى، وإغاظة للظالمين والكافرين من كل ملة وجنس!
هذه فرصة أخرى لاستنهاض الهمم والاستعلاء بالإيمان والاعتزاز بالإسلام! إنه دين عدل وإنقاذ للبشرية من كل الدعوات المنتشرة التي تعيث في الأرض فسادا مهما تجملت وتزينت بزخرف خادع.
إنها فرصة لإيقاظ الضمير وإشعال الهمة وإحساس المسؤولية للقيام والنهوض والكف عن هدر الوقت والجهد فيما لا ينفع، إنها فرصة للجد والعمل لإعادة الإسلام حاكما لحياتنا وكل المسلمين.
اللهم فرج كرب عافية صديقي وكل مسلم ومسلمة بين مخالب ضباع الأمريكان، اللهم اجعل لهم مخرجا وانصرهم وعوضهم خيرا في الدنيا والآخرة.
اللهم مكن للمسلمين انبعاثا يليق بحجم الحرمان والمآسي والطغيان الذي عايشوه، اللهم أقر عيوننا بعدل تعود فيه الأمة المسلمة لمكانتها وشفاء لصدور المؤمنين،
اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
————————-
المعلومات الواردة في هذا المقال ترجمة لمقال نشرته geo.tv
بعنوان: Dr Aafia Siddiqui meets sister after 20 yearsو
ومقال على samaaenglish.tv
بعنوان: Dr Fawzia meets her sister Aafia Siddiqui after two decades
ومواقع التواصل.
النشرة البريدية
بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.
كتب الله لك الاجر دكتورة , نسأل الله العلي القدير ان يفرج عن الطبيبة عافية صديقي وجميع المظلومين في هذا العالم .