ثق تماما أن كل من تورط وتورطت في طرق الفساد والانحلال والمعصية يعانون من ظلمة القلب والكآبة والحزن وضيق الصدر والشتات وحتى الرغبة في الانتحار وإن أظهروا الابتسامات والقهقهات العالية!
هذه لوحدها تكفي ليكف المنغمسون في ظلم أنفسهم عن هذا العناد والتوبة إلى الله تعالى فورا بلا تسويف.
أول سبب يدفع لبحث المساعدة هو حجم الثقل والانزعاج في قلب العاصي والعاصية على الرغم من الانغماس في الشهوات. لذلك المستمرون في مستنقعات الفساد والرذيلة يخدرون أحاسيسهم بالخمور والمخدرات والصحبة المثبطة، فهناك دائما صوت داخل النفس يرفض هذا الانحطاط ويدرك الفرق جيدا من أعلنوا التوبة.
من المواد الأساسية التي يجب أن تعتني بها باهتمام كبير المناهج الدراسية، دراسة النفس البشرية ومعرفتها ومعرفة أمراضها وعلاجاتها، هذه مادة فرطت فيها مناهجنا كثيرا وهي أنفع وأهم بكثير من العديد من المواد التي لم تؤثر في حياة الطلاب شيئا! وتقوية القلوب وحفظ سلامتها قاعدة مصيرية في البناء.
من عرف نفسه عرف ربه ومن عرف نفسه قهر عدوه!
ومن جهل نفسه تخبط واضطرب ونال منه كل عدو مهما كان ضعيفا.
هذه المعرفة يمكن استدراكها اليوم في أنفسنا وأبنائنا، وبفضلها ستتغير تماما تعاملاتنا وطرق تربيتنا سنصلح الكثير بقليل من العلم النافع!
تأمل كم حرمنا التعليم النظامي من فرص النبوغ!
ستجد بعد مرحلة من البحث والدارسة أن العلم الذي استفدت منه حقا هو العلم الذي بحثت أنت عنه! والبحث تدفعه الحاجة، وكثيرا ما تزداد هذه الحاجة في زماننا لأننا تعلمنا وفق مناهج قاصرة وضعيفة تهدر فيها السنوات على قليل نفع.
لو أن بدايتنا كانت ببعض أمهات الكتب فقط لكان واقعنا غير الذي ترى ولكنها الهيمنة!
إذا رجعنا إلى تاريخ التعليم عبر العصور نجد أن جميع العصور قبل حقبة الاحتلال كانت تبدأ مناهجها على تقوية القلوب والمعرفة بالله تعالى والاستقامة كما أمر ثم تكمل المعرفة بالعلوم الحياتية والمادية فكان لذلك انعكاسه دولا إسلامية متفردة قوية! بعد الاحتلال تم إقصاء سر تفوق من سبق فركنا!
إن أول مفاتيح انبعاث قلبك وأسرتك ومجتمعك وأمتك هو تصحيح الانطلاقة من جديد واستدراك الجهل بالله تعالى والنفس البشرية وحقائق الثبات والمواجهة مع مختلف الأعداء،لمسيرة أكثر اتزانا ووضوحا ونجاحا.كل الشهادات الدنيوية لن تستطيع أن تصنع سكينة الإيمان وبركات الاستقامة.
ولا شهادة الآخرة.
فقط بتصحيح الانطلاقة بإخلاص وعلم واجب، تصبح كل الشهادات الدنيوية، مسخّرة لرفعة المؤمن وقوته ونجاحه.
تصبح أهداف الناس اليوم مجرد وسائل ثم اشهد كيف سيكون التحرر من أثقال الأرض وكيف سيتحول العامل في سبيل الله لقوة ضاربة في الأرض تصنع مجدا وبطولة وعزا! لا يخلد إلى الأرض ويتبع هواه!
اسأل الله علما نافعا رزقا طيبا وعملا متقبلا على هذه الثلاث تقوم سعادتك وهي لا تنال إلا بالاستقامة واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأبشر بعد ذلك بالفتوحات الربانية إن صدقت ففضل الله عظيم ومن منّ الله عليه بفضله فقد استغنى وظفر. فاللهم إنا نسألك من فضلك العظيم.