النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

التحليل البليد!

من أكثر ما ينتشر في زماننا هذا النوع من التحليل، تحليل بليد مغرور، يجزم بالغيب ويطلق الإطلاقات وكأنه أحاط بكل شيء علما. يتصدر المشاهد بلغة الواثق، يتجنب ذكر الاحتمالات ويحتد في اتجاه واحد يلبي الأماني أكثر من استيفاء الحقائق! يترفع عن قول “الله أعلم” أو “إن شاء الله” لأنها تخدش تصدره!

وتزداد نبرة هذا النوع من التحليل مع عدسات تسلط وإعجابات تتكدس، فيخرج المحلل عن قواعد التحليل المتأدبة بشريعة الله تعالى، إلى حظ نفسه.

ومن يرجع خطوتين للخلف يجد الكثير من التحاليل كان مصيرها سلة المهملات، فلم تكن إلا مجرد أماني تخط بحبر الجزم بالغيب بلا أدب مع الله تعالى!

نصيحة لمن يريد قراءة مشاهد الصراع، أقل ما يجب أن تحمله في هذا الميدان: الصدق مع نفسك، والتجرد من كل حظ وأمانٍ وحب الاستعراض، ثم جمع المعطيات الكثيرة الممكنة، ثم القراءة التي تتأدب فيها أمام الله جل جلاله.

فلا أنت تحيط بكل شيء علما ولا أنت تعلم خبايا كل شيء، ولا ما تراه لوحده يحكم النهايات، فانزل لمستوى العبد الذي يستعين بربه تبصر بنور من الله تعالى.

واحذر من اتباع نوعين من المحللين:
المتعصب عمية لجماعة أو ضدها، فهذا لا تأخذ منه إلا أمانيه وأحقاده وأغلبها تحاليل مدلسة تحمل نصف الحقيقة وتتهرب من المعطيات التي توجعه لأنها تفتقد خلق الإنصاف الرفيع، خلق الفرسان لا الجبناء. فحتى التحليل يتطلب فروسية!

ثم من يركب الموجات، فأين ما رأى مشاعر الناس تتقد، ركب الموجة وجذب الأنظار بإشباع النفوس بخيالات البطولات والفتوحات الأسطورية منفصلا عن الواقعية.

ثم احذر من اتباع باعة الوهم، من لا يعرف غير المؤامرة في قراءة المشاهد، لا يتمكن من الخروج من سجن المؤامرة حتى أضحت تفسير العاجز لكل ما يحدث، فيتخلص من طاقة التفكير والتفكر بقول: إنها المؤامرة!

وكل ما سبق شاهدناه في محطات سابقة مرت بها الأمة، ورأينا المآلات كيف آلت! ومن لم يتأدب بكل ما مضى لن يمكنه تقديم شيء فيما هو آت.

وإن بقيت كلمة أخيرة، فإن ساحة التدافع معقدة جدا ومتشعبة، ولا يمكن تفصيلها في سطرين ولا في خلاصتين، كما أنها متغيرة غير ثابتة على حال، وتحمل المفاجآت والأهم من ذلك أنها آية عظيمة من آيات الله تعالى، وامتحان عسير. لذلك من الحكمة أن لا تحكم على أعدائك وخصومك ومنافسيك ببلادة أخرى، بتصنيفهم جميعا بجهالة ثم تتفاجأ بما يكسر أمانيك!

العالم يتحرك بسرعة وتعقيد، والمخلصون لقضاياهم يفدون مشاريعهم بالدماء بغض النظر عن صلاحية الدعاوى، ثم ليس كل مخالف يستهان به، بل سوء التقدير لحقيقة اللاعبين في الساحة، مجلبة لسوء التدبير، ولكن البليد المغرور لا يعي ذلك فهو يفضل أن يشبع أمانيه على أن يرى الواقع بنظارة الحقيقة. لذلك هو أكثر من يتأخر في جمع أسباب التمكين.

فقط من يحسنون قراءة المعطيات كما هي حقيقة، بتجرد وباستعانة بالله تعالى، الذين يتمكنون من استقراء الخرائط بواقعية وتقديم الحلول والرؤى بأثر ممتد، أما غير ذلك، فأصحاب الأحكام المغرورة سجناء دائرة من تيه وعبث وتفريغ للمشاعر!.

لا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم.

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x