حبك للإسلام لا يجيز لك أن تبرر تصديقك لكل خبر كاذب ومدلس عن الإسلام بحجة أنه خبر جميل ومبشر!
وحبك للإسلام يعني أن تكون أكثر يقظة وفطنة ولا تقبل أن تُساس بمشاعرك وحبك لهذا الدين.
التشنيع على من ينادي بالمصداقية، يكشف درجة العجز التي وصلنا لها، حتى بتنا لا نقبل أن نسمع الحقيقة فكيف بقبولها.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للصحابي الجليل! من أين لك هذا؟ ولم يكن أي صحابي يقول لماذا يُسأل صحابي مثل هذا السؤال، على جلال قدرهم ومكانتهم، واليوم مجرد كلمة يلقيها داعية بلا دليل ولا بينة لخلل في المعلومة أو لسوء فهم الناس لكلامه، يقيمون الدنيا ويتهمونك بقطع طريق الدعاة! أين الخلل؟
فرق كبير بين ضبط معلومة راح ضحيتها دعاة على المنابر، وبين الطعن في دين رجل داعية، لا يفرقون بين حب دعوة الناس للإسلام على أساس حقائق لا أوهام وبين محاربة من يدعو إلى الله. كم من الجهد نبذله لضبط مصداقية الأخبار لكننا نكتشف في كل مرة أن الناس تحب العيش في وهم وحلم لأنه جميل وتخشى الحقيقة!
محبتك للداعية الفلاني وثقتك به ليست تزكية مطلقة تجعل من كلامه قرآنا، فهو يخطئ كما يخطئ كل متحمس للأخبار الجميلة، والتثبت صفة المتقين والكارثة أن نقدم الدليل على أصل الخبر وتصححه من مصادره ومع ذلك تتهم بقطع طريق الدعاة وكأن الدعوة تقف على تصديق كل ما يصدر عن الدعاة لا مساعدتهم على ضبطه.
مؤسف وبشدة أن يصبح أسمى دليل على حبنا للإسلام الخوف من “التبين”، مؤسف وبشدة أن يكون دليل أننا قطاع طرق ضد الدعاة دعوتهم لضبط المعلومة! اختلت الموازين حين حكمت الناس العواطف لا العقول، ولا يمكن لعاطفة أن تصمد في الفتن ولا يمكن أن تواجه سيل الشبهات في عصر شديد التعقيد والإسلام فيه محارب.
لا يوجد مسلم لا يحب سماع خبر إسلام غيره، لا يمكن أن يجتمع الإيمان وبغض إسلام الناس! لكن الفرق بين الناس آن هناك من يريد أن يضخم من نتائج الدعوة بحجة أنها مباركة، وهو فضل من الله يؤتيه من يشاء، قد يدعو الداعية طيلة حياته ولا يهتدي على يديه إلا رجل واحد وهو خير له من حمر النعم إن صدق.
إن هدم المصداقية هو عين ما يريده أعداء الإسلام، ونحن في زماننا بحاجة ماسة للصدق ولضبط أقوالنا بميزان حق وعدل لا ظلم فيها، لا نريد أن ننظر للمشاهد بعين الأماني، بل بعين الحقائق! وهذا السبيل الوحيد لنعيش الواقع ونكون مؤثرين فيه أما أن نخدر أنفسنا بحب الإسلام ونحن نُستغفل، فبئس المسلمين نحن.
نحن نفرح بكل جهد دعوة إلى الله، ونفرح بكل خبر تحرر كافر من الكفر! لكن نحب أن تكون الأرقام حقيقية لا وهمية، نحب أن تكون صادقة لاتدغدغ المشاعر ونوهم الناس أننا على شيء! بينما نحن في الواقع نبخس الدعاة الآخرين جهودهم! ونكذب على أنفسنا! والهداية فضل من الله وإن نيل هذا الفضل لا يكون إلا بالصدق.
من يحاول أن يجعل جهود الدعوة في المونديال مباركة وموفقة، نرجو فقط أن لا يبخس بقية الدعاة في العالم حقهم، فهناك من يعمل ليل نهار لدعوة الناس للإسلام ولا يظهر في الإعلام ولا يرافق فعاليات المونديال، ثم أن نجعل كل جهودهم في كفة الدعاة في المونديال فهذه والله لا يقبلها مسلم تقي يخاف الله.
انطلق المونديال منذ مدة قصيرة ولا تزال الجهود ماضية في الدعوة وقد باركناها بداية فكيف ننهى أو ننكر على رجل يقول ربي الله ويدعو للإسلام! لكننا لا نقبل أبدا أن نجعل من هذا المونديال هو المعجزة التي أسلم بسببها الكفار في الأرض، بل أخشى حقيقة أن يرتد بسببه مسلمون ونحن نتبادل التهاني!
لا بد أن نعترف أن كل الجهود المبذولة في المونديال للدعوة لا يعني أنها ستحقق أعدادا مهيبة في نسبة المعتنقين للإسلام ولو اعتنقه رجل واحد لكان خيرا كبيرا لكن الواقع أن الهداية فضل من الله وليس مسابقة في إعلان الأرقام، وإن أردنا أن يبارك الله لنا في دعوتنا، فأقل من يطلب منا أن نصدق مع أنفسنا.
في الختام والله إن سبيل التوفيق لا يكون إلا بالصدق والأمانة، بالحقائق والبينات، أما أن نبني على الأماني ورغباتنا، ونغضب ونشنع على من يدعونا لليقظة والانتباه وضبط المعلومات، فهذا يدل على خلل كبير في أنفسنا ويجب استدراكه، فدين الله لا يقوم على الأماني والظنون والأحلام بل على العمل والوجل!