داء الجبن أمسى يفتقك بالأمة فكيف التخلص منه؟
هذه حقيقة للأسف، فالجبن من أعراض الوهن وأسبابه في آن واحد. ولم يستشر بين يوم وليلة بل هو نتيجة عملية طويلة من بث موجبات العجز والضعف والانتكاس والهزيمة في المجتمعات المسلمة في ظل غياب الوعي والبوصلة وقوة الهدف.
ولعلاج الجبن، نحتاج إلى معالجة عميقة في أساليب التربية بداية، فالأجيال تربت على الخوف من كل شيء إلا الله عز وجل! إلا من رحم ربي، تخشى الفقر، تخشى الذم والتصنيف، تخشى التخلف عن الألقاب والأوصاف، تخشى خسارة الدنيا!
وكل ذلك يصنع الجبن فيها فيكبر الأبناء يخشون خسارة كل ما هو رزق مكتوب وقدر مقدور ويتسابقون على ما ليس ببطولة!
لذلك نحن بحاجة لانتفاضة على أساليب التربية المتخلفة ولنكف عن صناعة الخوف والجبن في قلوب الصغار ونرتقي لنربيهم على إعظام التوكل على مولاهم بل على معرفة ربهم قبل كل شيء! فما أوتينا إلا من الجهل بالله ربنا سبحانه، والجهل بذلك صنع الجهل بكل أسباب القوة في النفس والأمة. مع التأكيد على أن موقف شجاعة واحد في ذاكرتهم يصنع ما لا تصنعه الكثير من المواعظ والتنظيرات.
ثم معالجة نفسية وخلقية، فزراعة منظومة الأخلاق في المجتمعات وصيانتها بحفظ قيمة الصدق والأمانة والكرم والشجاعة وكل ما يدخل في فلك المروءة، يصنع القوة في النفوس، ويُضعف الجبن بل يُعزز قيمتها في مقاماتها.
وللوصول لهذه المرحلة من تعظيم حق الله تعالى وتقوية منظومة الأخلاق، نحن بحاجة لنماذج البطولة لإبرازها لتقديرها وعدم نسيانها، لتقديم القدوة، فكم من المعاني تنبعث بمضرب مثل واحد نابض بقوة الحق وعزة الإيمان، تنبعث معه النفوس موحدة.
وما يلاحظ في صناعة الشجاعة أن لها أسبابها وعواملها التي تعززها كما أن لها معاول هدم ومثبطات تمنع صناعتها، ولذلك من المهم الحذر بشدة وصناعة حصانة ضد كل عامل يهدم الشجاعة في النفوس، ومن ذلك حفظ معاني الرجولة والابتعاد عما يقتل الغيرة في النفوس ويصنع التطبيع مع المنكرات وضعف الحق في النفوس، وبالمقابل يجب تغذية القلب بالقرآن والسنة والسيرة وكل ما يصنع قوة الحق في هذه النفوس، يجب صناعة قوة الهدف والاستعلاء بالإيمان فوق كل شيء!
والله الموفق.