ترامب رئيسا مرة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية.
هذا يعني أننا على موعد مع كميّة هائلة من الصفاقة والوقاحة والكبر والصلف، كما هي عادة ترامب.
ويعني مزيد إهانة وإذلال وحديث بلغة الأموال والمقابل مع الأطراف الدولية بما فيها العربية وكل من يتغنى بما يسمى الدبلوماسية سيضطر للتعامل مع عقلية “كوبوي وبزنس مان” (أي راعي البقر الأمريكي المسلّح ورجل الأعمال، التاجر الجشع).
ويعني أن حلف الناتو يتوجس خيفة ويعيش مرحلة عسيرة ويبحث في الخيارات المتاحة.
ويعني أن الحلفاء الأوروبيين سيتكبدون تكاليف التحالف مع أمريكا.
ويعني أن الروس سيطمعون في اتفاقية لصالحهم في أوكرانيا.
ويعني مرحلة تضييق على المهاجرين في أمريكا وعدوانية ضد المكسيك.
ويعني الكثير من الدعم للاحتلال اليهودي وتوسيع نفوذ المستوطنات داخل الضفة الغربية والتعجيل بإيقاف الحرب في غزة. وبسط أكثر للنفوذ اليهودي في المنطقة.
ويعني أن اتفاقيات التطبيع ستتوالى بلا خجل.
ويعني أن إيران ستتوقف عن لعب دور البطولة وسترجع لجحرها.
ويعني أن الحركة النسوية في حالة مأتم ونحيب، وكذلك الشواذ والمتحولين. ولا يعني حرمانهم مساحة حريات ولكن يعني قطع الطريق أمام أجنداتهم العميقة.
ويعني أن أمريكا الدولة التي توزع برامج ما يسمى “تحرير ومساواة المرأة” حقيقة لا تؤمن بها ولا تستأمن كاميلا كما لم تستأمن من قبلها من نساء على قيادتها، لذلك منذ تأسيسها لم تعرف رئيسة امرأة. مع أنها تشجع الآخرين على ذلك!
ويعني أن التصادم مع الصين سيكون له تكلفة على الاقتصاد.
ويعني أن قلب قرارات بايدن سيكون من أولى أولويات ترامب خاصة القرارات التي رجع عنها بايدن وقد أمضاها ترامب قبله.
ويعني أن الديمقراطية الأمريكية ستنكشف فظائعها وسيلعنها الساسة الأمريكان قبل الشعوب.
ويعني أن الرياح لا تجري بما يشتهي ترامب، فلا يغرك صراخه “أمريكا أولا” فالنظام الدولي تراجع من كونه لصالح أمريكا منذ آخر رئاسة له وتداعيات التراجع الأمريكي في الملف الاقتصادي أول سبب لانتخابه ولكنها تحديات جسيمة لا تحل بمجرد نهب الأموال. فشعار ترامب هو حقيقة يتجه نحو: “أمريكا وحيدة” و”إغاثة أمريكا”.
ويعني أن الداخل الأمريكي في الواقع لن يستسلم لقيادة الجمهوريين وخاصة الليبراليون. ما يعني أن حالة الاحتقان لن تتوقف فالخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين عميقة جدا في القناعات والمناهج.
ويعني أن الدول التي قرّبها بايدن بحفاوة ستصفع بحفاوة أخرى على يد ترامب. وهذه من مخاوف أوباما الذي تألم حتما من هزيمة كاميلا.
وأن منصة إكس ستصبح منبر ترامب، وأكثر نشاطا وتأثيرا. بفضل صحبة صاحبها مع الرئيس الأمريكي الجديد ودعمه له. فلن نستغرب أن يتم تعيين أو فصل مسؤول أمريكي عبر تغريدة.
ويعني أن احتمالية اغتيال ترامب ليست مستبعدة، وسيناريو جون كندي قد يتكرر.
ويعني أن المزيد من وضوح لغة المعسكر الأمريكي ستدفع المزيد من القوى المسلمة للجهاد.
ويعني أن العالم حقا يتغير بالخروج من حقبة القطب الأوحد وأن القوى الدولية تتعامل وفق ذلك.
