مع كثرة المدارس العلمية، والأكاديميات الشرعية، والمناهج المزدحمة! يتلاشى مفهوم القيمة الحقيقية للعلم، وتتسابق طالبات العلم على الكمّ واللقب، والدرجات وعدد ما شئت من تفاصيل مرافقة. لكن في الواقع العلم الذي نحتاجه هو ما وقر في القلب وانعكس على الجوارح وأخرج لنا عملا صالحا وخشية مؤثرة.
أن تقرأ المرأة آية واحدة وحديثا واحدا، ويكون أثره واضحا في حياتها لهو خير من أرتال الكتب والمتون وهي تتعدى حدود الله بقلب بارد!
أخطر ما ينتشر في زماننا طلب العلم المفرغ، الأصم، الذي يفتقد لروح الخشية والبصيرة ولا ينعكس على الواقع عملا ومجاهدة!
فالانشغال بزينة العلم عن جوهره هزيمة!
يعتقد البعض أن العلم هو بعدد الكتب التي قرأتها وعدد الشهادات التي حصلتها ومرتبة الدرجات التي وصلتها، في الواقع هذا ليس دليل العلم! إنما دليل العلم ميادين العمل والتعاملات، دليله الخشية والتقوى! وقد تحققه امرأة أمية في بادية بعيدة ذرفت عينها لموعظة! أكثر من امرأة بين أرتال الكتب!
إن العلم الذي ينشغل به الناس وعليه يتسابقون حتى يقال عن صاحبه طالب علم أو صاحب لقب، ليس علما، إنما العلم الذي نحتاج إليه هو الذي تنبعث به القلوب خشية ووجلا، وتأثيرا في الأرض كقوة ضاربة تحقق التغيير في الفرد والأمة، إنه العلم الذي تحيا به الأمة لا تتعايش مع أمراضها، وتتفاخر بشهادات جامدة.
لا نزال نفتقد للقيمة الحقيقية للعلم،بسبب البهرجات والزخارف التي رافقت مسيرة طالب العلم! كان سلفنا الصالح يعتني بقوة القلب والخشية ويبدأ من تهذيب النفس وتربيتها على معاني العبودية الجليلة! قبل أي شيء، اليوم أصبح العلم علامات في الامتحانات، ودرجات شهادات! ولا يعلم المرء كيف حاله مع الله.
قاتل الله الغرب، لقد وصلت الفكرة الغربية إلى عقر مياديننا الإسلامية حتى تحول طلب العلم الشرعي، لمثل علوم المدارس الرأسمالية، يُبتغى منه الشهادة للدنيا لا للآخرة! ويتنافس فيه للبروز ولو هشا! فقدنا القيمة الحقيقية التي كان ينحب لأجلها السابقون في جوف ليل كي يفتح الله عليهم زاهدون متواضعون.
لذلك أقول، لا تنبهر بكثرة المناهج والبرامج والازدحامات، وركز على القلب! وحالته وخشيته وأدائه، فهذا هو دليل العلم وثمرته، فإنما العلم للعمل، والعلم البصيرة والعلم الخشية! ومدار ذلك على “ما لا يدرك كله لا يترك جله” و”قليل دائم خير من كثير منقطع” و”وقلب وجل” و”جوارح باذلة” و”مجاهدة”.
لقد فقدنا قيمة المعاني في حياتنا المعاصرة بشكل منذر، فقدنا الجوهر لانشغالنا بزينة الطريق وزخارف الدنيا! وذلك لسلطة الثقافة الغالبة المحاربة، وللاهتمام بشهرة في الأرض أكثر منها في السماء! فلا تنجر لحال العامة، والزم ثغرك ترجو رحمة ربك، ولو فتح الله عليك في آية وعملت بها لكنت بطلا!