النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

العلاج الجذري لا الجزئي!

قادة التغريب الذي مهدوا الطريق للحركة النسوية في العالم الإسلامي كانوا من الرجال المشهورين من النصارى والمسلمين، مثل جورجي زيدان الكاتب النصراني الذي تناول التاريخ الإسلامي بأسلوب خبيث، ونجيب الريحاني الممثل الفكاهي النصراني الذي توارى خلف الفن لينشر أفكاره الحاقدة على الإسلام.

وكذلك برز إحسان عبد القدوس الذي كان يكتب في مجلة (روز اليوسف وأنيس منصور) اللذان سخرا أقلامهما لتزيين الفاحشة وترغيب الناس في الانحلال والاختلاط على الطريقة الغربية. ولعل أبرز الشخصيات التي عملت على نشر التغريب خلف ستار الإسلام محمد عبده أحد أشهر تلاميذ جمال الدين الأفغاني، وشريكه في إنشاء مجلة العروة الوثقى، وكانت له صداقةٌ مع اللورد كرومر والمستر بلنت، إذ سخَّر جهوده عبر المدارس التي كان يعمل فيها إلى مهاجمة التقاليد الإسلامية وكل ما يتعلق بالتراث الإسلامي لهذه الأمة.

وكان من بين فريق المبتعثين قاسم أمين الأديب اللامع الذي قبل سفره إلى فرنسا غلى دمه في عرقه عند قراءته رسالةً لمستشرقٍ يتهم الإسلام باحتقار المرأة وعدم الاعتراف بكيانها الإنساني -كما يصف في مذكراته- فقرر أن يرد على هذا المستشرق ويفند افتراءاته على الإسلام.

ولكنه بعد عودته من فرنسا عاد بوجهٍ غير الذي ذهب به وأصبح هو من يهاجم الحجاب فأخرج كتاب تحرير المرأة في 1899م والمرأة الجديدة في 1900م. وأكمل الدعوة للتغريب طه حسين وهو تلميذ المستشرق دور كايم وظهرت أفكاره المنحرفة في كتابه الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر.

والمتأمل في تفاصيل هذا التاريخ يجد أن انحلال وإفساد المرأة بدأ من تخطيط وعمل الرجال! وأن تمييع الدين وتحويله لنسخة توائم الأجندات الغربية أول من أحدثه الرجل! ثم استلمت النساء دفة القيادة واستشرى المرض بشكل يصعب تجاوز تداعياته في مجتمع يشجع فيه الحاكم الحركة التغريبية ويفتح لها الطريق.

وهذا يجعلنا نصل لخلاصة أن خلف كل امرأة نسوية رجل نسوي وداعية نسوي وشيخ نسوي! ولا يمكن معالجة القضية النسوية برمتها إلا بالأخذ بعين الاعتبار هذه الحلقات المتصلة بعضها ببعض، وهذا يتطلب نقدا عميقا وتأصيلا متينا راسخا، يهدم الشبهات وينقض بنيان من حرّف الدين لصالح الغرب ويصحح المفاهيم.

كل انحراف وباطل يبحث له عن شرعية وعن تبرير ديني، وما فعله هؤلاء هو إخضاع الإسلام لرغبات الغرب وشهوات الغرب وإفساد هذا الغرب، مما يتطلب ترسيخا قويا وشديدا لأصول الدين ثم البناء برسوخ ينقض الشبهات ولن يتحقق ذلك إلا بإعادة المرجعية للقرآن والسنة وفضح الفكرة الغربية ومن يقف خلفها.

محاولة علاج النسوية بالتركيز على عنصر المرأة فقط معالجة جزئية لا يمكن أن تقتلع الفكرة الفاسدة ما دام يبررها الشيخ والداعية وما دام سوء تأويل النصوص مستمرا يقوده الهوى وما دام الرد على الشبهات ضعيف لانشغاله بالردود الفورية على ما يصدر من النساء من تخلف عقدي وأخلاقي! هنا تشخيص دقيق.

والعلاج الجذري يبدأ من إعادة كل من الرجل والمرأة لموقعهما الطبيعي والمصيري، ولن يتحقق ذلك بدون إعادة الرجل قائدا ومصلحا ولن يتحقق ذلك بدون ضخ معاني الرجولة ضخا في ميادين التربية والدعوة والتعليم. وبدون هذه العودة المهيبة للرجل لا يمكن أن تعود المرأة لموقعها، فالتمييع ضرب الرجل والمرأة معا.

وإن كان دور الدعاة إصلاح الرجال والنساء بعد نضوجهم وبلوغهم سن الرشد، فإن المهمة الأهم والأخطر تقع على عاتق الآباء والأمهات في إخراج جيل تربى على معاني التوحيد والإيمان، على خُلق القرآن والسنة، على تمثيل الإسلام أفضل تمثيل ممكن، لنستدرك الأجيال والمستقبل فإن خسائرنا شر لا بد منه بعد طول غفلة.

قال الإبراهيمي رحمه الله:

“إن للرجولة ضريبة وعليها مسؤولية لأن الرجال هم القمم الشامخة والعلامات البارزة والأئمة الدعاة الذين يقودون الأمة الإسلامية إلى مواطن النصر”.

على هذه المعاني تُربى الأجيال الواعدة.

ولن تنبعث الأمة من جديد حتى تُحفر معاني الرجولة في صغارنا كقادة أفذاذ مقبلين.

ومرة أخرى الحقوق تُنتزع ولا تُعطى، والإصلاح لن يتحقق إلا بمعالجة شاملة متكاملة، لا جزئية ضعيفة، ولن يكون إلا بإعادة الرجال لمواقع القيادة وصناعة وعي لائق بهم لاستحقاق هذه المرتبة التي ستؤهلهم لإصلاح الزوجة والأبناء والأسرة والمجتمع وتساهم في إصلاح الأمة. وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه!

ولا أبالغ إن قلت أن أكثر ما يخشاه الغرب، أن يعود الرجل قائدا، فقد عمل عقودا طويلة لسلبه معاني الرجولة الجليلة، ولأجل ذلك سلط النساء عليه وشغله بهن، فتنة وتمردا، وفي الأثناء غيّبت التربية الإيمانية والأخلاقية، فخرجت لنا هياكل هشة من الرجال والنساء غير قادرين على تجاوز محنة الهيمنة.

ولو أصلحنا كل النساء بين يوم وليلة ولم يكن الرجال قادرين على استلام القيادة، فإن العودة للمربع الأول ستكون أسهل ما يكون!

اللهم قيّض لهذه الأمة الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات لإعلاء كلمتك ونصرة دينك وإقامة بنيان الإسلام للعيش تحت ظلال شريعتك. وألهمنا الرشد والسداد في القول والعمل.

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x