ويعني أن العمل كمسلمين لحجز مكانة سيادية بين الأمم يتطلب اليوم السعي له بمزيد من البذل والتضحية والصبر والتأدب مما مضى! لأن الفرص قريبة بإذن الله أكثر من قبل، ولكن لا يحوزها إلا من ملك أسباب التمكين حقا لا الشعارات.
اللهم اجعل رئاسة ترامب المسمار الأخير في نعش أمريكا المتجبرة. يا ذا الجلال والإكرام، يا رحمن يا رحيم. يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. اللهم أرنا في الطغاة الظالمين عجائب قدرتك سبحانك.
تشخيص واجب، يوجب وضوح الرؤية والسبيل
صعود ترامب وفريقه الجمهوري، يعني أن أمريكا ستقودها حكومة يمينية محافظة، وهو التوجه الذي أظهرته أوروبا أيضا وخاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا.
وقد احتفل نواب يمينيون متطرفون في البرلمان الأوروبي وهم يعتمرون قبعات تحمل شعار “اجعلوا أوروبا عظيمة مجدداً”، بفوز ترامب برئاسة أمريكا، معربين عن أملهم في أن تعزز هذه “اللحظة التاريخية” اتجاههم السياسي.
وبالموازاة، يحكم اليهود حكومة يمينية متطرفة هي الأخرى.
منطلقات اليمين عقدية فهي تتسم بميل شديد إلى المحافظة الدينية النصرانية أو اليهودية.
لا بد أن يكون واضحا:
أي استراتيجية لهزيمة هذا التحالف الكافر المحارب فاشلة إن لم تنطلق من وحدة عقدية وتاريخية ومستقبلية لأمة الإسلام.
ما يعني أن أركان المواجهة يجب أن تقوم على المفاهيم العقدية والشريعة الربانية، لتحقيق نصر ساحق!
أي أن المواجهة تتجلى في أوضح صورها بعد صعود ترامب، إنها مواجهة بين الإسلام وتحالف نصراني يهودي.
لذلك جرّد الصراع من كل التفاصيل المشوشة لتبصر أن في عمقه العقائد هي التي تديره وتوجهه وتجمع له!
ومن تخلى عن عقيدته كيف له أن يصمد في صراع وجودي!
فكيف إن استورد منظومات ومناهج أعدائه لمواجهتهم؟ فهذا يكون أحمقا إن لم يكن مجنونا!
لذلك لتكن التعبئة وعيا وعملا، بالإسلام عقيدة ومنهجا وأهدافا، ليكن الإسلام عنوان المرحلة، كمحور وحدة، ومرجعية احتكام، وبنيان يقام في الأرض للاستقلالية والسيادة، وإلا فمزيد ذلة واستضعاف وإطالة أمد الحكم الجبري.
من لم يستعد ويستقل بعقيدته .. هُزم واستعبد لعقائد أعدائه.
جميع الجهود الفردية والمؤسساتية و”الجماعتية”، يجب أن تعمل في تحالف إسلامي ضخم ومنسجم ومتلاحم – حتى لو بقيت بينها الخلافات- يجب أن لا تختلف في أولى المهمات: الاجتماع على الاستعلاء بالإيمان واسترجاع الهوية والشريعة الإسلامية، في كل تفاصيل الحياة وفي كل خطاب وعمل.
تربية الأجيال على هذا المطلب مصيرية جدا،
يجب أن تتشرب الأجيال الاستعلاء بدينها وأهدافها.
أحيوا حب الإسلام والشريعة الربانية والهوية التي تميزنا كأمة مسلمة، وقدموا لها الأولوية، فهي روح مشاريع التمكين.
ومن نصر الله نصره!
ومن استقام عبدا مؤمنا كما أمر الله تعالى، تولاه ونصره ومكّنه.
وفي الختام:
إن كان يهمّك حقا أمر الإسلام، فلا تنس في دعائك الطغاة الظالمين، بحضور قلب وحرقة صدق!
(وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)
ولا تغفل عن هدي (قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
جعل الله جهادك في سبيله في ميزان حسناتك، و نفع الله بكِ العباد و البلاد.