نشر الباحث الروهينجي المستقل محمد أحترام مقالة بعنوان: “الحياة على حافة الكارثة: ماذا يعني أن نبدأ من جديد – مرارًا وتكرارًا” يلخص فيها حياة شعبه بعد الإبادة العرقية التي تعرض لها في ميانمار.
وقال محمد الذي غادر ميانمار في عام 2017، ويعيش الآن في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش:”لقد اعتدنا نحن الروهينجا على البدء من جديد من الصفر – مع الحرائق الكارثية والفيضانات الموسمية، أو بعد الفرار من وطننا في رعب”.
وضرب محمد مثلا قصة عبده رحيم وعائلته كدليل حي على هذه الحقيقة. فقد كانا من بين 48 ألف شخص على الأقل أحرقت منازلهم وسويت بالأرض في شهر مارس/ آذار عندما انتشر حريق لا يمكن السيطرة عليه في أجزاء من مخيمات اللاجئين في بنغلادش.
لقد خسروا كل شيء، والآن عائلة عبده، بما في ذلك ثلاثة أطفال صغار ووالديه المسنين، يعيدون بناء حياتهم على أنقاض منزلهم السابق. وقال عبده لمحمد: “قلبي ينفطر عندما أراهم يرتجفون في رياح المساء الباردة”.
ولا يزال لدى العديد من العائلات الروهينجا ما لا يزيد عن ثلاث قطع من الخيزران وورقة من القماش المشمع.
ويعيش المجتمع برمته في رعب، بحسب محمد، “فقد كانت هناك العشرات من الحرائق الصغيرة هذا العام باستثناء حريق شهر مارس. ويشك الكثير من الروهينجا في أن هناك من يقوم بإشعال هذه الحرائق عن عمد. بينما تقول السلطات البنغلاديشية إنها تحقق في الأمر، لكن لم نحصل على أي إجابات”.
وقال محمد:”مثل عبده، أنا لاجئ من الروهينجا. نجونا من الإبادة الجماعية، لكن يبدو أن النكبة لا تنتهي أبدًا. إننا نعيش أزمة تلو الأخرى”. وأضاف:” لقد طردتنا قوات الأمن من منازلنا في ولاية راخين في ميانمار في عام 2017. وأتينا إلى بنغلاديش بعد المشي طيلة أيام وليال، وعبر السير في الأنهار وحقول الأرز الموحلة”.
وقال محمد: “نحن دائمًا قلقون بشأن الكوارث، فنحن نعيش في منطقة جبلية لم يكن من المفترض أبدًا أن تستضيف ما يقرب من 900 ألف من الروهينجا الذين يطلقون الآن على هذه المخيمات اسم موطنهم. ويجلب موسم الرياح الموسمية أمطارًا غزيرة وانهيارات أرضية تجرف خيامنا المصنوعة من الخيزران. منازلنا مكشوفة بشكل خطير. وفي مايو، ذروة موسم الأعاصير، هنا. قبل بضعة أسابيع، أضرّت عاصفة قوية مبكرة بالعديد من الخيام المؤقتة لضحايا الحريق”.
وأضاف باحث الروهينجا اللاجئ يحدثنا عن حال أطفالهم:”يلعب أطفالنا على طرق المخيمات المزدحمة بشكل خطير، أين يتعرضون لخطر الدهس بسبب عدم وجود ملاعب مناسبة ولا مدارس رسمية حيث يمكنهم التعلم. لقد حدث هذا الأمر أكثر من مرة. كما تم اختطاف الأطفال من قبل تجار البشر. وتعرضت العديد من النساء للاعتداء الجنسي بسبب الافتقار إلى الأمن الذي يحمي المخيمات. فلا نشعر بالأمان في الليل. ولا توجد قنوات مناسبة لسماع أصواتنا بشأن هذه المشاكل. عندما أفكر في كل هذه الأشياء الفظيعة، تتقطع أنفاسي!”.
ويعيش اللاجئون كما قال محمد، “هنا محاصرين داخل سياج من الأسلاك الشائكة يهدف إلى إبقائنا في الداخل. وأصبح الدخول والخروج صعبًا بشكل متعمد”.
وقال محمد لقد جعلت هذه الأسوار من الصعب النجاة من حريق شهر مارس. فقد اضطر عبده وعائلته إلى الزحف عبر حفرة بين الأسلاك من أجل الهروب. وقال لي: “لم نكن سنتعرض لخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات لولا وجود هذه الأسوار، أو لو كانت هناك نقطة دخول متاحة لخدمات الإطفاء”.
وأضاف: “لقد عانينا في أراكان – ما نسميه وطننا في ميانمار. وقد وجدنا مأوى في بنغلاديش، لكننا ما زلنا لا نشعر بالأمن. أين نذهب من هنا؟ يعتقد الكثير من الروهينجا أنه سيكون من الأفضل لنا العودة إلى ميانمار – إذا تمكنا بطريقة ما من العودة بأمان. أعلم أن هذا غير ممكن الآن بعد الانقلاب العسكري في 1 فبراير، والذي زعزع استقرار البلاد بأكملها. لقد مرت أربع سنوات تقريبًا منذ أن أُجبرت على الفرار من منزلي. وكنت في ذلك الوقت، آمل أن نتمكن من العودة في غضون خمسة أو ستة أشهر. أتذكر مغادرتي، في عام 2017، بعد أن سمعنا أن الجيش يعلن أنه سيطلق النار على الجميع. بعد ساعات قليلة من رحلتنا نحو الحدود، استدرت لأرى ما تركناه وراءنا. تصاعد دخان كثيف عبر السماء. اشتعلت النيران في القرية بأكملها. قلت لنفسي: “فقدنا وطننا”.
لا أعرف كيف أو متى سنتمكن من العودة. لكن إذا أردنا تحقيق العدالة، فنحن بحاجة إلى المساعدة للعودة بأمان ذات يوم”.
وقال محمد:”نناشد حكومة بنغلاديش؛ ووكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ والمجتمع الدولي بأسره: لا يمكننا البقاء إلى الأبد في هذه المخيمات المؤقتة للاجئين – حيث تبقينا الحرائق والكوارث على حافة الهاوية، ونخشى الأزمة التالية”.
وختم محمد مقالته بقول:”من الأفضل أن نعود إلى شواطئ أراكان، حيث سنعيد بناء حياتنا من لا شيء، مرة أخرى”. في إشارة إلى حجم المعاناة التي يلاقيها المسلمون الروهينجا في مخيمات اللاجئين.